في 2019، أعلنت أمازون (Amazon) التزامها بتحقيق "محصلة كربونية صفرية" في جميع أعمالها بحلول العام 2040. ومنذ ذلك الحين، ازدادت انبعاثات الشركة العملاقة في مجال التجارة الإلكترونية بالتجزئة بشكل حاد بنسبة 40%، ووصلت إلى 70 مليون طن من ثنائي أوكسيد الكربون في العام المنصرم.
إنه مثال فاضح على الفرق الشاسع بين تعهدات الشركات والتقدم الفعلي في حل المشكلة المناخية، غير أنه ليس سوى مثال واحد من بين العديد من الأمثلة. فقد بينت العديد من الدراسات والتحليلات وجود مشكلات عميقة في خطط الكثير من الشركات الكبيرة لتحقيق ما أصبح يُعرف باسم الحياد الكربوني أو محصلة الانبعاثات الصفرية. ولا تعني هذه المصطلحات سوى أن الشركات ستحاول محايدة انبعاثاتها من ثنائي أوكسيد الكربون أو جميع غازات الدفيئة، بالترتيب، بدعم مشاريع مختلفة لمنع التلوث المناخي أو إزالته بقدر مكافئ للانبعاثات التي تطلقها هذه الشركات. وباختصار، ستستطيع هذه الشركات مواصلة إطلاق الغازات المسببة للاحترار بشرط أن تدفع الأموال لجهة أخرى في مكان آخر لإزالة أثر هذه الغازات. وهنا تظهر الكثير من المشكلات.
اقرأ أيضاً: كيف تساعد تكنولوجيا التعديل الجيني النباتات على مواجهة الاحترار العالمي؟
فمعظم الخطط المناخية للشركات تعتمد إلى حد كبير على الاستثمار في مشاريع الإزاحة الكربونية، مثل زراعة الأشجار والحفاظ على الغابات، أو غيرها من الجهود التي يقال إنها تسعى للمساعدة على حل المشكلة المناخية. ولكن الدراسات والمواد الإعلامية الاستقصائية وجدت، وبشكل متكرر، أن فوائد هذه المشاريع قد تكون أقل بكثير مما يُقال عنها. ويدعو عدد متزايد من خبراء سوق الكربون ومستشاري المناخ للشركات إلى قيام الشركات بإجراء إعادة نظر جوهرية في استراتيجياتها المناخية، والسعي إلى تحقيق أهداف أكثر طموحاً من المحصلة الصفرية. وفي الواقع، فإنه من الصعب للغاية على معظم الشركات تخفيض انبعاثاتها بدرجة كبيرة في الوقت الحالي. فالتلوث المناخي متجذر في عملياتها، سواء عبر النقل أو التصنيع أو تشغيل مراكز البيانات.
ولكن طبيعة خطط المحصلة الصفرية نفسها تدفع بالشركات نحو حلول تبدو ناجعة على الورق. وباللجوء إلى عمليات الإزاحة زهيدة التكاليف وغيرها من الأدوات المريبة، تستطيع هذه الشركات أن تراكم خطة إزالة كربون تبدو متوازنة من حيث الأرقام إلى حد ما. ولكن، آن أوان التخلي عن هذه الأساليب. (لقد بلغت الأمور حداً دفع حتى بجون أوليفر في محطة إتش بي أو (HBO) إلى السخرية من الإزاحة في برنامجه). ومن الآن فصاعداً، يجب أن يُعتبر شراء هذه النقاط في أحسن الأحوال عملاً خيرياً مناخياً، لا حلاً واقعياً لشطب الأطنان من الانبعاثات التي تصدرها الشركة. إن تخفيف انبعاثات عمليات الشركة بشكل فعلي سيتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، مع دعم الحلول الناشئة واختبارها والعمل على توسيع نطاقها، ومحاولة فرض سياسات صارمة ترغم المزودين وشركاء الأعمال على السعي نحو تحقيق تغييرات مماثلة. وقد لا تعني هذه الإجراءات أي شيء ملموس في نطاق خطة محصلة انبعاثات صفرية في أي وقت قريب. ولكن الشركات يجب أن تحقق أهدافها بعيدة المدى دون خطط احتساب كربونية مشبوهة. أما الخبر السار فهو ازدياد عدد الشركات وهيئات وضع المعايير التي بدأت ترى كثرة الأخطاء الكامنة في الخطط المناخية الحالية للشركات، وبدأت بتغيير ممارساتها وتوجيهاتها. وفيما يلي، نقدم ست طرق تتيح للشركات اتخاذ خطوات حقيقية في مواجهة التلوث والمساعدة على إعادة الصناعات إلى الطريق الصحيحة نحو تحقيق تقدم أكثر سرعة للتعامل مع المشكلة المناخية في السنوات اللاحقة.
