نشأتها ودراستها الأكاديمية
نالت دانا السليمان جائزة مبتكرون دون 35 من إم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2021، وبدأ شغفها بالعلوم والبحث العلمي عندما انتقلت من موطنها الأصلي في السعودية إلى كندا للالتحاق بالمدرسة الثانوية هناك، وهو المكان الذي اكتشفت فيه مجال الهندسة الطبية الحيوية لأول مرة. استلهمت السليمان الكثير من خالتها طبيبة الأطفال ومساهماتها في مجال الرعاية الصحية، وكبرت وعرفت الخسارة التي يسببها السرطان للعائلات، بعد أن وقع العديد من أحبائها ضحية للسرطان، منهم والدها الذي تم تشخيص إصابته بسرطان القولون، وهو أحد الأسباب التي دفعتها إلى تركيز جهودها البحثية على تقليل عبء هذا المرض الفتاك.
انتقلت لاحقاً إلى المملكة المتحدة لمتابعة دراستها الجامعية في تخصص الهندسة الحيوية في جامعة "إمبريال كوليدج لندن"، حيث حصلت على درجتي البكالوريوس والماجستير منها واحتلت المرتبة الأولى في فصلها، ثم حصلت على درجة الدكتوراه في الهندسة الحيوية من الجامعة ذاتها، وخلال بحثها الجامعي، تعلمت أن إحدى الطرق للتأثير بشكل كبير على حياة مرضى السرطان وزيادة مدة بقائهم على قيد الحياة هي تحسين تشخيص السرطان ومراقبته، لا سيما من خلال الكشف المبكر عن المرض.
ركزت أبحاث الدكتوراه الخاصة بها على تطوير منصات ضوئية وكهربائية تعتمد على الهيدروجيل للكشف عن الخلايا النووية الخالية من الخلايا، وكان الهدف من بحثها هو هندسة تقنيات طفيفة التوغل للكشف المبكر عن السرطان والمراقبة الطولية للسرطان.
في عام 2019، انتقلت السليمان إلى الولايات المتحدة لمتابعة تدريبها لما بعد الدكتوراه في قسم الهندسة الكيميائية في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، تحت إشراف البروفيسور باتريك دويل، وأصبحت زميلة ما بعد الدكتوراه بدعم من زمالة ابن خلدون في المعهد، وعملت خلال تعيينها في الزمالة على مشروعين، استلزم المشروع الأول تطوير منصات تجمع بين الهلاميات المائية وتقنيات التصنيع الدقيق للكشف الدقيق والمحدد عن حمض الرنا الميكروي (المسؤول عن تنظيم التعبير الجيني)، بينما تضمن المشروع الثاني استخدام أنظمة الموائع الدقيقة لدراسة خصائص المواد اللينة على مستوى الجزيء المفرد.
اهتمامها البحثي
بعد أن بلغت الثامنة والعشرين من عمرها، أصبحت السليمان متحمسة للعودة إلى وطنها لمواصلة مسيرتها المهنية في الأوساط الأكاديمية هناك، وتم تعيينها في سبتمبر/أيلول 2021 في هيئة تدريس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست). وتقوم بصفتها أستاذة مساعدة في علوم وهندسة المواد في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية بالجامعة بتوظيف طلاب الدراسات العليا وباحثي ما بعد الدكتوراه لتجميع مجموعتها البحثية المخصصة لدراسة مجال مواد الاستشعار البيولوجي وتطبيقاتها في مجال الرعاية الصحية.
يركز بحثها على تطوير مواد ومنصات الاستشعار الحيوي من الجيل التالي للكشف عن فئة ناشئة من المؤشرات الحيوية للأمراض تسمى الأحماض النووية الخالية من الخلايا، بما في ذلك الحمض النووي الريبي الدقيق والحمض النووي الخالي من الخلايا، ويتضمن بحثها كذلك تطوير أجهزة الاستشعار الحيوية القائمة على الهيدروجيل وأجهزة الموائع الدقيقة والجسيمات الدقيقة والإبر الدقيقة والمصفوفات الدقيقة.
تهدف أبحاثها إلى تلبية الاحتياجات السريرية العاجلة بما في ذلك الكشف المبكر عن أمراض السرطان والزهايمر ومراقبتها بأدنى حد من التدخل الجراحي وبطريقة منخفضة التكلفة، بالإضافة إلى دراسة الكائنات الحية الدقيقة التي تسكن سطح الجلد وطبقاته العميقة والتي تعرف بالميكروبيوم.
إبرة مجهرية وظيفية وابتكار فريد
نالت جائزة مبتكرون دون 35 من إم آي تي تكنولوجي ريفيو عن ابتكارها منصة إبرة مجهرية وظيفية مغلفة بالهيدروجيل، تتيح أخذ عينات سريعة من دون جراحة واكتشاف المعلمات الحيوية الخاصة بالسرطان من السائل الخلالي للجلد، وهذا يجعل التكنولوجيا أكثر قابلية للتطبيق سريرياً، مع تقديم معلومات إكلينيكية أكثر دقة وموثوقية.
تخترق الإبرة المجهرية سطح الجلد وتصل إلى الأدمة التي تحتوي على السائل الخلالي دون التسبب في الألم أو النزيف، وطاقم الإبر المجهرية مغلف بمادة الجينات هيدروجيل المتوافقة حيوياً والتي تعمل على امتصاص السائل الخلالي من خلال قدرتها الكبيرة والسريعة على الانتفاخ، وبعد وضع رقعة الإبر الدقيقة لمدة 15 دقيقة، يمكن إزالة الرقعة عن الجلد وغسلها لإزالة الجزيئات غير ذات الصلة.
هناك ميزتان تجعلان هذا الابتكار فريداً من نوعه، أولها أنه يتيح أخذ عينات أكثر بساطة وأقل توغلاً وأسرع من السائل الخلالي للجلد مقارنة بطرق أخذ عينات السائل الخلالي الأخرى، وثانيها توظيف الإبرة المجهرية المغلفة بالهيدروجيل مع جزيئات استشعار خاصة بالعلامات الحيوية تعتمد على الأحماض النووية الببتيدية (PNAs)، والتي توفر خصوصية تسلسل أكبر واستقراراً حرارياً وكيميائياً مقارنة بالأحماض النووية الطبيعية.
جوائز وتكريمات
حصلت السليمان على العديد من الجوائز المرموقة بما في ذلك الميدالية البرونزية لعام 2016 في مسابقة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لمجلس العموم البريطاني، وجائزة معهد الهندسة والتكنولوجيا لتقنيات الرعاية الصحية لعام 2019.
تكرس السليمان الكثير من وقتها لتعزيز ودعم المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من خلال مشاركتها في برامج التوعية المختلفة وحلقات النقاش، وصرحت في إحدى المقابلات قائلة: "هدفي هو مواصلة البحث في مجال تشخيص الأمراض ومراقبة السرطان والأمراض التنكسية العصبية مثل مرض الزهايمر. أنا مهتمة أيضاً بدراسة الجلد لاكتشاف المؤشرات الحيوية في الجلد البيني السائل، وفهم ميكروبيوم الجلد ودوره البيولوجي".