ما هو أثر التحول الرقمي على خفض تكاليف العمليات في المؤسسات؟

4 دقائق
ما هو أثر التحول الرقمي على كفاءة المؤسسات؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Andrey_Popov

في عالم يتميز بالتحديث السريع وزيادة التوقعات وتقلص الميزانيات والاضطرابات الخارجية التي لا يمكن التنبؤ بها، أصبح اعتماد المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة على الطرق التقليدية لتشغيل عملياتها غير منطقي، ويستنزف مواردها ويحد من قدرتها على خدمة مكوناتها بشكل كامل.

لذا فمن الأهمية العمل على جميع المستويات لإنشاء عمليات التحول الرقمي الفعّالة، من أجل تقديم الخدمات والبرامج بشكل أكثر كفاءة وشفافية وفعالية من حيث التكلفة، بعد أن أصبح التحول الرقمي أمراً ضرورياً للغاية وبالغ الأهمية لتلبية توقعات العملاء المعاصرين.

الثقة هي العامل الأول في نجاح عمليات التحول الرقمي 

تعد البيروقراطية والميزانية من العوامل الرئيسية وراء تخلف العديد من المؤسسات عن اللحاق بركب عمليات التحول الرقمي التي تنظم الكثير من القطاعات المختلفة، لذا لتنفيذ عملية التحول الرقمي بنجاح، يجب أن تكون لدى قادة المؤسسات فكرة واضحة عن شكل النجاح من منظور المستخدمين، والذي يتلخص في كلمة واحدة فقط: الثقة، حيث يحتاج المستخدمون إلى الوثوق بهذه المؤسسات، وأن الخدمات الرقمية يتم تقديمها بشكل مثالي، سواء من حيث الفعالية أو الموثوقية أو الأمنية أو الخصوصية.

على سبيل المثال، عندما أطلق مجلس مقاطعة دورهام في المملكة المتحدة استراتيجيته الرقمية الجديدة لمشاركة المواطنين، كان لديه 3 أهداف رئيسية، هي:

  • منح المواطنين المزيد من الخيارات.
  • اكتساب رؤى أفضل للمواطنين.
  • زيادة الكفاءة.

والآن، أتاح التحول الرقمي الذي نفذته المقاطعة البريطانية للمواطنين الوصول إلى أكثر من 90 خدمة عبر الإنترنت وفي مكان واحد، ما سهل على المواطنين إجراء المعاملات بجميع أنواعها بسهولة وسرعة. ونتيجة لذلك، زاد عدد طلبات المواطنين التي يتم تقديمها عبر الإنترنت، ووفر أكثر من 300 ألف دولار من التكاليف السنوية، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع مع مرور الوقت.

اقرأ أيضاً: 5 مبادئ أساسية للانطلاق في رحلة التحول الرقمي

كيف يؤثّر التحول الرقمي على كفاءة المؤسسات؟

يعد التحول الرقمي، والذي يعني في مفهومه العام والشامل دمج التكنولوجيات الرقمية، وبالتحديد التكنولوجيات الناشئة، مثل أنظمة الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات والبيانات الضخمة في جميع أو بعض العمليات التشغيلية، تغييراً جذريّاً في كيفية الإدارة وتقديم الخدمات، علاوة على ذلك، يمكن اعتباره أيضاً تغييراً ثقافياً رقمياً مطلوباً بشدة أن تنفذه المؤسسات لتصبح أكثر مرونة في قدرتها على الاستجابة، وتقديم خدماتها بسرعة وفعالية وكفاءة عالية.

فيما يلي أبرز الفوائد التي يمكن أن تجنيها المؤسسات عند التحول الرقمي، والاستغناء عن الطرق التقليدية في إدارة عملياتها اليومية:

تحسين الراحة والثقة

في الوقت الحالي، اعتادت المجتمعات في معظم دول العالم على التسوق، وطلب الطعام، وحجز السفر، والخدمات المصرفية، وغيرها من خلال لمس زر على شاشة هواتفهم، ويتوقعون الشيء نفسه عند التعامل مع المؤسسات، ومن ثم يوفّر التحول الرقمي في المؤسسات إمكانية الوصول عند الطلب إلى التطبيقات، والمعلومات والخدمات الأخرى التي تتطلب رحلة إلى المؤسسة التقليدية، حيث يمكن للمؤسسات من خلال رقمنة العمليات معالجة المطالبات والتطبيقات وطلبات الترخيص بكفاءة أكبر، ما يؤدي إلى زيادة الرضا والثقة.

اقرأ أيضاً: برنامج جيل طموح: تحضير الشباب السعودي لمستقبل رقمي

تعزيز الشفافية

تعزز تدفقات العمل الآلية الشفافية للمستخدمين، من خلال إخطارهم تلقائياً عند اكتمال كل خطوة من خطوات العملية التي تقدمها المؤسسة، كما أن وضع المعلومات في قواعد بيانات قابلة للبحث العلني يوفّر أيضاً الوقت والمال الذي يتم إنفاقه للامتثال لطلبات البيانات المفتوحة.

