ما هي مخاطر وفوائد تقليد المساعدات الافتراضية الصوتية لأصوات من رحلوا عنا؟

4 دقائق
ما هي مخاطر وفوائد تقليد المساعدات الافتراضية الصوتية لأصوات من رحلوا عنا؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ ClassyPictures, shutterstock.com/popcorner. تعديل الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

ضمن أحداث فيلم "توب غان: المنشق" (Top Gun: Maverick) الذي عرض في صالات السينما في نهاية شهر مايو الماضي، تفاجأ الجمهور بظهور الممثل "فال كليمر" (Val Kilmer) ضمن أحداث الفيلم بصوته الأصلي، وهو الذي غاب عن السينما منذ عامين بعد إصابته بسرطان الحلق، الذي أثر على صوته وجعله غير قادر على الكلام تماماً.

ولكن بالبحث، وُجد أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أدت دوراً كبيراً في استعادة صوته، ليس بشكل طبي ولكن عن طريق التقليد، وهو ما أحيا الآمال للعديد من الأشخاص الذين يعانون من نفس مشكلته، وفي الوقت ذاته بدأت شركات التكنولوجيا بالفعل في استكشاف هذه الفرصة والعمل عليها، حيث كشفت شركة أمازون عن أنها تعمل على تحديث نظام مساعدها الصوتي الافتراضي "أليكسا" (Alexa)  الذي من شأنه أن يسمح لها بتقليد صوت أي شخص، حتى لو كان هذا الشخص متوفٍ.

ما هو هدف شركة أمازون من تقديم تكنولوجيا تقليد الأصوات؟

في الفترة الأخيرة لطالما استخدمت شركة أمازون عبر مساعدها أليكسا أصواتاً حقيقية لأشخاص أحياء تم تسجيلها في الاستوديوهات يمكن التعرف عليها، مثل الممثلين صامويل إل جاكسون وميليسا مكارثي وشاكيل أونيل، لكن إعادة إنشاء أصوات الأشخاص حتى لو كانوا متوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي يعتبر تطوراً مثيراً للغاية من شركة بحجم أمازون، وإن كان لدى بعض الشركات الناشئة الأخرى جهودها في هذا المجال.

حيث تريد الشركة الأميركية العملاقة بحسب نائب رئيس شركة أمازون " روهيت براساد" (Rohit Prasad) إضافة المزيد من السمات البشرية إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، حيث ذكر في معرض الإعلان عن التحديث الجديد: "إن المفهوم ينبع من بحث الشركة عن طرق جديدة لإضافة المزيد من التفاعلات البشرية إلى المساعد الصوتي أليكسا المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي خاصة في هذه الأوقات التي تشهد انتشار وباء كورونا، حيث فقد الكثير منا شخصاً يحبه، وبينما لا يمكن للذكاء الاصطناعي القضاء على ألم الخسارة هذا، فإنه بالتأكيد يمكن أن يجعل ذكرياتهم تدوم".

وأضاف: "إن النظام المحدث سيكون قادراً على جمع بيانات صوتية كافية في أقل من دقيقة من الصوت الحقيقي لجعل مثل هذا التخصيص ممكناً، بدلاً من قضاء ساعات في استوديوهات التسجيل مثل ما كان يجري في الماضي".

اقرأ أيضاً: هل يمكن لمساعد ذكي مثل أليكسا أن يكون صديقك المفضل عندما تتقدم في العمر حقاً؟

التكنولوجيا التي تقف وراء ابتكار شركة أمازون في تقليد الأصوات

بحسب نائب مدير شركة أمازون، فإن تطوير الشركة للمساعد الصوتي أليكسا لاستخدامه من أجل نموذج "الذكاء الاصطناعي القابل للتعميم" (Generalizable AI) أي القدرة على التكيف مع بيئات المستخدم وتعلم مفاهيم جديدة مع القليل من المدخلات الخارجية. وإن الهدف هو عدم الخلط بينه وبين نموذج "الذكاء الاصطناعي العام" (Artificial general intelligence) الذي يعرف كل شيئ، والذي تسعى لتحقيقه شركات كبرى على رأسها شركة "ألفا بيت" (Alphabet) عبر وحدة الذكاء الاصطناعي التابعة لها "ديب مايند" (DeepMind)، أو شركة "أوبن أيه أي" (OpenAI) التي شارك في تأسيسها رائد الأعمال إيلون ماسك.

وبحسب الفيديو الذي تم تقديمه، فإن الطريقة التي حققت بها الشركة فكرة تقليد الأصوات عبر مساعدها الذكي هي من خلال تأطير المشكلة على أنها مهمة تحويل صوت وليست مساراً لتوليد الكلام، حيث يظهر طفل يطلب من المساعد الصوتي قراءة قصة بصوت جدته المتوفاة، وبعد دقيقة أكد المساعد الصوتي الأمر ثم غير صوته إلى صوت الجدة حيث بدا الصوت مطابقاً تماماً لصوت الجدة في الحياة الواقعية.

