بعد انهيار أسعار NFT: هل هي بداية نهاية صناعة الرموز غير القابلة للاستبدال؟

4 دقائق
بعد انهيار أسعار NFT: هل هي بداية نهاية صناعة الرموز غير القابلة للاستبدال؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Rokas Tenys

بعد أن شهدت الرموز غير القابلة للاستبدال ارتفاعاً جنونياً لأول مرة خلال العام الماضي 2021 بقيمة سوقية وصلت إلى أكثر من 11 مليار دولار منذ ظهورها قبل أكثر من عقد، بدأ مستثمرو الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) يختبرون الجانب السيئ والخطير من هذه السوق، حيث شهدت أسواق NFT تراجعاً كبيراً خلال الفترة الماضية بعد انخفاض المبيعات ومعها انخفضت أسعار أشهر الرموز بشدة، وهذا يرجع بحسب العديد من المراقبين إلى انحسار تأثير الفقاعة ونضوج السوق، ولكن السبب البارز والأهم هو الانخفاض الحاد في سوق العملات المشفرة طوال الفترة الماضية.

ما هي تفاصيل انهيار سوق الرموز غير القابلة للاستبدال؟

لأول مرة منذ شهر يونيو من العام 2021، سجل سوق الرموز غير القابلة للاستبدال مبيعات تقل عن مليار دولار، ووفقاً لمتتبع سوق NFT (CryptoSlam)، انخفضت مبيعات NFT منذ أبريل بنسبة 150% بشكل عام، بينما انخفض متوسط ​​سعر NFT من 589 دولاراً في أبريل إلى 192 دولارًا في يونيو، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 67% من القيمة، كما يشهد عدد المعاملات التي تحدث في السوق انخفاضاً كبيراً من 62 معاملة إلى 27 معاملة في اليوم.

وفي تقرير آخر لمتتبع البيانات (DappRadar)، شهد سوق "أوبن سي" (OpenSea) والذي يعتبر أكبر سوق للرموز غير القابلة للاستبدال في العالم انخفاضاً كبيراً في حجم المبيعات وصل إلى 75% منذ شهر مايو الماضي، كما تراجعت أسعار الرموز الأكثر مبيعاً والتي كان الطلب عليها مرتفعاً عند إطلاقها في شهر مايو بنحو 30% في آخر 30 يوماً، وفي الوقت ذاته أظهرت بيانات (BAYC's) أن قيمة "أسعار الأرضية" (Floor Price)، والتي يتم استخدامها لقياس مدى شعبية مجموعات الرموز غير القابلة للاستبدال المختلفة، انخفاضاً أيضاً بنسبة 33% تقريباً في نفس الوقت.

اقرأ أيضاً: كيف يتم تحديد أسعار الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT)؟

ما هي أسباب الانهيار الحاد في أسعار NFT؟

يرتبط انخفاض أسعار الرموز غير القابلة للاستبدال بشكل وثيق مع الانهيار غير المسبوق الذي شهده سوق العملات الرقمية المستقرة، والإفلاس المحتمل لكبرى شركات إقراض العملات المشفرة الشهيرة مثل شركة "سيلزيوس نت ورك" (Celsius Network) التي أوقفت عمليات السحب مؤقتاً، حيث لديها أكثر من 11 مليار دولار من الأصول المشفرة، و شركة "بابل فاينانس" (Babel Finance)   التي بدأت في خسارة العديد من الموظفين الرئيسيين بعد أسابيع فقط من تعليق الشركة لعمليات السحب.

بالإضافة إلى قرب إعلان إفلاس صندوق استثمار العملات المشفرة "ثري أروس كابيتال"  (Three Arrows Capital)   الذي كان لديه ما يقرب من 10 مليار دولار أميركي في وقت سابق من هذا العام، كما بدأ العديد من المستثمرين بتجنب المشاريع المتعلقة بالعملات المشفرة، حيث بدؤوا في التخلص من عملة "الإيثر" الرقمية المشفرة، والتي تستخدم بشكل خاص في شراء الكثير من أغلى الرموز غير القابلة للاستبدال في العالم.

اقرأ أيضا: كيف تصنع صور NFT وتحقق الربح من إنشاء الرموز غير القابلة للاستبدال؟

وفي هذا الصدد يذكر رئيس الأبحاث في شركة "ديب رادار" (DappRadar) التي تقوم بتتبع عمليات التداول في أسواق الرموز غير القابلة للاستبدال "بيدرو هيريرا": "بلا شك، انخفض سوق الرموز غير القابلة للاستبدال بشكل حاد في شهر يونيو الماضي، وفي حين أن السوق الآن أكثر نضجاً، فمن الإنصاف القول إن المستثمرين في الأسابيع الأخيرة كانوا يبحثون عن أماكن أكثر أماناً لوضع أموالهم وسط انهيار مشروع شبكة تيرا Terra والشائعات المتعلقة بتصفيتها".