اقرأ أيضاً: هل نستطيع منع وصول الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية مع كل هذه السيارات ومحطات توليد الكهرباء؟
إزالة الانبعاثات المباشرة
بداية، يجب أن نوضح أن المحصلة الصفرية هدف جيد بالنسبة للشركات التي تسعى إلى تحقيقه بنية طيبة. فالشركات التي التزمت بتحقيق أهداف الانبعاثات المتوافقة مع معيار المحصلة الصفرية للشركات من مبادرة الأهداف المستندة إلى العلم (Science Based Targets)، وهي مجموعة توجيهات تُعتبر صارمة نسبياً، خففت من الانبعاثات معاً بنسبة 29% بين 2015 و 2020، كما قالت المنظمة في تقرير التقدم لعام 2021. وتعمل الآلاف من الشركات على وضع خطط كهذه بالاشتراك مع المنظمة، وهي شراكة بين الميثاق العالمي للأمم المتحدة، ومعهد الموارد العالمية، وغيرها من المنظمات.
ويكمن جوهر هذه الخطط في التركيز على الأساليب التي تتيح للشركات تخفيف الانبعاثات بشكل مباشر، حتى عندما يتطلب هذا إحداث تغييرات كبيرة في طريقتها في العمل. ووفقاً للقطاع الذي تعمل فيه الشركة، قد يعني هذا الانتقال إلى أسطول من السيارات الكهربائية، أو تحديث المصانع، أو الانتقال إلى استخدام أنواع وقود منخفضة الانبعاثات، أو إعادة ابتكار المنتج الأساسي.
ولكن هذه العملية قد تصل إلى حدودها القصوى بسرعة، لأنه من الصعب للغاية على معظم الشركات في معظم الصناعات أن تزيل الانبعاثات بشكل كامل حالياً، كما يقول كبير الخبراء الاقتصاديين في آي دي إنسايت (IDinsight) ومدير مبادرة غيفينغ غرين (Giving Green) لتقييم وثوقية جهود إزالة وإزاحة الكربون وتقديم الاستشارة للشركات حول البرامج المناخية، دان ستاين.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن لآلات امتصاص الكربون أن تساعد في الحد من الانبعاثات الناجمة عن الطيران؟
وعلى سبيل المثال، فإن قطاع الكهرباء الذي يؤمن الطاقة للمكاتب والمصانع ومراكز البيانات، والعدد المتزايد من السيارات الكهربائية، لم يكد حتى يقترب من التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري بأنواعه المختلفة. كما أن صناعة الطيران وصناعة الشحن البحري لم تتوصلا إلى طريقة لتخفيف الانبعاثات. أما أساليب تنظيف القطاعات الصناعية الكبرى، بما فيها تلك التي تنتج مواد البناء والمواد الكيميائية والملابس، فهي ما زالت في المرحلة التجريبية. إضافة إلى هذا، فنحن لا ندري كيف يمكن أن ننتج الغذاء لمليارات الأشخاص دون الاعتماد بدرجة كبيرة على الأسمدة التي تتسبب بإطلاق الانبعاثات أثناء إنتاجها ونقلها واستخدامها.
إن تنظيف كل هذه القطاعات سيتطلب استثمارات ضخمة، سواء من حيث البحث والتطوير أو من حيث مصاريف رأس المال. وكما يقول ستاين، فإن "الاكتفاء بشراء إزاحات زهيدة الثمن في صفقات مغرية من سمسار ما، بشكل قد لا يؤدي إلى أي تأثير يُذكر" أكثر سرعة وأقل تكلفة بكثير. "وما سنحصل عليه في نهاية المطاف ليس سوى التزام فارغ".
