كيف يمكن لهزاز نيوتن خاص بالفوتونات أن يكشف أسرار عملية التركيب الضوئي

2 دقائق

يعتبر هزاز نيوتن من الأجهزة الشائعة لعرض انتقال الطاقة والزخم، وهو سلسلة من الكرات المعلقة والمتلامسة مع بعضها. صُمم الجهاز بصورته التي نعرفها في ستينات القرن الماضي ثم بيع كلعبة مكتب، لكن كان نيوتن وآخرون كثر في القرن السابع عشر على دراية جيدة بمبادئ الفيزياء التي تفسر حركته.

ولهذه المبادئ تطبيقات شاملة، إذ تطبق على المستويات الكونية بنفس الطريقة التي تطبق على المستويات البشرية. كما أنها تطبق على المستويات الذرية وما تحت الذرية، ولو أنها تخضع هنا للتعديل بسبب قوانين ميكانيك الكم الغريبة. يثير ما سبق سؤالاً ممتعاً: هل من الممكن بناء المعادل الكمومي لهزاز نيوتن باستخدام جزيئات تحت ذرية، مثل الفوتونات؟

بفضل عمل جين فينغ ومجموعة من زملائه في جامعة شانغهاي جياو تونغ في الصين، نملك جواباً اليوم. فقد قام هؤلاء الفيزيائيون بابتكار هزاز نيوتن من الفوتونات، وبيّنوا احتمال تفسير الفيزياء التي تتضمنها مجموعةً من عمليات نقل الطاقة غير المفهومة تماماً التي تحصل في الطبيعة، كالتركيب الضوئي واستشعار الرائحة.

إن هزاز نيوتن بسيط، تبدأ الحركة فيه عن طريق رفع كرة وتركها من إحدى نهايات السلسلة المعلّقة، تنقل الكرة إلى مجاورتها الطاقة والزخم عندما ترتطم بها، فتقوم الكرة الثانية بدورها بنقل طاقتها وزخمها إلى الكرة التالية وهكذا، إلى أن تُدفع الكرة الأخيرة في الهواء، لتتأرجح بعيداً ومن ثم تعود، عندها تتكرر عملية نقل الطاقة والزخم في الاتجاه المعاكس.

يكمن جمال الجهاز بعدم الحاجة إلى لتحكم بنقل الطاقة والزخم عند كل خطوة. بدلاً من ذلك، تم تصميم الجهاز بطريقة تضمن حصول النقل ذاتياً. والتأثير الوحيد الذي يملكه المجرّب يتعلق بالشرط الحدّي، وهو هنا الارتفاع الذي تُرفع إليه الكرة في البداية.

يتعلق السؤال الذي بحث فيه جين وزملاؤه بإمكانية تصميم نظام مماثل ليعمل مع الفوتونات. والنظير الذي صمموه لـ "الهزاز" هو سلسلة من موجهات الأمواج المنحوتة في شريحة فوتونية. يدخل الفوتون إلى موجه الأمواج الأول، ثم يقفز إلى التالي وهكذا، إلى أن يخرج من آخر موجه أمواج. وتحوي هذه السلسلة بالمجمل 23 موجه أمواج.

ومن الضروري أن يحتفظ الفوتون بـ "هويته" الكمومية خلال كل قفزة. يعني ذلك أنه لا يوجد مجال لإزالة الترابط: فينبغي أن يكون الفوتون الخارج قابلاً للتمييز على أنه نفس ذاك الذي دخل الجهاز. كما أن الاقتران بين موجهات الأمواج عامل أساسي يحدد قدرة الفوتون على الانتقال بنجاح أو إذا ما كان سينعكس أو يتم امتصاصه عوضاً عن ذلك.

كما أن الطريقة التي تصمم بها الشريحة الفوتونية هامة للغاية. قام جين وزملاؤه بأمثلة تصميمهم طبعاً حتى لا يكون هناك حاجة للتحكم بكل قفزة، فهي تحصل ببساطة بنفس الطريقة التي تنتقل بها الطاقة من كرة لكرة في هزاز نيوتن. وشرحوا أن السلسلة قادرة على نقل الطاقة بين مكانين بعيدين بنفس آلية تبادل الطاقة والتفاعل في هزاز نيوتن.

جرب الفريق إضافة تشويش إلى الهزاز لمعرفة كيف يخفض فعالية النقل. وقاموا بذلك عن طريق إضافة موجه أمواج إضافي – في موقع معزول- قرب السلسلة، بدت هذه كنهاية مسدودة للفوتونات، وأنها سوف تقلل أو تمنع نقل الطاقة. يقول الباحثون عن ذلك: "يمكن اعتبار الموقع المعزول المضاف كتشويش، أو خلل أو بيئة للسلسلة المتحكم بها حديّاً بالأصل".

لكن بخلاف التوقعات، حصل العكس. إذ أظهر جين وزملاؤه وجود نطاق واسع من الحالات التي يحسّن فيها هذا التشويش فعالية النقل عوضاً عن تقليلها، وبحسب قولهم: "تمكنا من الوصول لزيادة قدرها 8%، من 77% (بدون التشويش المضاف) إلى 85% (مع التشويش)".

نرى ما يشابه ذلك عند مراقبة نقل الطاقة في الأشياء الحية. فتبيّن مثلاً أن أنظمة التركيب الضوئي تعمل بطريقة مشابهة، حيث لاحظت مجموعات بحثية مختلفة أن التشويش يظهر أثراً محسناً لنقل الطاقة عبر البنى الجزيئية العملاقة المنخرطة في التركيب الضوئي. ويحصل تأثير مماثل في عملية استشعار الرائحة، التي يُعتقد على نحو واسع أنها ظاهرة كمومية.

ستسمح إمكانية إعادة إنتاج هذا التأثير المحير في نظام صنعي للباحثين بدراستها بتفصيل أكثر، وبالتأكيد، سيصبح هزاز نيوتن الفوتوني نموذجاً مفيداً للوصول لفهم أفضل لعمليات الحياة. كان نيوتن لينبهر بكل هذا فعلاً.

المحتوى محمي