هل سيتم إيقاف خدمات فيسبوك وإنستقرام في أوروبا؟

3 دقائق
هل سيتم إيقاف خدمات فيسبوك وإنستقرام في أوروبا؟
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

يشكل الاتحاد الأوروبي صداعًا لشركات التكنولوجيا الأميركية، فبين الحين والآخر، يفرض الاتحاد على تلك الشركات قوانين جديدة تجبرها على الالتزام بمعايير محددة أو تقيّد وصولها إلى بيانات المستخدمين ومعلوماتهم الشخصية.

في شهر يوليو/تموز عام 2020، قضت محكمة العدل الأوروبية بأن عمليات نقل البيانات بين دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية عبر المحيط الأطلسي لا تلبي معايير حماية خصوصية المواطنين الأوروبيين.

بناء على ذلك، يعمل المنظمون في الاتحاد الأوروبي حاليًا على سن تشريعاتٍ جديدة يمكن أن تمنع أو تقيّد نقل البيانات الخاصة بمواطني دول الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة.

تأثير تشريعات الاتحاد الأوروبي بشأن الخصوصية على نقل البيانات

هذا يعني أن شركات التكنولوجيا الأميركية مثل جوجل وأمازون وميتا (فيسبوك سابقًا) لن تكون قادرة على نقل بيانات المستخدمين من دول الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة لمعالجتها وتحليلها.

ردًا على ذلك، قالت شركة ميتا في تقريرها السنوي الموجه إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، إنها إذا لم تكن قادرة على نقل بيانات المواطنين الأوروبيين إلى خوادمها الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية، فلن تكون على الأرجح قادرة على توفير بعض الخدمات والمنتجات التي تقدمها مثل فيسبوك وإنستقرام في دول الاتحاد.

وورد في نفس التقرير: "إذا لم يتم اعتماد إطار عمل جديد لنقل البيانات عبر المحيط الأطلسي، ولم نتمكن من الاستمرار في نقل البيانات بناءً على المعايير التعاقدية القديمة أو إيجاد بديل آخر لنقل بيانات المستخدمين الأوروبيين إلى الولايات المتحدة، فمن المحتمل ألا نكون قادرين على توفير بعض خدماتنا ومنتجاتنا مثل فيسبوك وانستقرام في دول الاتحاد الأوروبي". وأضافت الشركة: "إن ذلك سوف يؤثر سلبًا على الأعمال والأرباح والنتائج التي نحققها".

فسر الكثيرون ذلك بمثابة تهديدٍ للمشرعين الأوروبيين، حتى أن بعض المسؤولين الأوروبيين اعتبروا ذلك ابتزازًا من قبل الشركة لمنع اتخاذ أي قرار يقضي بتقييد نقل البيانات عبر المحيط الأطلسي.

وقال النائب الأوروبي أكسل ڤوس في تغريدة على تويتر: "لطالما دعوت إلى بديلٍ عن اتفاقية درع الخصوصية وإيجاد اتفاق متوازن بشأن نقل البيانات. لا يمكن لشركة ميتا أن تبتز الاتحاد الأوروبي للتخلي عن معايير حماية البيانات الخاصة به".

كما سخر وزراء فرنسيون وألمان قائلين إن أوروبا ستعيش بشكلٍ جيد للغاية بدون فيسبوك بعد أن قالت ميتا إنها قد تنسحب من أوروبا. 

يبدو أن ما ورد في تقرير شركة ميتا السنوي قد أخرج عن سياقه وتم تفسيره بطريقةٍ خاطئة، فالشركة لم تقل إنها تريد أو ترغب بإيقاف خدماتها في الاتحاد الأوروبي، ولم تهدد بذلك إطلاقًا، بل قالت إنه لو فرض حظر أو قيود على عمليات نقل البيانات، فقد تضطر إلى إيقاف بعض خدماتها ومنتجاتها كون هذه الخدمات لن تكون مربحة بدون بيانات المستخدمين.

اقرأ أيضاً: البيانات المظلمة: قمة الجليد من كنز الشركات الضائع

نقل البيانات عبر الأطلسي

تستخدم شركات التكنولوجيا الأميركية اتفاقية درع الخصوصية (Privacy Shield) كأساسٍ قانوني لنقل بيانات المستخدمين الأوروبيين مجاناً إلى خوادمها الموجودة على الأراضي الأميركية وتخزينها ومعالجتها.

