تقرير خاص

برنامج جيل طموح: تحضير الشباب السعودي لمستقبل رقمي

5 دقيقة
برنامج جيل طموح: تحضير الشباب السعودي لمستقبل رقمي
حقوق الصورة: مجموعة بوسطن الاستشارية.

المستقبل سيكون رقمياً، ووفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن ما يقدر بنسبة 70% من القيمة الجديدة التي ستضاف إلى الاقتصاد خلال العقد المقبل سيعتمد على نماذج شركات المنصات القائمة على التقنيات الرقمية، ويتوقع مستشرفو المستقبل قيام ثورة صناعية رابعة ستؤدي إلى إحداث تغيير جذري في نمط حياتنا وعملنا ولعبنا وتواصلنا مع بعضنا بعضًا. 

عمل مجموعة بوسطن الاستشارية في المملكة العربية السعودية

إن وضع خريطة لهذه التغيرات –وضمان تزويد أجيال المستقبل بالمهارات اللازمة للتعامل معها– هو جزء أساسي من عمل مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG) في المملكة العربية السعودية وغيرها. 

تشير أبحاث أريبيان بزنس (Arabian Business) أن السعودية بدأت تستشعر بالفعل أثر الثورة الصناعية الرابعة، حيث بلغت القيمة التقديرية لسوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فيها ما يعادل 32.1 مليار دولار أميركي. على سبيل المثال، فإن التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية تمكنت من تحقيق معدل نمو سنوي مركب بنسبة 30% خلال السنوات الخمس الأخيرة، بقفزة بلغت 60% بين عاميّ 2019 و2020، فقد بلغت قيمتها السوقية السنوية نحو 19 مليار ريال سعودي

خطا سعودية ثابتة نحو المستقبل الرقمي بما يحقق رؤية 2030

 لقد استجابت الدولة لمتطلبات الاقتصاد الرقمي، فقد توسعت رؤية السعودية 2030 – وهي الخطة الأساسية للمملكة لتحقيق التحول الوطني – لتشمل استراتيجيات الرقمنة، بما في ذلك استراتيجية قطاع تقنية المعلومات والاتصالات 2030، واستراتيجية التحول الرقمي، واستراتيجية الأمن السيبراني. ووفقاً لمنصة غالف بزنس (Gulf Business)، فقد أعلنت الدولة في 2022 عن استثمارات إضافية بقيمة 6.4 مليار دولار في العديد من التقنيات والأعمال الريادية المستقبلية.

خطا سعودية ثابتة نحو المستقبل الرقمي بما يحقق رؤية 2030
حقوق الصورة: مجموعة بوسطن الاستشارية.

برنامج جيل طموح في نسخته الرابعة

المستقبل ينادينا. لذا، فإن برنامج جيل طموح، وهو برنامج سنوي من مجموعة بوسطن الاستشارية لتطوير أكثر طلاب الجامعات موهبةً في المملكة العربية السعودية وتحفيزهم وإلهامهم، يقدم يد العون للجيل الجديد من القادة لتلبية ذلك النداء. 

صُمِّم البرنامج، الذي تم إطلاقه لأول مرة عام 2019، لصقل المهارات القيادية والمهنية والشخصية. الأهم من ذلك كله، هو أنه من خلال إشراك موظفي المستقبل وقادة الفكر والمؤسسات السعودية البارزة، فإن هذا البرنامج يضمن لطلاب الجامعات الذين هم على وشك التخرج تنمية المهارات التي ستصبح ضرورية لهم في المستقبل الرقمي. 

منذ العام 2019، رحب برنامج جيل طموح بانضمام أكثر من 400 طالب من أبرز الجامعات السعودية، مع الحفاظ على تكافؤ عددي بين الإناث والذكور تماشيًا مع سياسته في شمول الجنسين. ويتمتع المشاركون بخلفيات متنوعة الاختصاصات، مثل الهندسة، والأعمال، والعلوم، وغيرها. كما أن الكثيرين منهم مشاركون في الجمعيات الطلابية، والنشاطات اللاصفية، والمبادرات القيادية، والبرامج التطوعية. 

