جوجل تفشل في تطبيق قوانينها الخاصة المتعلقة بالترويج لتطبيقات التتبع

4 دقائق
جوجل تفشل في تطبيق قوانينها الخاصة المتعلقة بالترويج لتطبيقات التتبع
حقوق الصورة: غيتي إيميدجيز

يعرض محرك البحث "جوجل" (Google) إعلانات حول خدمات برامج تفيد التتبع تؤمن مراقبة في الزمن الحقيقي لشركاء العلاقات العاطفية والأزواج، على الرغم من الحظر الذي فرضته الشركة بنفسها على إعلانات كهذه. 

ووفقاً لأبحاث أجرتها شركة أمن الهواتف الخلوية "سيرتو سوفتوير" (Certo Software) وأكدتها إم آي تي تكنولوجي ريفيو، فإن استعلامات محرك البحث جوجل المتعلقة بتتبع الشركاء العاطفيين، مثل الزوجات، تؤدي عادة إلى ظهور إعلانات لبرامج وخدمات تعرض بشكل صريح إمكانية التجسس على أفراد آخرين.

ما هي برامج التتبع؟

تُعرف برامج التتبع، والتي يُشار إليها أيضاً باسم برامج التجسس، بأنها برامج مصممة لمراقبة شخص آخر سراً، وتتبع موقعه ومكالماته الهاتفية ورسائله الخاصة وعمليات البحث التي يجريها على الويب ونقراته على لوحة المفاتيح. وتعمل هذه التطبيقات –ومعظمها تطبيقات مدفوعة، على الرغم من وجود بعض التطبيقات المجانية- عادة في الخلفية وبشكل سري على الهاتف، أو متنكرة بأسلوب يوحي بالأمان على شكل آلات حاسبة، أو تقويمات أو تطبيقات لصيانة النظام. 

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك كشف برامج التجسس على جهازك وإزالتها؟

وقد حظرت جوجل الإعلانات التي تروج لتطبيقات التتبع في أغسطس/ آب من العام 2020. وقالت الشركة: "تتضمن السياسة المحدثة حظر ترويج المنتجات أو الخدمات التي يتم تسويقها أو توجيهها وفق الغرض الصريح لتتبع أو مراقبة شخص آخر أو مراقبة نشاطات شخص آخر دون إذن". تقع البرامج المستخدمة في مراقبة الشركاء العاطفيين ضمن هذه الفئة، على الرغم من أن جوجل ما تزال تسمح بالإعلانات التي تروج للمنتجات أو الخدمات الموجهة للمحققين الخاصين أو المخصصة لمراقبة الأطفال. 

تشتري شركات خدمات برامج التتبع إعلانات على جوجل للظهور ضمن نتائج البحث لطلبات بحث من قبيل "برنامج تجسس للخيانة" (وما يقابلها بالإنجليزية) أو "تطبيق لقراءة الرسائل النصية الخاصة بالزوجة" (وما يقابلها بالإنجليزية) أو "تطبيق لقراءة الرسائل النصية الخاصة بالفتاة التي أرتبط بها" (وما يقابلها بالإنجليزية).  

وتحتوي الإعلانات التي اطلعت عليها إم آي تي تكنولوجي ريفيو على جمل مثل "تطبيق لرؤية الرسائل النصية للزوج" (وما يقابلها بالإنجليزية) و"اعرف من يتراسل مع الفتاة التي ترتبط بها" (وما يقابلها بالإنجليزية) و"إنه يشبه الاطلاع على جهازهم بشكل مباشر" (وما يقابلها بالإنجليزية). 

اقرأ أيضاً: كيف تتعرف على الرسائل الاحتيالية في واتساب؟ وما الذي عليك فعله؟

كيف تقدم الشركات تطبيقات التجسس؟

وعلى مواقعها الإلكترونية، غالباً ما تقدم شركات برامج التتبع نفسها على أنها تبيع برمجيات قانونية لمراقبة الأطفال للأهالي الذين يشعرون بالقلق على أطفالهم. ولكن سيرتو استخدمت أداة لتحليل البحث تحمل اسم "سبايفو" (Spyfu) للبحث عن الإعلانات التي اشترتها هذه الشركات على جوجل. ووجدت أن هذه الشركات اشترت إعلانات متوافقة مع كلمات وجمل بحث تتعلق بالأشخاص الذين يتجسسون على شركائهم رقمياً. وقد قررت إم آي تي تكنولوجي ريفيو ألا تسمي هذه الشركات حتى لا تقدم لها دعاية مجانية. 

وقال ناطق باسم جوجل: "نحن لا نسمح بالإعلانات التي تروج لبرامج التجسس أو مراقبة الشركاء. وقد قمنا بالاطلاع على الإعلانات المقصودة، ونعمل على إزالة ما يخالف سياستنا منها". ومنذ أن قامت إم آي تي تكنولوجي ريفيو بلفت نظر جوجل إلى هذه الإعلانات، أزالت الشركة بعضاً منها من نتائج البحث وتركت البعض الآخر. وعلى سبيل المثال، فإن نتائج البحث وفق الطلب التالي: "تطبيق لقراءة الرسائل النصية للزوجة" ما زالت تتضمن إعلانات لبرامج التتبع، كما وجدت إم آي تي تكنولوجي ريفيو.

