ربما كان الذكاء الاصطناعي هو أكثر ملف تكنولوجي تمت مناقشته في عام 2018؛ فقد كثرت التوقعات حول الطريقة التي ستؤدي بها تقنيات البيانات الضخمة وتعلم الآلة وإمكانات الأتمتة الحديثة إلى إحداث تحولات في المدن والشركات والمجتمعات، وهي توقعات مذهلة دفعت بصُنَّاع السياسات وقادة الأعمال في شتى أنحاء العالم إلى تخطيط مستقبل يحتلُّ الذكاء الاصطناعي فيه موقعاً مركزياً. ويتزايد تصور الخبراء للجاهزية التكنولوجية -لا سيما في ظل وجود قاعدة معقدة من الذكاء الاصطناعي- كمحدِّد من محددات التنافسية في المستقبل للدول وللشركات.
ولدى الحكومات الآسيوية خططٌ طموحة للقيادة في حقبة الذكاء الاصطناعي، ويستعرض هذا الموضوع النجاحات التي أحرزتها هذه الدول في تشكيل بيئات خصبة قادرة على جذب مواهب الذكاء الاصطناعي ورأسماله المطلوبَيْن بشدة، فضلاً عن السماح للشركات بتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل سريع وفعال. وقد قمنا في "إم آي تي تكنولوجي ريفيو إنسايتس" بإجراء استبيان على 871 مسؤولاً آسيوياً رفيع المستوى بالشركات، لفهم مختلف التصورات، وقمنا بإجراء مقابلات معمَّقة مع أكثر من 12 خبيراً عالمياً في المجال. وفيما يلي نتائج هذا البحث:
- في ظل التوقعات بمكاسب كبيرة، فإن أغلب الدول لديها خطة وطنية للتعجيل باعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي.
فمن الصين إلى اليابان، ومن سنغافورة إلى الهند، يطور صناع السياسات في آسيا خططاً وطنية لكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين التنافسية المحلية والإقليمية، وتشمل الخطط المطروحة تحسين التعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص. - لدى آسيا فرصة هائلة لأنْ تصبح في الصدارة في حقبة الذكاء الاصطناعي.
فقادة الأعمال في آسيا واثقون من تولفر موارد الذكاء الاصطناعي بمنطقتهم، لا سيما توافر البيانات وتفوق مستوى المواهب ذات الصلة. ويمكن عمل المزيد لتحسين بيئة البحث والتطوير، وبإمكان الحكومات تقديم دعم أكبر. - تطبق الصين الذكاء الاصطناعي بوتيرة متسارعة، لكنها لم تتطور بعد على مسار البحوث الأساسية.
فمع وفرة البيانات والتشجيع الحكومي الحاسم، وتوافر شركات تقنية مبتكرة ومبدعة، تحظى الصين بميزة لافتة في تطبيق الذكاء الاصطناعي في عدد من المجالات، مثل الرعاية الصحية والمجال المالي وبرمجيات الهواتف الخلوية. لكن يمكن تعزيز البحوث التأسيسية عن طريق السعي لمزيد من الدمج للقطاع الخاص والدوائر الأكاديمية، بما تبذله من أعمال بحث وتطوير. - بناء اقتصادات رقمية ومجتمعات رقمية يعد أساسياً من أجل التنافسية.
فتحديات آسيا الداخلية وصناعاتها المحلية تعد ركيزة قوية لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي جنوب شرق آسيا يتخذ هذا صورة العمل للمستقبل اقتصادياً، مع انتشار التأثير الشبكي للأنشطة المختلفة ذات الصلة، النابعة من الاستثمارات الكثيرة في الشركات الجديدة والصغيرة، ومن تلبية احتياجات الأعمال التجارية باستخدام المواهب البحثية المتوافرة، مع تطوير قاعدة عريضة من المعرفة بمجال الذكاء الاصطناعي. - من القضايا الكبرى المطروحة ضرورة كفالة أصول تأسيسية وإدارة عملية تطور الذكاء الاصطناعي.
لتصبح آسيا متمتعة بالاكتفاء الذاتي في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي، فعليها تعزيز بيئتها البحثية وقدرات البحث والتطوير، ودعم عدة أنشطة من قبيل صناعة الشرائح الإلكترونية وتعزيز قدرات الحواسب الفائقة القدرات. كما يحتاج صُناع السياسات إلى التصدي لمشكلات حرجة مثل كيفية إدارة العقد الاجتماعي بين المواطنين (أصحاب البيانات) والشركات التي تحصل على البيانات وتستخدمها.