شركة مودرنا تعتقد أن بإمكانها تحديث لقاحها دون إجراء تجربة جديدة كبيرة

4 دقائق
تطوير لقاح شركة موديرنا
مكتب شركة مودرنا في كامبريدج بولاية ماساتشوستس الأميركية. مصدر الصورة: ويكيميديا كومنز

وفقاً لمسؤولين في شركة مودرنا ثيرابيوتكس وفي الحكومة الأميركية، فإن لقاحات كوفيد-19 المطوّرة لاستهداف السلالات الجديدة الناشئة من الفيروس يمكن أن تصل إلى الأسواق بسرعة دون إجراء تجارب سريرية كبيرة.

وفي حين يقوم الباحثون بتحديد النسخ الطافرة من الفيروس الذي يسبب مرض كوفيد-19، فإن هناك مخاوف من أن الفيروس يمكنه أن يتفادى اللقاحات المعتمدة ومن احتمال الحاجة إلى تطوير لقاحات جديدة.

لكن اللقاحات الجديدة يمكنها أن تصل إلى الأسواق في غضون بضعة أشهر فقط. والسبب في ذلك هو عدم وجود حاجة لدراسات كبيرة لإثبات فعاليتها.

يقول تال زاكس، المدير الطبي في شركة مودرنا، إنه من الممكن “علمياً” صنع لقاح جديد وتوقع فعاليته دون اختباره مرة أخرى عند عشرات الآلاف من المتطوعين. وأضاف بأن طرح لقاح مطوّر بسرعة في السوق “سيعتمد على الهيئات التنظيمية”.

أدلى زاكس بهذه التصريحات خلال جلسة للأسئلة والأجوبة في مؤتمر جي بي مورغان للرعاية الصحية في 11 يناير.

يقوم الباحثون بدراسة الأنماط الجديدة من الفيروس التي ظهرت أثناء انتشاره وتعرضه للطفرات. هناك مخاوف من أن بعض الطفرات -بما فيها تلك التي لوحظت عند بعض الحالات في جنوب أفريقيا والبرازيل- يمكن أن تسمح للفيروس بالتغلب على المناعة الموجودة المكتسبة من خلال اللقاح أو الإصابة بفيروس كورونا في السابق.

وقال بيتر ماركس، مسؤول إدارة الغذاء والدواء الذي صمم برنامج اللقاح الأميركي أوبريشن وورب سبيد (Operation Warp Speed)، في بث على موقع ويب إم دي (WebMD) في شهر ديسمبر: “مع ظهور هذه الأنماط الطافرة، لا يمكنك إلا التساؤل عما ستؤول إليه الأمور الآن. وهو ما يؤرقني طوال الليل”.

تقول شركة مودرنا إن الدراسات المختبرية تشير إلى أن لقاحها الحالي -الذي تم اعتماده لأول مرة في الولايات المتحدة في شهر ديسمبر- ينبغي أن يكون فعالاً في الوقاية من جميع الأنماط الرئيسية التي يتم تتبعها الآن، بما في ذلك النمط الذي ظهر في المملكة المتحدة ويُعتقد أنه أسرع انتشاراً، لذلك لا يوجد سبب حتى الآن لتغيير اللقاح.

وقال زاكس: “مما لاحظناه حتى الآن، فإن الأنماط الموصوفة… لا تغير من قدرة الأجسام المضادة الناتجة عن اللقاح على تحييد الفيروس”، مضيفاً بأنه يعتقد أن الحماية التي يمنحها اللقاح “ينبغي أن تدوم لمدة عام على الأقل”.

وقال: “إن التكنولوجيا التي لدينا ملائمة جداً للطرح السريع للقاح اعتماداً على النمط الجديد. ولكن استناداً إلى البيانات التي رأيناها اليوم، لا نرى حاجة لذلك”.

ينطوي اللقاح الجديد للشركة، وكذلك لقاح شركتي فايزر وبيو إن تك، على تحويل التعليمات الجينية للبروتين “الناتئ” لفيروس كورونا إلى جزيئات نانوية دهنية صغيرة. عند حقن اللقاح في ذراع الشخص، تبدأ الخلايا بقراءة تلك المعلومات وصنع الجزيء البروتيني الناتئ، ما يؤدي إلى حدوث استجابة مناعية تؤدي إلى الوقاية من الإصابة بالحالات الشديدة من مرض كوفيد-19 عند الغالبية العظمى من الناس، كما أظهرت التجارب.

وتتمثل مرونة هذه التكنولوجيا في إمكانية إعادة صياغة المعلومات الجينية (الحمض النووي الريبي المرسال) وتعديلها بسهولة، ما يجعل من الممكن استهداف أحدث الأنماط الطافرة من الفيروس. ولا يلزم تغيير المكونات الأخرى (الأملاح والسكريات والجزيئات الدهنية النانوية).

