مستوحى من حاسة اللمس للإنسان: مهندسون يطورون جلداً ذكياً يستشعر الألم

3 دقائق
مستوحى من حاسة اللمس للإنسان: مهندسون يطورون جلداً ذكيّاً يستشعر الألم
حقوق الصورة: بيكساباي.

طور فريق من المهندسين من جامعة جلاسكو الاسكتلندية جلداً اصطناعياً إلكترونياً، يمكنه الشعور بالألم بطريقة تحاكي حاسة اللمس الإنسان، ويتعلّم كيفية التفاعل مع المحفزات الخارجية، ما يمكن أن يخلق جيلاً جديداً من الروبوتات الذكية الحساسة للمس.

وصف المهندسون كيف قاموا بتصميم النموذج الأولي للجلد الإلكتروني في دراسة نشرت في دورية "علم الروبوتات" (Science Robotics)، وقالوا إن الجلد الاصطناعي يعمل بنوع جديد من نظام المعالجة يعتمد على الترانزستورات المشبكية، التي تحاكي المسارات العصبية للدماغ من أجل التعلم. وقد اختبر المهندسون الجلد الذكي على يد روبوتية، فأظهرت قدرة رائعة على تعلم كيفية التفاعل مع المحفزات الخارجية.

اقرأ أيضاً: أحد الفائزين بجائزة مليون مبرمج عربي: ما هي اللغة التي سيتخاطب بها البشر مع الروبوتات في المستقبل؟

عن الجلد الاصطناعي التقليدي 

يعمل العلماء منذ عقود لبناء جلد صناعي يتمتع بحساسية اللمس. إحدى الطرق التي تم استكشافها وتُدرس على نطاق واسع هي نشر مجموعة من مستشعرات الاتصال أو الضغط عبر سطح الجلد الإلكتروني ما يساعده على كشف ملامسته لأي شيء.  ثم يتم إرسال البيانات من أجهزة الاستشعار إلى حاسوب لمعالجتها وتفسيرها. تنتج المستشعرات عادةً حجماً كبيراً من البيانات التي يمكن أن تستغرق وقتاً لتتم معالجتها والاستجابة لها بشكل صحيح، ما يؤدي إلى حدوث تأخيرات يمكن أن تقلل من الفعالية المحتملة للجلد عند استخدامه في مهام في العالم الحقيقي.

 اقرأ أيضاً: ساق اصطناعية جديدة حساسة للّمس ستسهل المشي لأصحاب الأطراف المبتورة

الجلد الاصطناعي الذكي استُلهمت آلية عمله من جلد الإنسان 

للتخلص من التأخيرات في معالجة البيانات، استلهم الفريق من آلية تفسير الجهاز العصبي المحيطي للإنسان للإشارات من الجلد، ما أدى أيضاً إلى التقليل من استهلاك الطاقة في الجلد الإلكتروني.

في جلد الإنسان، بمجرد أن يستشعر الجلد بوجود محفّز ما، يبدأ الجهاز العصبي المحيطي بمعالجته عند نقطة التحفيز؛ حيث يتخلص من المعلومات غير الضرورية، ويرسل المعلومات الحيوية فقط إلى الدماغ. 

يسمح هذا التقليل من البيانات الحسية بالاستخدام الفعال لقنوات الاتصال اللازمة لإرسال البيانات إلى الدماغ، والذي يستجيب بعد ذلك على الفور تقريباً حتى يتفاعل الجسم بشكل مناسب.

للتوضيح، قال البروفيسور "رافيندر داهية"، من كلية "جيمس وات" للهندسة بالجامعة، والمؤلف الأول للدراسة: "نتعلم جميعاً في وقت مبكر من حياتنا الاستجابة بشكل مناسب للمنبهات غير المتوقعة مثل الألم من أجل منعنا من إيذاء أنفسنا مرة أخرى".

