أفضل حافز للتشجيع على اللقاح هو الإجازة مدفوعة الأجر

5 دقائق
اللقاح والإجازة مدفوعة الأجر
مصدر الصورة: إم إس تك | غيتي إيميدجيز

فطائر محلاة مجانية، تذاكر لحضور مباريات فريق لوس أنجلوس ليكرز، زيارت افتراضية فيديوية للناس مع أحبائهم في السجن. فرصة لربح مليون دولار في القرعة.

تحاول الولايات والمدن والشركات الخاصة تجربة كل شيء يمكن التفكير فيه لإقناع الأميركيين بالحصول على لقاح كوفيد-19. تكمن الفكرة في حث الأشخاص المنفتحين على تلقي اللقاح ولكنهم يحتاجون فقط إلى دفعة إضافية. بيد أنه حتى الآن، لا يوجد دليل يذكر على فعالية هذه البرامج بالدرجة التي كان يتوقعها البعض.

مع ارتفاع الإصابات بسلالة دلتا في جميع أنحاء البلاد، فإن منح الجميع إجازة مدفوعة الأجر يمكن أن يعزز معدلات التطعيم ويحمي العاملين في الخطوط الأمامية ومجتمعاتهم. قد تبدو ميزة قليلة الأهمية بالنسبة للعاملين عن بعد الذين يمكنهم الاختفاء بسهولة من زوم لبضع ساعات للحصول على جرعة من اللقاح. ولكن بالنسبة لملايين العاملين الساعيين، قد يكون هذا هو الأسلوب الوحيد الذي يتيح لهم الحصول على اللقاح. 

مكان العمل في زمن الوباء

في حين أن الكثير من جوانب الحياة الطبيعية قد توقفت أثناء الوباء، كان على العديد من الأميركيين مواصلة العمل بالحضور شخصياً ودون تعويض عن المخاطر في كثير من الأحيان. 

وجدت الدراسات الاستقصائية التي أجرتها مؤسسة قيصر فاميلي (Kaiser Family Foundation) في يونيو أن 65% من العمال قد شجعهم صاحب العمل للحصول على لقاح كوفيد-19، لكن لم يحصل إلا 50% منهم فقط على إجازة مدفوعة الأجر لتلقي اللقاح أو التعافي من تأثيراته الجانبية. وفي تلك الدراسات، كان هؤلاء العاملون هم الأكثر ترجيحاً للتقدم والحصول على اللقاح حتى عند مقارنتهم بعمال آخرين ينتمون إلى نفس المجموعة من حيث العمر والعرق والدخل والحزب السياسي.

قال ما يقرب من 20% من جميع العمال إنهم لم يتلقوا اللقاح بعد لأنهم يخشون التغيب عن العمل أو لأنهم مشغولون جداً. وتقفز هذه النسبة إلى 26% بين صفوف العمال من ذوي البشرة السمراء و40% بين العمال من أصل لاتيني.

وهذا يترك نصف العمال من دون أي دعم مالي أو تعويض. ووفقاً للدراسة، إذا قام المزيد من أرباب العمل بتشجيع العمال على التطعيم- خاصة مع منحهم إجازة مدفوعة الأجر للذهاب إلى مواعيد تلقي اللقاح- يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات التطعيم. 

وتتضح أهمية هذه الطريقة بشكل أكبر بالنسبة للعمال من ذوي البشرة السمراء أو ذوي الأصول اللاتينية، والذين كانوا بالفعل أكثر عرضة للإصابة بكوفيد، ويمارسون غالباً أعمالاً منخفضة الأجر مثل الوظائف في قطاعي التجزئة والخدمات. وفي استطلاع مؤسسة قيصر فاميلي، قال ما يقرب من 20% من جميع العمال إنهم لم يتلقوا اللقاح بعد لأنهم يخشون التغيب عن العمل أو لأنهم مشغولون جداً. وتقفز هذه النسبة إلى 26% بين صفوف العمال من ذوي البشرة السمراء و40% بين العمال من أصل لاتيني.

