أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من البرامج في إطار سعيها لأن تتبوأ موقعاً ريادياً على المستوى العالمي في مجال الابتكار في الذكاء الاصطناعي.
ويشير «بات برانس»، الخبير التكنولوجي والأستاذ في كلية «غرونوبل» للإدارة بفرنسا، إلى أن «عمر سلطان العلماء»، أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم، اعتمد في عام 2017 استراتيجيته لجعل الإمارات رائدة عالمياً في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031. وقد وافق مجلس الوزراء الإماراتي على هذه الاستراتيجيةفي عام 2019.
ويضيف برانس، في مقال كتبه بمجلة "كمبيوتر ويكلي"، أنه بعد عامين من التصديق على الاستراتيجية، اتخذت الحكومة بالفعل خطوات مهمة. وسواء أصبحت الإمارات رائدة عالمياً في هذا المجال أم لا بحلول عام 2031، فمن المؤكد أنها تتمتع بفرصة جيدة لأخذ زمام المبادرة في منطقتها. وتقدر شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» (PWC) أن دولة الإمارات ستتمتع بأكبر قدر من النمو، حيث سيمثل الذكاء الاصطناعي 13.6% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030. حيث أن منطقة الشرق الأوسط ستجني 2% فقط من الفوائد العالمية للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
يتمثل الجزء الأول من الاستراتيجية في جعل الإمارات من أوائل الدول التي تتبنى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لا سيما في الحكومة وخمسة قطاعات أخرى ذات أولوية، وهي: الموارد والطاقة، والخدمات اللوجستية والنقل، والسياحة والضيافة، والرعاية الصحية، والأمن السيبراني. أما الجزء الثاني فيتعلق بتطوير قدرات الإمارات الإقليمية بحيث تصبح ذات يوم مُصدِّراً رائداً للذكاء الاصطناعي.
القطاعات التي تركز عليها الإمارات كوجهة في مجال الذكاء الاصطناعي
يقول الكاتب إن الحكومة تريد في البداية "ترسيخ مكانتها كوجهة للذكاء الاصطناعي". ولهذه الغاية، حددت وزارة الدولة للذكاء الاصطناعي حالات الاستخدامات في كل قطاع من القطاعات ذات الأولوية، وبدأت في تمويل مشاريع تجريبية في هذه القطاعات.
الموارد والطاقة
في قطاع الموارد والطاقة، على سبيل المثال، تبحث الوزارة عن خدمات الذكاء الاصطناعي التي تتخذ القرارات المتعلقة بتوفير الطاقة، مع الاهتمام بشكل خاص بأنظمة الاستجابة للطلب (DSR)، التي تسهل التواصل بين الشركات وشبكة الطاقة لتعديل المحركات والمضخات استجابة للتغيرات في تردد الطاقة.
وفيما يتعلق بالطاقة، شرح وزير الدولة للذكاء الاصطناعي «عمر العلماء» في تصريح له على شبكة "سي إن إن" الإخبارية، فائدة تطبيق التكنولوجيا في قطاع النفط والغاز، إذ قال: "إن تطبيق الذكاء الاصطناعي في قطاع النفط والغاز في الإمارات على الإنتاج والتوزيع والتخزين للنفط أفضل بكثير، لذلك يمكن تحقيق مكاسب في الكفاءة، تترجم إلى تقليل تكلفة البرميل وزيادة هوامش الربح". أي أنه بدلاً من الاكتفاء بتحديد سعر البرميل، يمكن تحسين العمليات والرؤية من البيانات الموجودة، "وإنشاء المزيد باستخدام القليل"، على حد تعبيره.
اقرأ أيضاً: مشاريع جديدة وحلول مختلفة من مصدر لنشر الطاقة المتجددة حول العالم
الخدمات اللوجستية والنقل
أما في قطاع الخدمات اللوجستية والنقل، تخطط دولة الإمارات لجعل 25% من المركبات على الطريق ذاتية القيادة بحلول عام 2030. وكجزء من هذه الاستراتيجية، ستطلق أبو ظبي مشروعاً تجريبياً لسيارات الأجرة بدون سائق بحلول نهاية عام 2021. وستبدأ تجربة السيارات ذاتية القيادة بخمس سيارات في جزيرة «ياس»، وهي وجهة ترفيهية شهيرة في العاصمة أبوظبي، تضم مضمار سباق الفورمولا 1 ومدينة ملاهي «عالم فيراري».
السياحة والضيافة
وبالنسبة للسياحة والضيافة، فإن الاستراتيجية تدعو إلى استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة السائحين من خلال التنبؤ باحتياجاتهم وتقديم خدمات مخصصة لهم.
وعبّر الوزير عمر العلماء عن ذلك حين قال إن هدف حكومة الإمارات هو استخدام أدوات التكنولوجيا المتوفرة، سواءً كانت ذكاء اصطناعياً أو بلوك تشين أو غيرها، لتحسين الحياة في الإمارات، للسكان المحليين والمقيمين والسياح،"لذا فإن التكنولوجيا هي وسيلة لتحقيق غاية، والغاية هي سعادة الناس".
اقرأ أيضاً: أبوظبي تبدأ بناء أول حاسوب كمومي في الشرق الأوسط
الرعاية الصحية
وفي قطاع الرعاية الصحية، تعتزم الحكومة توفير بيانات لتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالمخاطر المرتبطة بالحالات الوراثية، وتوفير رعاية أفضل للأشخاص المصابين بأمراض نادرة.
الأمن السيبراني
وأخيراً في قطاع الأمن السيبراني، تبحث الوزارة عن طرق لتطبيق الذكاء الاصطناعي لدرء مخاطر عدد متزايد من التهديدات، وتشجع الشركات المحلية على الشراكة مع لاعبين عالميين للمساعدة في التغلب على هذه التحديات.
وعبّر الوزير عمر العلماء عمّا ستكون عليه الحياة في الإمارات بعد 10 سنوات قائلاً: "نريد أن نكون أفضل دولة فيما يتعلق الأمر بنوعية الحياة مستقبلاً".
لا تمتلك الإمارات أول وزارة للذكاء الاصطناعي في العالم فحسب، بل أنشأت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في أبوظبي، كأول جامعة ذكاء اصطناعي على مستوى الدراسات العليا في العالم في عام 2019. كما تعمل وزارة الذكاء الاصطناعي مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتطوير دراسات الذكاء الاصطناعي في المدارس الثانوية.