يبدو أن موقع "يوتيوب" في حيرة من أمره بشأن كيفية التعامل مع مقاطع الفيديو التي تتبنى نظريات سخيفة حول عمليات إطلاق النار الجماعية. فماذا عن فيديوهات نظرية المؤامرة على موقع "يوتيوب"؟
تلقى أليكس جونز، المدافع سيئ السمعة عن نظرية المؤامرة، والمضيف الإذاعي، ومالك موقع "إنفو وورز" (InfoWars)، صفعة قوية من "يوتيوب"، يوم الأربعاء الماضي، بعد نشره الفيديو الذي يزعم أن الناجين من حادث إطلاق النار الأخير الذي حصل في مدرسة في باركلاند بولاية فلوريدا هم مجرد ممثلين مأجورين. ومن الواضح أن مقطع الفيديو الذي حمل عنوان "ديفيد هوغ لا يتذكر عبارات دوره في مقابلة تلفزيونية"، قد انتهك إرشادات "يوتيوب" ضد التنمّر مما أدى إلى حذف الفيديو، وفقاً لتقرير شبكة "سي إن إن". واعتُبر ذلك "ضربة" لقناة أليكس جونز"، التي تتباهى بعدد مشتركيها الذي يبلغ 2.3 مليون مشترك. وبموجب الإرشادات المجتمعية لـ "يوتيوب"، فإن قناة "أليكس جونز" قد تتعرض للتعليق عن البث لمدة أسبوعين إذا تعرضت لضربة أخرى خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. أما إذا تعرضت إلى ضربتين من هذا النوع، فقد يتم إغلاق القناة نهائياً.
حذف الفيديوهات التي تنتهك سياسة مجتمع "يوتيوب"
لكن لم يكن مقطع فيديو جونز الوحيد الذي حذفه موقع "يوتيوب" الأربعاء الماضي، والذي يدّعي أن ديفيد هوغ كان مجرد ممثل. إذ عقب ظهور تقارير من شبكة "سي إن إن"، و"ماذربورد" (Motherboard)، أزال موقع "يوتيوب" أيضاً مقطع الفيديو الأكثر مشاهدة في ذلك اليوم "ديفيد هوغ الممثل..."، الذي جمع مئات الآلاف من المشاهدات قبل حذفه على "يوتيوب". وبحلول مساء الأربعاء، يبدو أن الموقع قام بعملية تطهير. إذ اختفت 5 مقاطع فيديو على الأقل شاهدتُها في وقت سابق من ذلك اليوم، والتي تدّعي أن هوغ كان ممثلاً. ومع ذلك، فقد حصلت مقاطع الفيديو المزيفة هذه التي تدور حول نظرية المؤامرة على أكبر عدد من النتائج على "يوتيوب" عند البحث عن "ديفيد هوغ" كما أنها حققت آلاف المشاهدات قبل إزالتها.
الأمر أشبه ما يكون باللعبة القبيحة "اضرب الخلد" (whack-a-mole)، ويبدو أن "يوتيوب" هو الخاسر في هذه اللعبة. مؤخراً، نشر جوناثان ألبرايت، مدير مركز "تاو" للصحافة الرقمية (Tow Center for Digital Journalism) بجامعة "كولومبيا"،منشوراً متوسطاً حول مقاطع الفيديو التي تظهر لك إذا بحثتَ في "يوتيوب" عن "ممثل الأزمات". وقد أسفر تحليله عن ظهور ما يقرب من 9 آلاف مقطع فيديو. وقد كانت الغالبية العظمى من "عناوين الفيديوهات.. خليطاً من الكلمات الصادمة، والخبيثة والترويجية"، كما ذكر ألبرايت في تقريره "تشمل المواضيع نكات لعبة الاغتصاب، والتجارب الاجتماعية الواقعية الصادمة، والولع الجنسي للمشاهير بالأطفال، وعبارات التبجّح "بالعمليات الخفية"، ونظريات المؤامرة المتعلقة بالإرهاب التي يرجع تاريخها إلى الهجوم الذي تعرّضت له مدينة أوكلاهوما عام 1995".
نظريات المؤامرة
هذه ليست ظاهرة جديدة للأسف. إذ عقب حادث عملية إطلاق النار في مدرسة "ساندي هوك" الابتدائية (Sandy Hook Elementary School)، عام 2012، عندما قتل مسلح 20 طفلاً و6 راشدين من موظفي المدرسة، عرض جونز عدة فيديوهات حول كيفية استخدام "ممثلي الأزمات" للدفاع عن مراقبة حمل السلاح أيضاً. حتى مساء الإثنين، لا تزال تلك الفيديوهات متوفرة، تحت عناوين مثل "استخدام ممثلي الأزمات في ساندي هوك! تقريراً خاصاً" و"عميل متقاعد من مكتب التحقيقات الفدرالي يحقق في قضية ساندي هوك: الكشف عن عملية متخفية هائلة جداً".
سألتُ موقع "يوتيوب" عما إذا كان يخطط لإزالة أي من مقاطع الفيديو هذه وما إذا كان ذلك سيعتبر بأثر رجعي انتهاكاً ضد الإرشادات المجتمعية الخاصة بالموقع. ولكن لم يرد الموقع بشيء حتى وقت النشر. (سأحدّث المعلومات إذا تلقيتُ أي رد).
لطالما كان موقع "يوتيوب" مركزاً أساسياً لنشر نظريات المؤامرة منذ أمد طويل من الزمن. يستخدم مدونو الفيديوهات نظام تحقيق الدخل لتحقيق الأرباح من خلال نشر ما يرقى غالباً إلى مستوى ادعاءات كاذبة بشكل واضح. وعندما تشاهد أحد الفيديوهات التي تروج لقصة إخبارية كاذبة على "يوتيوب"، فمن المرجح أن يقودك ذلك إلى جحر أرنب يصعب عليك جداً الخروج من متاهته، إذ يوصي موقع ذلك الفيديو بالمزيد من الفيديوهات التي تدعم نظرية المؤامرة التي تحدث عنها أو تقدم لك نظرية مؤامرة أخرى.
وفي نهاية الحديث عن فيديوهات نظرية المؤامرة على موقع "يوتيوب"، كان حذف مقاطع الفيديو حول هوغ خطوة جيدة. ولكن إذا كان الموقع يخطط حقاً للالتزام بقاعدة الضربات الثلاث في الوقت الحالي، فإن الأشخاص الذين أصبحوا محترفين في إنتاج مقاطع الفيديو هذه التي تدور حول نظرية المؤامرة على مر السنين سيُظهرون دهاء في الالتفاف على قواعد "يوتيوب". على سبيل المثال، يمكنهم تجنب استهداف الأفراد بحيث لا يمكن ضبطهم بواسطة المبدأ التوجيهي لمكافحة التنمّر. قد يضطر موقع "يوتيوب" إلى فعل أكثر من تنفيذ السياسات المجتمعية لوقف آفة نظريات المؤامرة التي طال أمدها على موقع "يوتيوب". إذ ربما يتعين على "يوتيوب" البدء في اتخاذ بعض القرارات التحريرية الحقيقية.