في خطوة لاقت ترحيباً من المدافعين عن الخصوصية وارتباكاً من شركات الإعلان الرقمي، أعلنت شركة جوجل قبل أيام أنها تخطط لإيقاف استخدام ملفات تعريف الارتباط الخارجية في منصتها الإعلانية ومستعرضها كروم. واعتبر البعض أن سياسة جوجل الجديدة تمثل تغييراً كبيراً بالنسبة لقطاع التسويق الرقمي والإعلانات عبر الإنترنت. فهل تعني هذه الخطوة أن عصر الاستهداف الإعلاني قد انتهى؟ وهل يعني أن جوجل ستتوقف عن جمع بيانات المستخدمين؟ لا تحبسوا أنفاسكم!
- اقرأ أيضاً:
ما هي ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وكيف تضبط إعداداتها في متصفحك؟
كيف تمسح تاريخ تصفح الإنترنت في كروم وسفاري وفايرفوكس وأوبرا وإيدج؟
سياسية جوجل الإعلانية الجديدة
ستتوقف جوجل عن بيع إعلانات الويب التي تستهدف شخصاً بعينه بناء على عادات تصفحه، وستحظر استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) الخارجية التي تجمع بعض المعلومات عن المستخدمين في مستعرضها كروم.
مع ذلك، ستواصل جوجل تتبع المستخدمين واستهدافهم على الهواتف المحمولة، وستواصل استخدام ملفات تعريف الارتباط الخاصة بها على منصاتها مثل يوتيوب ومحرك البحث. بالتالي ستتابع استهداف المستخدمين بناء على سلوكهم على هذه المنصات، وهو ما يمثل أكثر من نصف عائدات الشركة وفقاً لتقرير إيراداتها الربعي الأخير.
بكلمات أخرى، يحمل الإعلان الجديد تداعيات كبرى على قطاع الإعلان الرقمي، وستجد شركات الإعلانات والتسويق الرقمي نفسها مضطرة للبحث عن وسيلة أخرى غير الكوكيز لاستهداف المستخدمين. وفي الوقت نفسه، لن يكون للسياسات الجديدة تأثيرات تُذكر على شركة جوجل نفسها.
وقد بدأت جوجل العمل على هذه السياسة منذ أكثر من عام؛ ففي أغسطس 2019، كشفت الشركة عن منصة اختبارات الخصوصية (Privacy Sandbox)، وهي مبادرة لإضفاء الطابع الشخصي على إعلانات الويب مع الحفاظ على خصوصية المستخدم. وفي يناير 2020، أعلنت جوجل أنها تسعى إلى حظر استخدام ملفات الكوكيز الخاصة بجهات خارجية في متصفح كروم بحلول عام 2022، وهي خطوة سبقتها إليها المتصفحات الأخرى مثل فايرفوكس وسفاري.
عصفوران بحجر واحد: حفاظ على الأرباح و”حماية للخصوصية”
تستخدم شركات الإعلانات ملفات تعريف الارتباط الخارجية لتتبع المستخدمين أثناء تصفحهم للإنترنت. وبناء على المواقع التي يزورها وأسلوب تصفحه، تقوم بإنشاء ملف خاص بكل مستخدم واهتماماته بهدف إرسال إعلانات استهدافية تتناسب مع تفضيلاته. وتتواجد ملفات تعريف الارتباط الخارجية هذه على ملايين مواقع الويب وتشكل مصدراً لحجم هائل من المعلومات حول المستخدمين. وتوظف جوجل هذه المعلومات في تعزيز أرباحها من قطاع الإعلانات. لكن يبدو أن تزايد اهتمام الجمهور بقضايا الخصوصية وتنامي وتيرة إقرار تشريعات الخصوصية في العديد من الدول، دفع جوجل إلى التفكير بتقنيات مبتكرة تحمي خصوصية المستخدمين.
وقد قال ديفيد تيمكن، رئيس منتج في جوجل الذي يقود التغييرات الجديدة، في منشور مدونة: “ما لم تتطور صناعة الإعلان الرقمي بشكل يمكنها من التعامل مع مخاوف الناس المتزايدة حول خصوصيتهم وكيفية استخدام هوياتهم الشخصية، فإنها ستشكل تهديداً مستقبلياً لشبكة ويب مفتوحة وحرة”. وأشار تيمكن إلى أن خطوة جوجل قد تدفع بعض مقدمي الخدمات الإعلانية على الويب لتطوير تقنيات جديدة لتتبع المستخدمين، لكنه أوضح أن جوجل لن تتبنى تقنيات تتبع فردية جديدة مبرراً ذلك بأن هذه الحلول “لا تلبي تطلعات المستهلكين بشأن الخصوصية، ولن تتمكن من الامتثال للقيود التنظيمية المتزايدة”.
التعلم الموحد: البديل الذي تقدمه جوجل لشركات الإعلان الرقمي
لعل أهم تقنية تعتمد عليها جوجل في هذا السياق هي التعلم الموحد لمجموعات المستخدمين (FLoC)، وهو تقنية إعلانية “تحترم الخصوصية أولاً” و”قائمة على الاهتمامات”. وباستخدام هذه التقنية، سيقوم كروم بتتبع عادات تصفح المستخدم، ثم يضع ملف المستخدم في عدة مجموعات مختلفة من تصنيفات المستخدمين الذين يمتلكون اهتمامات متشابهة. وبالتالي، لن يتمكن المعلنون من الاستهداف الإعلاني الفردي لكل مستخدم، وإنما سيتاح لهم استهداف مجموعات المستخدمين فقط.
من الناحية التقنية، ستواصل جوجل تقديم إعلانات استهدافية، لكن في ظل السياسة الجديدة، ستقوم بذلك بطريقة أكثر إغفالاً للمستخدمين الفرديين. ووفقاً لجوجل، فإن المعلنين سيحققون نفس العائد على الاستثمار باستخدام تقنية التعلم الموحد للمجموعات (FLoC) الذي كانوا يحصلون عليه بالاعتماد على التتبع القائم على ملفات تعريف الارتباط. وقالت إنها تواصل حالياً اختبار هذه التقنية مع المعلنين لدراسة مدى نجاحها كبديل لملفات تعريف الارتباط.