أهمية وجود تكنولوجيا قادرة على تقليد الأصوات

مما لا شك فيه، أن هذه التكنولوجيا الجديدة قد تصبح يوماً ما موجودة في كل مكان في حياة المتسوقين، ويمكن استخدامها لبناء الثقة بين المستخدمين والمساعدات الصوتية الافتراضية الخاصة بهم. حيث يمكن أن تكون تكنولوجيا تقليد الأصوات أداة قوية لأولئك الذين فقدوا القدرة على الكلام بسبب الإصابة أو المرض.

كما أفرزت هذه التكنولوجيا سيناريو مثيراً للآباء من خلال القدرة على تقليد صوت أحد الوالدين حتى يتمكنوا من القراءة لأطفالهم عند وقت النوم، حتى إن كانوا بعيدين وغير متواجدين في المنزل، حيث تعتبر فكرة رائعة للآباء الذين يسافرون غالباً للعمل أو سئموا من قراءة نفس الكتاب.

اقرأ أيضاً: لماذا لا يثق الأطفال في أليكسا؟

أسئلة أخلاقية ومخاوف شديدة الوضوح

في حين أن ميزة التقليد الجديدة في المساعد الصوتي أليكسا قد تكون مبتكرة وعاطفية بناءً على  العرض التقديمي الذي قدمته الشركة، إلا أنها في الوقت نفسه تثير مخاوف العديد من المستخدمين والجهات بما في ذلك الشركات التي تعمل في هذا المجال من احتمالية أن تكون أداة مثالية للخداع والاحتيال عبر الإنترنت، بحيث يمكن لمجرمي الإنترنت استخدامها لمصلحتهم الخاصة.

على سبيل المثال، قامت شركة مايكروسوفت التي ابتكرت أيضاً تكنولوجيا محاكاة الصوت لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الكلام، بتقييد بعض قطاعات الأعمال من استخدام هذه التكنولوجيا بسبب مخاوف من استخدامها لتمكين عمليات التزييف السياسية العميقة.

 

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت التكنولوجيا أيضاً الكثير من الأسئلة الأخلاقية، مثل أي نوع من المشاعر يمكن أن يشعر به الشخص عند سماع صوت أحد أحبائه الذين فقدهم بسبب جائحة كورونا أو بعض الأمراض المستعصية الأخرى؟ ألن يجعله ذلك أكثر غضباً أو أكثر حزناً؟ وكيف يمكنه التفاعل مع صوت شخص توفي وقد اعتاد العمل معه؟ هل تساعده على المضي قدماً أم التوقف؟

اقرأ أيضاً: لأي درجة علينا قبول إسناد الخصائص البشرية إلى مساعد رقمي قائم على الذكاء الاصطناعي؟

وفي هذا الصدد، صرح كبير المحللين في شركة "آي دي سي للأبحاث" (IDC Research) "آدم رايت" لموقع "سي إن إن" الإخباري الاقتصادي: "أرى قيمة جهود شركة أمازون، وأعتقد أنها مهتمة بالقيام بذلك لأن لديها القدرة والتكنولوجيا اللازمتين، وهي تبحث دائماً عن طرق لرفع مستوى مساعدها الافتراضي الذكي بشكل خاص، وتجربة المنزل الذكي بشكل عام".

وأضاف: "سواء كان ذلك يقود إلى اتصال أعمق مع المساعد الصوتي أليكسا أو أنه سيصبح مجرد مهارة يستخدمها بعض الأشخاص من وقت لآخر، فلا يزال يتعين رؤيته، حيث أن جهود الشركة في إعادة إنشاء صوت مشابه جداً لصوت أحد أفراد الأسرة المتوفيين، ولكن في الوقت نفسه ليس بجودة عالية، قد يؤدي إلى الرفض من قبل البشر الحقيقيين".

وأخيراً، من المؤكد أن ردود الفعل المتباينة على مثل هذه التكنولوجيات الناشئة ستظل متفاوتة، وستظل الأسئلة عن مدى تكيف المجتمع معها متواصلة، خاصة وأن مثل هذه الابتكارات غالباً لا تتوقف على شركة واحدة، بل ستكون هناك العديد من الشركات الأخرى التي تعمل في مجال أنظمة المساعدات الافتراضية وأجهزتها على أهبة الاستعداد لتقديم نسخها الخاصة، ومن ثم حتى نحصل على مستوى أعلى من الراحة أو تصبح هذه التكنولوجيات أكثر شيوعاً، ستظل هناك مجموعة واسعة من الأسئلة من المنتظر الإجابة عنها، والعديد من المخاوف التي يجب حلها.

المحتوى محمي