هل الطاقة الشمسية نظيفة وصديقة للبيئة حقاً؟

3 دقائق
هل الطاقة الشمسية نظيفة وصديقة للبيئة حقاً؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Diyana Dimitrova

ينظر الكثير من العلماء والمسؤولين حول العالم إلى الطاقة الشمسية على أنها منقذ للأرض، فهي مصدر طاقة لا ينضب أبداً ويمكن أن يكون بديلاً للوقود الأحفوري الذي يُطلق انبعاثات ضارة في الغلاف الجوي. وقد بينت العديد من الأبحاث والدراسات أن استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء سيؤدي إلى خفض التلوث. لذلك، ليس هناك أي شك من أن الطاقة الشمسية أفضل من حرق الوقود الأحفوري.

لكن هناك من يتحدث عن التأثيرات البيئية الضارة لعملية تصنيع الألواح الشمسية والتخلص منها، حيث تؤدي إلى أضرار بيئية تشمل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ومواد كيميائية سامة يتم إطلاقها في الطبيعة.

هذا خبر سيئ للغاية بالنسبة لكل مَن يعتبر الطاقة الشمسية منقذاً لمستقبل البشرية، لكن الخبر الجيد أن الصناعة يمكنها بسهولة أن تتجنب تلك الآثار السلبية الضارة من خلال فرض بعض الشروط والمعايير التي تُنظّم صناعة الألواح الشمسية والتخلص منها.

اقرأ أيضاً: ما أنواع الطاقة الشمسية وما أبرز مميزاتها وعيوبها؟

التأثيرات البيئية الضارة تختلف حسب بلد المنشأ

في الماضي، كانت معظم ألواح الطاقة الشمسية تُصنع في أوروبا واليابان والولايات المتحدة، لكن مؤخراً، انتقلت الصناعة إلى الدول الآسيوية الصناعية مثل الصين والفلبين وتايوان وماليزيا، ما جعل هذه الصناعة تؤثر سلباً على البيئة، وذلك لأن هذه البلدان تستخدم الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة في مصانعها التي تصنع الألواح، على عكس الدول المتقدمة مثل أوروبا والولايات المتحدة التي تعتمد بشكلٍ أكبر على مصادر الطاقة المتجددة والمفاعلات النووية.

هذا يعني أن حساب البصمة الكربونية للألواح الشمسية يختلف حسب منطقة الإنتاج. على سبيل المثال، تكون البصمة الكربونية للألواح المنتجة في الصين أكبر بمرتين من الألواح المنتجة في أوروبا.

فهل يمكننا اعتبار صناعة الطاقة الشمسية نظيفة ومستدامة؟ وهل يمكن الاعتماد عليها لتحقيق أهداف الحياد الكربوني والحد من التلوث وتغيّر المناخ؟ 

اقرأ أيضاً: هذه الألواح الشمسية المرنة قد تقربنا إلى التخلص من الوقود الأحفوري

الطاقة الشمسية ليست سيئة

لنكون منصفين، يجب القول إن الطاقة الشمسية ليست سيئة، على الأقل حين نقارنها بالوقود الأحفوري الذي يولّد انبعاثات ضارة، والطاقة النووية التي تنتج نفايات إشعاعية يصعب التخلص منها، لكن هناك بعض الجوانب السلبية التي ينبغي تحليلها.

الطاقة الشمسية ليست خالية من الانبعاثات أو صديقة للبيئة بنسبة 100%. فإذا ألقينا نظرة فاحصة على دورة حياة الألواح الشمسية، سندرك أنها تسبب بعض التلوث وتستهلك طاقة غير نظيفة في عملية التصنيع، ويمكن أن يؤدي التخلص منها إلى إضافة المزيد من الضرر البيئي.

من أجل تصنيع الألواح الكهروضوئية، نحتاج إلى توفير معادن مثل النحاس والنيكل والكادميوم والليثيوم والسيليكون، هذه المعادن يتطلب استخراجها من الأرض أنشطة تعدين وعمليات فصل كيميائي وتنقية تستهلك الكثير من الطاقة والموارد التي تلوث الهواء والماء والتربة وتضر بالتنوع الحيوي إذا لم تتخذ الدول والشركات إجراءات لتغيير طريقة عملها.

اقرأ أيضاً: رفع درجة الحرارة يزيد من معدل عمل الطاقة الشمسية

مردود ألواح الطاقة الشمسية

من المعروف أن إنتاج ألواح الطاقة الشمسية يستهلك الكثير من الطاقة، سواء خلال عملية التصنيع أو استخراج المواد الأولية من الأرض. تشير التقديرات إلى أننا نحتاج إلى تشغيل الألواح الشمسية لمدة 5.23 سنة حتى تعوّض الطاقة المستخدمة في إنتاجها. لكن الخبر الجيد أن العمر الافتراضي لهذه الألواح يبلغ 19.3 إلى 34.4 سنة، هذا يعني أن هذه الألواح تولّد طاقة أكبر بكثير من تلك المستخدمة في إنتاجها.

وفيما يتعلق بالتأثيرات الناجمة عن نهاية عمر الألواح الشمسية والتخلص منها، تبين أنه كلما نمت صناعة الطاقة الشمسية، ينمو معها الطلب على إعادة تدوير الألواح، وأن بعض المعادن مثل الألمنيوم والرصاص والنحاس تتطلب طاقة أقل لإعادة تدويرها مقارنة بالطاقة الضرورية لاستخراج هذه المعادن من الأرض.

اقرأ أيضاً: شركات تحاول تسهيل عملية إعادة تدوير الألواح الشمسية

لا يجب أن ننسى أيضاً أن تكاليف تركيب وتشغيل وصيانة الألواح الشمسية منخفضة للغاية، كل ذلك يجعل الطاقة الشمسية خياراً بيئياً جيداً يمكن اعتماده في كل أنحاء العالم.

جعل الطاقة الشمسية نظيفة أكثر

الطاقة الشمسية بكل تأكيد أفضل بكثير من الوقود الأحفوري، لكنها تسبب بعض الانبعاثات الضارة، وسيكون من الأفضل العمل على تقليلها.

يمكن القيام بذلك من خلال تغيير طريقة عمل مناجم استخراج المعادن ومواقع معالجتها وتنقيتها، وهذا بالفعل ما قامت به بعض الدول مثل أستراليا وجنوب إفريقيا،  إذ فرضت على شركات التعدين مجموعة من اللوائح والممارسات الصارمة لتقليل الأضرار البيئية المرتبطة بأنشطتها، بالإضافة إلى تعزيز إعادة تدوير المعادن.

اقرأ أيضاً: اكتشاف بحثي جديد قد يمهّد لاستخدام الطاقة الشمسية على نطاق واسع

بهذه الطريقة، ستكون الطاقة الشمسية نظيفة وخضراء أكثر، كما ستصبح أقل تكلفة من مصادر الطاقة الأخرى، وبالتالي يمكن استخدامها على نطاقٍ أوسع، خاصة في الدول والأماكن الفقيرة.

المحتوى محمي