كيف تساعد الروبوتات الذكية الممرضات على توفير الوقت والجهد؟

5 دقائق
كيف تساعد الروبوتات الذكية الممرضات على توفير الوقت والجهد؟
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

حتى قبل انتشار جائحة كورونا، شعر ما يقرب من نصف الممرضات الأميركيات أن مكان عملهن يفتقر إلى التوازن الكافي بين العمل والحياة. ومع ظهور الجائحة أدى الشحن العاطفي الذي سببته رؤية المرضى يموتون والزملاء يصابون بالإضافة إلى الخوف من نقل الإصابة إلى أحد أفراد الأسرة، إلى تفاقم الشعور بالإنهاك.

وهذا الإرهاق الناتج عن العمل يمكن أن تكون له عواقب طويلة المدى على الممرضات وفقاً للعديد من الدراسات، ويشمل ذلك التأثيرات المعرفية والأرق بعد سنوات من تقاعدهن من وظائفهن، وهو ما يمكن أن يؤثر بشكل كبير على هذا القطاع الذي يعاني بالفعل من نقص في الممرضات منذ انتشار الجائحة قبل ثلاث سنوات مضت.

وفي هذا الصدد، خلص بحث أجراه الاتحاد الوطني للممرضات الأميركيات إلى أن اثنتين تقريباً من كل ثلاث ممرضات في الولايات المتحدة الأميركية قررن ترك المهنة في عام 2022. ونتيجة لهذا النقص المتوقع في أعداد الممرضات في بعض البلدان، سيزداد ضغط العمل على الكادر التمريضي وستتصاعد الأصوات المطالبة برفع أجورهم. على سبيل المثال تطالب الممرضات في بلدان مثل فنلندا  بأجور أفضل، وفي بعض الأحيان تضربن عن العمل لحث المسؤولين على الاستجابة لمطالبهن، لكن هذا الوضع مهد الطريق أيضاً لتطوير المزيد من الروبوتات الذكية ونشرها في مؤسسات الرعاية الصحية.

اقرأ أيضاً: باستخدام أدوات إدارة سلاسل التوريد: الذكاء الاصطناعي يساعد على معالجة مشاكل الرعاية الصحية

روبوتات الذكاء الاصطناعي وأهميتها في مجال الرعاية الصحية

أصبح الروبوت "موكسي" (Moxi) أحد روبوتات الذكاء الاصطناعي العديدة التي تم تطويرها لتخفيف الضغط على العاملين في مجال الرعاية الصحية، حيث قضى الروبوت "موكسي" معظم أوقاته خلال فترة انتشار الجائحة وهو يتجول في قاعات بعض أكبر المستشفيات في أميركا ينقل الأدوية والإمدادات وعينات المختبر والأغراض الشخصية عبر القاعات والمعامل وغرف الطوارئ.

تم تطوير الروبوت "موكسي" بواسطة شركة "ديليجنت روبوتكس" (Diligent Robotics) ويبلغ ارتفاعه 1.8 متراً تقريباً، وهو مجهز بذراع آلية ويمكن للروبوت الترحيب بالمارة بأصوات وتفاعلات مختلفة عبر شاشة رقمية أمامية تمثل الوجه.

كما يمكن للممرضات استدعاء الروبوت أو إرساله لتأدية مهمة عبر رسالة نصية، ويتم استخدام الروبوت "موكسي" عادةً لنقل العناصر الكبيرة مثل أسطوانات الأكسجين والبضائع وتوزيع قوارير المياه وحتى المستلزمات الشخصية الخاصة بالمرضى مثل الهواتف الذكية.

وتساعد الكاميرا الموجودة في المقدمة وأجهزة الاستشعار المضمنة في الخلف والأمام الروبوت "موكسي" على رسم خريطة لأرضيات المستشفيات، وتحديد الأشخاص والأشياء التي يجب تجنبها.

 

طرحت الشركة  الروبوت "موكسي" بعد أشهر قليلة من بدء انتشاء الجائحة، ويعمل الآن نحو 15 روبوتاً من طراز "موكسي" في المستشفيات الأميركية المختلفة، ومن المقرر نشر 60 روبوتاً إضافياً في وقت لاحق من هذا العام.