اقرأ أيضاً: علماء يطورون روبوتاً يجمع بين حاستي الرؤية واللمس لمحاكاة عمل الدماغ

آلية عمل الجلد الإلكتروني الذكي

لتقليد الاستجابة الفعالة التي تقوم بها الخلايا العصبية الحسية في جلد الإنسان ومشابكه العصبية، طبع الباحثون شبكة من 168 ترانزستوراً متشابكاً مصنوعاً من أسلاك نانوية من أكسيد الزنك مباشرة على سطح بلاستيكي مرن. بعد ذلك، قاموا بتوصيل الترانزستورات المشبكية بجهاز استشعار الجلد الموجود على راحة يد روبوت مفصلية بالكامل على شكل يد إنسان.

عندما يلمس المستشعر شيئاً ما، تتغير مقاومته الكهربائية، إذا كانت اللمسة خفيفة يحدث تغير طفيف، واللمسة الأقوى تُحدث تغيراً أكبر في المقاومة. 

في الأجيال السابقة من الجلد الإلكتروني، كانت تُرسَل بيانات الإدخال إلى حاسوب ليعالجها. في الجلد الاصطناعي الذي صممه مهندسو جامعة جلاسكو، تعمل الدائرة المضمنة في الجلد كمشابك اصطناعية، ما يقلل المدخلات إلى ارتفاع بسيط في الجهد يختلف تردده وفقاً لمستوى الضغط المطبَّق على الجلد، ما يؤدي إلى تسريع عملية التفاعل.

استخدم الفريق المخرجات المتفاوتة لهذا الارتفاع في الجهد لتعليم الجلد الاستجابات المناسبة للألم، والذي من شأنه أن يحفز يد الروبوت على الاستجابة. 

يشرح البروفيسور داهية: "ما تمكنّا من إنشائه من خلال هذه العملية هو مظهر إلكتروني قادر على التعلم الموزع على مستوى الأجهزة، والذي لا يحتاج فيه إرسال الرسائل ذهاباً وإياباً إلى معالِج مركزي قبل اتخاذ الإجراء. بدلاً من ذلك، فإنه يسرّع عملية الاستجابة للمس بشكل كبير عن طريق تقليل مقدار الحساب المطلوب".

اقرأ أيضاً: "بشرة" اصطناعية مليئة بالحساسات يمكن أن تحضن طفلك في الواقع الافتراضي

يدٌ روبوتية تستشعر الألم من خلال الجلد الإلكتروني

في إحدى التجارب، حدد المهندسون عتبة الجهد التي ترتد يد الروبوت عند الوصول إليها في حال تلقى الروبوت ضربة قوية في وسط راحة اليد. هذا يعني أن اليد الروبوتية المزودة بالجلد الاصطناعي الذكي تعلّمت الابتعاد عن مصدر الألم من خلال معالجة المعلومات بطريقة تحاكي كيفية عمل الجهاز العصبي البشري. 

تعقيباً على ذلك، يقول البروفيسور داهية: "بالطبع، لم يتضمن تطوير هذا الشكل الجديد من الجلد الإلكتروني إحداث الألم كما نعرفه، إنها ببساطة طريقة مختصرة لشرح عملية التعلم من المحفزات الخارجية".

اقرأ أيضاً: نموذج ذكاء اصطناعي يتعرّف على ملمس الأسطح من خلال تحليل الصور

إن تطوير هذا الجلد الإلكتروني هو أحدث تقدم في الأسطح المطبوعة المرنة والمطاطية تقوم به مجموعة تقنيات الانحناء للإلكترونيات والاستشعار (BEST) التابعة لجامعة جلاسكو بقيادة البروفيسور داهية، الذي يعقب بالقول: "إن هذه خطوة حقيقية إلى الأمام في عملنا الهادف إلى إنشاء جلد إلكتروني مطبوع على نطاق واسع ذي شكل عصبي قادر على الاستجابة بشكل مناسب للمنبهات". 

أضاف "فينجيوان ليو"، عضو مجموعة BEST والمؤلف المشارك للدراسة: "في المستقبل، يمكن أن يكون هذا البحث أساساً لجلد إلكتروني أكثر تقدماً، يمكّن الروبوتات من استكشاف العالم والتفاعل معه في عالم جديد. أو لتصميم أطراف صناعية قادرة على تحقيق مستويات قريبة من حساسية اللمس عند الإنسان".

المحتوى محمي