وتحت شعار "بناء المهارات من أجل المستقبل" أطلق برنامج جيل طموح نسخته الرابعة ضمن حدث افتتاحي دام ليومين في الربع الأول من هذا العام. وقد تركزت المواضيع حول التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والمناخ والاستدامة والابتكار، مع استعداد برنامج جيل طموح لضمان الارتقاء بشباب اليوم ليصبحوا قادة الغد في المستقبل الرقمي. 

وقد تحدث الشريك والمدير المساعد للتحول الرقمي في مجموعة بوسطن الاستشارية، رامي رياض مرتضى، عن "المدن الذكية: تسريع المسار باستخدام التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي"، بينما أدار المدير المفوض والشريك في مجموعة بوسطن الاستشارية، فيصل حمادي، جلسةً حول "الفضاء: حدود الإنسانية التالية ". وقاد مدير معهد مجموعة بوسطن الاستشارية للتنظيم، إيف مورو، جلسةً عن "ثورة الإنتاجية" والتي سلطت الضوء على الإنتاجية الترابطية كوسيلة لإطلاق القدرات الكاملة للتقنيات الرقمية. 

قاد رئيس معهد هندرسون التابع لمجموعة بوسطن الاستشارية (BHI)، مارتن ريفز، جلسةً حول الابتكار، ووجه الطلاب نحو استثمار مخيلتهم وتسخير قدراتها للتوصل إلى أساليب جديدة ومبتكرة لتحقيق النجاح. كما سيحصل الطلاب أيضًا على نسخة من كتاب مارتن الجديد "آلة الخيال: كيفية إيجاد أفكار جديدة خلاّقة، لمستقبلٍ أكثر إشراقاً لشركتك" (The Imagination Machine: How to Spark New Ideas and Create Your Company's Future.)، الصادر عن مطبعة هارفارد بالإنجليزية، كما نشرته هارفارد بزنس ريفيو بالعربية.

السعوديون ومستقبل العمل بعد الجائحة

لقد بدأت بالفعل تتشكل ملامح الثورة الصناعية الرابعة بتغييرها العلاقة بين الأفراد ومكان العمل – وهو توجه زادت وتيرته بسبب جائحة كورونا. وتمثل المملكة العربية السعودية دراسة حالة مهمة للغاية، فوفقًا لدراسة أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية واعتمدت على استقصاء الكفاءات وتحليلها، فإن القوى العاملة في المملكة العربية السعودية تطلب المزيد من المرونة والاستقلالية والجدوى الواضحة، حيث يرغب 48% من السعوديين بالعمل عن بعد لأكثر من 3 أيام في الأسبوع، مقابل 33% من أقرانهم في العالم. كما أنهم على دراية بمخاطر مسيرة التطور التقني، حيث يشعر 32.7% من المشاركين السعوديين في هذا الاستقصاء بأن فرص أتمتة عملهم قد زادت في 2020. 

يستجيب جيل طموح لهذه التغيرات من خلال مساعدة قادة المستقبل على أن يصبحوا أكثر مرونة في مواجهة موجات الزعزعة التقنية، إلى جانب بناء ما يلزم من المهارات والالتزام بالاستفادة من الفرص الجديدة. يعتمد جيل طموح على أبحاث مجموعة بوسطن الاستشارية في تنمية المهارات، بما فيها إطار هيكل المهارات المستقبلية (Future Skills Architect) الذي تقدمه مجموعة بوسطن الاستشارية، حيث يقدم هذا الإطار رؤية ثاقبة عن مخزون المهارات والكفاءات السعودية الحالية، ويطابقها مع الاحتياجات الاقتصادية الحالية والمستقبلية، وذلك لتحديد الفجوات القائمة وسدها. 

