نحن نعيش في عصر تتطور فيه التكنولوجيا بسرعة البرق، وأصبح الذكاء الاصطناعي حاضراً بشكلٍ متزايد في الحياة اليومية للأفراد والشركات، وتعتمد عليه الكثير من الشركات في تحليل البيانات الضخمة ومساعدة الرؤساء التنفيذيين والمسؤولين على اتخاذ القرارات.
التطور الذي شهده الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة مذهلٌ للغاية، وفي كثير من المجالات أصبح أكثر دقةً وإنتاجيةً من البشر. فما مدى احتمال أن يساهم في إدارة الشركات وصنع القرار فيها؟
حين نتحدث عن الذكاء الاصطناعي في الإدارة، لا نقصد استبدال المدراء بروبوتات تعمل بالذكاء الاصطناعي، بل نقصد استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل أكبر كمية ممكنة من البيانات المفيدة ومساعدة المدراء على اتخاذ قرارات صائبة، هذا على الأقل ما يتيحه الذكاء الاصطناعي اليوم. لكن في المستقبل، لا أحد يعلم ما سيحصل، ربما سنكون قادرين على استبدال كل المسؤولين بروبوتات آلية.
اقرأ أيضاً: كيف تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات استثمارية أكثر فعالية؟
مشاركة الذكاء الاصطناعي في الإدارة
- في عام 2014، قام صندوق رأسمال مخاطر في هونغ كونغ بتعيين برنامج في مجلس إدارته، هذا البرنامج الذي يدعى فايتال (VITAL) يمكنه تقديم توصيات استثمارية حول شركات علوم الحياة من خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات، يتمتع البرنامج بحقوق أعضاء مجلس الإدارة الآخرين، وهو يصوّت على ما إذا كان الصندوق يجب أن يستثمر في شركة معينة أم لا. وسيكون العضو السادس في مجلس الإدارة.
- في اليابان، عيّنت وكالة الإعلان ماكّان (McCann) برنامجاً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي كمدير إبداعي لحسابات العملاء يوفر التوجيه الإبداعي للإعلانات التجارية.
- أصبحت شركة التكنولوجيا الإسكندنافية تايتو (Tieto) أول شركة أوروبية تقوم بتعيين روبوت ذكاء اصطناعي في وحدة أعمال تعتمد على البيانات. يدعى الروبوت أليسيا تي (Alicia T). وبإمكانه المشاركة في اجتماعات فريق الأعمال والتصويت أيضاً.
لقد تبين أن استخدام الذكاء الاصطناعي بشكلٍ صحيح يساعد الشركات على تحديد نقاط القوة والضعف والفرص المتاحة، وتوقع السيناريوهات المستقبلية. ما يجعله من أفضل الاستثمارات التي تقوم بها الشركات للتميز عن منافسيها.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في جودة اتخاذ القرارات؟
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الإدارة؟
البيانات هي نفط القرن الواحد والعشرين كما يصفها البعض، ولكي تتمكن الشركات من المنافسة، عليها جمع أكبر قدر ممكن من البيانات وتحليلها وتخزينها بشكلٍ صحيح، لكن البشر لا يستطيعون التعامل مع هذه الكميات الضخمة من البيانات، وهنا يُظهر الذكاء الاصطناعي كفاءته، فهو قادر على معالجة البيانات الضخمة بشكل سريع جداً. واستخلاص النتائج منها بسرعة وتقديمها للمدراء حتى يتمكنوا من اتخاذ القرارات الصحيحة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب ألّا ننسى أن الذكاء الاصطناعي لا يكون عاطفياً مثل البشر، وبذلك تكون القرارات التي يوصي باتخاذها منطقية وعقلانية وبعيدة كل البعد عن العاطفة.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي العاطفي: كيف يمكن لآلة أن تدرك مشاعرنا؟
فوائد الذكاء الاصطناعي في الإدارة
هناك العديد من الفوائد لاستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الشركات، دعونا نلقي نظرة على بعض هذه الفوائد:
الحصول على معلومات مفيدة
بفضل السرعة والقدرة على تحليل كميات هائلة من البيانات، يستطيع الذكاء الاصطناعي مساعدة المدراء والمسؤولين في الشركات على استخلاص معلومات مفيدة وصحيحة لاتخاذ قرارات جيدة.
السرعة
من خلال السرعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي بتحليل البيانات، يستطيع المدراء والمسؤولون اتخاذ قرارات صحيحة في حالات الطوارئ حين يتطلب الأمر استجابة سريعة.
تصفية البيانات
يستطيع الذكاء الاصطناعي تمييز البيانات الصحيحة والخاطئة، ويمكن استخدامه كمرشح لمنع البيانات غير المفيدة أو التي يمكن أن تضر بعمل الشركة.
تحسين الإنتاجية
بفضل القدرة على اتخاذ القرارات السريعة، يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية والاستجابة لطلبات العملاء وتغييرات السوق بشكل جيد.
التطور
الذكاء الاصطناعي يتعلم باستمرار من البيانات التي يقوم بتحليلها، وكل يوم يعمل فيها، يصبح أكثر كفاءة وقدرة.