وفي مفارقة ساخرة، تتضمن سياسات جوجل الحالية في الواقع فرض عقوبات على الشركات المضادة لبرامج التجسس. فمجمل عمليات البحث مثل "يمكنك إيقاف برامج التتبع بتنزيل تطبيقنا" تتعرض للحظر بسبب كلمات مثل "برامج التتبع" (وما يقابلها بالإنجليزية).

اقرأ أيضاً: كيف تحافظ ميزة تنبيهات أمان تسجيل الدخول إلى جيميل على أمان حسابك؟

يقول جان بينفرات، وهو مستشار سياسات رئيسي في منظمة "يوروبيان ديجيتال رايتس" (European Digital Rights)، إن الإجراءات التي تتخذها شركات مثل جوجل لتصفية الإعلانات التي تعرضها على شبكاتها تميل إلى السطحية. ويضيف متحدثاً عن أنظمة التصفية هذه: "غالباً ما تكون هذه الأنظمة مؤتمتة باستخدام الخوارزميات، ولا تعمل بشكل جيد، فهي ترتكب الكثير من الأخطاء، وقد بينت الأبحاث مراراً وتكراراً أن الالتفاف حولها أمر سهل للغاية".

التنصيب ممنوع دون إذن لكنّ التسويق مسموح!

وعلى حين أن القانون الأميركي يحظر تنصيب برامج التتبع على هاتف شخص بالغ دون إذن، فإن التسويق لهذه البرامج مسموح قانوناً. وعلى الرغم من أن الكثير من الشركات تصرح على مواقعها الإلكترونية بأن هذه البرمجيات مخصصة للأغراض القانونية فقط، فهناك العديد من المخالفات المدانة لتنصيب برامج تجسس على أجهزة البالغين دون معرفتهم. 

وفي سبتمبر الفائت، وفي أول أمر من نوعه، قامت هيئة التجارة الفدرالية بحظر شركة تحمل اسم "سابورت كينغ" (Support King) -والتي تعمل تحت اسم "سباي فون" (SpyFone)- من العمل في مجال المراقبة بسبب قيامها بجمع ومشاركة المعلومات الخاصة للناس بصورة مخالفة للقانون وعدم التزامها بتطبيق إجراءات الأمان الأساسية. وقالت الهيئة إنها ستكون "صارمة في تطبيق الحظر على المراقبة عند الاعتداء على خصوصيتنا بصورة فظيعة من قبل الشركات ومسؤوليها التنفيذيين".

وعلى حين تُباع الكثير من تطبيقات التتبع على أنها أدوات مراقبة أبوية مخصصة لمراقبة الأطفال، فإنها تقدم نفس الإمكانات المتوافرة لدى التطبيقات الأكثر صراحة حول كونها مصممة للتجسس على الأزواج، كما يقول ديفيد رويز، وهو مستشار خصوصية رئيسي في مجموعة الحماية "مالويربايتس" (Malwarebytes). "هناك صنف كامل من التطبيقات التي تقول، وبكل صراحة وبصورة مباشرة، إنها ستحل مشكلة خيانة الشريك في العلاقة العاطفية. وهذا ليس أمراً سخيفاً وحسب، بل ينطوي على الخطورة أيضاً". 

فالإساءة التي تعتمد على التكنولوجيا أصبحت مشكلة سريعة الانتشار. ووفقاً لمركز الموارد والتوعية ضد التجسس، يوجد ما يقارب 1.5 مليون أميركي معرضون للتتبع باستخدام شكل من أشكال التكنولوجيا سنوياً، على حين أبلغت منظمة "ريفيوج" (Refuge) الخيرية لمكافحة العنف المنزلي في المملكة المتحدة عن زيادة بنسبة 97% في حالات الإساءة التي تتطلب دعماً تقنياً اختصاصياً بين أبريل/ نيسان 2020 ومايو/ أيار 2021.

وقال الفريق التقني المختص بالإساءة في المنظمة الخيرية إنه يعمل مع "أعداد هائلة" من الأشخاص الذين تعرضوا إلى الإساءة، والذين قام المسيؤون إليهم بتنصيب برامج تتبع على هواتفهم في محاولة لإخافتهم أو التحرش بهم أو التلاعب بهم.

اقرأ أيضاً: لأول مرة: هيئة التجارة الفيدرالية الأميركية تحظر إحدى الشركات من بيع برامج التجسس

تقول إيما بيكيرينغ، وهي رئيسة فريق الإساءة التقنية في ريفيوج: "إن تسويق هذه التطبيقات بشكل مباشر إلى المعتدين أمر مثير للقلق إلى درجة كبيرة، ويجب على الشركات التكنولوجية أن تتصرف بسرعة لإزالة هذه الإعلانات التي تتيح للمعتدين الحصول على الأدوات التي تمكنهم من قراءة رسائل شركائهم أو تتبع موقعهم دون معرفة أو إذن، ويجب أن نعترف أن التتبع السيبراني سلوك خطير ومخيف بنفس درجة التتبع الحقيقي في الشارع".

المحتوى محمي