هل سيوفر تلسكوب جيمس ويب إثباتاً لنظرية اقترحها باحثون عرب؟

4 دقائق
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

لقد مر أكثر من 20 عاماً منذ وضع العلماء نصب أعينهم إنشاء خليفة لتلسكوب "هابل". انطلق هذا التلسكوب واسمه "تلسكوب جيمس ويب الفضائي" في مهمته نحو الفضاء في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر/كانون الأول لعام 2021. بافتراض عدم وجود عوائق، سيكون التلسكوب قادراً على نشر معداته بالكامل في الأشهر الست القادمة. كل ذلك من أجل التعمق في دراسة الفضاء من خلال تمكين العلماء من النظر إلى الماضي أكثر من أي وقت مضى. 

اقرأ أيضاً: كيف سيغير تلسكوب ماجلان العملاق نظرتنا للكون؟

تلسكوب جيمس ويب الفضائي خليفة لهابل

يتولى تلسكوب جيمس ويب مهمة مراقبة الفضاء في مجال الضوء المرئي خاصة، ويتميز عن تلسكوب هابل، والذي يرصد في مجال الأطوال الموجية القريبة من الأشعة فوق البنفسجية والمرئية والقريبة من الأشعة تحت الحمراء (من 0.1 إلى 1 ميكرومتراً)، بأنه سيرصد في نطاق الضوء المرئي ذي الطول الموجي الطويل حتى منتصف الأشعة تحت الحمراء (من 0.6 إلى 28.3 ميكرومتراً).

يعود ذلك لمرآته الأولية التي تجمع الضوء والبالغ ارتفاعها 6.5 متراً، وهي زيادة كبيرة مقارنة بقطر 2.4 متراً الذي تتمتع به مرايا تلسكوب هابل. ففي علم الفلك، كلما كانت الرؤية متاحة لمسافة أبعد، استطعنا العودة بالزمن أكثر إلى الوراء ورؤية المزيد من الماضي. يعود ذلك للزمن الذي يستغرقه الضوء ليصل إلينا، وهذا يعني أننا نرى الأشياء كما كانت في الماضي. 

رحلة كاشفة لأسرار الماضي

وبالنسبة للأجسام التي سيكون "جيمس ويب" قادراً على تصويرها، فهذا يعني رؤية الكون البالغ من العمر 13.8 مليار عام كما كان منذ 100 مليون سنة بعد الانفجار العظيم، أي أن هذا التلسكوب الفضائي الجديد يمكن أن يساعد العلماء أخيراً في معالجة لغز الطاقة المظلمة، القوة التي تسببت في تسارع توسع الكون.

تأمل عالمة الفلك الرائدة والمتخصصة في قياس تمدد الكون ويندي فريدمان أن يتمكن تلسكوب جيمس ويب من تقديم إجابة عن سؤال مقلق نشأ على مدار العقود الماضية. 

تقول ويندي: "هناك الكثير من الإثارة في علم الكونيات بشأن احتمال افتقار نموذجنا المعياري الحالي لعلم الكونيات لمكون حيوي".

عندما يقيس علماء الفلك مدى سرعة تمدد الكون من حولنا محلياً، فإنهم يتوصلون إلى رقم مختلف قليلاً عن التقديرات المستندة إلى الضوء المرصود من بداية نشوء الكون. من المحتمل أن يشير التناقض إلى أن هناك جزءاً أساسياً مفقوداً في فهمنا الحالي للكون، أو قد يكون هناك بعض الجوانب التي لم يفهمها علماء الفلك حتى الآن عن النجوم التي نقوم بالقياس عليها. 

اقرأ أيضاً: دراسةٍ جديدة لدوران المجرات تقول إن الكون قد لا يكون عشوائياً كما نعتقد

البحث عن جزء مفقود في فهمنا الحالي للكون

لقد أجرت ويندي سابقاً قياسات أساسية لمعدل التوسع المحلي بناءً على عدة أنواع مختلفة من النجوم، وتأمل أن يساعد تلسكوب "جيمس ويب" في إيجاد إجابة قاطعة. باستخدام تلسكوب "جيمس ويب"، ستتمكن مجموعتها من إجراء قياسات لثلاثة أنواع مختلفة من النجوم المأخوذة من نفس المجرات. وبكلماتها: "سيسمح لنا هذا بقياس ثابت هابل بدقة غير مسبوقة، ويجب أن يسمح لنا بتحديد ما إذا كان التناقض الحالي ناتجاً عن فيزياء جديدة غير معروفة، أو ربما إلى شكوك غير معروفة المصدر حتى الآن في القياسات".