اقرأ أيضاً: ما هو التعلم الآلي؟ لقد رسمنا لك مخططاً تدفقياً آخر
كيف تستطيع الشركات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الإدارة؟
عرفنا الآن أن الذكاء الاصطناعي يساعد المدراء على اتخاذ القرارات الصحيحة بسرعة، وتقديم حلول أكثر بساطة للمشاكل المعقدة، وتحليل كميات هائلة من البيانات بطريقة عقلانية وغير عاطفية. لكن كيف يمكننا تطبيق ذلك؟ كيف تستطيع أي شركة أن تستفيد من قدرات الذكاء الاصطناعي في دعم الإدارة؟
في الحقيقة، لا يوجد نموذج واحد مخصص لاستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الشركات، هناك حاجة إلى تكييف الخوارزميات مع احتياجات كل شركة وأنواع البيانات التي تجمعها.
لذا يجب أن تعتمد كل شركة على خبراء متخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي لتحديد احتياجاتها الخاصة والأدوات التي ينبغي توفيرها والمجالات التي يجب أن يعمل فيها على مساعدة الإدارة.
اقرأ أيضاً: قائمة أبرز خبراء الذكاء الاصطناعي العرب لعام 2022
ما هي سلبيات استخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارة؟
كل ما ذكرناه سابقاً إيجابيات استخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارة. لكن ماذا عن السلبيات؟ هل هناك شيء يجب أن نحذر منه؟
في الحقيقة، ليس هناك شيء واحد ينبغي الحذر منه، بل هناك عدة أشياء منها:
الإدارة غير الإنسانية
بكل تأكيد، يعمل الذكاء الاصطناعي بشكلٍ جيد ويقوم بتحليل البيانات الضخمة ويساعد في اتخاذ قرارات سريعة وصحيحة، لكن ماذا لو كانت القرارات التي يوصي بها غير إنسانية. كأن تزيد الضغط على الموظفين بما يخالف سياسة الشركة في العمل.
في هذه الحالة، لا يجب على الإدارة أن تجعل قرارات الذكاء الاصطناعي أهم من الإنسانية والعواطف. يجب دائماً تحليل عواقب أي قرار وتأثيره على أداء الشركة وموظفيها قبل أن يتم اتخاذه.
خنق الابتكار
عند استخدام الذكاء الاصطناعي، سيكون العمل في الشركات دقيقاً جداً وليس فيه تغييرات كثيرة، لأنه يراقب أي تغيير في العمل ويمنعه. هذا يجعل الموظفين والعمال في الشركة أشبه بالروبوتات، ويتسبب في خنق الابتكار.
لتجنب ذلك، يجب عدم استخدام الذكاء الاصطناعي في كل جوانب إدارة الشركات، ومنح الموظفين والعمال حرية في العمل، ودعم الابتكار بشكلٍ أكبر.
التحيز
يعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على البيانات التي تدرب عليها. هذه البيانات قد تكون خاطئة أو متحيزة نحو فئات معينة من البشر. هذا التحيز قد يؤثر بشكل سلبي على عمل الشركة إذا وصل إلى مستوى الإدارة، إذ يؤدي إلى التمييز بين الموظفين والعمال في الشركة أو التمييز بين عملاء الشركة.
لتجنب التحيز في اتخاذ القرارات، يجب تدريب الذكاء الاصطناعي باستخدام بيانات دقيقة وصحيحة وغير متحيزة.
المخاطر السيبرانية
كلما تحولت الشركة أكثر نحو الرقمنة واستخدام التكنولوجيا الحديثة، أصبحت أكثر عرضة للهجمات السيبرانية. لذلك، يجب على الشركة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي انتهاج استراتيجية فعالة في مجال الأمن السيبراني وتخزين بياناتها في مكان آمن ومنع الوصول غير المصرح به.
اقرأ أيضاً: أحدث التهديدات السيبرانية التي تواجه الشركات في 2022
مستقبل الإدارة باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
المخاوف التي يبديها البعض من سيطرة الذكاء الاصطناعي على إدارة الشركات والمؤسسات وتهديد مكانة البشر تعيد إلى الأذهان المخاوف التي ظهرت منذ قرون مع بداية الثورة الصناعية، حين أبدى الكثيرون قلقهم من أن تؤدي الآلات إلى الاستغناء عن البشر.
حالياً، يشعر الكثيرون بالقلق من أن الذكاء الاصطناعي سيشغل الكثير من الوظائف في الشركات والمعامل، وهناك حديث عن شغله لمناصب إدارية.
بكل تأكيد، سيؤدي دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجالات العمل المختلفة لتغيير في طريقة العمل. لكن ذلك سيشكل قيمة إضافية لعمل البشر. ولن يؤدي بالضرورة إلى الاستغناء عنهم، على الأقل في المستقبل القريب.
أضف إلى ذلك أن استخدام الذكاء الاصطناعي سيوفر على المسؤولين الكثير من الوقت والجهد، وبذلك سيكونون قادرين على قضاء وقت أطول في الإبداع أو حل مشكلات أكثر تعقيداً، ما سيساهم في تحسين العمل وجعله أكثر إنتاجية.
اقرأ أيضاً: هل يشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لوظائف البشر؟
لا أحد يعلم ما يخبئه لنا المستقبل البعيد، ربما سيصل الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة متقدمة من التطور تجعله قادراً على أن يحل مكان المدراء في الشركات.