في سبتمبر الماضي، أكملت شركة مايكروسوفت تجربة استمرت لعامين تضمنت إغراق مركز بيانات تحت الماء لدراسة ما إذا كان القيام بذلك ممكناً في المقام الأول، وما إذا كان سيمنح مراكز البيانات موثوقية أكبر في الأداء وكفاءة أعلى في استهلاك الطاقة.
وبعد أن أمضى مركز البيانات عامين في قاع البحر في إطار مشروع ناتيك (Project Natick)، قامت الشركة بإخراج الحاوية التي تحتويه في بداية الصيف وهي مغطاة بالطحالب والأعشاب البحرية. وأمضى فريق من الخبراء عدة أشهر في دراسة مركز البيانات والهواء الذي يحتوي عليه. وكانت النتيجة أن مركز البيانات تحت الماء يعمل بموثوقية أعلى بثماني مرات من مراكز البيانات الموجودة على اليابسة.
مركز بيانات تحت الماء!
تواجه مراكز البيانات العادية على اليابسة مشاكل فشل الأجهزة نتيجة الرطوبة والتآكل الذي يسببه الأكسجين والتبدلات في درجات الحرارة. أما عندما يتم وضع المخدمات داخل حاوية تحت الماء، فيمكن التحكم في درجة الحرارة والرطوبة، ما يؤدي إلى نسبة فشل أقل بكثير.
وانطلاقاً من هذه الفكرة، بدأت مايكروسوفت العمل على مشروع ناتيك في عام 2015، عندما اختبرت وضع مركز بيانات صغير تحت الماء قبالة سواحل كاليفورنيا لمدة ثلاثة أشهر ونصف. وبعد نجاح التجربة الأولية، قامت مايكروسوفت في ربيع عام 2018 بوضع مركز بيانات يضم 864 مخدِّماً و27.6 بيتابايت من البيانات على عمق أكثر من 35 متراً تحت الماء في قاع المحيط قبالة جزر أوركني في أسكتلندا.
وعلى امتداد العامين التاليين، قام فريق مشروع ناتيك بمراقبة أداء المركز واختباره ودراسة موثوقية المخدمات التي يحتويها. وبعد استخراج حاوية المركز من المحيط، عكف الفريق على دراسة البيانات وعينات الهواء والكوابل والمخدِّمات. وقد تبين أن إغراق مركز بيانات فكرة جيدة حقاً!
إخراج مركز البيانات من قاع المحيط/ مصدر الفيديو: مايكروسوفت
النتائج
توصلت مايكروسوفت إلى مجموعة من الاستنتاجات من هذه التجربة الفريدة؛ حيث أثبتت أن مراكز البيانات المغمورة بالماء تعمل بشكل جيد من حيث الأداء، وبيَّنت أن الخوادم الموجودة داخل مركز البيانات أكثر موثوقية بمقدار ثمانية أضعاف من نظيراتها على اليابسة، أي أن معدل فشل المخدمات في مركز البيانات تحت الماء بلغ ثُمن معدل الفشل في مراكز البيانات الأرضية. ويعدّ معدل الفشل المنخفض هذا أمراً مهماً في هذا السياق؛ نظراً لأنه من الصعب جداً إصلاح مخدم معطل عندما يكون في حاوية محكمة الإغلاق في قاع المحيط.
ما أهمية الأمر؟
تكمن أهمية هذه التجربة في أنه يمكن بسهولة نشر مراكز بيانات من هذا النوع بالقرب من سواحل المناطق التي تحتاج إليها، علماً أن 40% من سكان العالم يعيشون في مناطق تبعد أقل من 100 كم عن السواحل. ومن خلال وضع مراكز البيانات -التي تشكل العمود الفقري للحوسبة السحابية- تحت الماء بالقرب من المدن الساحلية، ستنتقل البيانات مسافات أقل، ما يؤدي إلى تصفح أسرع وتأخير أقل وتحميل أسرع لمقاطع الفيديو والألعاب عبر الإنترنت. وعلاوة على ذلك، فإن المياه الباردة في قاع البحر تتيح إنشاء تصاميم تبريد موفرة للطاقة في مراكز البيانات شبيهة بتلك المستخدمة في الغواصات.