الذكاء الاصطناعي يعزز معرفتنا بمرض السكري ويساعد في تطوير علاجات شخصية

3 دقائق
الذكاء الاصطناعي يعزز معرفتنا بمرض السكري ويساعد في تطوير علاجات شخصية
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

استخدم فريق متعدد التخصصات من الباحثين بجامعة ميسوري الأميركية ومستشفى (ميرسي كانساس سيتي) للأطفال ومستشفى تكساس للأطفال، نهجاً جديداً يعتمد على الذكاء الاصطناعي لمعرفة المزيد عن الأشخاص المصابين بداء السكري من النمط الأول.

مرض السكري من النمط الأول

داء السكري من النمط الأول هو أحد أمراض المناعة الذاتية. لسبب غير واضح؛ يهاجم الجهاز المناعي -عن طريق الخطأ- خلايا بيتا في جزر لانجرهانس في البنكرياس ويدمرها؛ وهي الخلايا المسؤولة عن تصنيع الإنسولين، حيث تكتشف باستمرار تركيز سكر الغلوكوز في الدم، وتفرز كميات مناسبة من الإنسولين كلما ارتفعت مستويات الغلوكوز لمواجهة الزيادة.

قد تلعب الجينات دوراً في الإصابة بداء السكري من النمط الأول عند بعض الناس، ومن الممكن أيضاً أن يتسبب فيروس ما في تحفيز هجوم الجهاز المناعي على البنكرياس. تزداد احتمالية الإصابة بالنمط الأول من داء السكري عند الأطفال والمراهقين، أو عند إصابة الأب أو أحد الأخوة به؛ أي لأسباب وراثية. يمثّل المصابون به نحو 5-10% من إجمالي المصابين بمرض السكري في العالم.

مرضى السكري من النمط الأول معرضون لخطر الإصابة بالعمى والفشل الكلوي وبتر القدم والموت ليلاً بسبب انخفاض نسبة السكر في الدم لديهم أثناء النوم. كما تزداد لديهم احتمالية الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، بالإضافة إلى أنه يضعف جهاز المناعة. يساعد التشخيص والعلاج المبكر لهذه الحالة على تجنب الوصول لهذه المضاعفات، لذلك يسعى الباحثون لإيجاد طرق موثوقة للتشخيص المبكر، وهذا ما قام به باحثو جامعة ميسوري باستخدام الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: تشخيص اعتلال الشبكية السكري باستخدام الذكاء الاصطناعي

دور الذكاء الاصطناعي في تشخيص السكري من النمط الأول

في الدراسة المنشورة في مجلة "رعاية مرضى السكري" (Diabetes Care) التابعة للجمعية الأميركية للسكري، حلل فريق الباحثين البيانات المتاحة للجمهور والخاصة بنحو 16 ألف مشارك مسجلين في سجل (T1D Exchange Clinic Registry)، وهو موقع ويب يسجل فيه مرضى السكري من النمط الأول في أميركا بيانات عنهم وعن تجاربهم مع المرض، لمساعدة العلماء والعاملين الطبيين على توسيع معرفتهم بالمرض، واكتشاف علاجات جديدة له، وتحسين طرق العلاج والرعاية الحالية.

بقيادة "شي رن شو" مدير معهد علوم البيانات والمعلوماتية، طوّر باحثون من كلية الهندسة في جامعة ميسوري خوارزمية ذكاء اصطناعي يمكن من خلال تطبيقها تحديد الاختلافات الرئيسية في النتائج الصحية بين الأشخاص المصابين بداء السكري من النمط الأول ممن لديهم تاريخ عائلي مباشر للمرض أو ليس لديهم ذلك.

أوضح شو ذلك بقوله: "هنا نسمح للحاسوب بربط ملايين النقاط في البيانات لتحديد الأنماط المتناقضة الرئيسية فقط بين الأفراد الذين لديهم أو ليس لديهم تاريخ عائلي لمرض السكري من النمط الأول، وإجراء الاختبار الإحصائي للتأكد من موثوقية النتائج".

أدى تحليل البيانات إلى نتائج غير مألوفة، فقد وجدت "إيرين تالون"، المؤلفة الرئيسية للدراسة، في السجل أشخاصاً أصيب أحد أفراد عائلتهم المباشرين بداء السكري من النمط الأول، بالإضافة إلى تشخيص إصابتهم بارتفاع ضغط الدم، وأمراض الأعصاب المرتبطة بالسكري وأمراض العيون وأمراض الكلى. تتكرر هذه الحالات مع الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مباشر من مرض السكري من النمط الأول. كما أن هؤلاء الأشخاص لديهم أيضاً خصائص ديموغرافية معينة.

عملت تالون على هذا البحث بشغف، لكونها تعمل ممرضة في وحدة العناية المركزة، حيث تتابع عن كثب مرضى السكري من النمط الأول الذين يعانون أيضاً من حالات أخرى مثل أمراض الكلى وارتفاع ضغط الدم. ورأت أنه غالباً ما يتم التشخيص عندما يصل المرض لمراحل متقدمة، لذلك أرادت إيجاد طرق أفضل للوقاية والتشخيص، بدءاً من إيجاد طريقة لتحليل الكميات الكبيرة من البيانات المتاحة للجمهور والتي تم جمعها مسبقاً حول المرضى.

تختلف إصابة كل شخص بمرض السكري من النمط الأول عن الآخرين، لذلك قالت تالون: "من خلال تحليل بيانات العالم الحقيقي، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل عوامل الخطر التي قد تجعل شخصاً ما أكثر عرضة لخطر تطوير نتائج صحية سيئة".

اقرأ أيضاً: شركة تدّعي بأن اختبارها الجيني الجديد جاهز لتقدير خطر الإصابة بالسكري

إن النتائج التي توصلوا إليها واعدة للغاية، ويأمل الباحثون في المستقبل باستخدام مجموعات بيانات أكبر من المرضى على أرض الواقع، وتحليلها باستخدام هذه الخوارزمية، بهدف تطوير خيارات العلاج الشخصية لمرضى السكري، وبالتالي الحصول على العلاج المناسب للمريض في الوقت المناسب.

ستكون البداية بطرح أسئلة على المريض المعرّض لخطر أكبر للإصابة بالمرض ومضاعفاته، ومن ثم تحديد ما إذا كانت لديه مخاطر عالية للإصابة بالسكري من النمط الأول في السنوات القادمة من عمره. يقول الباحثون إن الحصول على كل هذه المعلومات يمكن أن يساعد يوماً ما في تكوين صورة أكثر اكتمالاً عن المخاطر التي يتعرض لها الشخص، ويمكن استخدام هذه المعلومات لتطوير نهج أكثر تخصيصاً لكل من الوقاية والعلاج.

المحتوى محمي