روسيا اخترقت شركة أقمار اصطناعية أميركية قبل بدء الحرب بساعة واحدة

3 دقائق
روسيا اخترقت شركة أقمار اصطناعية أميركية قبل بدء الحرب بساعة واحدة
حقوق الصورة: غيتي إيميدجيز.

قامت الحكومة الروسية، وقبل ساعة واحدة من بدء الحرب الروسية الأوكرانية، باستهداف شركة الأقمار الاصطناعية الأميركية "فياسات" (Viasat)، كما صرح مسؤولون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة مؤخراً.

وقد أدت العملية إلى انقطاع فوري وكبير في الاتصالات في بداية الحرب لدى الجيش الأوكراني، والذي يعتمد على خدمات فياسات في توجيه الأوامر إلى القطع العسكرية والسيطرة عليها. 

اقرأ أيضاً: ناشطون يستخدمون «برامج احتجاج» مفتوحة المصدر احتجاجاً على الحرب الروسية الأوكرانية

هجوم هو الأول من نوعه

يعتبر الهجوم السيبراني على فياسات أكبر عملية قرصنة معروفة في الحرب، كما يقول خوان أندريس غيريرو ساد، وهو باحث في الأخطار السيبرانية في شركة الأمن السيبراني "سينتينيل وَن" (SentinelOne) "لأنه الجهد الأكثر تنسيقاً لشلّ القدرات العسكرية الأوكرانية". كما يعتبر أيضاً أحد أول الأمثلة الواقعية حول كيفية توجيه وتوقيت الهجمات السيبرانية لتعزيز القدرات العسكرية على الأرض بتشويش التكنولوجيات التي تعتمد عليها القوات المعادية، بل وحتى تدميرها تماماً.

وفي هذا الهجوم في 24 فبراير/ شباط، تم إطلاق برنامج خبيث "ماسح" مدمر يحمل اسم أسيدرين على مودمات وراوترات فياسات، ما أدى إلى محو جميع البيانات عن النظام بسرعة. وبعد ذلك، أعادت الآلات إقلاعها، وتعطلت بصورة دائمة. وأدى هذا الهجوم عملياً إلى تدمير الآلاف من الحواسيب الطرفية. 

يقول غيريرو ساد، والذي كان في مقدمة العمل البحثي لدراسة أسيدرين، إن البرامج الخبيثة التي استخدمها الروس سابقاً كانت محدودة الاستهداف، على حين أن أسيدرين كان أقرب إلى سلاح عام الاستهداف.

اقرأ أيضاً: متطوعون على الإنترنت يساعدون في تعقب الجرائم في الحرب الروسية الأوكرانية

بماذا يختلف هجوم أسيدرين عن غيره؟

ويقول: "ما يدعو إلى القلق الشديد إزاء أسيدرين هو أنهم أزالوا جميع القيود، ففي برامج المسح السابقة، كان الروس حريصين على استهداف أجهزة محددة وحسب. أما الآن، فقد رُفعت كل القيود، وأصبح الهجوم شاملاً ويهدف إلى تدمير كل شيء. وأصبح لديهم سلاح يمكن استخدامه مرة أخرى. والسؤال هو التالي: أي هجوم شامل سنراه تالياً؟".

لقد تبين أن الهجوم يتوافق مع استراتيجيات الحرب "الهجينة" النموذجية التي تستخدمها موسكو، كما يقول الخبراء. فقد تم إطلاقه بالتزامن مع الغزو على الأرض. ولقد شهدنا هذا النوع بالضبط من التنسيق بين العمليات السيبرانية الروسية والقوات العسكرية الروسية ست مرات على الأقل، وذلك وفقاً لبحث من "مايكروسوفت" (Microsoft)، ما يبرز الدور الجديد للعمليات السيبرانية في الحرب الحديثة. 

وفي تصريح لوزير الدفاع الهولندي، مورتن بودسكوف، قال: "يبين الهجوم السيبراني الروسي المنسق والمدمر قبل بدء الحرب أن الهجمات السيبرانية أصبحت مستخدمة بشكل فعال واستراتيجي في الحرب الحديثة، حتى لو لم تكن تهديدات وعواقب الهجمات السيبرانية واضحة للعامة على الدوام. إن الأخطار السيبرانية موجودة على الدوام ومتطورة، ويمكن أن تتسبب بأضرار فادحة في البنى التحتية الحساسة، مع عواقب قد تكون قاتلة".

اقرأ أيضاً: ما الدور الذي تلعبه أسلحة الذكاء الاصطناعي في الحرب الروسية الأوكرانية؟

ضرر تجاوز حدود أوكرانيا

وفي هذه الحالة، تجاوزت الأضرار أوكرانيا وأثرت على الآلاف من مستخدمي الإنترنت والمزارع الريحية المتصلة بالإنترنت في وسط أوروبا. ولم تقتصر النتائج على هذا وحسب، فشركة فياسات تعمل مع الجيش الأميركي وشركائه في كافة أنحاء العالم.

يقول غيريرو ساد: "من الواضح أن الروس ارتكبوا خطأ فادحاً، ولا أعتقد أنهم تقصدوا التسبب بكل هذه الأضرار وإيذاء الاتحاد الأوروبي، فقد قدموا للاتحاد الأوروبي الذريعة الكافية للرد بعد أن أثروا على عمل 5,800 توربيناً ريحيّاً في ألمانيا وأماكن أخرى في الاتحاد الأوروبي". 

وبعد بضع ساعات وحسب من بدء التأثير المدمر لأسيدرين على فياسات، استخدم القراصنة الروس برنامج مسح آخر، يحمل اسم هيرميتيك وايبر، ضد حواسيب الحكومة الأوكرانية. وقد كان أسلوب هذه العملية مماثلاً لأسلوب سابقتها إلى درجة غريبة، باستثناء أنها لم تستهدف اتصالات الأقمار الاصطناعية، بل كانت موجهة ضد الأجهزة العاملة بنظام ويندوز على الشبكات التي كانت مهمة للغاية بالنسبة للحكومة الأوكرانية لإطلاق مقاومة فعالة في أولى ساعات الحرب. 

ولكن فعالية هذه الهجمات ما زالت غير معروفة بالضبط، فقد قال مسؤول أوكراني كبير إن عملية فياسات أدت إلى "تراجع هائل في الاتصالات في بداية الحرب"، ولكن لم يفصح عن تفاصيل إضافية. 

اقرأ أيضاً: الحرب الروسية الأوكرانية قائمة منذ سنوات في الفضاء السيبراني

وعلى الرغم من أن العمليات السيبرانية تدعم العمليات العسكرية، فسوف نحتاج إلى فترة طويلة قبل أن نحصل على تصور كامل حول جميع العمليات المنفذة في هذه الحرب. ولكن، من الواضح أن طريقة تصميم أسيدرين توحي بأن هذه ليست المرة الأخيرة التي سيتم استخدامه فيها.

اقرأ أيضاً:

المحتوى محمي