كما أتي الهجوم الحاد من مؤسس شركة مايكروسوفت "بيل جيتس" على الرموز غير القابلة للاستبدال والعملات المشفرة ليلقي المزيد من الشكوك حول هذا النوع من الاستثمارات، حيث وصفها بأنها: "تعتمد بنسبة 100% على نظرية خداع كبرى"، وأضاف أنه يفضل الاستثمار في الأصول الملموسة أو "شركة تصنع منتجات حقيقية"، وأكد أنه "لا يمتلك أي عملات رقمية مشفرة ولا يرغب حقاً الدخول في هذا المجال حالياً أو مستقبلاً"، كما شكك أن مثل هذه الأصول يتم تصمميها لتجنب دفع الضرائب أو الإفلات من القواعد المنظمة الحكومية.

بالإضافة إلى ذلك، مع تعرض سوق العملات الرقمية المشفرة لضغوط مستمرة، ووسط التقلبات في أسواق الأسهم ومخاوف من ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، قللت كل هذه العوامل بشدة من الرغبة في الاستثمار في الأصول ذات المخاطر العالية بما في ذلك أسهم شركات التكنولوجيا والعملات الرقمية بشكل عام، والرموز غير القابلة للاستبدال بشكل خاص.

اقرأ أيضاً: ما هي العملات الرقمية؟ وهل ستكون بديلاً للعملات الورقية التقليدية؟

الواقع يؤثر على تكنولوجيا الرموز غير القابلة للاستبدال

يُظهر التباطؤ الذي ورد في موقع (NonFungible) انخفاضاً في حجم المعاملات بنسبة 47% في الربع الأول من هذا العام 2022 مقارنة بالربع نفسه من العام السابق، ومع ذلك بحسب العديد من المراقبين فإن فكرة أن الرموز غير القابلة للاستبدال في طريقها للاختفاء مبالغ فيها، بل هي فقط علامة على أن الواقع يؤثر على التكنولوجيا والسوق بعد أن أصبح المستثمرون أكثر نضجاً ودراية بهذا السوق، بعد أن شهد هجمة كبرى من المستثمرين والكثير من الضجيج الإعلامي في العام السابق.

ويستشهدون بالإطلاق الأخير لمشروع (Otherdeeds NFT) من قبل شركة "يوغا لابس" (Yuga Labs) ، والذي أدى إلى الضغط بشكل كبير على شبكة "إيثيريوم بلوك تشين"، حيث أثبت هذا الأمر أن صناعة الرموز غير القابلة للاستبدال لا تزال جاذبة، ويبدو أن المستخدمين على استعداد كبير لإنفاق مبالغ كبيرة للحصول على جزء مما يمكن أن يحدث بعد ذلك.

ومع ذلك، فإن تداول الرموز غير القابلة للاستبدال بشكل عام يتباطأ على المستوى الكلي، وبالنسبة للعديد من المستثمرين فإنهم يعتقدون أن هذه الصناعة بحاجة إلى إعادة تعيين استخدامات جديدة وتجربة أفكار ريادية يمكن أن تجلب قيمة حقيقة أفضل لهذه التكنولوجيا الرقمية.

اقرأ أيضاً: ما مصير العملات المشفرة والرموز غير القابلة للاستبدال في حال وفاة صاحبها؟

ما هو القادم لسوق الرموز غير القابلة للاستبدال؟

يرى العديد من المراقبين أن الرموز غير القابلة للاستبدال تقترب من انفجار فقاعتها بصورة مشابهة لفقاعة "دوت كوم" (dot.com) في تسعينيات القرن الماضي، حيث يرون أن تكنولوجيا الرموز غير القابلة للاستبدال الآن تقف في نهاية منحنٍ وبداية آخر، حيث يرغب المستثمرون والمستخدمون في رؤية أن رموزهم غير القابلة للاستبدال لديها حالات استخدام حقيقة أكثر من مجرد صورة ملف شخصي، وقد تكون هذه الرؤية الجديدة هي ما يجعل التكنولوجيا تظهر كشيئ مثير للاهتمام.

اقرأ أيضاً: عش تجربة الويب 3: أهم 9 تطبيقات قائمة حالياً على هذه التكنولوجيا

وفي هذا الصدد يتفق المتابعون على أن مستقبل الرموز غير القابلة للاستبدال يتطلب أن يشهد المزيد من التحرر التكنولوجي، من خلال تمكين المزيد من الأشخاص الذين اعتادوا على استخدام العملات الورقية للمشاركة، وأن تكون لها استخدامات حقيقية جنباً إلى جنب مع قيمتها الفنية، والأهم أن يتم تحويلها إلى سلاسل كتل بلوك تشين أكثر استقراراً مثل "سولانا" (Solana) أو "واكس" (Wax) أو "فلو" (Flow)، بدلاً من شبكة "إيثيريوم" (Ethereum).

وأخيراً، ليس من المنطقي أن نؤكد بشكل كامل أن تكنولوجيا الرموز غير القابلة للاستبدال قد انتهت أو في طريقها للاختفاء، فهذه المرة الأولى التي يحدث انهيار بهذا المستوى. ويبدو للكثيرين أن الضجيج المرافق لها قد وصل إلى نهايته، ولكن ما سيأتي بعد ذلك يمكن أن يحدد حقًا ماهية الرموز غير القابلة للاستبدال وكيف سيتم استخدامها خاصة من قِبل الفنانين والمبدعين.

المحتوى محمي