لكن ذلك تغير في شهر يوليو/تموز عام 2020، حيث قضت محكمة العدل الأوروبية بأن اتفاقية درع الخصوصية لا تلبي معايير حماية البيانات. وذلك لأن الشركات الأميركية يمكن أن تسلم الحكومة الأميركية بيانات مستخدميها الأوروبيين بناء على أمرٍ قضائي، ولا يستطيع المواطنون الأوروبيون منع حصول ذلك.

لهذا السبب، أصدرت المحكمة -التي تعد أعلى سلطة قانونية في الاتحاد الأوروبي- حكمًا بإبطال اتفاقية درع الخصوصية، ومنع عمليات نقل البيانات إلى الولايات المتحدة.

منذ ذلك الوقت، يعمل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية معاً على صياغة اتفاقية جديدة أو تحديث الاتفاقية القديمة لنقل البيانات.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن لأمانات البيانات أن تحمي خصوصيتنا؟

رد شركه ميتا

أكدت شركة ميتا أن نقل البيانات بين الدول وتخزينها ومعالجتها هو أمرٌ بالغ الأهمية وضروريٌ من أجل توفير إعلانات مستهدفة للمستخدمين وبالتالي تقديم خدمات مجانية لهم.

ورداً على التقارير الإعلامية التي ادّعت أن ميتا تبتز الاتحاد الأوروبي، نشرت غرفة أخبار ميتا مقالاً كتبه ماركوس راينيش، نائب رئيس السياسة العامة لشركة ميتا في أوروبا، بعنوان "ميتا بكل تأكيد لا تهدد بمغادرة أوروبا"، أكد المقال أن التقارير الصحفية التي تفيد بأن ميتا هددت بالانسحاب من أوروبا غير صحيحة إطلاقاً، وأن ميتا مثلها مثل أي شركة أخرى مدرجة في سوق الأوراق المالية، ملزمة قانونياً بأن توضح للمستثمرين المخاطر المحتملة، وهذا بالضبط ما تم توضيحه في التقرير السنوي الموجه إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.

وأكد راينيش أن حالة عدم اليقين بشأن معايير نقل البيانات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تشكل تهديداً لقدرة الشركة على توفير خدماتها ومنتجاتها في أوروبا.

بالإضافة إلى ذلك، أكد نيك كليج، نائب رئيس ميتا للشؤون العالمية والاتصالات، أن فرض أي حظر أو قيود على نقل البيانات بين الدول سيؤثر بشكلٍ كبير على أعمال الشركة، وسوف يُلحق الضرر بالعديد من الشركات الصغيرة والناشئة التي تعتمد على ميتا من أجل الإعلان والتسويق والنمو.

اقرأ أيضاً: هل فات أوان إنقاذ الإنترنت؟

ومن أجل توضيح تأثير ذلك على الشركات الصغيرة والناشئة، قال كليج: "منع نقل البيانات يعني أن أي شركة تقنية صغيرة في ألمانيا لن تكون قادرةً على أن تستخدم خدمات الحوسبة السحابية التي تقدمها شركاتٌ في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا سوف يؤثر سلباً على أعمالها وتطوير منتجاتها".

وأكد كليج أن ميتا تراقب التأثيرات المحتملة والقيود الجديدة على عملياتها داخل دول الاتحاد الأوروبي.

تصريح كليج هذا جاء بعد تصريح لمتحدث باسم ميتا قال فيه إن الشركة لا ترغب إطلاقاً بالانسحاب من دول الاتحاد الأوروبي، ولم تهدد بذلك، لكن الحقيقة البسيطة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن شركة ميتا وغيرها من الشركات التقنية الأخرى تعتمد بشكلٍ أساسي على نقل وتخزين ومعالجة البيانات لتوفير خدمات مجانية للمستخدمين، ما يعني أن فرض أي قيودٍ على ذلك، سيؤثر بشكلٍ سلبي على أعمالها ويكبدها خسائر كبيرة.

المحتوى محمي