وفي هذا الصدد يقول "أندريا توماز" (Andrea Thomaz) الرئيس التنفيذي للشركة: "في عام 2018 كان أي مستشفى يفكر في العمل معنا لتطوير مشروع ابتكاري حول مستشفى المستقبل، وما رأيناه على مدار العامين الماضيين هو أن كل نظام رعاية صحية تقريباً يفكر في الروبوتات والأتمتة أو يحتوي على الروبوتات والأتمتة في جدول أعماله الاستراتيجي".

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة

كيف تساعد الروبوتات الممرضات على مواجهة ضغوط العمل؟

تذكر "أبيجيل هاميلتون" (Abigail Hamilton) وهي ممرضة سابقة في وحدة العناية المركزة وغرفة الطوارئ في مستشفى ماري واشنطن في فريدريكسبيرج بولاية فيرجينيا الأميركية: "إن الإرهاق لديه القدرة على إجبار العاملين على التقاعد المبكر، ودفعهم للعمل كممرضين مؤقتين، أو التأثير على علاقاتهم مع أحبائهم، أو حتى جعلهم يتركون العمل في القطاع تماماً".

وتضيف: "مع ذلك فإن الأشياء البسيطة التي يقوم بها الروبوت "موكسي" يمكن أن تحدث فرقاً، حيث يمكنه أن يوفر للممرضات ما يصل إلى 30 دقيقة قد يستغرقها الانتقال من الطابق الخامس إلى الطابق السفلي لحمل الأدوية من الصيدلية".

كما يعد توزيع الوجبات للمرضى واحداً من أكثر مهام الروبوت شيوعاً والذي لا يستغرق منه سوى ساعة واحدة، فمنذ أن بدأ اثنان من الروبوتات من طراز "موكسي" العمل في قاعات مستشفى ماري واشنطن في شهر فبراير، ساهما في توفير ما يصل إلى 600 ساعة كان يتم إهدارها في توزيع الطعام.

اقرأ أيضاً: ما فوائد استخدام الواقع الافتراضي في تدريب طلاب الطب ومتخصصي الرعاية الصحية؟

وفي دراسة من جمعية الممرضات الأميركية قامت بتقييم تجربة الروبوت "موكسي" في مستشفيات مختلفة في مدن دالاس وهيوستن وجالفستون بمقاطعة تكساس الأمريكية، قالت غالبية الممرضات اللائي تمت مقابلتهن كجزء من الدراسة إن الروبوت "موكسي" منحهن مزيداً من الوقت للقيام بأشياء أخرى أكثر أهمية.

كما ذكرت العديدات منهن أن الروبوت "موكسي" وفّر لهن الوقت والطاقة وجلب السعادة للمرضى وعائلاتهم، وحرص على توفير الماء للمرضى عندما يحين وقت تناول الأدوية. وقالت إحدى الممرضات التي شملتها الدراسة: "يمكنني القيام بذلك بشكل أسرع، ولكن من الأفضل للروبوت موكسي القيام بذلك حتى أتمكن من القيام بشيء آخر أكثر فائدة".

ومع ذلك حذر الباحثون وفقاً للدراسة نفسها من أن استخدام مثل هذه الروبوتات يتطلب إدارة أكثر شمولاً للإمدادات من قبل طاقم المستشفى، لأن الروبوتات لا تقرأ تواريخ انتهاء الصلاحية؛ حيث يمكن أن يؤدي استخدام الضمادات منتهية الصلاحية إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى.

وخلصت الدراسة إلى أن الروبوت "موكسي" غير قادر على تقديم رعاية تمريضية ماهرة، لكنه الأنسب للعمل على المهام المتكررة منخفضة المخاطر التي يمكن أن توفر وقت الممرضات.

اقرأ أيضاً: أهم 5 مخاطر ومسائل أخلاقية مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي

روبوتات خدمة متخصصة 

منذ انتشار جائحة كورونا عملت العديد من الشركات على تطوير الروبوتات للقيام بمهام الرعاية الصحية الشائعة، مثل تطهير أجنحة المستشفيات أو مساعدة المعالجين الفيزيائيين، ومع ذلك لا تزال معظم هذه الروبوتات حتى الآن تُصنف على أنها روبوتات خدمة متخصصة بدلاً من روبوتات تقدم رعاية صحية احترافية.

