تعرضت شركة تكنولوجيات التعرف على الوجوه "كليرفيو أيه آي" (Clearview AI)، والتي أثارت الكثير من الجدل، إلى غرامة بلغت تقريباً 10 مليون دولار من قبل هيئات مراقبة حماية البيانات في المملكة المتحدة بسبب قيامها بجمع وجوه المواطنين البريطانيين عن الويب ووسائل التواصل الاجتماعي. كما تم توجيه أمر إلى الشركة بحذف كل البيانات التي لديها عن المواطنين البريطانيين.
ويمثل هذا الإجراء الذي فرضه مكتب مفوض المعلومات في المملكة المتحدة (اختصاراً "آيكو" (ICO)) الإجراء الأحدث في سلسلة من الغرامات التي تعرضت لها الشركة وأثارت ضجة إعلامية كبيرة، وذلك مع قيام هيئات مراقبة حماية البيانات في العالم بفرض قيود أكثر شدة على ممارساتها.
إدانة كليرفيو أيه آي
فقد وجد آيكو أن كليرفيو أيه آي انتهكت قوانين حماية البيانات، وقامت بجمع بيانات شخصية دون إذن الناس، وطلبت معلومات إضافية، مثل الصور، عند استفهام الناس عن وجودهم على قواعد بياناتها. ووجد آيكو أن هذا "كان ربما رادعاً" للناس المعترضين على جمع بياناتهم.
اقرأ أيضاً: جوزيف عتيق مبتكر تكنولوجيا التعرف على الوجوه يتحدث عن ابتكاره ومخاوفه منه
«لا تتيح الشركة تحديد هوية هؤلاء الأشخاص وحسب، بل تراقب عملياً سلوكياتهم وتعرض بياناتهم كخدمة تجارية. وهذا غير مقبول» كما يقول جون إدواردز، مفوض المعلومات في المملكة المتحدة في تصريح.
تمتلك كليرفيو أيه آي واحدة من أضخم قواعد البيانات التي تتضمن 20 مليار صورة لوجوه أشخاص قامت بتجميعها عن الإنترنت من المصادر المتاحة بشكل مفتوح، مثل مواقع التواصل الاجتماعي، ومن دون موافقة أصحاب تلك الصور. ويدفع عملاؤها، كدوائر الشرطة، لقاء الدخول إلى قاعدة البيانات للبحث عن مطابقة النتائج.
وقد وجدت هيئات حماية البيانات في الدول الغربية أن هذا انتهاك صريح ومباشر للخصوصية، وبدأت بالعمل معاً لمواجهة هذا الانتهاك. وشدد إدواردز على "أهمية التعاون الدولي في حماية حقوق الخصوصية للناس في 2022"، ومن المفترض أن يلتقي قريباً مع المشرعين الأوروبيين في بروكسل قريباً. لقد تم تنفذ التحقيق البريطاني في ممارسات كليرفيو أيه آي بشكل مشترك مع مفوض المعلومات الأسترالي.
وفي وقت مبكر من هذا العام، أدانت سلطات حماية البيانات الإيطالية، كليرفيو أيه آي وغرمتها بمبلغ 21 مليون يورو لخرقها قوانين حماية البيانات. وتوصلت هيئات المراقبة في أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا إلى نفس النتيجة.
وحتى في الولايات المتحدة، والتي لا يوجد فيها قانون فدرالي لحماية البيانات، تتعرض كليرفيو أيه آي إلى درجة متزايدة من التشديد والتدقيق. وفي وقت سابق من هذا الشهر، ربحت ACLU تسوية تقيد كليرفيو أيه أي من بيع قواعد بياناتها في الولايات المتحدة لغالبية الأعمال. وفي ولاية إيلينوي، والتي يوجد فيها قانون حول بيانات القياسات الحيوية، تم منع كليرفيو أيه آي من بيع الوصول إلى قاعدة بياناتها لأي جهة أو شخص، حتى الشرطة، لمدة خمس سنوات.
وفقاً لسيلكي كارلو، التي تدير مجموعة الحقوق الرقمية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها «بيغ بروذر ووتش»، فإن قرار مكتب مفوض المعلومات «يوقف كليرفيو بحق من العمل في المملكة المتحدة»، وقد جاء ذلك في تغريدة لها على تويتر.
وتضيف كارلو أن القرار "سيكون مسماراً في نعش التعرف على الوجوه"، ودعت المشرعين البريطانيين إلى حظر المراقبة باستخدام التعرف على الوجوه.
اقرأ أيضاً: الوكالات الحكومية الأميركية تخطط لزيادة استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجوه
قانون ذكاء اصطناعي رادع لانتهاك الخصوصية
تعمل أوروبا على قانون ذكاء اصطناعي من شأنه حظر استخدام أنظمة تحديد الهوية المعتمدة على البيانات الحيوية في الوقت الفعلي، كالتعرف على الوجوه، في الأماكن العامة. وتحد المسودة الحالية للقانون استخدام التعرف على الوجوه من قبل مؤسسات فرض القانون، إلا في حالات مواجهة الجرائم الخطيرة، مثل الإرهاب أو عمليات الخطف.
وهناك احتمال بأن الاتحاد الأوروبي لن يكتفي بهذا. فقد دعت هيئات مراقبة حماية البيانات ذات النفوذ في الاتحاد الأوروبي إلى مشروع القانون ليس فقط لحظر التعرف على البيانات الحيوية عن بعد في الأماكن العامة، ولكن أيضاً لحظر استخدام الشرطة لقواعد البيانات المزودة عبر الويب، مثل Clearview AI.
تقول إيلا جاكوباوسكا، المختصة بالتعرف على الوجوه والقياسات الحيوية في مجموعة الحقوق الرقمية "يوروبيان ديجيتال رايتس" (European Digital Rights): "لقد بلغت إساءات كليرفيو أيه آي حداً يمنع أي هيئة عامة أو وكالة محترمة لفرض القانون من العمل معها".
اقرأ أيضاً: هل ستصدر الولايات المتحدة هذا الأسبوع تشريعاً فدرالياً ينظم تقنية التعرف على الوجوه؟
أما هوان تون ثات، وهو الرئيس التنفيذي لكليرفيو أيه آي، فقد قال إنه يشعر بخيبة الأمل لأن آيكو "أساء تفسير تكنولوجياتي ونواياي". وقال في تصريح أرسله إلى إم آي تي تكنولوجي ريفيو: "نحن نكتفي بجمع البيانات العامة من مواقع الإنترنت المفتوحة، ونمتثل لجميع معايير الخصوصية والقانون".
وأضاف: "أرحب بأي فرصة للحوار مع القادة والمشرعين بحيث نتمكن من الحفاظ على القيمة الحقيقية لهذه التكنولوجيا لحماية المجتمع، والتي أثبتت أهميتها لمؤسسات فرض القانون".