وتُظهر أبحاث مجموعة بوسطن الاستشارية أن الشباب السعودي يقدرون روح المبادرة نحو ريادة الأعمال، حيث يقول 40% من الشباب السعودي إنهم يرغبون في إطلاق شركاتهم الخاصة خلال خمس سنوات، وهنا أيضًا يضع برنامج جيل طموح بين أيدي هؤلاء الشباب خبرات قيّمة في بناء المهارات والعلاقات والممارسات المؤسسية التي ستخدم رواد الأعمال المستقبليين بصورة جيدة. كما أن هذا البرنامج ينسجم مع رؤية المملكة 2030 التي تدعو إلى زيادة مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي من 20% إلى 35%. لقد ارتفع عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة من 447,000 في 2016 إلى 614,000 شركة في 2020، وهو دليل إضافي على تنامي ثقافة ريادة الأعمال. 

إن طبيعة العمل تميل أيضًا نحو زيادة الوظائف في المجالات التقنية. على سبيل المثال، فإن وظائف التجارة الإلكترونية تؤمِّن فرصًا رائعةً للشباب السعودي. وتظهر أبحاث مجموعة بوسطن الاستشارية أن شركة أمازون (Amazon) أعلنت مؤخراً عن 3,400 وظيفة جديدة في السعودية، كما أن السعوديين يشكلون 60% من القوة العاملة الدائمة لدى أمازون في البلاد، حتى أن الأرقام تبدو أكثر إيجابية فيما يتعلق بالشركات المحلية، حيث تؤمِّن شركة نون (Noon.com) العمل لنحو 8,000 شخص، وتحافظ على أحد أعلى معدلات "التوطين" في القطاع الخاص. ورغم أن هذه الفرص تبدو واعدة، إلا أنها أيضًا تتطلب قوة عاملة تمتلك المهارات والقدرة على الاستفادة من هذه الفرص. 

السعوديون ومستقبل العمل بعد الجائحة
حقوق الصورة: مجموعة بوسطن الاستشارية.

جيل طموح وتحضير السعوديين للمستقبل الرقمي

لمساعدة آخر مجموعات المشاركين على تنمية هذه المهارات، أقام برنامج جيل طموح معسكرًا تحضيريًا للعمل على المشاريع (Case Prep Bootcamp) للمرة الأولى. ويتم في هذا المعسكر التحضيري تحسين المهارات المتعلقة بالابتكار العملي وحل المشكلات، حيث يتضمن أيضًا إجراء مقابلات مع حالات معينة وتمارين استنباط الحلول لعدد من المسائل في إطار التدريب. كذلك، يجهز المعسكر الحالات من خلال إعداد أفراد "جيل طموح" للمشاركة في مقابلات الزملاء المبتدئين الزائرين مع مجموعة بوسطن الاستشارية، ما يمنحهم دخولاً سريعًا إلى عالم الاستشارات وحل المشكلات. يُعد بناء الجسور بين الكفاءات الشابة والمؤسسات التي تسعى إلى توظيف القادة المستعدين للعصر الرقمي أمرًا أساسيًا في مهمة برنامج جيل طموح، وقد أدى ذلك إلى انطلاق مبادرات مثل معارض التوظيف الافتراضية المدمجة ضمن برنامج المبادرة.

يمثل تزويد الجيل الجديد بهذه المهارات اللازمة للتعامل مع المستقبل الرقمي تحديًا عالميًا، وهو تحدٍّ يحتاج إلى عمل متضافر على جميع المستويات، إضافة إلى التعاون بين القطاعين العام والخاص. ومن خلال برنامج جيل طموح، تبين مجموعة بوسطن الاستشارية أن الإجراءات الموجهة يمكن أن تساعد على بناء قادة جاهزين للاستفادة من الفرص التي سيتيحها المستقبل الرقمي، ومساعدة المملكة العربية السعودية على تحقيق طموحاتها في التحول الرقمي.

المحتوى محمي