ما هي مشكلات الوباء التي لا تحلها الجرعات الداعمة؟

5 دقائق
مشاكل-لا-تحلها-الجرعات-الداعمة
توسداي وورد وهي تتلقى جرعة داعمة من لقاح كوفيد-19 في بيتسبرج.

يوشك برنامج الجرعات الداعمة على البدء في الولايات المتحدة، بعد أن وفّرت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها جرعات إضافية لجزء كبير من الشعب الأميركي.

توصي الوكالة الآن بإعطاء جرعة ثالثة من لقاح فايزر-بيونتك للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر وللبالغين الذين يتلقون الرعاية الطويلة الأمد ولأولئك الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً ممن يعانون حالات طبية كامنة. (سيتعين على الأشخاص الذين كانت أولى جرعاتهم من لقاح جونسون آند جونسون أو موديرنا الانتظار لفترة أطول قليلاً). كما سيتاح للعاملين في الخطوط الأمامية أو الذين هم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الحصول على جرعة داعمة، إذ تمت إضافة هذه الفئات عندما قامت مديرة مراكز مكافحة الأمراض، روشيل والينسكي، بتجاوز لجنتها.

لكن هذا القرار كان مثيراً للجدل لأسباب ليس أقلها أن اللقاحات لا تزال فعالة جداً في وقاية الناس من الإصابة بالأمراض الخطرة ودخول المستشفيات. يعتقد الكثير من الخبراء أن الأولوية ينبغي أن تكون إعطاء اللقاحات لعدد أكبر من الأشخاص في الولايات المتحدة، وإرسال الجرعات التي تشتد الحاجة إليها إلى البلدان منخفضة الدخل، التي لم يحصل على اللقاح من سكانها سوى أكثر من 2% بقليل.

وفي وقت سابق من شهر سبتمبر، دعت منظمة الصحة العالمية إلى وقف إعطاء الجرعات الداعمة حتى يحصل 10% على الأقل من كل دولة على اللقاح. لكن الكثير من الدول الغنية، بما فيها المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة الآن، تمضي قدماً في برنامج الجرعات الداعمة بغض النظر عن ذلك.

يثير الجدل المحتدم حول الحصول على الجرعات الداعمة بعض التساؤلات الأخلاقية المعقدة لمسؤولي الصحة العامة والسياسيين ومتخصصي الأخلاقيات الحيوية. هل من المبرر أن يحصل مواطنو الدول الغنية على جرعة ثالثة في حين أن الكثير من دول العالم لا تزال تنتظر الجرعة الأولى؟ وكيف تقرر الوكالات مثل مراكز مكافحة الأمراض الفئات التي ينبغي لها الحصول عليها؟

لذلك قررنا التحدث مع أنيتا هو، الأستاذة المساعدة في الأخلاقيات الحيوية وأبحاث الخدمات الصحية في جامعة كولومبيا البريطانية وجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو. وكانت أنيتا هو قد تحدثت معنا من قبل حول طرح اللقاح في الولايات المتحدة وعدم المساواة في ذلك. وقمنا بسؤالها كيف تغيرت الصورة في هذه المرحلة من الوباء. 

تم تحرير هذه المقابلة لأغراض تتعلق بالطول والوضوح.

ما هي بعض الاعتبارات الأخلاقية لتقديم جرعات داعمة لبعض فئات الشعب الأميركي فقط؟ لدي فضول بشكل خاص حول فكرة تقديمها للأشخاص الذين يعملون في وظائف عالية الخطورة.

تشبه الاعتبارات الأخلاقية الآن في بعض النواحي ما حصل أواخر العام الماضي عندما توافرت اللقاحات لأول مرة. إذا كان هناك كميات محدودة يحتاج إليها عدد أكبر من الناس، فلا بدّ من تحقيق أكبر فائدة دون التضحية بالمساواة، والبدء بأولئك الذين سيكونون أكثر عرضة للإصابة بالحالة الشديدة من المرض إذا لم يحصلوا على الجرعة الداعمة في وقت قريب. 

لكن الأشخاص الأصحاء الذين تلقوا اللقاح كاملاً ويعملون في وظائف "عالية الخطورة" هم أكثر احتمالاً للتعرض للفيروس، وليسوا بالضرورة أكثر عرضة للإصابة بالمرض إذا أصيبوا بالفيروس. هذه هي الفكرة من الحصول على اللقاح، أي عدم التعرض للمرض الشديد حتى عند التعرض للفيروس.

لكن العمل "عالي الخطورة" ينطوي على تعريف مرن. أصبح الحصول على اللقاح الآن مطلباً فيدرالياً للعاملين في مجال الرعاية الصحية، ويزداد عدد المدارس التي تطلب من الموظفين والطلاب المؤهلين تلقي اللقاح. وهنا تكمن المفارقة. فمن تلقى اللقاح بالكامل يعتبر عاملاً في وظيفة "عالية الخطورة" في الغالب لأن زملاءه أو الأشخاص الآخرين الذين يتعامل معهم لم يحصلوا على اللقاح أو لا يمكنهم الحصول عليه. فإذا تلقوا اللقاح، فلن يعدّ هذا الشخص عاملاً في وظيفة عالية الخطورة بعد ذلك!

