مع انتشار الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية الأخرى أصبحت الملحقات والعناصر المرافقة لها ضرورية للغاية، مثل الأغلفة الخارجية والسماعات اللاسلكية التي تتنوع بتنوع الشركات المصنعة نفسها، وكل هذه العناصر غالباً ما يشتريها المستهلكون طواعية ودون تذمر، ولكن ما لم يتفق عليه معظمهم هو تنوع الشواحن التي تختلف باختلاف الجهاز.
فإذا كان لدى المستهلك هاتف ذكي وحاسوب محمول وجهاز لوحي وحتى سماعة أذن من شركات مختلفة، فإنه يضطر إلى شراء كابل شاحن مرافق لكل جهاز. وهذا يعود إلى عدم وجود معيار أساسي لمنافذ الشحن في الأجهزة الإلكترونية.
ولكن هذا الأمر في طريقه للتغير كُلياً بعد إقرار البرلمان الأوروبي تشريعاً يُجبر الشركات المصنعة للأجهزة الإلكترونية على توحيد منافذ الشحن في أجهزتهم، وهذا يعني أن المستهلك سيحتاج فقط إلى كابل شحن واحد فقط لشحن هاتفه الذكي وأي جهاز إلكتروني آخر يستخدمه.
اقرأ أيضاً: هل سنشهد اختفاء الهواتف الذكية بحلول العام 2030 حقاً كما يتنبأ الرئيس التنفيذي لنوكيا؟
الاستفادة ليست مقصورة على الأوروبيين فقط
أمضى الاتحاد الأوروبي أكثر من عقد من الزمان في محاولة إقناع شركات صناعة الإلكترونيات بتبني معيار شحن واحد، وهو جهد أدى إلى تقليص منافذ الشحن المختلفة للأجهزة من 30 نوع إلى 3 أنواع فقط، ولكن مشروع هذا القانون من شأنه أن يُجبر الشركات على تنفيذ منفذ شحن واحد لجميع الأجهزة بلا استثناء.
وهذا يعني أن المستهلكين يحتاجون فقط إلى استخدام كابل شحن "يو إس بي" (USB) من النوع "سي" (C) -اختصاراً USB-C– واحد فقط لشحن جميع الأجهزة الإلكترونية الصغيرة ومتوسطة الحجم بغض النظر عن العلامة التجارية. بما في ذلك:
- الهواتف الذكية
- الأجهزة اللوحية
- الكاميرات الرقمية
- وحدات التحكم في ألعاب الفيديو المحمولة
- سماعات الرأس اللاسلكية
- أجهزة الكمبيوتر المحمولة التي سيحصل مصنعوها على وقت إضافي للامتثال للقانون.
ولكن لم يتم النظر في المنتجات الأخرى – حتى الآن - بما في ذلك سماعات الأذن والساعات الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية لأسباب فنية مرتبطة بالحجم وظروف الاستخدام. وبحسب المفوضية الأوروبية فإن المستهلك الأوروبي العادي يمتلك ثلاثة شواحن على الأقل، ويستخدم جهازي شحن بشكل منتظم، ومع ذلك أفاد 38% منهم بأنهم غير قادرين على شحن هواتفهم مرة واحدة على الأقل لأنهم لم يتمكنوا من العثور على شاحن متوافق.
اقرأ أيضاً: هل ستكون تقنية الشحن الهوائي للهواتف الذكية متاحة قريباً؟
وبالرغم من أن مشروع القانون المتوقع الموافقة عليه بشكل رسمي وبالإجماع من قِبل البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي في نهاية هذا العام 2022، ودخوله حيز التنفيذ في منتصف العام 2024 خاص بدول الاتحاد الأوروبي فقط، إلا أنه من المحتمل أن يصبح في النهاية معياراً رئيسياً يتم تطبيقه في جميع دول العالم.
بالإضافة إلى ذلك، تحدد القواعد الجديدة أيضًا معايير تقنية الشحن السريع وتمنح المستهلكين الحق في اختيار ما إذا كانوا يريدون شراء أجهزة جديدة مع شاحن أو من دون شاحن، وهو ما يقدر الاتحاد الأوروبي بأنه سيوفر للمستهلكين 250 مليون يورو (336 مليون دولار) سنوياً.
ما هي دوافع الاتحاد الأوروبي لتوحيد منافذ شحن الأجهزة الإلكترونية؟
بحسب كبير مفاوضي البرلمان الأوروبي "أليكس أجيوس صليبا"، فإن: "المستهلكين الأوروبيين محبطون بسبب تراكم العديد من أجهزة الشحن داخل منازلهم. الآن سيكونون قادرين على استخدام شاحن واحد لجميع الأجهزة الإلكترونية المحمولة، وهي خطوة مهمة لزيادة راحة المستهلك".
