توسعت استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال الطب كثيراً، وقد وجد طريقه إلى طب الأسنان أيضاً، فقد دخل مجال التشخيص، ووضع خطط العلاج وتنظيم بيانات المرضى، وغيرها الكثير من التطبيقات.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان
بحسب جمعية طب الأسنان الكندية، يمكن تطبيق الذكاء الاصطناعي في عيادة طبيب الأسنان لمساعدته في العديد من مهامه وتبسيطها:
الأشعة
تُعدّ صور الأشعة السينية المعيار الرئيسي الذي يحتاجه طبيب الأسنان للتشخيص. يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على الشبكات العصبونية التلافيفية التي تم تدريبها على صور الأسنان الشعاعية اكتشاف وتحديد الهياكل التشريحية للأسنان وتسميتها بدقة تبلغ 95.8-99.45%، بينما يستطيع أطباء الأسنان ذوو الخبرة تحديدها بدقة 99.98%، بذلك تكون دقة النماذج قريبة جداً من القدرات البشرية. أيضاً، بالتدريب على 3 آلاف صورة شعاعية، تمكنت شبكة عصبونية تلافيفية أخرى من الكشف عن تسوس الأسنان والنخور بدقة 75.5-93.3%. في هذه الحالة، يكون الذكاء الاصطناعي مساعداً في التشخيص لطبيب الأسنان الذي لم يمتلك الخبرة الكبيرة بعد في قراءة صور الأشعة.
أيضاً، أوجد باحثون من معهد إم آي تي للتكنولوجيا برنامجاً معتمداً على الذكاء الاصطناعي يسمى أوفرجيت (Overjet)، يحلل صور الأشعة تلقائياً، ووضع السن ومستوى فقدان العظام مع تراكبات الألوان، وموقع وشدة النخور، وغيرها من القراءات التي تهم طبيب الأسنان.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي قد يؤدي لأخطاء كارثية في التشخيص الطبي الشعاعي
تقويم الأسنان
يحتاج تركيب تقويم الأسنان غالباً إلى قلع بعض الأسنان لتسير عملية التقويم بالشكل الصحيح. وعلى الرغم من أهمية ذلك، فإن قلع أحد الأسنان ليس بالقرار السهل للطبيب، لأنه خيار لا رجعة فيه. للمساعدة في اتخاذ القرار يمكن استخدام نماذج ذكاء اصطناعي لتحديد الحاجة إلى قلع الأسنان قبل العلاج بالتقويم.
تمتعت هذه النماذج بدقة تتراوح من 80 حتى 93% لدى المرضى الذين يحتاجون إلى تقويم الأسنان.
اللثة
تصاب اللثة بمرض يسمى التهاب دواعم السن، يوجد لهذا المرض شكل عدواني وشكل مزمن. لا يمكن التمييز بين النوعين سريرياً أو مخبرياً أو حتى وراثياً، لكن أصبح بالإمكان التمييز بينهما باستخدام الذكاء الاصطناعي وبنسبة 90-98%.
علاج جذور الأسنان
أحياناً، تُصاب قنوات جذر الأضراس السفلية بالنخور وغيرها من إصابات الأسنان، ويكون على الطبيب معالجتها، لكن قد يصعب عليه معرفة وجود قنوات جذر غير معالجة بعد. للتأكد من ذلك يطلب الطبيب التصوير المقطعي المحوسب ذي الحزمة المخروطية (CBCT)، لكن في طريقة التصوير هذه يتعرض المريض لجرعة عالية من الإشعاع مقارنة بالصور الشعاعية التقليدية، لذلك لا يُفضل اللجوء إليه كثيراً. باستخدام الذكاء الاصطناعي، أصبح بإمكان الأطباء تحديد ما إذا كان الجذر البعيد للضرس في الفك السفلي يحتوي على قناة إضافية واحدة أو أكثر في حاجة للعلاج بدقة عالية نسبياً تبلغ 86.9%.