اقرأ أيضاً: هل يتوسع الكون بالسرعة نفسها في جميع الاتجاهات؟

تسارع تمدد الكون بين نظرية الانفجار العظيم ونظرية الكون الداخلي

تسارع تمدد الكون في نظرية الانفجار العظيم

 كما هو معروف بلغت سرعة تمدد الكون في بداية نشوئه 30 ألف سنة ضوئية في الثانية. عملت المادة على إبطاء هذه السرعة حتى ظهرت الطاقة المظلمة التي تسببت في تسارع تمدد الكون. يقدر علماء الكونيات في نظرية الانفجار العظيم أن التسارع بدأ منذ نحو 5 مليارات سنة. قبل تلك الفترة، يُعتقد أن التوسع كان يتباطأ بسبب تأثير جاذبية المادة. تتناقص كثافة المادة المظلمة في الكون المتوسع بسرعة أكبر من الطاقة المظلمة، وفي النهاية تهيمن الطاقة المظلمة. 

تلسكوب جيمس ويب الفضائي
حقوق الصورة: شترستوك.

تسارع تمدد الكون في نظرية الكون الداخلي

تقدر نظرية الكون الداخلي أن تسارع توسع الكون رافق الكون منذ نشوئه ولم يظهر حديثاً. حيث تقترح النظرية أن الكون نشأ نتيجة لتسرب تدريجي للطاقة المظلمة من نقطة صغيرة وليس نتيجة لتمدد سريع للكون. وهكذا فإن التسرب يولد كونين ومكانين، أحدهما كوننا الحالي، والآخر هو الكون الداخلي الموجود في "البعد الخامس".

إن نظرية "الكون الداخلي" تقدم تفسيراً للغز تسارع تمدد الكون، إذ أن الطاقة تتسرب من المركز (الكون الداخلي) بشكل مستمر. وكلما تسربت الطاقة من ذلك المركز انخفضت كتلته ما يزيد من سرعة دورانه حول نفسه، وتؤدي سرعة الدوران تلك إلى زيادة تسرب الطاقة على شكل موجات تدفع المجرات بعيداً عن بعضها، ما يزيد تمدد الكون. 

اقرأ أيضاً: إليكم الخريطة الأكثر دقة حتى الآن لتوزع المادة المظلمة في الكون، وهي متجانسة إلى درجة غريبة

سؤال باقٍ

يبقى السؤال الآن هو: "هل تسارع التوسع الكوني كان مرافقاً للكون منذ نشوئه، أم أنه تطور حديث نسبياً، أي حدث خلال الخمسة مليارات سنة الماضية أو نحو ذلك؟" 

سيكون للإجابة آثار عميقة. إذا وجد تلسكوب جيمس ويب أن توسع الكون كان دائماً متسارعاً، سيتعين على العلماء مراجعة فهمهم للتطور الكوني تماماً، والبدء جدياً بدراسة نظرية الكون الداخلي. ولكن إذا تبين، كما يتوقع علماء الكونيات، أن التسارع ظاهرة حديثة، فعندها قد يتمكن الباحثون من تحديد سببها، وربما الإجابة عن السؤال الأكبر المتعلق بمصير الكون، من خلال معرفة متى وكيف بدأ التوسع في اكتساب السرعة. 

من المهم البحث عن دليل مباشر لمرحلة توسع سابقة متسارعة، ومن شأن هذه الأدلة أن تساعد في تأكيد نظرية الكون الداخلي وتعطي العلماء فكرة عن السبب الكامن وراء الفترة الحالية من التسارع الكوني. ونظراً لأن تلسكوب جيمس ويب سينظر إلى الوراء بتجميعه الضوء من النجوم والمجرات البعيدة، يمكن لعلماء الفلك استكشاف تاريخ توسع الكون من خلال التركيز على الأشياء البعيدة. هذا التاريخ كامن في العلاقة بين مسافات المجرات وسرعات ابتعادها عن بعضها بعضاً. إذا كان التمدد يتباطأ، فإن سرعة المجرة ​​البعيدة ستكون أكبر نسبياً من السرعة التي يتوقعها قانون هابل. إذا كان التمدد يتسارع، فإن سرعة المجرات البعيدة ستنخفض إلى أقل من القيمة المتوقعة، وعندها تبدأ مرحلة علمية جديدة كتب تاريخها العرب.

المحتوى محمي