أخيراً: إطلاق الصفقة الجديدة الخضراء. وإليكم أهم ما ورد فيها

3 دقائق

أحدث الوعد بإطلاق "صفقة خضراء جديدة" هزة في الأوساط السياسية الأميركية، ولكنها كانت أقرب إلى مجموعة من الأهداف العمومية منها إلى قائمة محددة من السياسات... حتى الآن.

منذ فترة وجيزة، أطلقت عضو الكونجرس ألكساندريا أوكاسيو- كورتيز من نيويورك والسيناتور إد ماركي من ماساتشوستس – وكلاهما من الديمقراطيين – إطار عمل قد يؤدي على الأقل إلى توضيح بعض الاقتراحات البيئية الأكثر أهمية ضمن هذه المجموعة.

كانت أغلب النقاط فيه متوقعة، وتعبر عن رغبة واضعيه بالقضاء على انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن الزراعة وأعمال البناء وتوليد الطاقة والنقل. كما أنه يُلزم أيضاً بتحديث الشبكة الكهربائية وتحصين المدن ضد الكوارث المناخية.

غير أن المثير للاهتمام فعلياً في إطار العمل هذا هو أنه يوضح أخيراً تفاصيل جديدة حول مجموعة التكنولوجيات التي يمكن استخدامها لتحقيق هذه الأهداف، وهي مسألة إشكالية لطالما كانت موضع جدل حاد بين المجموعات المهتمة بالطاقة والبيئة (اقرأ مقالة "لنحافظ على الصفقة الخضراء الجديدة ضمن حدود العلم").

نقدم فيما يلي أربع نتائج هامة:

  1. طاقات نظيفة، لا متجددة

بالنسبة للبعض، كانت أكبر مشكلة في هذا العرض هو أنه سيحد توليد الكهرباء بالمصادر المتجددة فقط، أي طاقة الرياح والطاقة الشمسية بشكل أساسي، كما نصحت المئات من المجموعات البيئية.

بدلاً من هذا، فإن هذه الحزمة تعتمد مقاربة تتجاهل التفاصيل التكنولوجية نسبياً من حيث كيفية تنظيف قطاع الطاقة، وتقول أن الولايات المتحدة يجب أن تحقق "تلبية 100% من احتياجات الطاقة عبر المصادر النظيفة والمتجددة ومعدومة الانبعاثات".

يبدو أن هذا سيسمح باستخدام المصادر معدومة الانبعاثات الكربونية، مثل الطاقة النووية ومحطات التوليد بالوقود الأحفوري ذات الأنظمة المخصصة لالتقاط الكربون. ويقول أغلب باحثي الطاقة أن هذه المصادر ذات الحياد الكربوني ستسهل من عملية التغيير الشامل في نظام الطاقة وتجعله أسرع وأقل تكلفة. ويعود هذا إلى التقلبات الكبيرة في عملية توليد الكهرباء من الرياح والشمس، ما يستوجب الاعتماد على أشكال باهظة الثمن من أنظمة نقل وتخزين الطاقة بغياب مصادر أخرى مستقرة.

اقرأ أيضاً:

  1. لا مزيد من محطات الطاقة النووية؟

على الرغم من وجود فائدة لمحطات التوليد التي تعتمد على الطاقة النووية والوقود الأحفوري، كما ذكرنا سابقاً، فمن الواضح أن أحد المؤلفين على الأقل يرغب بالتخلص منها في نهاية المطاف.

تقول نسخة أولية من الأسئلة والأجوبة المرفقة بالخطة، والتي أصدرها مكتب أوكاسيو – كورتيز مؤخراً، أن الخطة لا تتضمن إنشاء محطات جديدة للطاقة النووية، مضيفة أنه "ليس من الواضح ما إذا كنا سنتمكن من تفكيك كل محطات الطاقة النووية خلال 10 سنوات، ولكن الخطة تتضمن التوقف التدريجي عن الاعتماد على محطات الطاقة النووية والوقود الأحفوري بأسرع وقت ممكن".

غير أن المسألة النووية لم تظهر في نسخة لاحقة، بل إن مجموعة الأسئلة والأجوبة اختفت كلياً عن الموقع.

