بسبب وفرة الوقود الأحفوري في دول الخليج، لم تفكر هذه الدول في التحوّل نحو استخدام الطاقة المتجددة إلا قبل عدة سنوات، لكن الاحتباس الحراري وغيره من التأثيرات السلبية التي يحدثها الوقود الأحفوري على البيئة والتوجه العالمي نحو مصادر طاقة نظيفة، دفع دول الخليج نحو التفكير بالاستثمار أكثر في موارد الطاقة المتجددة.
استطاعت هذه الدول بفضل الأموال التي جنتها طوال عقود من بيع الوقود الأحفوري أن تضع استراتيجيات لتطوير محطات تستغل الطاقة الشمسية ومزارع طاقة الرياح، وضخت الكثير من الأموال في المؤسسات والشركات العامة والخاصة لاستبدال الوقود الأحفوري ببدائل صديقة للبيئة.
اقرأ أيضاً: الطاقة المتجددة مورد المستقبل: مزايا واسعة وعقبات في الطريق
طاقة الرياح تواجه منافسة كبيرة في الخليج
على الرغم من التطور البطيء في مجال الطاقة المتجددة، حققت دول الخليج تقدماً كبيراً في استثمارات الطاقة الشمسية، لكن الاستثمار في طاقة الرياح يعتبر توجهاً حديثاً ومحدوداً، هذا ليس مستغرباً في بلدان تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط وتنتجها بأسعار منخفضة جداً.
جعل انخفاض أسعار النفط في دول الخليج موارد الطاقة المتجددة غير قادرة على المنافسة، ما دفع الشركات والمؤسسات إلى الاستمرار في استخدام الوقود الأحفوري.
لذلك، يتطلب التحول نحو الطاقة المتجددة ارتفاع أسعار النفط والغاز وإيقاف الدعم الحكومي لمصادر الطاقة غير المتجددة، وفي نفس الوقت، ينبغي أن تعمل الحكومة والشركات على خفض أسعار مصادر الطاقة المتجددة. بهذه الطريقة فقط، ستكون الطاقة الشمسية وطاقة الرياح قادرتين على المنافسة في منطقة تعتبر من أكثر مناطق العالم إنتاجاً للوقود الأحفوري.
حالياً، تشير التقديرات إلى أن ارتفاع أسعار النفط والغاز نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية والطلب الكبير على مصادر الطاقة بعد انتهاء جائحة كوفيد-19 سيعطي دفعة كبيرة نحو تبني واعتماد الطاقة المتجددة أو على الأقل التفكير في تنويع مصادر الطاقة.
لا يعتبر الوقود الأحفوري المنافس الوحيد لطاقة الرياح في دول الخليج، فموقع هذه الدول على خط الاستواء يجعل الطاقة الشمسية تتمتع بميزة تنافسية أقوى، حيث تعد الطاقة الشمسية مصدر الطاقة المتجدد الأكثر تفضيلاً في هذه البلدان.
لذلك، على الرغم من سعي معظم دول الخليج إلى تبني الطاقة المتجددة، لا تزال مشاريع الطاقة الشمسية هي التي تحظى بالأولوية. هناك حاجة إلى إنشاء مبادرات تدعم طاقة الرياح، بغياب مثل هذه المبادرات، من المتوقع أن تكون الرياح مصدراً ثانوياً وغير مهم للطاقة.
اقرأ أيضاً: ما أبرز مشاريع واستخدامات الطاقة الشمسية في المملكة العربية السعودية؟
إمكانات طاقة الرياح في دول الخليج
أجريت العديد من دراسات الجدوى الاقتصادية حول إنشاء مزارع للرياح في دول الخليج، تبين أن هذه الدول على الرغم من كونها لم تستثمر كثيراً في طاقة الرياح، فإنها تمتلك إمكانات مادية كبيرة وكفاءات لازمة وبنية تحتية تمكّنها من استغلال طاقة الرياح بشكلٍ استراتيجي.
المقصود باستغلال طاقة الرياح بشكلٍ استراتيجي هو الاعتماد على هذه الطاقة في توفير الكهرباء للعديد من القطاعات الاستراتيجية، مثل تحلية مياه البحر والسياحة وغيرها.