اقرأ أيضاً: كيف دخلت تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي غرف العمليات الجراحية؟
سرطان الفم
يصيب الفم آفات قد تكون سرطانية، ومن المهم تشخيصها مبكراً، لأن التشخيص المبكر يزيد فرص الشفاء. يمكن باستخدام أحد نماذج الذكاء الاصطناعي، التمييز بين ورمين يصيبان الفك العلوي، هما الأورام الأرومية المينائية وأورام الكيراتين. يظهر هذان الورمان متشابهين في الصور الشعاعية، لكن خصائصهما السريرية مختلفة. كانت دقة التشخيص 81.8% للأول و83.3% للثاني، وكانت 81.1% و83.2% للورمين على التوالي بالنسبة لتشخيص الأطباء المختصين. الأهم من ذلك، سرعة التشخيص، فقد استغرق المختصون 23.1 دقيقة في المتوسط للوصول إلى التشخيص، بينما حقق النموذج نتائج مماثلة في 38 ثانية.
التواصل مع المرضى وتحديد المواعيد
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للتواصل مع المرضى وتحديد المواعيد بعد تحليل البيانات من سجلات المرضى وتحديد أولئك الذين لم يكتمل علاجهم بعد، ثم الاتصال بهم وتحديد مواعيد تناسبهم، كل ذلك عبر بوتات الدردشة.
شركات التأمين
تستخدم شركات التأمين الذكاء الاصطناعي للكشف عن الطلبات الاحتيالية. على سبيل المثال، تستخدم شركة بيرل، وهي شركة برمجيات لطب الأسنان، الذكاء الاصطناعي للإبلاغ عن طلبات التأمين التي تستخدم صور الأشعة السينية ذاتها المستخدمة في طلبات سابقة.
اقرأ أيضاً: في عصر الذكاء الاصطناعي: كيف يمكنك العيش طويلاً؟
فائدة توظيف الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان
ما سبق يمكن القول إن استخدام الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان يعود على المختصين والمرضى بفوائد عديدة:
- قراءة صور الأشعة.
- التشخيص الدقيق لتسوس الأسنان وأمراض اللثة وسرطان الفم.
- توحيد خطط العلاج.
- وضع خطط علاجية دقيقة.
- تحديد المواعيد للمرضى.
التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في مجال طب الأسنان
يواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في عيادات طبيب الأسنان تحديات كبيرة، أبرزها:
خصوصية بيانات المرضى
أكبر تحدٍ يواجهه الذكاء الاصطناعي في المجالات الطبية عموماً هو خصوصية بيانات المرضى الشخصية، فهي ضرورية من أجل تدريب النموذج الأولي والتدريب المستمر وصولاً إلى التحقق من صحته وتحسينه. وقد تتم مشاركة هذه البيانات بين مؤسسات طبية مختلفة مع مشاركة نماذج الذكاء الاصطناعي، لذلك يجب أن تبقى بيانات المرضى الشخصية مجهولة المصدر.
المُساءلة القانونية
المُساءلة هي من التحديات الأخرى، فلو واجه مريض عواقب غير مقصودة ناتجة عن خطأ من الذكاء الاصطناعي من الذي يتحمل المسؤولية؟ لذلك يجب إنشاء آليات للتحكم في جودة الخوارزميات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، يتم من خلالها تنظيم الابتكار الآمن وسلامة المرضى.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي في الطب: خطر التحيز يهدد تطبيقاته الواسعة
الشفافية
تعتمد جودة التنبؤات التي تقدمها أنظمة الذكاء الاصطناعي على دقة البيانات المستخدمة في التدريب، لأن البيانات غير الدقيقة تؤدي إلى تنبؤات غير صحيحة، وبالتالي نتائج وتشخيصات خاطئة، لذلك يجب أن يراقب طبيب الأسنان صحة التنبؤات ودقتها باستمرار، فالقرار النهائي بشأن التشخيص والعلاج يعود له، وما الذكاء الاصطناعي سوى مجرد أداة مساعدة.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يساهم في حل ألغاز كوفيد-19 طويل الأمد
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل طبيب الأسنان
يحتل الذكاء الاصطناعي مكان البشر في العديد من الوظائف، فهل سيكون هذا مصير أطباء الأسنان؟ الإجابة هي لا؛ لأن الذكاء الاصطناعي يقتصر على المساعدة في قراءة صور الأشعة وتحديد خطط للعلاج وتحديد مواعيد للمرضى، وهذا جزء بسيط من أعمال طبيب الأسنان. فالعلاج كله بيده، ناهيك عن أن الطبيب يجب أن يتحقق من كل تنبؤ أو قرار يتخذه الذكاء الاصطناعي.