يقول جوش فريد، نائب الرئيس الأول لمجموعة الدراسات ثيرد واي المتخصصة بالطاقات النظيفة: "على الرغم من أن إحدى قوائم المعلومات حول القرار-والتي أصدرها أحد الرعاة- قد تسببت ببعض الارتباك، فإن نص القرار الفعلي واضح تماماً، ويقول إنه يتوجب علينا الاعتماد على جميع المصادر معدومة الكربون الممكنة من أجل تفادي تلويث المناخ، ونزيد إلى حد كبير من الاستثمار في مجال الابتكار في الطاقات النظيفة".

  1. إزالة الكربون بشكل "طبيعي"

توصلت لجنة المناخ في الأمم المتحدة والأكاديميات الوطنية الأميركية إلى أننا بحاجة ماسة إلى إزالة الكميات الهائلة من ثنائي أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وذلك لمنع الوصول إلى مستويات خطرة من الحرارة.

وبالتالي، فقط ظهرت نقطة جدلية أخرى قبل نشر العرض، وهي وجوب الاعتماد على أساليب لإزالة ثنائي أوكسيد الكربون مباشرة من الهواء، وتفاصيل هذه الأساليب. غير أن إطار العمل المنشور ينص على أن القانون سيسمح أو يوجب "إزالة غازات الدفيئة من الغلاف الجوي وتخفيف التلوث"، ولكنه يعطي أولوية واضحة "للحلول البسيطة المثبتة التي تزيد من تخزين الكربون في التربة، مثل التشجير والحفاظ على الغابات والتربة".

قد لا تكون هذه الأساليب – مثل تحسين إدارة التربة وزراعة الأشجار – كافية على الأرجح، وذلك وفقاً لتقرير الأكاديميات الأميركية، وذلك لأنها ستؤدي إلى اقتطاع مساحات من الأراضي الزراعية اللازمة لإطعام سكان العالم. ويدعو التقرير إلى زيادة الإنفاق الفدرالي على البحث والتطوير لأساليب أخرى، مثل آلات الالتقاط المباشر للهواء، والتي تستطيع امتصاص ثنائي أوكسيد الكربون مباشرة من السماء. ولم تُذكر هذه الآلات في عرض الصفقة الخضراء الجديدة.

  1. قد يكون هذا مستحيلاً

كما ذكرنا سابقاً، فإن التقرير لم يذكر الحلول الطبيعية والطاقات المتجددة صراحة، ما يشير إلى أنه يقبل –ربما على مضض – بوجوب استخدام تكنولوجيات أخرى أيضاً.

أما السؤال الأكبر بطبيعة الحال فهو الأهمية الفعلية لهذا العرض. ولا شك في أنه لن يتحول إلى قانون على هذا الشكل في عهد هذا الكونجرس وهذا الرئيس.

إضافة إلى هذا، فما زالت الجدوى الاقتصادية لإحداث تغيير شامل في قطاع الطاقة خلال عقد واحد أمراً مشكوكاً به إلى حد كبير. وقد وجد كريستوفر كلاك، الباحث في مجال الطاقة والمدير التنفيذي لفايبرانت إينرجي، أن هذا سيكلف حوالي 27 تريليون دولار، وذلك من أجل "بناء وتشغيل وإنهاء عمل" جميع محطات التوليد المطلوبة بحلول العام 2030، كما قال على تويتر. وهو ما سيكلف تقريباً حوالي 2.7 تريليون دولار سنوياً.

وحتى لو تمكن الديمقراطيون من استعادة السيطرة على مجلس الشيوخ والبيت الأبيض بحلول العام 2020، فقد تبقى الصفقة الخضراء الجديدة محتومة الفشل. وإضافة إلى تنظيف نظام الطاقة، فإن العرض يضمن وظائف جيدة الرواتب، ورعاية صحية ممتازة، ومياهاً نظيفة، وغذاء معتدل الثمن. وبغض النظر عن الجهة المهيمنة على القرار، فمن المرجح أن مشروع قانون شامل كهذا لن يصل إلى أي نتيجة.

غير أن لمحة الأمل في الصفقة الخضراء الجديدة أصبحت نقطة جذب وإجماع في السياسة الأميركية، ومصدر إلهام للمشرعين والناشطين، وقد توسع المجال أمام ما هو ممكن سياسياً بالفعل.

المحتوى محمي