وعلى الرغم من العديد من الدراسات والأبحاث التي تذكر أن الروبوتات قد تُشكل تهديداً لوظائف التمريض بشكل خاص وبعض الوظائف في القطاعات الأخرى، إلا أن هذه الروبوتات لا يزال أمامها وقت طويل لتحل مكان البشر في مجال الرعاية الصحية.

اقرأ أيضاً: هل يتسبب إدخال الروبوتات إلى المصانع بزيادة وفيات البشر؟

على سبيل المثال فإن الروبوت "موكسي" لا يزال يحتاج إلى المساعدة في المهام الأساسية الشائعة، مثل الضغط على زر المصعد للوصول إلى طابق معين. بالإضافة إلى أنه يواجه صعوبة في المناورة عبر الممرات الضيقة، والوصول إلى السجلات الصحية الإلكترونية بشكل أكثر تفصيلاً دون الحاجة إلى ممرضة أو طبيب.

ولكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو مخاطر الأمن السيبراني واحتمالية اختراق مثل هذه الروبوتات المرتفعة للغاية، حيث كشفت شركة الأمن الرقمي "سينريو" (Cynerio) عن إمكانية استغلال الثغرات الأمنية للتحكم عن بعد في هذه الروبوتات.

كيف يمكن للروبوتات أن تكون أكثر فائدة في قطاع الرعاية الصحية؟

مع تطور التكنولوجيات، من المتوقع أن تعمل الروبوتات بشكل أكثر استقلالية حتى الوصول إلى أن تؤدي مهاماً معينة بالكامل بمفردها. ونتيجة لذلك سيتمكن الأطباء والممرضات وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية من قضاء المزيد من الوقت في تقديم رعاية مباشرة للمرضى.

وتتمثل أبرز الفوائد عند استخدام الروبوتات في قطاع الرعاية الصحية في ما يلي:

  • رعاية عالية الجودة للمرضى

 تقوم الروبوتات عادةً بالإجراءات البسيطة بجودة عالية مثل المراقبة المخصصة والمتكررة للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، والمشاركة الاجتماعية للمرضى المسنين.

  • تبسيط سير العمل اليومي

تعمل الروبوتات على تبسيط المهام الروتينية وضمان عمليات أكثر اتساقاً، حيث يمكن أن تتبع المخزون وتقدم الطلبات في الوقت المناسب للمساعدة في التأكد من وجود الإمدادات والمعدات والأدوية في المخزن عند الحاجة إليها.

  • توفير بيئة عمل آمنة

تعمل روبوتات التنظيف والتطهير على الحد من التعرض لمسببات الأمراض، مع المساعدة في تقليل العدوى المكتسبة من المستشفيات، كما تساعد على رفع الأشياء الثقيلة، مثل الأسرة المتحركة، ما يقلل من الضغط البدني على العاملين في مجال الرعاية الصحية.

  •  الرعاية الاجتماعية

يتم استخدام "روبوتات الرعاية الاجتماعية" (Social Robot) في بيئات الرعاية طويلة الأمد لتوفير التفاعل الاجتماعي والمراقبة، مثل تشجيع المرضى على الامتثال لأنظمة العلاج أو توفير المعلومات لهم، أو مساعدة الزوار والمرضى على معرفة الاتجاهات داخل المستشفى، ما يكون له أثراً كبيراً في تقليل أعباء عمل مقدمي الرعاية وتحسين الرفاهية العاطفية للمرضى.

اقرأ أيضاً: كيف تساهم شركات التكنولوجيا في تشكيل مستقبل الرعاية الصحية؟

الخلاصة

مع تقدم تكنولوجيات التعلم الآلي وتحليلات البيانات وغيرها وتطورها، من المتوقع أن تتطور أيضاً الروبوتات العاملة في مجال الرعاية الصحية بشكل مستمر وصولاً إلى درجة إكمال المهام بشكل مستقل وبكفاءة ودقة أكبر، حيث تعمل العديد من الشركات مع الباحثين والعلماء لاستكشاف الجيل التالي من حلول روبوتات الرعاية الصحية، واكتشاف التطبيقات الجديدة لتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، وهذا من شأنه أن يدعم ظهور الابتكارات التي تزيد من الأتمتة وتحفز الكفاءات وتحل بعضاً من أكبر تحديات الرعاية الصحية.

المحتوى محمي