جميعنا نعرف شرائح "سيم" (SIM)، وهي اختصار لـ "وحدة هوية المشترك"، تلك البطاقات البلاستيكية الصغيرة التابعة لأحد مزودي خدمات الهاتف في بلدك، والتي تحدد هويتك وباقتك الخليوية، وتسمح لك بإجراء واستقبال المكالمات، وتخزين البيانات عبر هاتفك. ولكن يبدو أننا على أعتاب تحول ثوري فيما يتعلق بهذه البطاقات بفضل تكنولوجيا جديدة تُسمى "إي سيم" (eSIM)، فما هي شريحة eSIM؟ وكيف تعمل؟ وكيف ستؤثر على استخدامك الشخصي لهاتفك؟
ما هي تكنولوجيا "إي سيم" eSIM؟
eSIM عبارة عن بطاقة SIM ولكنها مضمنة، أي مصممة ليتم دمجها في هاتفك أو جهازك الذكي بخلاف بطاقات SIM التي نعهدها القابلة للإزالة. وتتمتع هذه البطاقات بحجم صغير جداً، حيث تبلغ أبعادها 2.3 ملم × 2.5 ملم، بالمقارنة مع 15 ملم × 25 ملم للبطاقات العادية، و12 ملم × 15 ملم للبطاقات الماكرو (micro-SIM)، و8.8 ملم × 12.3ملم للبطاقات النانو (nano-SIM).
ضمنت العديد من شركات الهواتف الذكية eSIMs في منتجاتها مثل هواتف آبل آيفون إكس إس iPhone XS وآيفون إكس آر iPhone XR وآيفون إكس إس ماكس iPhone XS Max وساعاتها الذكية الجديدة. سيتم تضمينها أيضاً في بعض الأجهزة المنزلية الذكية المعتمدة على إنترنت الأشياء، وأنظمة الأمان، والسيارات المتصلة، وأجهزة التتبع.
وسيزداد الاعتماد على تكنولوجيا eSIM بشكل أكبر بمرور الوقت، خاصة أن أنظمة التشغيل الرئيسية باتت تدعمها مثل "أندرويد وير أو إس" (Android Wear OS) و"آبل آي أو إس" (Apple IOS) و"ويندوز 10" (Windows 10)، وهذه الأنظمة بدورها ستدفع بالمزيد من الزخم لشرائح eSIM. ومن المتوقع ألا يقل عدد الهواتف الذكية التي تدعم eSIM عن 500 مليون هاتف في عام 2024، وفقاً لدراسة "إيه بي آي ريسيرش" ABI Research المنشورة في 2020.
هذا النمو المطرد ربما سيصل إلى الحد الذي يمكنه القضاء على بطاقات SIM التقليدية في وقت قريب، إذ أن معظم الأجهزة الحديثة التي تدعم تكنولوجيا eSIM تمنح مستخدميها خيار بطاقة SIM أيضاً، أي أنها تعمل كبطاقة ثانية في هاتف ثنائي الشريحة، ولكن ربما في وقت لاحق سيكون الاعتماد بشكل حصري على هذه البطاقات المضمنة، لتصبح بطاقات SIM من الماضي.
في البطاقات التقليدية، لابد لك من الذهاب إلى متجر شبكة المحمول لتحصل على واحدة. وإذا أردت تغييرها لشبكة أخرى، ستقوم بالعملية نفسها. معظم الأشخاص في عام 2022 يمتلكون أكثر من بطاقة واحدة، إما في هاتف آخر، أو في هاتف ثنائي البطاقة، فماذا ستغير بطاقات eSIM المدمجة؟
اقرأ أيضاً: سكايلو: شركة ناشئة توفر الاتصالات الفضائية للمناطق النائية بتكلفة منخفضة
مزايا بطاقات eSIM
تبديل أسهل بين الشبكات: بدلاً من الحاجة إلى طلب بطاقة SIM جديدة، ثم تركيبها في هاتفك، ستمكنك eSIM من التبديل إلى شبكة مختلفة من خلال مكالمة هاتفية أو عبر الإنترنت. وحينها لن تحتاج أيضاً إلى البحث عن "أداة إخراج" لبطاقة SIM لإزالة بطاقة SIM القديمة من هاتفك. الأمر كله سيستغرق منك عدة ثوانِ وضغطة زر.
تغيير مؤقت لشبكة أخرى: يمكن تخزين نحو خمس بطاقات افتراضية على شريحة eSIM، ما يعني أنك ستتمكن من التبديل بسرعة بين الشبكات المختلفة، في حال وجدت نفسك في منطقة لا توجد بها إشارة خليوية على شبكتك المعتادة.
التبديل إلى شبكة محلية أثناء السفر: ربما تكون هذه الميزة هي الأهم لمحبي السفر، إذ لن تضطر إلى البحث عن بطاقة SIM محلية للبلد الذي سافرت إليه، فكل ما عليك هو تحويله عبر الإنترنت أيضاً، مع الاحتفاظ بإمكانية الوصول إلى رقمك المحلي دون الاضطرار إلى إغلاقه، كما سيقلل رسوم التجوال في الخارج.