تجنب الإزاحات
لطالما شككت الدراسات والمقالات الاستقصائية، وبشكل متكرر، ببرامج الإزاحات زهيدة الثمن والتي تعتمد على الطبيعة. فقد دفعت هذه البرامج تكاليف إجراءات الحفاظ على الغابات، وهي إجراءات كان من المرجح أنها ستُنفذ على أي حال. كما أن الشركات توصلت إلى أساليب للتلاعب بالبرامج بأساليب تتيح لها المبالغة في الفوائد المناخية الناتجة. كما أن وكالات المصادقة على النقاط المناخية تسارع إلى الموافقة على أساليب جديدة لتوليد هذه النقاط قبل التوصل إلى أدلة علمية دامغة حول الأساليب المفيدة فعلاً، وكميات الكربون التي تستطيع أن تمتصها وتخزنها.
إضافة إلى هذا، فإن التغير المناخي نفسه يعمل على تقويض وثوقية الإزاحات الكربونية، حيث يؤدي إلى زيادة جفاف التربة بحيث تطلق كميات إضافية من الكربون، وزيادة حرارة المحيطات، ما يتسبب بالقضاء على تجمعات الأعشاب البحرية التي تمتص الكربون، وزيادة حرارة الطقس، ما يؤدي إلى زيادة خطر الحرائق البرية. فعندما تحترق الأشجار أو تموت بطرق أخرى، فإن معظم الكربون الذي تحتويه يعود إلى الهواء ببساطة، ويمكن أن يؤدي إلى القضاء على عدة سنوات من التقدم المناخي في أيام معدودة.
أما المشكلة الكبيرة الثانية مع الإزاحات فهي ظاهرة في الاسم نفسه، ففي أفضل الأحوال، ليست هذه الإزاحات سوى تعويض عن عدم قيام الجهة الشارية بأي عمليات تنظيف فعلية. غالباً ما تتجاهل الإزاحات المشكلة الأساسية، خصوصاً في الصناعات الثقيلة التي ما يزال عليها إجراء تعديلات جذرية على طريقة عملها، كما يقول مدير السياسات في كربون بلان (CarbonPlan)، والتي تجري تقييمات علمية لأساليب إزالة الكربون، وتقدم النصائح للمؤسسات حول البرامج المناخية، داني كولينوورد.
إضافة إلى هذا، فإن الاعتماد على الإزاحات بكثافة يمكن أن يمنح تلك الشركات أفضلية غير عادلة بالمقارنة مع الشركات التي تدفع التكاليف المرتفعة للتعامل مع التلوث الذي تتسبب به بشكل مباشر، كما حذر نائب الرئيس للشؤون الحكومية في شركة الإسمنت هولسيم (Holcim)، مايكل لوموندز، خلال اجتماع في يونيو/ حزيران الماضي للجنة تداول السلع الآجلة الأميركية. وهو ما يمكن أن يبدد الحوافز التي تدفع نحو هذه الاستثمارات، خصوصاً في مجال سلع شديد التنافسية مثل مواد البناء.
اقرأ أيضاً: انخفاض الانبعاثات هذا العام قد لا يتجاوز 4% رغم توقف عجلة الاقتصاد العالمي
ويقول: "النقاط الكربونية غير المؤكدة والممارسات المريبة في السوق لن تؤدي سوى إلى إعاقة جهودنا للتخلص من الكربون". ولجميع هذه الأسباب، يقول عدد متزايد من المراقبين إن الشركات يجب أن تتوقف عن الادعاء أن شراء الإزاحات الكربونية يلغي أثر الاحترار الناجم عن ضخ طن من ثنائي أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، حيث يمكن أن يبقى هناك مئات أو حتى آلاف السنين. ويقول معيار المحصلة الصفرية للشركات من مبادرة الأهداف المستندة إلى العلم، وبكل وضوح: "لا يمكن احتساب أرصدة نقاط الكربون كتخفيضات تساهم في تحقيق الأهداف المستندة إلى العلم. ويجب أن تأخذ الشركات بعين الاعتبار التخفيضات الناجمة عن عملياتها وسلسلة القيمة لديها وحسب". وبشكل مماثل، وفي منشور حديث، قالت غيفينغ غرين إن الشركات يجب أن "تنظر إلى شراء الإزاحات كمساهمات خيرية في المشاريع الإيجابية مناخياً، بدلاً من اعتبارها وسائل لتحييد الانبعاثات".