لكن حتى يومنا هذا، لم يتم إجراء دراسات دقيقة ومتعمقة حول موارد الرياح المتوفرة في دول الخليج، على الرغم من أن الكثير من الدراسات قيّمت إمكانات الطاقة الشمسية فيها.
إن عدم وجود تقييمات دقيقة لكمية طاقة الرياح لا يعني أن هذه الدول غير قادرة على الاستفادة من طاقة الرياح، فجميع دول الخليج لديها سواحل طويلة، هذه السواحل توفر مصدراً شبه دائم للرياح، ويمكن تشييد مزارع الرياح على الماء بدلاً من اليابسة لتوفير تكاليف شراء الأراضي.
اقرأ أيضاً: ما الفرق بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؟
مشاريع طاقة الرياح في الخليج
في عام 2019، تم إنشاء أول مزرعة لطاقة الرياح في دول الخليج، وهي مزرعة ظفار في سلطنة عمان بقدرة 50 ميغاواط، وفي عام 2022، تم إنشاء مزرعة دومة الجندل بقدرة 400 ميغاواط، القاسم المشترك بين المشروعين هو شركة مصدر، وهي شركة طاقة يقع مقرها في الإمارات العربية المتحدة ومملوكة بالكامل لشركة مبادلة للاستثمار، التي تعتبر إحدى صناديق الثروة السيادية في الإمارات العربية المتحدة.
هذان المشروعان ليسا أول مشاريع طاقة الرياح التي تنفذها شركة مصدر، فقد نفذت هذه الشركة عدة مشاريع لطاقة الرياح في مناطق عديدة حول العالم، ومن المرجح أن تكون هي وشركة أكوا باور السعودية رائدتين في إنشاء مزارع الرياح بدول الخليج.
يوضح الجدول التالي أهم مشاريع طاقة الرياح في دول الخليج:
البلد |
المشروع |
الحجم (ميغاواط) |
سنة الإنجاز |
البحرين |
الدر (مشروع هجين لطاقة الرياح والطاقة الشمسية) |
5 |
غير متوفر |
الكويت |
الشقايا |
10 |
غير متوفر |
عمان |
ظفار (المرحلة الأولى) |
50 |
2019 |
عمان |
ظفار (المرحلة الثانية) |
150 |
2023 |
السعودية |
دومة الجندل |
400 |
2022 |
المصدر: الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (2019)
أما فيما يتعلق بالقطاع الخاص، تشير التقديرات إلى أن شركات القطاع الخاص لا تملك التكلفة الأولية الكافية لإنشاء مزارع الرياح، هذا يعني أن معظم المشاريع التي ستتم في هذا القطاع ستكون على الأغلب مشاريع حكومية على المستوى الوطني.
اقرأ أيضاً: كيف يتم تحويل الطاقة الحركية للرياح إلى طاقة كهربائية؟
طاقة الرياح لتحلية مياه البحر
على الرغم من طرح فكرة استغلال طاقة الرياح في تحلية مياه البحر، فإن دول الخليج لا تبدي الكثير من الاهتمام بذلك. والسبب هو أن معظم محطات التحلية الموجودة في المنطقة تعتمد على الوقود الأحفوري، وستكون عملية استبدال هذه المحطات وبناء محطات جديدة تعمل بالطاقة المتجددة أمراً مكلفاً للغاية وتتطلب إمكانات وموارد هائلة.
في عام 2019، سلّط تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة الضوء على طريقة لدمج مصادر الطاقة المتجددة في قطاع تحلية مياه البحر، وذلك من خلال إنشاء محطات تحتاج فقط إلى الكهرباء بدلاً من الطاقة الحرارية الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري، لكن حتى الآن، لا توجد أي مشاريع لإنشاء محطات من هذا النوع في دول الخليج.
اقرأ أيضاً: كيف تعمل وحدة تحلية المياه بالطاقة الشمسية؟
النتيجة
لا تشكل موارد الطاقة المتجددة مصدراً رئيسياً واستراتيجياً للطاقة في دول الخليج، لكن تملك هذه الدول أموالاً وكفاءات وبنية تحتية تجعلها قادرة على إنشاء محطات طاقة شمسية ومزارع رياح بإمكانات كبيرة، لكن الأولوية حتى الآن للطاقة الشمسية، ومن غير المتوقع في المدى المنظور أن نرى الكثير من الاستثمارات في مزارع الرياح.