تشغيل رقمين في وقت واحد: ستحمل eSIM نفس مزايا الهواتف ثنائية الشريحة لتعطيك رقمي هاتف على جهاز واحد. فإذا إذا كنت تريد رقماً للاستخدام الشخصي وآخر للعمل، ستتمكن من تلقي المكالمات الهاتفية والرسائل النصية على الرقمين طوال الوقت، واختيار بطاقة SIM التي تريد استخدامها لإجراء مكالمات أو إرسال رسائل نصية أو استخدام البيانات.
حماية أكثر ضد التلف: قد يؤدي تركيب بطاقات SIM تقليدية وتبديلها بشكل متكرر إلى تلفها أو تلف الهاتف خاصة إذا تم التعامل معها بشكل غير دقيق، لذا فإن eSIM التي تغني عن التركيب والإزالة قد تحل هذه المشكلة. إضافة إلى أن هذه البطاقة المضمنة تعني ثقوب أقل في الهاتف ما يمنحه مزيداً من الحماية من الرطوبة والغبار، وبالتالي تقليل الأعطال.
تغيير شكل الهواتف: ستلغي eSIMs الحاجة إلى المساحة الأكبر التي تحتاجها بطاقة SIM العادية، والتي يمكن استغلالها لزيادة حجم بطارية الهاتف أو إضافة ميزات أخرى للهاتف، كما يمكن لهذه الميزة أن تجعل الهواتف أصغر حجماً. ربما تقول الآن إن مساحة البطاقة التقليدية لم تكن كبيرة على أي حال. صحيح، لذا ستظهر ميزة المساحة بشكل أفضل في الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعات الذكية، التي لها إصدارات تدعم بالفعل eSIM مثل Watch Series 5 وWatch Series 4.
أمان ضد السرقة: في حالة سرقة الهاتف، لن يستطيع اللصوص إخفاء موقع الهاتف المسروق بسهولة، إذ لا يمكنهم ببساطة التخلص من بطاقة eSIM كما يفعلون مع البطاقة التقليدية.
اقرأ أيضاً: بوتات الدردشة تملأ الفراغ الذي يتسبب به وباء كورونا في مراكز الاتصالات
ما هي عيوب شريحة eSIM؟
رغم هذه المزايا التي ستحدث ثورة في استخدامنا لهواتفنا الذكية، وستختصر الكثير من الوقت والمجهود، لكن هناك جانبين سلبيين يمكن توقعهما لشرائح eSIM. الأول يظهر في حالة توقف الجهاز عن العمل، فحاليا، إذا حدث هذا، يمكننا بسهولة إزالة بطاقة SIM التقليدية ووضعها في هاتف آخر، مع الاحتفاظ بجهات الاتصال الخاصة بك (إذا كانت مخزنة على بطاقة SIM وليس الهاتف). غير أن هذا الأمر ربما يصبح أكثر تعقيداً مع eSIM، رغم أن تخزين المعلومات عبر السحابة قد يسهل نقل البيانات من هاتف إلى آخر. أما الأمر الثاني الذي يمكن النظر إليه من السلبيات المحتملة هو أنه لا خيار للاختباء، إذ لا يمكنك أيضاً إزالة eSIM من الجهاز إذا كان لديك مخاوف بشأن تتبع تحركاتك، رغم أنها قد تصبح ميزة أيضاً ضد السرقة كما ورد في الميزات.
اقرأ أيضاً: ما بعد كوفيد-19: ما سر صمود الإنترنت، وكيف يبدو مستقبل الاتصالات؟
ما مدى توافر تكنولوجيا eSIM؟
تكنولوجيا eSIM مدعومة من قبل "جي إس إم إيه" (GSMA)، وهي الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول، وهي جمعية تعبر عن مصالح الشركات المشغلة لشبكات الهواتف المحمولة في جميع أنحاء العالم، وقد حددت تلك المنظمة معيار eSIM في جميع أنحاء العالم.
هذه التكنولوجيا تحتاج إلى مزودي خدمات شبكات هواتف محمولة لتبنيها، وإصدارات هواتف تدعم eSIM. وبالفعل هناك العديد من الشبكات حول العالم التي تبنت هذه التكنولوجيا، ومن ضمنها شبكات عربية مثل دو، واتصالات في الإمارات العربية، وأورانج وزين في الأردن، وموبايلي و إس تي سي في المملكة العربية السعودية، وغيرها.
ومن ناحية الهواتف، هناك الكثير من العلامات التي أعلنت عن إصدارات تدعم eSIM، مثل الهواتف التي تصنعها شركات آبل وجوجل وهواوي وسامسونج، بالإضافة إلى الساعات الذكية المصنعة من قبل آبل وهواوي وسامسونج وأو بي بي أو.
لذا، من الواضح أن الأمر يحتاج لبضعة شهور حتى تنتشر eSIM في منطقتنا العربية، وربما تصبح بطاقات SIM الكلاسيكية صفحة من الماضي بعد فترة قليلة.