قدمت بعض الشركات بالفعل مكافآت أو حوافز أخرى؛ حيث توفر تارجيت (Target) رحلات مجانية إلى مواقع التطعيم، وستمنح دولار جينيرال (Dollar General) موظفيها أربع ساعات مدفوعة الأجر للذهاب إلى موعد اللقاح، بينما تمنح إنستاكارت (Instacart) مكافأة قدرها 25 دولاراً للعمال الذين يحصلون على اللقاح. 

رفضت إنستاكارت إطلاعي حول كيفية تحديدها لقيمة المكافأة، لكنها قالت إن ما يقرب من 100,000 عامل قد تقدموا بطلب للفوز بها واستلموها بالفعل.

لا إرشادات واضحة للعمال

جربت الحكومة الفدرالية بعض الطرق لتشجيع أصحاب العمل على تقديم إجازة مدفوعة الأجر لتمكين العمال من الحصول على اللقاح. بموجب خطة الإنقاذ الأميركية، يحق للشركات التي تمنح عمالها إجازة مدفوعة الأجر للحصول على لقاح أو للتعافي من تأثيراته الجانبية المطالبة بإعفاءات ضريبية على الرواتب. لكنه قرار اختياري، ولا نعرف حتى الآن عدد الشركات التي قدمت إجازة مدفوعة الأجر لعمالها بهذه الطريقة.

وفي الوقت نفس ، هناك قوانين خاصة في نيويورك وبضع ولايات أخر تضمن حصول العمال على إجازة مدفوعة الأجر لتلقي لقاحات كوفيد. 

لكن تبقى قوانين الولايات مجرد نهج مجزأ غير متكامل، إذ إن حماية العمال ومزاياهم تعتمد إلى حد كبير على ما سيمنحهم إياه أصحاب العمل.  يقول إيفوما أجونوا، الأستاذ المشارك في مجال القانون بجامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، إن أرباب العمل يتصرفون وكأنهم حكومة خاصة مسؤولة عن مواطنيها ويتمتعون بحرية التحكم في كيفية إدارة أعمالهم. لقد كشف كوفيد الستار عن "السلطة المحدودة التي يمكن للحكومة أن تفرضها على أرباب العمل"، كما يقول أجونوا. "لقد عرّى الوباء هذه الحقيقة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالإجراءات الاحترازية لمواجهة كوفيد-19 أو إجراءات العمل في خضم الوباء".

وهذا يعني أن البحث عن حقوق العمال وفهمها يقع بدرجة كبيرة على عاتق العمال أنفسهم.

يقول جاستن فيلدمان، عالم الأوبئة في جامعة هارفارد الذي كتب عن كوفيد-19 ومكان العمل: "إذا كنت تنتمي إلى 94٪ من العاملين في القطاع الخاص غير المنتسبين إلى نقابة، فهناك احتمال ألا تكون مدركاً لمزايا عملك وحقوقك. وحتى إذا كنت تعرف بأمرها، فهذا لا يضمن تمكنك من الاستفادة منها دون التعرض للانتقام".

أخبرتني دائرة العمل في نيويورك في تصريح صحفي أنها تلقت "شكاوى مختلفة" بشأن انتهاك قانون إجازة التطعيم ضد كوفيد-19 وقالت إنها "تحاول تحصيل رواتب غير مدفوعة أو تعويضات لأولئك الذين لم يحصلوا على أجورهم عن فترة تغيبهم عن العمل للحصول على اللقاح، وهو الأمر الذي يفرضه قانون الولاية". 

ولكن حتى القوانين التي يبدو، على الورق، أنها تهدف لدعم العمال، قد تهمل أولئك الذين يعملون في أكثر الوظائف عرضة للخطر. وقد قالت دائرة العمل بنيويورك إن أي عامل يُرفض طلبه بالحصول على إجازة التطعيم يجب أن يتقدم بشكوى، لكنها رفضت تحديد ما إذا كان ذلك يشمل العمال المؤقتين. (يقول أجونوا في تشابيل هيل إنه نظراً لكون القانون يستخدم كلمة "موظف"، فإنه لن يشمل العمال المؤقتين، الذين لا يحصلون أيضاً على تأمين صحي من خلال وظائفهم). 

