هل يمكن للعملات المستقرة أن تساعد العملات المشفرة على تحقيق الانتشار العالمي؟

2 دقائق

هل ستتحول العملات المشفرة يوماً ما إلى أكثر من مجرد ممتلكات خاضعة للتوقُّع والمضاربة؟ إذا تحقق هذا فعلاً فستكون الوسيلة هي نوع جديد من العملات الرقمية التي صُممت للحفاظ على سعر ثابت، أو لنَقُل إن هذا -على الأقل- هو الاعتقاد الذي بدأ ينتشر في أوساط المطوِّرين في عالم العملات المشفرة.

يقول جاريك هايلمان (مدير الأبحاث في شركة بلوك تشين لخدمات العملة المشفرة) إننا الآن في خضم "انفجار أوَّلي"، ووفقاً لاستبيان نشره مؤخراً فإن عدد ما يُسمى بالعملات المستقرَّة ارتفع من مجرد حفنة صغيرة إلى أكثر من ستين خلال الأشهر الثمانية عشر المنصرمة، كما يتوقع إطلاق أكثر من اثنتي عشرة عملة مستقرة إضافية قريباً، حيث يقول هايلمان إن حُمَّى العملات المستقرة تعبر عن انتشار فكرة تقول إن حساسية العملات المشفرة -مثل بيتكوين وإيثيريوم- "ستشكِّل معضلة" بالنسبة لبعض تطبيقات البلوك تشين المطلوبة، مثل الدفع والإقراض والتأمين، كما يقول إن هذا يعكس فرضية تقول بأن العملات الرقمية غير الحساسة قد تشكِّل "طبقة بِنية تحتية" يمكنها أن توسِّع بشكل كبير من قاعدة استخدام العملة المشفرة على مستوى العالم.

وغالباً ما توصف العملة المشفرة بأنها شكل جديد من الأموال سيصبح مفيداً للذين لا يُتاح لهم الوصول إلى حسابات مصرفية أو عملات وطنية مستقرة، كما يتوقع المتحمِّسون للعملة الرقمية أن العقود الذكية -وهي برمجيات حاسوبية مخزَّنة في البلوك تشين وتقوم بنقل العملات المشفرة بين المستخدمين وفقاً لشروط متفق عليها- ستُحدث ثورة في الأعمال على الإنترنت.

غير أن تطبيقات الدفع لم تتمكن حتى الآن من اكتساب ما يكفي من الزخم، كما أن طفرة التفاؤل في السنة الماضية حول مستقبل التطبيقات اللامركزية المعتمدة على العقود الذكية -يمكن أن تسمى dapps مثلاً- قد اختفت إلى حد كبير، لتحل محلها الشكوك حول قدرة إيثيريوم وغيرها من المنصات على الوصول إلى مستوى التوقعات، فقد تأرجحت أسعار إيثيريوم وغيرها من العملات المشفرة إلى حد كبير، ويمكن أن يكون هذا أحد الأسباب التي أعاقت انتشار هذه التطبيقات.

ولكن إذا كان الهدف هو توسيع قاعدة المستخدمين، فمن المهم أن نوضِّح معنى "العملة المستقرة" بشكل جيد؛ حيث إن هذا المصطلح قد يُستخدم للإشارة إلى بضعة مفاهيم مختلفة للغاية، فمثلاً نجد أن تيذر -وهي عملة مستقرة ذائعة الصيت، ويُفترض أنها مدعومة بدولارات أميركية في حساب مصرفي- قد أُطلقت منذ عدة سنوات، وهي تُعتبر أداة مفيدة للمتاجرين الراغبين في تخزين أرباحهم بشكل آمن في استثمارات أخرى بالعملة المشفرة، دون الاضطرار إلى تحويلها إلى عملات عادية غير مدعومة، وقد أوحت بظهور العديد من العملات المستقرة التي حاولت استنساخها.

ووفقاً لتقرير هايلمان فقد أنفق أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية 350 مليون دولار على مشاريع للعملات المستقرة، واستُثمرت منها نسبة 60% تقريباً في أساليب لا تعتمد على المصارف، وبالتالي تَعِد بأن تكون أكثر لامركزية وأسهل للوصول. كما أن البعض يستخدم العملة المشفرة بدلاً من الأموال غير المدعومة كضمانة، معتمدين على عقود صغيرة لإدارة حساسية هذه الضمانة، ولكن معظم التمويل قد خُصص لدعم عملات لم يتم إطلاقها بعد، وتُوصف عموماً بأنها "مصارف مركزية خوارزمية"، وعملات كهذه لن تعتمد على ضمانات على الإطلاق، وستستخدم بدلاً من ذلك برمجيات للتحكم في حجم العرض من أجل المحافظة على السعر.

ويشك المنتقدون في استقرار هذه العملات المستقرة المعقدة على المدى البعيد، كما أن الأنظمة تثير تساؤلات قانونية جديدة ومعقدة، خصوصاً مع اعتماد الأغلبية على أسلوب التلاعب بالسوق للحفاظ على استقرار السعر، كما أن هايلمان يقول: "ما زلنا في البدايات المبكرة، ليس فقط من الناحية التقنية، بل من الناحية التنظيمية والقانونية أيضاً، وبالتالي فإن الإكثار من التوقعات حول ما سيحدث لاحقاً يعد أمراً خطيراً في هذه المرحلة".

المحتوى محمي