كيف يتحكم الذكاء الاصطناعي فيما تراه على وسائل التواصل الاجتماعي؟

3 دقائق
كيف يتحكم الذكاء الاصطناعي فيما تراه على وسائل التواصل الاجتماعي؟
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

يتزايد اعتماد شبكات التواصل الاجتماعي على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مجال تخصيص المحتوى والتسويق على شبكة الإنترنت، هذا يساعدها على جعل المحتوى مخصصاً ويستهدف المستخدمين بشكلٍ دقيق، وقد تبين أن لذلك فائدة كبيرة جداً في تحقيق أرباح هائلة وصلت لمئات مليارات الدولارات.

من أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي على شبكه الإنترنت جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بطريقة الاستخدام والتفاعل مع المواقع والمنشورات، وبذلك يمكن اقتراح توصيات ومزايا جديدة ومفيدة، وتحديد الأخطاء التي يمكن أن تحصل في المنصات للمساعدة في حلها.

لكن، هناك بعض القلق من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في منصات التواصل الاجتماعي، وقد جرى استجواب بعض المسؤولين التنفيذيين في شركتي تويتر وفيسبوك أمام الكونغرس الأمريكي حول تأثير ذلك في شبكاتهم على المستخدمين، خاصةً إذا حاولت دولة معادية استخدام ذلك لاستهداف المواطنين بغرض التأثير على الانتخابات، كما حصل في عام 2016 حين حاولت روسيا الضغط على الرأي العام الأميركي للتلاعب بالانتخابات الأميركية.

لكن على الرغم من كل هذه المخاوف، تبين أن الاستخدام العملي واسع النطاق للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على منصات التواصل الاجتماعي له الكثير من الفوائد التي تجعل هذه المواقع مفيدة وذات قيمة للمستخدمين، وتوفر وسائل تسويق قوية وناجحة بالنسبة للشركات، ووصولاً دقيقاً إلى قاعدة العملاء المهتمين.

استخدام الذكاء الاصطناعي في تخصيص المحتوى

حالياً، تشهد مواقع التواصل الاجتماعي إنشاء كم هائل من المحتوى من قبل المستخدمين العاديين، معظم هذا المحتوى عشوائي وغير منظم، أي من الصعب تنظيمه وأرشفته وتدقيقه بشكلٍ فعال. فعلى موقع تويتر، يتم إنشاء 456 ألف تغريدة جديدة في كل دقيقة، ويبلغ عدد مستخدمي موقع فيسبوك أكثر من 1.93 مليار مستخدم يومياً، هذا الكم الهائل من المحتوى يجب أن تقوم الشركات بإدارته وتحسينه والإشراف عليه. ولا يستطيع الموظفون مهما كان عددهم كبيراً أن ينفذوا هذه المهمة، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.

تستخدم كل مواقع التواصل الاجتماعي الذكاء الاصطناعي من أجل تقييم المحتوى وترشيحه للمستخدمين حسب اهتماماتهم، هذا يعني تصفية ملايين المنشورات التي تشمل النصوص المكتوبة والصور والفيديوهات والأصوات طوال الوقت. وقد تمكنت الأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي من جعل المحتوى المعروض ذو قيمة حقيقية ومفيدة، بحيث يعرض ما يهم المستخدمين تماماً ويستبعد المحتوى الذي لا يهمهم.

لا يقوم الذكاء الاصطناعي فقط بقراءة النصوص المكتوبة، بل أصبح قادراً على استخلاص البيانات من الصور ومقاطع الفيديو والتعرف على الوجوه وتمييز الأشخاص والعناصر في كل صورة، وإضافة التسميات التوضيحية تلقائياً لها.

بالنسبة للأصوات، طورت شركات التكنولوجيا أدوات تقنية تستطيع معالجة فهم اللغة الطبيعية للإنسان، وبالتالي نسخ وتحويل المحتوى الصوتي لمحتوى مكتوب. على سبيل المثال، يوفر موقع يوتيوب إمكانية تحويل الصوت في الفيديوهات إلى نص مكتوب يمكن مشاهدته مع الفيديو، بالإضافة إلى ترجمته بطريقة آلية.

لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على تخصيص المحتوى وتصنيفه فقط، بل يساعد أيضاً في الإشراف على المحتوى ومتابعته للتأكد من أنه لا ينتهك شروط الخدمة أو إرشادات الاستخدام الخاصة بمنصات التواصل، وبذلك يساهم في منع انتشار المعلومات المغلوطة والمحتوى الضار الذي قد يتضمن أشياء غير قانونية، مثل الترويج للعنف أو المخدرات أو صور وفيديوهات الاعتداء الجنسي على الأطفال أو التنمر أو العنصرية أو غيرها من المخالفات. وقد تبين أن هذا الاستخدام للذكاء الاصطناعي فعال للغاية ويوفر الكثير من التكاليف والوقت. تقول شركة ميتا المالكة لموقعي فيسبوك وإنستقرام إن معظم الانتهاكات على المنصتين يتم حذفها بشكلٍ تلقائي عن طريق الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: إليكم طريقة بحث خوارزمية فيسبوك للذكاء الاصطناعي عن المحتوى المسيء

الذكاء الاصطناعي في مجال التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي

تستفيد الشركات بشكلٍ فعال من الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في مجال التسويق الرقمي المستهدِف من أجل تحديد المستخدمين الذين يمكن اعتبارهم جمهوراً مثالياً.

يتم ذلك عن طريق دراسة وتقييم اهتمام كل مستخدم بنوع المحتوى المعروض عليه، حيث يحدد الذكاء الاصطناعي مدى اهتمام المستخدم بعلامة تجارية معينة أو منتج أو مجموعة من المنتجات، وبذلك يستطيع استهداف المستخدم بإعلانات مخصصة له.

توفر جميع شبكات التواصل الاجتماعي أدوات خاصة تتيح للشركات والمعلنين العثور على الأشخاص المؤثرين الذين يمكن أن يساهموا في دعم علاماتهم التجارية، بالإضافة إلى تحديد مجموعة المستخدمين المهتمين بعلاماتهم التجارية لاستهدافهم بإعلانات مخصصة.

اقرأ أيضاً: تقرير جديد: فيسبوك تحتاج إلى 30,000 موظف داخلي لمراقبة المحتوى

استخدامات أخرى غير متوقعة للذكاء الاصطناعي 

بالإضافة إلى كل ما ذكرناه، يبدو أن البعض يجد استخدامات جديدة وغير متوقعة للذكاء الاصطناعي والاستفادة منه للمساعدة في حل بعض المشكلات الكبيرة التي تواجه المجتمعات، على سبيل المثال، تستخدم جامعة هلسنكي الفنلندية الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة في إلقاء القبض على الصيادين غير الشرعيين الذين يصطادون الحيوانات البرية ويتاجرون بها بطريقة غير مشروعة، حيث لاحظ الباحثون أن هؤلاء الصيادين ينشطون على وسائل التواصل الاجتماعي وينشرون الصور والمعلومات حول منتجاتهم لإيجاد العملاء، فقامت الجامعة بتصميم أداة يمكنها معالجة الصور والنصوص ومسح منشورات التواصل الاجتماعي المتعلقة بالتجارة غير المشروعة للكائنات الحية البرية. وبالفعل، ساعد ذلك في إلقاء القبض على عدد كبير من الصيادين والتجار الذين يبيعون أنياب الفيلة أو قرون وحيد القرن أو أنواع الطيور المهددة بالانقراض.

طورت شركة ميتا تقنية أخرى تستفيد من الذكاء الاصطناعي، حيث طورت الشركة تقنية تساعد على استكشاف متى يكون لدى المستخدمين أفكاراً انتحارية، وذلك من خلال تعليم الذكاء الاصطناعي تعبيرات منشورات المستخدمين الذين ثبت أن لديهم أفكاراً انتحارية، وبعد أن تمكن الذكاء الاصطناعي من تعلم ذلك، أصبح بالإمكان الإبلاغ تلقائياً عن المنشورات المشبوهة. تقول الشركة إن هذه الأداة تستطيع اكتشاف الأفكار الانتحارية بمعدل أفضل بـ 20 مرة من البشر.

من الواضح أن مواقع التواصل الاجتماعي تستخدم الذكاء الاصطناعي على نطاقٍ واسع، ومن المتوقع أن يزداد هذا الاستخدام ويتطور في المستقبل ليشمل مجالات أخرى، وحتى الآن، تبين أن فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي تفوق مخاطره بشكلٍ كبير.

المحتوى محمي