الاستثمار في إزالة الكربون الدائم
على المدى البعيد، وحتى مع محاولة الشركات للتخفيف من انبعاثاتها، فإن الاستثمار في التكنولوجيات المستقبلية سيكون مهماً أيضاً لتحقيق سياسات وأهداف مناخية مستدامة للشركات. وهناك توجه كبير نحو بناء صناعة لشفط مليارات الأطنان من ثنائي أوكسيد الكربون سنوياً خلال العقود المقبلة.
ويستمد هذا التوجه زخمه من مجموعة متزايدة من الأبحاث العلمية التي تقول إن هذا ما نحتاجه لمنع الكوكب من الاحترار أكثر من درجتين مئويتين أو إعادته إلى ما خلف هذا الحد بعد تجاوزه. كما قد يكون ضرورياً لإزالة أثر مصادر الانبعاثات التي لم نتمكن من معالجتها بطرق ذات جدوى اقتصادية جيدة بحلول منتصف القرن.
وهناك العديد من الأساليب الممكنة لتنفيذ هذا العمل، بما في ذلك بناء آلات لشفط الهواء بشكل مباشر، ونشر مواد معدنية تفاعلية قادرة على احتجاز ثنائي أوكسيد الكربون، وتحويل النباتات إلى نفط عضوي وحقنه في أعماق الأرض. وتهدف هذه المقاربات بشكل عام إلى امتصاص ثنائي أوكسيد الكربون وتخزينه بأساليب موثوقة لفترة طويلة للغاية، على الرغم من أن بعض هذه الأفكار ما زالت في بداياتها، وما زالت غير مثبتة. ويمكن أن يكلف هذا النوع من تخزين الكربون طويل الأمد ما بين المئات والآلاف من الدولارات للطن الواحد، وهو مبلغ يبدو ضخماً مقارنة بأساليب أخرى مثل زراعة الأشجار، والتي قد تكون زهيدة التكلفة بمقدار 10 دولارات للشجرة الواحدة.
ولكن إلزام الشركات بالاعتراف بالتكلفة الحقيقية للإزالة الدائمة للكربون يحمل ميزة إضافية، فهو يؤكد على الفكرة التي تقول إن تخفيض الانبعاثات بشكل مباشر هو في أغلب الأحيان أقل الطرق تكلفة لإزالة التلوث من الشركة، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه يتطلب حل المشكلة مرة واحدة وحسب. وفي نفس الوقت، فإن إزالة الكربون تحمل مخاطرة قابلة للتفاقم أيضاً. فمن الأفضل أن نعتبرها أداة أساسية تساعدنا على حل الأجزاء الأخيرة الصعبة والمكلفة للغاية من المشكلة. ولكنها لا تستطيع معالجة اقتصاد كامل ما زال يعتمد في أساسياته على الوقود الأحفوري بمختلف أنواعه. ولهذا، لا يمكن أن نسمح لسعينا نحو تطوير أدوات إزالة الكربون بصرف انتباهنا عن المهمة الأساسية الهادفة إلى إحداث تحولات جوهرية في صناعاتنا.
تمويل البحث والتطوير
هناك العديد من المجالات التي لم يتمكن العالم من تخفيض انبعاثاتها بشكل فعال وبجدوى اقتصادية جيدة وبسرعة، بما فيها الطيران والشحن البحري والأسمدة وتربية المواشي وصناعة الفولاذ والإسمنت.
ولهذا، فإن الشركات التي تسعى إلى تسريع تقدمها على مسار إنهاء الانبعاثات وتعزيز أثرها الإيجابي على المناخ يجب أن تقوم أيضاً بتمويل عمليات البحث والتطوير في مراحلها الأولية، والجهود المطلوبة لتوسيع نطاق عمل التكنولوجيات الجديدة وأثرها، سواء عبر أقسام خاصة بها للبحث والتطوير أو المنح البحثية الخارجية أو الاستثمار في الشركات الناشئة.
