تعد البطاريات الكمومية فئة جديدة من البطاريات القادرة على الاحتفاظ بكميات هائلة من الطاقة وتُشحن خلال فترة قصيرة جداً. تعتمد هذه البطاريات على مبادئ فيزياء الكم، وهو العلم الذي يدرس الجسيمات متناهية الصغر التي لا تنطبق عليها دائماً قوانين الفيزياء الكلاسيكية.
يمكن للبطاريات الكمومية أن تحدث ثورة في تخزين الطاقة يوماً ما. يقول العلماء إنه كلما زاد حجم البطارية الكمومية، ستزداد سرعة شحنها. وذلك بفضل إحدى ظواهر فيزياء الكم المعروفة باسم الامتصاص الفائق.
الامتصاص الفائق هو مفتاح إنشاء البطارية الكمومية. وهو يمنح الجزيئات القدرة على امتصاص كميات هائلة من الطاقة بسرعة كبيرة للغاية، بذلك نستطيع إنتاج بطاريات بقدرات خارقة.
كانت ظاهرة الامتصاص الفائق معروفة نظرياً منذ زمن، لكن حتى الآن، لم يتمكن العلماء من جعلها قابلة للاستخدام، إلا أن بعض الأبحاث العلمية تقدم أفكاراً واعدة.
اقرأ أيضاً: هل ما زالت الحوسبة الكمومية مجرد ضجيج إعلامي فارغ؟
حلم المليون ميل
هل سمعت سابقاً بحلم المليون ميل؟ إنه مصطلح نظري يعني صناعة بطارية قادرة على جعل سيارة تسير مسافة مليون ميل دون الحاجة لإعادة شحنها. يقول العلماء إن تحقيق هذا الحلم ممكن بالاعتماد على مبادئ فيزياء الكم.
إذا كنا قادرين على إنتاج بطاريات كمومية، سيكون ذلك سبقاً في مجال الطاقة والعديد من الصناعات، فلن يكون أصحاب السيارات الكهربائية بحاجة إلى إعادة شحن البطاريات إلا كل عامين وربما أكثر، وسوف تستغرق عملية الشحن فترة قصيرة، أقل بكثير من الفترة التي نحتاجها لشحن أي من البطاريات المستخدمة حالياً.
وبالنسبة للاستخدام، لن تكون البطاريات الكمومية مخصصة للسيارات فقط، بل يمكن استخدامها لتخزين الطاقة في أي أجهزة مثل الهواتف المحمولة والحواسيب والخلايا الشمسية وغيرها.
اقرأ أيضاً: ما هي بطاريات الجرافين؟ وكيف ستجعل صناعة السيارات الكهربائية والهواتف الذكية أكثر صداقة للبيئة؟
جهود تطوير البطاريات الكمومية
يعمل الكثير من الباحثين والعلماء في عدة جامعات وشركات ناشئة حول العالم على تطوير البطاريات الكمومية. وبحسب نتائج الأبحاث والتجارب، يمكننا القول إننا اقتربنا من تحقيق اختراق في هذا المجال.
لكن ذلك لا يعني أن هذه البطاريات ستكون متاحة للاستخدام التجاري قريباً، ربما سنحتاج إلى عدة عقود قبل أن نراها في أجهزتنا وسياراتنا. السبب هو أن هذه البطاريات تعتبر معقدة للغاية، وسوف نحتاج إلى فترة طويلة حتى تتمكن الشركات من تكييفها مع الأجهزة المختلفة.
هناك أيضاً حاجة إلى فهم آلية ومبدأ عمل هذه البطاريات بدقة، فنحن لا نستطيع أن نرى التفاعلات التي تحدث داخلها لأنها تحتوي على جزيئات متناهية الصغر من المستحيل رؤيتها حتى بأحدث المجاهر المتطورة، لذلك، يعمل علماء ومهندسون من شركة آي بي إم (IBM) الأميركية وشركة مرسيدس بنز (Mercedes Benz) الألمانية على إنشاء نظام لمحاكاة التفاعلات الجزيئية التي تحدث داخل البطارية وفهم آلية عملها بدقة.
اقرأ أيضاً: شركة ناشئة تسعى لزيادة كمية الطاقة في بطاريات السيارات الكهربائية
الفرق بين البطاريات الكمومية والبطاريات العادية
تعد البطاريات الكمومية أكثر تعقيداً بكثير من البطاريات العادية، وهي تعتمد بشكلٍ رئيسي على مبدأ الامتصاص الفائق.
تتميز البطاريات العادية التي نستخدمها اليوم بأنها كلما زاد حجمها، احتاجت إلى وقت أطول لشحنها. أما البطاريات الكمومية فهي تعمل بشكلٍ معاكس، فكلما كنا قادرين على إضافة جزيئات تتميز بالامتصاص الفائق، ستكون البطارية قابلة للشحن بسرعة أكبر، هذا يعني أن شحن بطارية كمومية كبيرة بحجم سيارة سيكون أسرع من شحن بطارية كمومية صغيرة في هاتف محمول.
قدرات خارقة
ما ستقدمه البطاريات الكمومية سيؤدي بكل تأكيد لنقلة نوعية أو ثورة في علم تخزين الطاقة والتكنولوجيا، لا نعلم متى سيتحقق ذلك، لكن من المؤكد أن هذا سيكون سبقاً تاريخياً، فقط تخيل أنك بفضل هذه البطاريات، ستكون قادراً على استخدام هاتفك المحمول لعدة أشهر وربما سنوات دون الحاجة لإعادة شحنه، تخيل أيضاً أنك تستطيع السفر بسيارتك الكهربائية آلاف الكيلومترات دون أن تخسر سوى القليل من طاقة بطارية السيارة المخزنة.
اقرأ أيضاً: هل يمكن للبطاريات البلاستيكية أن تساعد في تخزين الطاقات المتجددة على الشبكات الكهربائية؟
باختصار، تطوير هذه البطاريات وإتاحتها تجارياً وتكيفها مع الأجهزة المختلفة سيوفر لنا حلاً لمشكلة توفير الطاقة، بالإضافة إلى إنهاء مشكلة تغير المناخ الناجمة عن اعتمادنا على الوقود الأحفوري، كما سيقلل من كمية النفايات الناجمة عن صناعة البطاريات العادية والتخلص منها.