"حالة طوارئ وطنية"

يؤكد خبراء الصحة العامة أنه لا يوجد تكتيك واحد مضمون لتشجيع الناس على تلقي اللقاح. ويقول فيلدمان إنه يمكن للحكومة إنشاء سلسلة من أيام الإجازة مدفوعة الأجر للعاملين في القطاعات المختلفة للحصول على اللقاحات، لكننا ما زلنا بحاجة إلى دمج ذلك مع إستراتيجيات الصحة العامة الأخرى مثل تطعيم الناس في منازلهم. 

لابد أيضاً من تصحيح المفاهيم الخاطئة حول كوفيد-19؛ إذ ربما يعتقد العمال الشباب أنهم ليسوا عرضة للتأثيرات الشديدة للمرض، كما يشير فيلدمان، خاصة إذا كانوا قد مارسوا عملهم في السابق مع اتخاذ الحد الأدنى من الاحتياطات خلال الوباء ولم يُصابوا بالمرض.  قد يكون من الصعب تغيير رأي هؤلاء بشكل خاص بعد سماع أقرانهم أو وسائل الإعلام أو المعلقين الذين يقللون من خطورة الوباء.

"بمجرد حصول الناس على المعلومات التي يحتاجونها، المعلومات المستندة إلى العلم، ستغدو الحوافز الإضافية الأخرى أو ’الجزرة’ عوامل ثانوية أو ’أشبه بالكرزة فوق الكعكة’".

- ريا بويد، مؤسسة ذا كونفيرزيشن.

ويقول فيلدمان: "نحن بحاجة إلى التعامل مع تطعيم الناس على أنه حالة طوارئ وطنية، وهذا يعني عدم التعامل مع الأمر على أنه مجرد تخلف بعض الأفراد عن التطعيم. ينبغي علينا القيام تجربة الكثير من الأساليب المختلفة في نفس الوقت واستكشاف ما ينجح منها".

تقول ريا بويد، طبيبة الأطفال في منطقة خليج سان فرانسيسكو، إن الناس يحتاجون إلى الحصول على مزيد من المعلومات قبل أن تنجح الحوافز في إقناعهم. وكانت بويد قد أسست ذا كونفيرزيشن (The Conversation) حيث يقوم عاملو الرعاية الصحية من ذوي البشرة السمراء والأصول اللاتينية بتقديم معلومات موثوقة حول لقاحات كوفيد-19 إلى مجتمعاتهم. 

وقال بويد في رسالة بالبريد الإلكتروني: "إن الحافز الرئيسي هو الاهتمام الذاتي بالمصلحة الشخصية؛ إذ بمجرد حصول الناس على المعلومات التي يحتاجونها، المعلومات المستندة إلى العلم، ستغدو الحوافز الإضافية الأخرى أو ’الجزرة’ عوامل ثانوية أو ’أشبه بالكرزة فوق الكعكة’"

كيف يمكن أن نعرف حجم المعلومات والحوافز الأخرى اللازمة؟

تقول بويد: "لن نكتشف ما هو المستوى الكافي من ذلك إلا بعد أن يحصل الجميع على اللقاح".

حتى ذلك الحين، لا يزال مستوى حماية العاملين في الخطوط الأمامية يعتمد على تغيير توصيات الصحة العامة، وسياسات أرباب عملهم، وأهواء العملاء الذين يمكنهم اختيار الالتزام بإجراءات السلامة من عدمه.

وعلى الرغم من أن مسؤولي الصحة العامة قد نصبوا عيادات التطعيم في الحدائق العامة والكنائس وفي تجمعات الاحتفال بعيد التحرر في محاولة لتغيير آراء الناس، فإن العمال يترقبون ما يقوله ويفعله رؤساؤهم.

يقول أجونوا: "يتلقى العمال من جميع الفئات إشارات لما يجب عليهم فعله من أصحاب العمل. أعتقد أن هذا يشير إلى التأثير الكبير الذي يمارسه أصحاب العمل على حياة الموظفين في أميركا".

تمثل هذه المقالة جزءاً من مشروع تكنولوجيا الجائحة، والذي تدعمه مؤسسة روكفيلر.

 

المحتوى محمي