وتقوم بعض الشركات بهذا بأساليب منوعة. ففي 2020، على سبيل المثال، قامت أمازون بتأسيس صندوق التعهدات المناخية بقيمة 2 مليار دولار لتطوير التكنولوجيات والخدمات التي تستطيع مساعدتها ومساعدة الشركات الأخرى على تحقيق أهدافها المناخية. واستثمرت في شركات مثل إنفينيوم (Infinium)، والتي تقوم بتطوير الوقود الكهربائي الذي يعتمد على مصادر متجددة لتنظيف صناعة الطيران، وشركة بيتا تكنولوجيز (Beta Technologies) التي تصنع الطائرات الكهربائية عمودية الإقلاع والهبوط، وشركة سي إم سي ماشينيري (CMC Machinery)، والتي تنتج صناديق خاصة بمنتجات محددة لتخفيف الهدر والحاجة إلى وسادات هوائية من البلاستيك.
ويمكن لكل من هذه الاستثمارات مساعدة أمازون على التخفيف من استهلاك المواد وإطلاق الانبعاثات أثناء تحريكها لكميات هائلة من المنتجات حول العالم. وتشرف مايكروسوفت (Microsoft) على جهد استثماري مماثل عبر صندوق الابتكار المناخي بقيمة مليار دولار.
اقرأ أيضاً: بعض الأخبار الجيدة النادرة حول التغير المناخي
تجاوز أرصدة نقاط الطاقة المتجددة
تمثل الكهرباء أكبر مصدر للانبعاثات بالنسبة لمعظم الشركات. ولكن الشركات لا تقوم بشكل عام بتنظيف استهلاكها للطاقة بالحصول على كهرباء من مصدر غير كربوني، بما أن معظم هذه المصادر لا تمثل سوى نسبة ضئيلة على شبكاتها المحلية. وللالتفاف حول هذه المشكلة، يقوم الكثير منها ببساطة بشراء علامات الطاقات المتجددة التي تؤمن دخلاً إضافياً لمشاريع توليد الطاقة النظيفة من الرياح والشمس والطاقة الحرارية الأرضية وغيرها من مصادر الطاقات المتجددة.
وتكمن الفكرة الأساسية في توجيه الدعم نحو مساعدة بناء هذه المشاريع، بحيث يتم توليد الكهرباء دون كربون بشكل يستحيل تنفيذه دون هذا الدعم. ولهذا، يمكن أن يتم احتساب النقاط بالمقارنة مع نسبة من الاستهلاك الإجمالي للشركة من الطاقة غير النظيفة.
ولكن، وعلى الرغم من أن هذه العلامات قد تكون مفيدة بعدة طرق، وعلى وجه الخصوص تحديد المنشآت التي يتزايد طلبها على الطاقة النظيفة، فقد أصبح من الصعب الادعاء بأنها تنظف، وبفعالية، الاستهلاك الكهربائي لشركة لا تستجر أي كهرباء فعلياً من محطات الطاقات المتجددة. وفي أغلب الأحيان، فإن هذه المشاريع غير متواجدة معاً على نفس الشبكة حتى، أو غير قادرة على إنتاج الكهرباء على مدى جميع ساعات الاستهلاك للشركة.
كما أن الفكرة التي تقول إن مشاريع الطاقات المتجددة ما كانت لتحدث لولا أن التمويل الإضافي الناجم عن علامات الطاقات المتجددة أصبح أقل إقناعاً مع مرور الوقت، حيث أصبحت مشاريع مزارع توليد الكهرباء من الطاقة الريحية والشمسية أقل تكلفة، وأكثر تنافسية، كما تقول المهندسة المدنية والأستاذة المساعدة في جامعة نوتردام، والتي تركز على التخلص من الكربون في قطاع الطاقة، إميلي غروبر.
فإذا لم يؤدِّ شراء النقاط إلى تغيير الواقع بطريقة تؤدي إلى تخفيض انبعاثات الكربون، فلن يستطيع واقعياً إزالة أثر استهلاك الطاقة الملوثة للشركة في مكان آخر، كما تقول غروبر.
