في المملكة العربية السعودية، أدى الإغلاق الذي تسبب به وباء كوفيد-19 إلى تطور كبير في مجال التكنولوجيا. على سبيل المثال، أصدرت السلطات السعودية تطبيق توكلنا (Tawakkalna)، الذي يمنح المواطنين القدرة على أخذ تصاريح خروج طارئة خلال فترة الإغلاق.
مثل هذا التطبيق يحتاج إلى جمع ومعالجة كميات كبيرة جداً من البيانات، وهو أمر ليس بالسهل، إنه يتطلب توفير برامج تعمل بالذكاء الاصطناعي وخبرات لتأمين هذه البيانات وحفظها.
بنية تحتية جيدة
أحد العوامل التي تساهم في جعل المملكة متقدمة في مجال البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي هو توفر بنية تحتية متقدمة في كل القطاعات، ففي كل أنحاء المملكة، تتوفر شبكة كهرباء دائمة ومستقرة، وشبكة إنترنت عالية السرعة، وشبكة اتصالات الجيل الخامس في الكثير من المناطق، هذا الأمر يجعل الوصول إلى البيانات الضخمة أمراً سهلاً ومتاحاً في أي وقت. لهذا السبب، تستطيع أي شركة أو مؤسسة عامة أو خاصة أن تجمع وتخزّن وتحلل البيانات التي تحتاجها بسهولة.
اقرأ أيضاً: ما أبرز مشاريع واستخدامات الطاقة الشمسية في المملكة العربية السعودية؟
رؤية المملكة العربية السعودية 2030
تطوير واستخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي هو جزء من رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والتي بموجبها تخطط الدولة لتطوير مدن مستدامة وضمان الاستخدام الأكثر كفاءة للموارد في البنية التحتية وقطاعات الاقتصاد الرئيسية. تهدف حكومة المملكة إلى تحسين عملها وتقديم الخدمات للمواطنين بطريقة أفضل وأسهل.
تتضمن الرؤية 96 هدفاً استراتيجياً، 70% من هذه الأهداف مرتبطة بالبيانات والذكاء الاصطناعي.
خدمات المواطنين عن بُعد
تعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من الدول المتقدمة في مجال تقديم الخدمات للمواطنين عن بُعد، ويستطيع المواطن أو المقيم على الأراضي السعودية أن يجري أي معاملة يريدها من خلال شاشة حاسوبه أو هاتفه، دون الحاجة إلى زيارة المؤسسات الحكومية.
ساهم ذلك في جعل الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين أسهل بكثير، كما أدى دوراً أساسياً في القضاء على الفساد من خلال تقليل التعامل بين المواطنين وموظفي الحكومة، وتخفيف الازدحام في مؤسسات الدولة.
مدن ذكية
حددت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 أهدافاً لتحويل كافة مدن المملكة لمدن ذكية. يؤدي الاستثمار المتزايد في المدن الذكية إلى زيادة الاعتماد على حلول الذكاء الاصطناعي وشبكة الإنترنت والبرمجيات والتحليلات التنبؤية، وكلها حلول قائمة على البيانات الضخمة.
في عام 2021، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن خطط لبناء ذا لاين (The Line)، وهو شريط طوله 170 كيلومتراً لن يحتوي على سيارات ولا شوارع ولا يطلق أي انبعاثات ضارة بالغلاف الجوي، وسيكون بمثابة بنية تحتية ذكية تبلغ تكلفتها نحو 200 مليار دولار.
اقرأ أيضاً: ما التحديات التي تواجه السعودية في تحويل مدنها إلى مدن ذكية؟
التعاون الدولي
في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وقّعت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) والاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) التابع للأمم المتحدة، اتفاقية لدعم التعاون العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي. ستساعد المملكة العربية السعودية الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) في تطوير المشاريع والمبادرات التي تهدف إلى تسهيل تبادل المعرفة من أجل تسريع التقدم نحو أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs).
اتجاهات سوق البيانات الضخمة في السعودية
أوضح تقرير صادر عن شركة ريبورت لينكر (ReportLinker) أهم اتجاهات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية، وجاء في التقرير:
تطوير وتدريب الخبرات المحلية
تجري الحكومة حالياً إصلاحات في قطاع التعليم لتضمن حصول الطلاب على المعرفة الكافية في التكنولوجيا وتحضيرهم للوظائف في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي وغيرها، هناك تعاون مع وزارة التعليم لضمان أن تكون المناهج في المدارس والجامعات كافية لتلبي احتياجات المملكة في المستقبل.
تعمل الكثير من شركات التكنولوجيا الكبرى المتعددة الجنسيات حالياً في المملكة العربية السعودية، وهناك سعي لإدخال المزيد من الشركات. على سبيل المثال، تعمل شركة جوجل على إنشاء 5 مراكز للابتكار في البلاد، تهدف هذه المراكز إلى تطوير مهارات البرمجة وتأهيل خبراء جدد يعملون في مجال البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي.
سيوفر تطوير البنية التحتية الحديثة والمدن الذكية الكبيرة مثل نيوم، الكثير من الفرص الرائعة لمطوري البرمجيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، التي تعمل على معالجة وتحليل البيانات وربطها مع بعضها.
وفي مجال البناء والتشييد والعقارات، ستؤدي العديد من الشركات الناشئة دوراً في توفير برمجيات خاصة تستخدم البيانات والذكاء الاصطناعي لتحسين هذا القطاع.
اقرأ أيضاً: تعرَف على أهم مشاريع إنترنت الأشياء في المملكة العربية السعودية
النفط والغاز
قطاع النفط والغاز في المملكة العربية السعودية هو أحد أكثر المستفيدين من البرامج القائمة على البيانات الضخمة، وتستفيد الشركات الكبرى مثل إكسون موبيل (Exxon Mobil) وتوتال (Total) وشل (Shell) التي تعمل في المملكة بالفعل من البيانات الضخمة في عملها لتحسين الإنتاجية في مجال التنقيب والتعدين والاستخراج.
الأولى في مجموعة العشرين
من المتوقع أن تكون المملكة العربية السعودية واحدة من الدول الرائدة في منطقة الشرق الأوسط في سوق الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، السبب هو الاستثمارات الحكومية في التكنولوجيا الحديثة. ووفقاً لتقرير ديجيتال رايزر (Digital Riser) عام 2020 الصادر عن المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية، احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى بين دول مجموعة العشرين.
المشهد التنافسي
حالياً، تعتبر المملكة العربية السعودية سوقاً تنافسياً لشركات التكنولوجيا في مجال البيانات الضخمة، ويوجد عدد كبير من اللاعبين الدوليين في هذا السوق. لذلك، تكون الفرصة أكبر للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات وأقل للشركات المحلية.
لكن الدعم الحكومي في المملكة للشركات السعودية يمكن أن يمنحها ميزة تنافسية في هذا السوق الكبير المتنامي.