ولذلك، فهو أمر شائك بالنسبة لمراكز مكافحة الأمراض. حتى الآن، لا تعتقد اللجنة الاستشارية لممارسات اللقاحات (ACIP) أن الأشخاص الأصحاء يحتاجون إلى جرعة داعمة لحماية أنفسهم، بغض النظر عن مكان عملهم. لا تزال الحماية التي تمنحها اللقاحات ضد الإصابة بالأمراض الشديدة ودخول المستشفيات عالية عبر الفئات العمرية. وحتى لو كانت الجرعة الداعمة تزيد من مستويات الأجسام المضادة، فليس من الواضح ما إذا كان ذلك ضرورياً للوقاية من الإصابة بمرض كوفيد-19 الشديد، وما إذا كان ذلك يقلل من انتقال الفيروس. 

نحن نعلم أن بعض الأشخاص لم يتمتعوا بعد بإمكانية الوصول إلى الجرعة الأولى من اللقاح. هل من المنطقي تقديم جرعات داعمة في حين لم يحصل كل من يريد اللقاح في الولايات المتحدة عليه بشكل شامل؟

لن تكون الجرعات الداعمة مفيدة كثيراً إذا بقيت هناك أعداد كبيرة من الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح. ينبغي أن يكون هؤلاء الأشخاص هم محور تركيزنا العاجل. يتطلب الأمر بعض الموارد للوصول إلى المجتمع لتقديم اللقاحات لأولئك الذين لا يستطيعون أخذ إجازة من العمل، أو الذين يعيشون في أحياء ريفية أو قليلة الموارد لا يمكنهم فيها الوصول إلى الأخبار أو المعلومات العلمية الموثوقة.

في الوقت الحالي، هناك نقص في الكادر التمريضي والصيادلة وعمال الصحة المجتمعية. هل سيكون لدينا الموارد اللازمة للتخطيط للجرعات الداعمة والوصول إلى الذين لم يتلقوا اللقاح في نفس الوقت؟

هل يمكنكِ إخبارنا كيف تغير الجانب الأخلاقي منذ آخر مرة تحدثنا فيها في شهر يناير؟ هل يؤدي تعهد إدارة بايدن بالتبرع بنصف مليار جرعة إضافية من اللقاح إلى تغيير الحسابات؟ 

من المحبط أنه بعد مرور أكثر من 18 شهراً على إعلان الوباء أننا لم نصل بعد إلى ما أسميه التضامن الترابطي، وذلك من أجل أن يعمل المجتمع العالمي بعضه مع بعض لتعزيز الصالح العام، وللتأكد من عدم التخلي عن أحد. يعدّ التبرع أفضل من لا شيء، لكن الدول الفقيرة تُركت تحت رحمة الدول الغنية. لن يصل الكثير من جرعات لقاح فايزر التي يبلغ عددها 500 مليون حتى وقت لاحق من العام المقبل. إذا كان الحصول على اللقاح في أسرع وقت ممكن، أو حتى الحصول على جرعة داعمة، يعدّ أمراً عاجلاً بالنسبة للأميركيين الذين يتمتعون بالوصول إلى رعاية صحية أفضل، فكيف يُعتبر الوقت اللاحق من العام القادم مقبولاً؟ وهذا يعني أن العديد من الأشخاص في البلدان الفقيرة لن يحصلوا على الجرعة الأولى إلا بعد مرور أكثر من 18 شهراً على تقديم الولايات المتحدة أولى الجرعات. 

إن التفاوت الذي نصنعه ونسمح به هو أمر مروع ببساطة. كما أن لقاح فايزر يتطلب تبريداً خاصاً، لذا فإن البلدان الأكثر فقراً التي ليس لديها إمكانية الحفظ والتبريد قد لا تستفيد من اللقاح. لحل مشكلات سلاسل التوريد، لا بدّ من بناء القدرات وإنشاء مصانع للقاحات المختلفة، بحيث تكون منتشرة في جميع أنحاء العالم. ينبغي على شركات الأدوية عقد شراكات مع شركات الأدوية في الدول الفقيرة للقيام بذلك. يمكن لذلك أن يساعد أيضاً في ضمان إمكانية تعديل الجرعات بما يتوافق مع السلالات المحلية بسرعة أكبر.

ركز الكثير من أبحاثكِ على ثقة الجمهور. ما هي أبرز الأفكار التي يمكن تقديمها للسلطات الآن؟

للأسف، تم تسييس الوباء في الولايات المتحدة. وأدت الرسائل المتضاربة من مختلف المسؤولين إلى تفاقم الأمور. أعتقد أن أهم الأفكار هي أن السلطات بحاجة إلى وجود جبهة موحدة لمكافحة هذا الوباء والحفاظ على اتساق الرسائل والتعامل بشفافية مع محيطها والعمل مع شركاء في المجتمع يثق بهم السكان المحليون لمساعدتها في تعزيز الرسائل الصحية العامة.

يمكن للإجراءات الصحية العامة كسياسات ارتداء الكمامات أو حملات اللقاحات التقليل من انتشار الفيروس، ولكنها تفرض أيضاً بعض العوائق والمصاعب المالية على الناس، وخاصة بالنسبة للسكان في المناطق المحرومة. من أجل بناء الثقة، وحتى يتمكن الناس من المشاركة في تحقيق الأهداف الصحية العامة والتماشي معها، يتعين على السلطات إظهار أنها مؤهلة في توجيهنا خلال هذه الجائحة، وفهم الألم الذي يمر به الناس، وأنها ستحدّ من أي صعوبات قد تسببها الإجراءات المختلفة.

تمثل هذه المقالة جزءاً من مشروع تكنولوجيا الجائحة، الذي تدعمه مؤسسة روكفيلر.

المحتوى محمي