كشفت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة شاومي (Xiaomi)، يوم الجمعة الماضي، النقاب عن مجموعة من ابتكاراتها الجديدة التي تضمنت هاتفاً قابلاً للطي وجهازاً لوحياً وساعة ذكية ذات تصميم جذاب. لكن المفاجأة التي لفتت الأنظار خلال المؤتمر الذي عقدته الشركة في بكين هي روبوت ذو هيئة بشرية تقول إنه يستطيع اكتشاف مشاعر البشر والتفاعل معهم. وقد أثار ظهور هذا الروبوت الجديد المُسمى سايبر وان (CyberOne) على خشبة المسرح مقارنات فورية بينه وبين روبوت شركة تسلا المنتظر "أوبتيموس" (Optimus)، الذي من المقرر أن نرى النموذج الأولي منه خلال "يوم تسلا الثاني للذكاء الاصطناعي"، المقرر يوم 30 سبتمبر القادم.
اقرأ أيضاً: تعرف على الفائز في مسابقة كأس العالم للروبوتات
سايبر وان
أوضحت شاومي، في بيان صحفي، أن طول "سايبر وان" يبلغ 177 سم، ووزنه 52 كغ، وقد تم تجهيزه بوحدة رؤية عميقة مدمجة مع خوارزمية ذكاء اصطناعي تفاعلية. وأضافت أن الروبوت قادر على إدراك الفضاء ثلاثي الأبعاد، بالإضافة إلى التعرف على الأفراد والإيماءات والتعبيرات، ما يسمح له ليس فقط برؤية بيئته المحيطة وإنما معالجتها أيضاً.
للتواصل مع العالم، تم تجهيز "سايبر وان" بمحرك للتعرف على دلالات البيئة ومحرك للتعرف على المشاعر الصوتية، ما يمكّنه من التعرف على 85 نوعاً من الأصوات و45 تصنيفاً للعواطف البشرية. وبالتالي فهو "قادر على اكتشاف السعادة ومواساة المستخدم في أوقات الحزن"، على حد قول الشركة.
وأخيراً، تم دمج كل هذه الميزات في وحدات معالجة "سايبر وان"، التي يتم إقرانها مع شاشة أو إل إي دي (OLED) منحنية لعرض معلومات تفاعلية في الوقت الفعلي. وتقول شاومي إن قدرات الذكاء الاصطناعي والقدرات الميكانيكية التي يتمتع بها هذا الروبوت كلها مطورة ذاتياً في مختبر شاومي للروبوتات (Xiaomi Robotics Lab).
خلال الحدث الذي أقامته شاومي للإعلان عن "سايبر وان"، ظهر الروبوت على المسرح وهو يخطو خطوات سريعة باتجاه الرئيس التنفيذي للشركة لي جون، ثم يهديه زهرة. وقد أظهر بالفعل قدرات تفاعلية جيدة، حيث أجاب عن أسئلة مختلفة وجهها إليه جون، بل وقال بشكل واضح إنه تعلم المشي للتو، وإنه يتعلم الكونغ فو أيضاً.
لكن لا يجب أن تضحك على هيئة "سايبر وان" أو طريقة مشيته، فقد يصبح سيدك الجديد يوماً ما، بحسب التعليق الساخر للكاتب ستان شرودر في موقع ماشابل.
اقرأ أيضاً: هل يمكن امتلاك الذكاء الاصطناعي فعلياً دون أن نفهم الدماغ البشري أولاً؟
وبعد العرض، عبّر الرئيس التنفيذي للشركة عن مشاعره المختلطة بين التوتر والحماس بسبب التفاعل مع الروبوت أمام الجمهور على المسرح.
الروبوت الجديد هو الثاني في سلسلة سايبر (Cyber) التي أطلقتها الشركة، حيث تمتلك شاومي أيضاً روبوتاً رباعي الأرجل على شكل كلب أليف يُسمى سايبر دوج (CyberDog)، لكن الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها "سايبر وان" تجعله يمثل علامة على طموحات شاومي المتزايدة في مجال الروبوتات، والتي بدأت بالمكانس الكهربائية وتوسعت منذ ذلك الحين.
ومع ذلك، من المستبعد أن يرى أي منا "سايبر وان" خارج المعارض التكنولوجية قريباً، إذ يقول جون إن الروبوت الواحد يكلف ما بين 89 ألف دولار إلى 104 آلاف دولار، لذلك سوف يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن ترى الشركة أنه مناسب للإنتاج على نطاق واسع.
أوبتيموس
على العكس من ذلك، تعهد الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك، أن يبدأ إنتاج الإصدار الأول من الروبوت "أوبتيموس" في عام 2023، وهو موعد قد يكون طموحاً لدرجة تجعله غير واقعي.
روبوت تسلا الذي سيقارب "سايبر وان" طولاً (170 سم تقريباً) ووزناً (57 كغم)، سيتفوق عليه بشكل كبير في قدرته على الرفع، حيث يمكنه رفع نحو 68 كغم وحمل 20 كغم. بينما لا يمكن لـ"سايبر وان" سوى حمل أشياء خفيفة -كالزهرة التي حملها في حفل تقديمه- لا تزيد على 1.5 كغم بيد واحدة.
من المقرر أن يتعرف "أوبتيموس" على الأشياء في العالم الحقيقي بالاعتماد على نظام أوتو بايلوت (Autopilot) المستخدم بالفعل حالياً في سيارات تسلا الكهربائية، مع تأكيد ماسك على أنه سيتمتع بأجهزة استشعار ومحركات مصممة له خصيصاً، وسيمتلك هو الآخر شاشة على رأسه للتفاعل مع البشر.