في الربيع الماضي، لم تستغرق شركة مودرنا سوى ستة أسابيع لتطوير وتصنيع كميات أولية من لقاحها، التي سلمتها إلى المعاهد الأميركية الوطنية للصحة لإجراء اختبارات أولية على الحيوانات. ولا يوجد سبب لعدم إمكانية القيام بذلك مرة أخرى. وقال أوغور شاهين، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بيو إن تك، التي تستخدم تكنولوجيا مماثلة، خلال لقاء صحفي في شهر ديسمبر: “من الناحية التقنية، يمكن صنع لقاح جديد يتوافق مع السلالة الجديدة في غضون أسابيع قليلة”.

الأمر الذي استغرق وقتاً أطول هو الاختبارات التي أجريت على البشر، بما فيها دراسة ضخمة أجرتها شركة مودرنا والمعاهد الوطنية للصحة وشملت أكثر من 30 ألف متطوع بين شهري يوليو ونوفمبر. في تلك الدراسة، حصل نصف المشاركين على اللقاح وحصل النصف المتبقي على جرعة وهمية، ما أعطى الباحثين فكرة غير متحيزة عن مدى فعاليته.

وقال ماركس: “بالنسبة للقاح الحمض النووي الريبي المرسال، فإننا نعرف آلية عمله… لن تكون هناك حاجة لإجراء تجربة سريرية أخرى على 30 ألف مريض. سيكون لدينا طريقة للتطور هنا”.

إذا كان من الممكن عدم إجراء تجارب كبيرة، فإن هذا يشير إلى أن الفترة اللازمة لطرح لقاح جديد في الأسواق ستكون أقصر بأربعة أشهر على الأقل، إن لم تكن أكثر. ولم تكمل حتى الآن العديد من اللقاحات الأخرى، بما في ذلك لقاحان من شركتي جونسون آند جونسون ونوفافاكس، تجارب المرحلة الثالثة الكبيرة اللازمة للحصول على موافقة الهيئات التنظيمية، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها بدأت في وقت متأخر.

ولا تعدّ فكرة تحديث اللقاح للاستجابة لتغير العوامل الممرضة جديدةً. يتم أيضاً تغيير لقاحات الأنفلونزا كل عام لتتوافق مع التغيرات في الفيروس. ويخضع كل لقاح محدّث لاختبارات محدودة على البشر لتقييم ما إذا كان يؤدي إلى حدوث الاستجابات المناعية المتوقعة. إلا أن لقاحات الأنفلونزا لا تكون دائماً فعالة جداً، خاصةً إذا كان هناك تفاوت بين السلالة المستخدمة في اللقاح والسلالة التي تنتشر بين الناس خلال العام.

تتمثل المخاوف التي يخشاها جمهور الناس وشركات اللقاحات الآن في الأدلة المتزايدة على أن فيروس كورونا سيستمر في التعرض للطفرات وتغيير شكله، وهي ظاهرة تسمى “الانسياق المستضدي”. ويمكن أن تكون النتيجة ظهور أنماط متطورة لا تقوم اللقاحات المتوافرة اليوم بالوقاية منها أيضاً.

وقال ماركس في شهر ديسمبر: “لسوء الحظ، بدأ هذا الفيروس يبدو وكأنه سيصبح مثل الأنفلونزا أو شبيهاً له. والأمر الجيد في الأنفلونزا هو أنه يمثل نموذجاً رائعاً جداً [لتحديث اللقاحات]”.

في 12 يناير، وصف باحثون برازيليون نمطاً جديداً من الفيروس ينتشر في مدينة ماناوس، عاصمة ولاية أمازوناس البرازيلية. كانت تلك المدينة تمتلك إحدى أعلى معدلات الإصابة بفيروس كورونا في العالم؛ إذ تشير التقديرات إلى أن ثلثي سكان المدينة كانوا قد أصيبوا بحلول الصيف، ولذلك توقع الباحثون تلاشي الفيروس، دون إصابة الكثير من الأشخاص الجدد.

ولكن على الرغم من ذلك، فإن عدد الحالات في ماناوس يرتفع مرة أخرى، ما دفع الباحثين البرازيليين إلى التساؤل عما إذا كان للسلالة الجديدة “ميل أكبر لإعادة إصابة الأفراد مرة أخرى”. ويقولون إنه “من الضروري دراسة الأمر بسرعة”.

وتقول شركة مودرنا إنها تراقب أيضاً ما يجري في العالم الحقيقي خارج المختبرات؛ حيث تتكاثر الآن تريليونات النسخ من الفيروس في أجسام ملايين الأشخاص.

يقول زاكس: “ينبغي القلق حسب وجهة نظري عندما نرى بيانات سريرية حقيقية تشير إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بالمرض أو أخذوا اللقاح قد أصيبوا مرة أخرى بأنماط جديدة. إننا نراقب التطورات بحذر، مثلنا مثل كثيرين غيرنا”.

المحتوى محمي