توفير وقت الموظفين

عندما يتم تخزين المستندات في السحابة بدلاً من الملفات الفعلية، يوفّر الموظفون الوقت في طلبها من الأقسام الأخرى والبحث عنها، بالإضافة إلى تقليل العمليات التقليدية اليدوية. على سبيل المثال، عندما يزور أحد المفتشين عقاراً، يمكنه عرض ملف الملكية وتحديثه في الوقت الفعلي عبر جهازه المحمول، وهو ما يؤدي إلى تقليل الوقت اللازم لإدخال البيانات لاحقاً لوجود المستند في السحابة بالفعل، والتي تكون متاحة لكل من لديه الصلاحية للوصول الفوري لها ومعاينة المعلومات المحدّثة.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد استراتيجيات التحول الرقمي الشركات على النمو؟

أتمتة المهام اليومية

تعمل أتمتة إدارة المستندات رقمياً على قطع خطوات من رحلة المشروع لتحقيق نتائج أسرع بجودة أعلى. حيث تمكّن تدفقات العمل الرقمية الموظفين من تتبع تقدم المشروع، وإخطار الأشخاص المناسبين تلقائياً بمجرد الوصول إلى نقطة رئيسية، وإنشاء تذكيرات حتى لا تتوقف المهام بسبب سوء التواصل بينهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن نماذج البيانات الرقمية المملوءة من قبل الجمهور، تملأ قواعد البيانات تلقائياً بالمعلومات، ما يقلل الحاجة إلى إدخال يدوي لاحقاً.

عمل جميع أقسام المؤسسة بكفاءة

باستخدام المستندات المركزية القائمة على السحابة، يمكن لجميع الأقسام في المؤسسة العمل معاً من نفس المعلومات. ما يساعد في التخلص من المستودعات التي تحفظ فيها الأوراق، كما يمكن للموظفين في جميع الإدارات الوصول إلى هذه المستندات سحابياً، وإدارة القرارات واتخاذها بناءً على البيانات التي يتم تحديثها في الوقت الفعلي، ما يقلل من حدوث الأخطاء البشرية المكلفة وإزالة اختناقات الاتصال، ويؤدي إلى تسهيل التعاون السلس بين الإدارات المختلفة.

اقرأ أيضاً: لماذا يعتبر التحول الرقمي في التعليم مهماً في وقتنا الحالي؟

تعزيز الأمن السيبراني

تعد الخوادم الموجودة في الموقع مكلفة في الصيانة ويصعب تأمينها، وقد أصبحت بالفعل الهدف المفضّل لمجرمي الإنترنت الذين يستخدمون برامج الفدية للحصول على الأموال من المؤسسات. على سبيل المثال، في النصف الثاني من عام 2019 وحده، استهدفت ما يقرب من ثلثي هجمات برامج الفدية مؤسسات الحكومة في الولايات المتحدة.

نتيجة لذلك، من خلال الانتقال إلى بيئة قائمة على السحابة، سيتم تخزين البيانات والمعلومات بشكلٍ آمن ونسخها احتياطياً عدة مرات في اليوم، ما يؤدي إلى التخلص من تكاليف الصيانة والأمان، حيث يصبح مزود الخدمة السحابية مسؤولاً عن الأمن السيبراني.

تمكين العمل عن بُعد واستمرارية الأعمال

في عصر الكوارث الطبيعية المتزايدة والأكثر تدميراً، سواء كانت عاصفة ثلجية، أو فيضان يغلق الطرق، أو جائحة عالمية تفرض سياسة العمل عن بُعد لمدة شهور، يجب أن تكون المؤسسات قادرة على العمل بغض النظر عن أي شيء، حيث تعد استمرارية الأعمال والاستجابة أمراً بالغ الأهمية، خاصة للمؤسسات المرتبطة بالمواطنين بشكلٍ مباشر.

ختاماً، من المهم أن يتذكر قادة المؤسسات أن التحول الرقمي هو رحلة مستمرة، ولا تحدث مرة واحدة أو بين عشية وضحاها، بل في خطوات ومراحل، بحيث يتم تنفيذ التكنولوجيات الجديدة وتطبيقها بحسب الأولوية. ومع تحول الثقافة التنظيمية للمؤسسة تدريجياً من العمليات اليدوية إلى الأنظمة الرقمية، حينها يمكنها القول إنها نفذت عملية التحول الرقمي الخاصة بها بنجاح، مع الاستعداد لتطويرها وتحسينها بشكل دوري لجني الفوائد والمزايا التي تقدمها.

المحتوى محمي