تعمل إنتل وفيسبوك معاً على بناء شريحة ستجعل من استخدام الذكاء الاصطناعي أقل تكلفة للشركات الكبيرة. وتحمل الشريحة الجديدة وعداً بتشغيل خوارزميات التعلم الآلي مسبقة التدريب بشكل أكثر فعالية، ما يعني الحاجة إلى عتاد صلب أقل وطاقة أقل للاستفادة من الذكاء الاصطناعي.
كشفت إنتل عن الشريحة الجديدة وتعاونها مع فيسبوك في أول أيام معرض الإلكترونيات الاستهلاكية الذي أقيم في لاس فيجاس للعام 2019 من 7 إلى 11 يناير. ويظهر الإعلان مدى التداخل بين العتاد الصلب والعتاد البرمجي للذكاء الاصطناعي مع بحث الشركات عن الأفضلية في تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي.
يمكن أن تساعد شريحة "الاستنباط" الجديدة فيسبوك وغيرها من الشركات على تطبيق التعلم الآلي بشكل أكثر فعالية وأقل تكلفة. تستخدم الشبكة الاجتماعية الذكاء الاصطناعي لتنفيذ نطاق واسع من المهام، بما في ذلك وضع الإشارات على الأشخاص في الصور، وترجمة المنشورات من لغة إلى أخرى، والتقاط المحتوى الممنوع. وتكلف هذه المهام المزيد من الوقت والطاقة لدى تنفيذها على عتاد عام الأغراض.
ستجعل إنتل الشريحة متاحة للشركات الأخرى في وقت لاحق من 2019. وهي حالياً متخلفة كثيراً عن الشركة المتصدرة في سوق العتاد الصلب للذكاء الاصطناعي، إنفيديا، وتواجه منافسة من مجموعة كبيرة من الشركات الناشئة المختصة في تصنيع الشرائح الإلكترونية.
قال نافين راو (نائب رئيس مجموعة منتجات الذكاء الاصطناعي في إنتل) قبل الإعلان أن الشريحة ستكون أكثر فعالية من أي شيء طرحه المنافسون حتى الآن، غير أنه لم يقدم أية أرقام محددة حول الأداء.
أكدت فيسبوك أنها كانت تعمل مع إنتل، ولكنها امتنعت عن إعطاء أية تفاصيل إضافية حول الاتفاق، أو تحديد دورها في هذه الشراكة. يشاع أيضاً أن فيسبوك تدرس بعض التصاميم الخاصة بها للشرائح.
قال راو إن الشريحة ستكون متوافقة مع جميع برمجيات الذكاء الاصطناعي الهامة، ولكن مشاركة فيسبوك تظهر مدى أهمية مشاركة مهندسي برمجيات الذكاء الاصطناعي في العمل مع مهندسي تصميم الشرائح. قام باحثو فيسبوك في مجال الذكاء الاصطناعي بتطوير عدد من مجموعات الذكاء الاصطناعي البرمجية ذائعة الصيت. كما تمتلك الشركة كميات هائلة من البيانات التي يمكن استخدامها لتدريب واختبار برمجيات التعلم الآلي.
يشير مايك ديملر، وهو محلل أساسي في مجموعة لينلي التي تتابع صناعة أنصاف النواقل، أن المنافسين قد يتمكنون من وضع تصاميم جديدة تضاهي تصميم شريحة إنتل مع دخولها مرحلة الإنتاج في وقت لاحق من هذه السنة. ويضيف أن إنتل تأخرت عن منافسيها عدة سنوات، ويجب أن تبرهن عن أنها اتخذت "خطوة كبيرة إلى الأمام" مع الشريحة الجديدة.
منذ بعض سنوات، أخذت إنتل على حين غرة بالانفجار الكبير في الطلب على شرائح الذكاء الاصطناعي مع استخدام التعلم العميق، وهو تقنية عالية القدرات للتعلم الآلي، وتتضمن تدريب الحواسيب على أداء مهام مفيدة عن طريق تلقيمها بكميات هائلة من البيانات.
في التعلم العميق، يتم تلقيم البيانات إلى شبكة عصبونية ضخمة للغاية، ويتم تعديل معاملات الشبكة حتى تقدم النتيجة المطلوبة. ويمكن استخدام الشبكة المدربة بعد ذلك في مهام مثل التعرف على الناس في تسجيلات الفيديو.
بشكل عام، تتسم الشرائح عامة الأغراض بفعالية منخفضة أثناء تنفيذ الحسابات المطلوبة للتعلم العميق. ويصبح العمل أفضل بكثير على شرائح تقوم بتقسيم الحسابات، مثل المعالجات الرسومية التي تمتلك إنفيديا خبرة كبيرة فيها. ولهذا، حصلت إنفيديا على أفضلية في مجال شرائح الذكاء الاصطناعي، وما زالت حتى الآن تبيع الأغلبية العظمى من العتاد الصلب الممتاز للذكاء الاصطناعي.
أطلقت إنتل عملها في تطوير شرائح الذكاء الاصطناعي بالاستحواذ على شركة ناشئة باسم نيرفانا سيستمز في 2016. وبعد ذلك بسنة، أعلنت إنتل عن أول شريحة خاصة بها للذكاء الاصطناعي، معالج إنتل نيرفانا للشبكات العصبونية (NNP). وقد تم تصميم شريحة إنتل الأحدث بشكل خاص لتشغيل الخوارزميات التي تم تدريبها مسبقاً، وهو ما سيجعلها أكثر فعالية. تسمى الشريحة الجديدة NNP-I (حيث يشير I إلى كلمة استنباط).
شهدت آخر بضع سنوات زيادة كبيرة في تطوير العتاد الصلب للذكاء الاصطناعي. وتعمل مجموعة كبيرة من الشركات الناشئة بأقصى سرعتها على تصميم شرائح مخصصة للذكاء الاصطناعي، مثل الشركة البريطانية جرافكور التي جمعت مؤخراً 200 مليون دولار من الاستثمارات، ومجموعة من الشركات الصينية مثل كامبريكون وهورايزون روبوتيكس وبيتماين.
تواجه إنتل أيضاً منافسة من شركات مثل جوجل وأمازون، حيث تعمل كلاهما على تطوير شرائح لدعم خدمات الذكاء الاصطناعي السحابية. كشفت جوجل لأول مرة عن تطويرها لشريحة من أجل برنامج تينسور فلو للتعلم العميق في 2016. كما أعلنت أمازون في ديسمبر الماضي عن أنها قامت بتطوير شرائح خاصة بها للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك شريحة مخصصة للاستنباط.
قد تكون إنتل متخلفة عن الركب، وقد تحتاج إلى مساعدة من فيسبوك، ولكنها من دون شك تمتلك خبرات لا تضاهى في تصنيع الدارات المتكاملة، وهو من العوامل الهامة في التصاميم المبتكرة وتحسين الأداء. يقول راو: "تتركز خبرة إنتل في استخدام السيليكون بأفضل شكل ممكن، ونحن نتفوق على الجميع في هذا العمل".