علاوة على هذا، فإن القسم المهم من تنظيف قطاع الطاقة لا يقتصر على مجرد إضافة المصادر المتجددة، بل أيضاً إزالة التلوث من محطات الوقود الأحفوري، كما تضيف غروبر. ولكن بعض الشركات، بما فيها جوجل (Google)، ستقوم بالمزيد. ففي 2020، أعلنت التزامها بتحقيق هدف "طاقة دون كربون طوال الوقت" بحلول العام 2030، ما يعني "استجرار كل ساعة من حاجتنا من الكهرباء من مصادر كهربائية غير كربونية على جميع الشبكات التي نعمل عليها". لقد كانت الشركة توقع بعض الصفقات لتوفير كهرباء دون كربون لمراكز البيانات الخاصة بها بشكل مباشر، وصفقات أخرى خاصة لدعم تطوير مشاريع جديدة لتخزين الطاقة، مثل محطات البطاريات، إضافة إلى مجموعات من عمليات الطاقات المتجددة التي تنتقل بين الذروة والحضيض في أوقات مختلفة من النهار.
تعمل جوجل أيضاً على دعم التكنولوجيات الناشئة التي يمكن أن تؤمن الطاقة دون كربون على مدار الساعة، لا فقط عند هبوب الريح وسطوع الشمس. ومن بين الإجراءات الأخرى، فقد عقدت صفقة مع شركة الطاقة الحرارية الأرضية المحسّنة فيرفو (Fervo) لتزويد منشآتها في نيفادا بالطاقة. ويعِد كل هذا بتخفيض الطلب على مصادر الطاقة الملوثة. وأخيراً، تقول جوجل إنها تعمل بشكل مباشر على تدعيم سياسات لتسريع التخلص من الكربون في قطاع الطاقة، كما تعمل على بناء تحالفات شركات للتحرك نحو تحقيق هذا الهدف.
اقرأ أيضاً: علماء ومصورون يتعاونون على إظهار سرعة تفاقم التغير المناخي
السعي نحو تحقيق السياسات
قد يكون من المبالغة في المثالية أن نفترض أن الشركات يجب أن تضغط لفرض سياسات مناخية ترغمها على تطبيق تغييرات باهظة التكاليف. وعادة ما تدعم الشركات القواعد والقوانين التي تفيد عائداتها بشكل مباشرة، وتدعم السياسيين الذين يحمون مصالحها.
ولكنني أؤكد أننا أصبحنا في حقبة جديدة، وأن الشركات أصبحت بحاجة إلى دعم القواعد المناخية الصارمة، ودعم التشريعات الرامية إلى فرض هذه القواعد، وتشجيع المجموعات الأخرى على دعمها أيضاً. وتستطيع السياسات الحكومية المتماسكة فرض تغيير منهجي عبر الصناعات بشكل أكثر سرعة من أي تعهدات كربونية طوعية، كما تقول مسؤولة أبحاث المناخ في غيفينغ غرين، لوسيا سمونيلي. ويمكن لاتخاذ موقف داعم للسياسات المناخية أن يحقق النجاح إذا كان يتوافق فعلياً مع مصلحة الشركة. إن التاريخ الطويل للقوانين المناخية يبين مراراً وتكراراً أن الشركات الأكثر ابتكاراً وتطوراً تكنولوجياً هي الأكثر سرعة في التكيف والازدهار. ويمكن لمجموعة مشتركة من السياسات أن تضمن أن الشركات ستتنافس بشكل متكافئ في حقبة من التقلبات المناخية، ما يخفف مخاطر المنافسة بالنسبة للشركات التي تتخذ خطوات حقيقية للتخفيف من الانبعاثات.
اقرأ أيضاً: التغير المناخي يفرض العمل باتجاه إزالة الكربون من الجو لا التوقف عن إصداره فقط
إضافة إلى ذلك، فإن عملنا المشترك على التعامل مع المشكلة المناخية اليوم سيعني المزيد من الإنتاجية والازدهار للاقتصاد والشركات والمجتمعات في المستقبل.