طفولتها ودراستها الأكاديمية
تتحدث هاجر المصنف المولودة لعائلة مغربية في مقابلة لها مع موقع SciDev.Net، عن تفاصيل شخصية هاجر الطفلة، الشغوفة بالتكنولوجيا منذ الصغر والمحبة للاستكشاف، إذ كانت دائماً تفكك ألعابها رغبة منها بمعرفة ما تحتويه من الداخل، ما يدخلها في جدال مع والدتها التي لطالما عانت معها من هذه العادة. تعلمت الكفاح من والدها الذي كان نجاراً، ووالدتها التي توقفت عن عملها للتفرع للأسرة، وتربت على قيم الحب والعطاء وحب الآخر، ما أكسبها صفتي الثقة بالنفس والاعتماد الذاتي في حل الواجبات المدرسية أو أداء بعض التكليفات، وكانت تلقى الدعم الكامل من أفراد عائلتها لإكمال تحصيلها العلمي، وبالأخص جدتها.
تقول هاجر في حديث آخر لها مع موقع "سكاي نيوز عربية": "كان مشواري التعليمي بالكامل في المدارس الحكومية، والجامعات العمومية في المغرب"، فقد حصلت على دبلوم الدولة في الهندسة من معهد البريد والمواصلات عام 2005، ودكتوراه في المعلومات حول شبكات الاستشعار اللاسلكية وشبكات المركبات من "جامعة القاضي عياض" في مدينة مراكش بالمغرب عام 2012.
وبعد حصولها على دبلوم الدولة أصبحت مهندسة اتصالات في "جامعة القاضي عياش" في الفترة بين عامي 2005 و2013، ثم تولت عام 2013 عملها الحالي كأستاذة لعلوم الحاسب والذكاء الاصطناعي، وأصبحت فيما بعد مؤسِسة ومنسقة لبرنامج ماجستير علوم البيانات في الجامعة ذاتها.
اقرأ أيضاً: نموذج جديد للذكاء الاصطناعي يفهم العلاقات بين الأشياء كالبشر
العالم الذكي
"يمكن أن نجعل أي شيء ذكياً"، هذا ما تؤمن به المصنف، وتحاول دائماً أن تواجه أي مشكلة بالتكنولوجيا، فمثلاً بالنسبة لها يمكن التفكير في حل تكنولوجي مناسب للقمامة المتناثرة في جنبات الطريق، فكل المشكلات يمكن حلها بطريقة ذكية، ويكفي أن يكون هناك مشكلة لاستدعاء الذكاء الاصطناعي.
بعد حصولها على الدكتوراه، تفرغت للعمل البحثي، وكان نتاج جهدها اختراعات تكنولوجية عديدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، وبراءات اختراعات عدة. انطلقت قصة المصنف مع الذكاء الاصطناعي من مجموعة تساؤلات طرحتها حول نظام عمل الهاتف المحمول، فكانت تراودها نوبات من الحزن والكآبة والبكاء، وتلاحظ أن الهاتف الذي تحمله يراها في كل الأحوال، وراحت تسأل نفسها كيف لهذا الهاتف أن يشعر بها ويساعدها؟.
فكرت في أن تجعل هذا الهاتف يرسل لها إشارات تبين أنه يفهمها ويستشعر حالاتها النفسية، وكانت فكرتها طريقاُ لحصولها على براءة اختراعها الأول عن هاتف يمكنه الإحساس بالفرد وتحليل أحاسيسه، حيث يرسل لحامل الجهاز رسالة أو مقطع فيديو يهدئ من قلقه أو يضحكه، ونالت عن هذا الاختراع "جائزة المرأة في العلوم" وصُنفت عنه بين أفضل خمسة باحثين في شمال أفريقيا.
وبعد تطوير هذه الخاصية في الهاتف الذكي، واصلت أبحاثها ونجحت في تسجيل براءات اختراعات أخرى، فمن خلال عملها التدريسي استلهمت فكرة ابتكار كرسي ذكي مزود بأجهزة استشعار يجلس عليه الطلاب، يقوم بتحليل تعابير وجه الطالب وطريقة تحركه ودرجة استيعابه ومتابعته للحصص، بشكل يمكن المدرس من معرفة مدى استيعاب الطلاب لشرحه في الوقت الذي يقدم فيه الدرس، وإجراء التغييرات المناسبة في الوقت المناسب، وحصلت على براءة اختراع عن ذلك الكرسي، وعلى الجائزة الأولى للبحث في المغرب عام 2017.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي متعدد المهارات: نحو تحسين المحاكاة الحسية لسلوك البشر
دعهما للبحث العلمي المغربي
أخذت على عاتقها تطوير عدد من الاختراعات والمشاريع التي تدعم البحث العلمي المغربي في مجال الذكاء الاصطناعي، في إطار برنامج الخوارزمي للذكاء الاصطناعي الذي أطلقته وزارة الفلاحة، فقدمت روبوتاً فلاحياً ذكياً يقوم بتحليل التربة، وبالتالي يمكّن المزارع من معرفة أمراض النباتات وإزالة الأعشاب الضارة والمساعدة على عملية قطف المحصول.
ومن أبرز اختراعاتها الأخرى "شامة"، وهو روبوت يتحدث باللغة العربية عملت عليه مع مجموعة من الطلبة المغاربة، وشارك في حملة مناهضة العنف ضد النساء مع صندوق الأمم المتحدة، وهو قادر على توفير إجابات عن أسئلة متعلقة بالثقافة العامة بالاعتماد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي، من خلال التعرف على الأشياء المحيطة بها، ويمكنه أيضاً التعرف على الأحاسيس من خلال تحليل تعابير الوجه.
جوائز وتكريمات
ترأست لجنة البرامج للعديد من المؤتمرات الدولية، وحصلت على عدة جوائز، منها الجائزة الأولى عن فئة "الذكاء الاصطناعي الشامل المندمج" ضمن جوائز "ويمن تيك" لعام 2020، والتي تكافئ النساء اللواتي يحققن إنجازات دولية في مجال التكنولوجيا المتقدمة، واستطاعت الفوز بهذه الجائزة بعد منافسة 2300 مرشحة يمثلن 180 دولة، وحصلت على جوائز أخرى، من ضمنها "جائزة اليونسكو لوريال الدولية" وجائزة التميز "إيمرود ليتيراتي".
اقرأ أيضاً: هل يمثل الذكاء الاصطناعي خطراً وجودياً على البشر؟
تأثير طويل المدى
على الرغم من كل هذه الإنجازات التي حققتها المصنف في حياتها إلا أنها ليست راضية تماماً عما قدمته، ولم تشبع طموحها بعد، فهي لا تزال تبحث عن المزيد، وترغب بأن ترى ابتكاراتها تصنع الفارق على أرض الواقع ولها أثر إيجابي على حياة الأفراد والمجتمعات، وتطمح إلى إنشاء شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي وتطوير الخدمات في المغرب، وتقول: "لا يهم إلى أي مدى أنت ذكي، وكم عدد الإنجازات التي تنجزها، وكم عدد العقبات التي تتغلب عليها، فلن يتم تذكرك إلا بالتأثير الذي تتركه خلفك وعن المتعة التي تجلبها إلى حياة الناس".