بينما ذكر مفوض السوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي "تييري بريتون" (Thierry Breton): "تعمل أجهزة الشحن على تشغيل جميع أجهزتنا الإلكترونية الأساسية. ومع بيع المزيد من الأجهزة، يتم بيع المزيد من أجهزة الشحن غير القابلة للتبديل أو غير الضرورية. لذا فإننا نضع حداً لذلك".
وأضاف: "من خلال اقتراحنا، سيتمكن المستهلكون الأوروبيون من استخدام شاحن واحد لجميع أجهزتهم الإلكترونية المحمولة، وهي خطوة مهمة لزيادة الراحة وتقليل الهدر".
لكن الهدف الأهم هو تقليل النفايات الإلكترونية
بحسب العديد من الخبراء، فإن خطوة الاتحاد الأوروبي لتوحيد منافذ شحن الأجهزة الإلكترونية ستلقى تشجيعاً من ملايين المواطنين الأوروبيين، لكن هدف الاتحاد الأوروبي الأكبر والأهم هو جعل المنتجات المباعة في دول الاتحاد أكثر استدامة وتقليل النفايات الإلكترونية. خاصة مع القوة الشرائية الكبيرة لدول الاتحاد، حيث تم بيع حوالي 420 مليون هاتف ذكي أو جهاز إلكتروني في عام 2021 وحده.
ويعتبر القانون جزءاً من جهد أوسع لخفض النفايات الإلكترونية التي تصل إلى حوالي "11,000" طن متري ينتجها الأوروبيون كل عام، والتي تشمل أجهزة الشحن التي تم التخلص منها أو غير المستخدمة. حيث ذكر كبير مفاوضي البرلمان الأوروبي أن واحداً من كل ثلاثة شواحن مرفقة لا يتم فتحها من عبوتها الأصلية، ويتم التخلص منها مباشرة.
اقرأ أيضاً: فكرة طرق جديدة تشحن السيارات الكهربائية لاسلكياً
شركة أبل الخاسر الأكبر
في حين أن العديد من شركات صناعة الأجهزة الإلكترونية قد بدأت في تضمين منفذ الشحن المعياري (USB-C)، إلا أن شركة أبل كانت من أكبر الشركات التي لم تلتزم بهذا في جميع أجهزتها، حيث تأتي هواتف آيفون بالتحديد مع منفذ شحن يُسمى "لايتنيغ" (Lightning) قامت بتطويرها حصرياً وتبيع كابلات الشحن الخاص بها بشكل منفرد.
ونتيجة لذلك أصبحت شركة أبل من أكثر المعارضين لهذا القانون. لما يمكن أن يسببه من ضرر بالغ لمبيعاتها المتعلقة بالأجهزة الطرفية ومن ضمنها الشواحن التي تبيعها بشكل منفرد بعد قرارها في عام 2020 بعدم تضمين سماعات الأذن والشواحن مع أجهزتها حفاظاً على البيئة والتقليل من النفايات الإلكترونية وفقاً لرؤيتها.
وقد ذكر تقرير حديث أن الشركة قد حققت أرباحاً تزيد عن 6.2 مليار دولار أميركي من مبيعات أجهزة الشحن وسماعات الأذن وحدها. وهذا يعود إلى أن سماعات الأذن وأجهزة الشحن الخاص بها تُباع منفردة بسعر 19 دولاراً لكل واحد، وبما أن هذه الملحقات عادةً ما تكون أرخص في الإنتاج، فإن شركة أبل توفر ما يقرب من 35 دولاراً لكل جهاز. بالإضافة إلى ذلك يعني عدم تضمين هذه الملحقات في الصندوق تغليفاً أصغر لأجهزتها مما يساهم في زيادة ربح الشركة.
وهذا يوضح سبب معارضة شركة أبل لهذا القانون، حيث ذكرت في بيان صحفي: "نحن نشارك مع المفوضية الأوروبية في التزامنا بحماية البيئة، ولكن ما زلنا نشعر بالقلق من أن التنظيم الصارم الذي يفرض نوعاً واحداً فقط من منافذ الشحن يخنق الابتكار بدلاً من تشجيعه، وهو ما سيضر بدوره المستهلكين في أوروبا وحول العالم".
اقرأ أيضاً: أبل تحذر من استخدام أجهزة AirTags لتتبع الناس دون علمهم
ولكن مسؤولي الاتحاد الأوروبي أكدوا أن القواعد الجديدة لن تبطئ الابتكار أو تخنقه كما ذكرت أبل، حيث قال "تيري برايتون" مفوض السوق الداخلية في الاتحاد: "إذا أرادت شركة أبل الاستمرار في تطوير منفذ شحن خاص بها ستكون لديها القدرة على القيام بذلك. ولكن أنا لست ضد الابتكار، أريد فقط جعل حياة مواطنينا أكثر سهولة، ومع ذلك لا يزال بإمكان صانعي الأجهزة وضع منافذ مختلفة على هواتفهم إذا أرادوا ذلك".