وكان الرئيس التنفيذي للشركة قد أوضح خلال يوم تسلا الأول للذكاء الاصطناعي أن أوبتيموس "سوف يقلب فكرتنا عن الاقتصاد رأساً على عقب، وسيمثل حلاً لنقص العمالة. كما أنه سيكون قادراً على فعل أي شيء لا يريد البشر القيام به. وسيجلب عصراً من الوفرة". وفي يناير 2022، أعلن ماسك أن شركته تعطي الأولوية لتطوير أوبتيموس على غيره من المنتجات، مشيراً إلى اعتقاده أنه سيكون أكثر قيمة بالنسبة لتسلا من السيارات على المدى الطويل.
وبمرور الوقت، تخطط تسلا لتحسين قدرات الروبوت على أداء مجموعة واسعة من المهام التي تجعله مفيداً لكل من التطبيقات التجارية والاستهلاكية.
اقرأ أيضاً: دعك من فيديوهات بوسطن ديناميكس المثيرة: هذا الروبوت تعلم المشي بنفسه
وقد نشر ماسك، في وقت سابق، من هذا الشهر صورة دعائية حقيقية للروبوت:
— Elon Musk (@elonmusk) August 7, 2022
قبل تسلا وشاومي: أسيمو وصوفيا
يعكس هذا السباق الجديد بين اثنين من الشركات الكبرى النمو السريع الذي تشهده تطبيقات الروبوتات ذات الهيئة البشرية في مختلف المجالات، من البيع بالتجزئة وإجراء عمليات الصيانة في المصانع وحتى مساعدة كبار السن. وتشير دراسة حديثة إلى أن قيمة سوق الروبوتات البشرية بلغت 1.5 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن تصل إلى 17.3 مليار دولار بحلول عام 2027، مسجلة معدل نمو سنوي مركب قدره 63.5% بين عامي 2022 و2027.
لكن قبل سنوات من الإعلان عن "سايبر وان" و"أوبتيموس"، ظهرت العديد من الروبوتات ذات الهيئة البشرية، واكتسب بعضها شهرة واسعة، مثل أميكا (Ameca). لكننا سنختار هنا اثنين من الروبوتات التي أدت دوراً بارزاً في تطوير هذا النوع من التكنولوجيا، وهما أسيمو وصوفيا:
أسيمو
يُعد الروبوت أسيمو (ASIMO) الذي طوّرته شركة هوندا اليابانية أحد أول الروبوتات ذات الهيئة البشرية في العالم، حيث تم تقديمه للجمهور في عام 2000. وفي عام 2011، تضمن الإصدار الأحدث منه أول تقنية تحكم ذاتي في العالم.
وبعد عقدين من الخدمة، وتحديداً في 17 مارس الماضي، أقيمت مراسم ختامية للروبوت بمناسبة تقاعده. وفي الحفل الأخير الذي أقيم له في المتحف الوطني للعلوم الناشئة والابتكار بالعاصمة اليابانية طوكيو، سار أسيمو وقفز على إحدى قدميه وأدى حركات بهلوانية أخرى. كما غنى بصوته وبلغة الإشارة. وقال الروبوت بعد تلقيه رسالة شكر وزهوراً من مدير المتحف تشيكو أساكاوا وموظفين آخرين: "لدي ذكريات كثيرة عن التعامل مع كثير من الناس. شكراً لكم على هذه السنوات العشرين".
صوفيا
حتى وقت قريب كان يُنظر للروبوت صوفيا (Sophia) على أنها أكثر الروبوتات ذات الهيئة البشرية تقدماً. تم تشغيل صوفيا للمرة الأولى عام 2016، وسرعان ما اكتسبت شهرة واسعة شعبية جارفة بسبب قدراتها على التفاعل مع الناس، فظهرت في مئات اللقاءات والمؤتمرات حول العالم. وفي عام 2017 أصبحت صوفيا -التي تم تصميمها لتشبه الممثلة البريطانية أودري هيبورن- أول مواطن روبوتي في العالم بعدما منحتها المملكة العربية السعودية جنسيتها في أكتوبر من عام 2017.
كان الهدف الأساسي للشركة المطورة هانسون روبوتيكس (Hanson Robotics) التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، أن تتمتع صوفيا بمهارات اجتماعية تؤهلها لتكون رفيقة لكبار السن في دور رعاية المسنين أو لمساعدة الحشود في المناسبات المهمة.
بشكل عام، من المتوقع أن ترتبط الروبوتات ذات الهيئة البشرية بعلاقات وثيقة مع البشر في حياتهم اليومية. لذلك، فإنها يجب أن تكون قادرة على التعامل مع مجموعة متنوعة من المهام والأشياء التي ستواجهها في البيئات الديناميكية غير المنظمة. يجب أن تكون الروبوتات الشبيهة بالبشر المخصصة لتلبية احتياجات كبار السن والأشخاص المعاقين جسدياً آمنة وسهلة الاستخدام. وبالتالي فإنها تحتاج إلى جسم خفيف الوزن يتمتع بمرونة عالية وأنواع كثيرة من أجهزة الاستشعار ومستوى ذكاء عالٍ. وسيعتمد الإدخال الناجح لهذه الروبوتات إلى البيئات البشرية على تطوير مكونات وأدوات زهيدة التكلفة وملائمة للبشر.