مقتطفات من مؤتمر مستقبل العمل: التكنولوجيا الناشئة ومستقبل القوى العاملة

11 دقيقة
مقتطفات من مؤتمر مستقبل العمل
الصورة الأصلية: كريس مونتجوميري عبر أنسبلاش | تعديل: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية

نظمت إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية، أحد مواقع مجرة، مؤتمراً افتراضياً باللغة الإنجليزية بعنوان "مستقبل العمل" يوم 22 يونيو الماضي بمشاركة خبراء في مجال التكنولوجيا والإدارة وقادة أعمال وباحثين يمثلون شركات كبرى ومؤسسات تعليمية مرموقة من جميع أنحاء العالم، وبحضور أكثر من 500 شخص. وأقيم المؤتمر بانضمام جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي كراعٍ رئيسي؛ حيث تعد أول جامعة متخصصة بالذكاء الاصطناعي في العالم وتتخذ من مدينة مصدر في أبوظبي مقراً لها.

انطلقت جلسات المؤتمر بكلمة ألقتها ضيا هيكل، رئيسة تحرير إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية، تحدثت فيها عن التغييرات الكبرى التي أحدثها وباء كوفيد-19 في حياتنا؛ حيث خسر الملايين وظائفهم وانتقل الكثيرون إلى أسلوب العمل عن بعد، وتوجب علينا الخروج بحلول مبتكرة للتكيف مع الواقع الجديد. واليوم، يسعى قادة الأعمال إلى بناء أفضل الإستراتيجيات لقوى العمل لمرحلة بعد الوباء طارحين التساؤلات حول كيفية التوظيف والحفاظ على المهارات بهدف تحقيق النمو والازدهار وكيفية الاستفادة من التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات لمساعدة الشركات على تحقيق أهدافها. وأوضحت هيكل أنه لا بد من إعادة تصور جذرية لمستقبل العمل، ولذلك شاركَنا في المؤتمر 22 خبيراً محلياً وعالمياً خبراتهم وتجاربهم حول الموضوع.

وفي افتتاح المؤتمر، ألقى البروفيسور الدكتور إريك زينغ، رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، كلمة بعنوان "أهمية الذكاء الاصطناعي المسؤول في مستقبل مجتمعاتنا". وقال زينغ إن الواقع الجديد بعد الوباء يفرض إعادة تصور العمل، بالإضافة إلى ظهور العديد من التقنيات والتوجهات الجديدة الممكنة بالذكاء الاصطناعي مثل التسوق عبر الإنترنت والعمل عن بعد وغيرها. وسلط الضوء على تسارع تطور الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى زيادة حجم النماذج اللغوية، على سبيل المثال، بمقدار ثلاثة أضعاف خلال السنوات الثلاث الماضية. وحول التأثيرات البيئية، قال زينغ إن هناك تكلفة باهظة لتدريب نموذج ذكاء اصطناعي حديث، وضرب مثالاً على نموذج جي بي تي-3 الذي يستهلك تدريبه من الطاقة الكهربائية ما يعادل استهلاك مدينة صغيرة تضم 150,000 منزل.

وفي هذا السياق، رأى زينغ أن الذكاء الاصطناعي المسؤول يجب أن يكون آمناً، وصديقاً للبيئة، ومتاحاً للجميع من حيث إمكانية الوصول والتكلفة. كما أكد أن تحقيق مسؤولية أنظمة الذكاء الاصطناعي تتطلب أن تكون هذه الأنظمة عادلة وأخلاقية وجديرة بالثقة وقابلة للتفسير.

تبني التقنيات الناشئة من قبل قادة الأعمال والقوى العاملة

تناول المحور الأول من المؤتمر تسارع تبني التقنيات الناشئة مؤخراً، وناقش الضيوف التوجهات التي سترسم معالم مستقبل العمل، ومتى ستتحول هذه التوجهات إلى حقيقة، وكيف نضمن تبنيها بشكل ناجح من قبل قادة الأعمال والقوى العاملة.

وقالت رايتشل ليبسون، مديرة مشروع قوى العمل بجامعة هارفارد، إن التكنولوجيا تستطيع اليوم أداء 90% مما كان يقوم به البشر في عام 1900. ونوهت إلى تراجع التوظيف في قطاع التصنيع خلال الخمسين سنة الماضية؛ بسبب تزايد اعتماد هذا القطاع على التكنولوجيا. وأشارت إلى تزايد التركيز على المهارات التقنية والمهارات الاجتماعية مثل مهارات التواصل والعمل في فريق وحل المشاكل. لذا تزايدت استثمارات القطاع الخاص في تحديث أنظمة التوظيف بالاعتماد بشكل خاص على أنظمة الذكاء الاصطناعي.

وفي جلسة بعنوان "إعداد الجيل الجديد من القادة: شحذ المهارات وصقلها، والتدريب، وإعادة التدريب"، رأى أناند شوبرا، المدير العام لشركة إميريتوس بالمملكة المتحدة، أن القوى العاملة في مينا متفائلة بشأن المستقبل، وهناك إقرار منها بالحاجة إلى التدريب وبناء وتطوير المهارات من أجل المستقبل. وأشار إلى استطلاع أجرته بي دبليو سي ووجد أن 7 من كل 10 رؤساء تنفيذيين في المنطقة اعتبروا أنهم حققوا تقدماً كبيراً في تطوير مهارات موظفيهم، لكن 23% فقط من الموظفين قالوا إنهم قد طوروا مهاراتهم. لذلك هناك حاجة لبناء العلاقة بين الطرفين. ورأى أن المسؤولية في ذلك تقع على عاتق الجميع من حكومات وشركات ومؤسسات تعليمية. وأكد أن التعلم لا يتوقف عند التخرج من الجامعة وإنما هو عملية تستمر مدى الحياة.

عبد العزيز المالك، منى زكي، أناند شوبرا، نافذ الدقاق
من الأعلى واليمين: عبد العزيز المالك، ليلى زيكو، أناند شوبرا، نافذ الدقاق.

وحدد شوبرا أهم 4 مهارات يجب أن يمتلكها القادة حتى ينجحوا في التكيف مع مرحلة ما بعد كوفيد-19، وهي:

  • إدارة مستويات التوتر في ظل حالة عدم اليقين السائدة.
  • الوعي بمفهوم الصمود ومعناه في سياق دورهم.
  • الإقرار بأنه في وقت الأزمات هناك فرص أيضاً.
  • التركيز على بناء الثقة والعلاقات بين الفرق التي يتنامى توزعها الجغرافي.

أما نافذ الدقاق، رئيس مجلس إدارة منصة إدراك والرئيس التنفيذي لمؤسسة الملكة رانيا بمكتب لندن، فقد شدّد على أمرين اثنين: الأول هو أهمية التركيز على التعلم وتطوير الذات، والثاني هو ضمان أن فريقك يمتلك البنية التحتية اللازمة لتطوير مهاراته وتزويد قسم الموارد البشرية بالأداوت اللازمة لذلك. وأكد أن الوباء أبرز الأهمية المتزايدة لبناء الثقة لأنها تمكن من التحول إلى العمل عن بعد بسرعة، وتشارك القيم والأهداف بين العاملين، كما بين أهمية توظيف الأشخاص المناسبين.

ورأى عبدالعزيز المالك، المدير العام لدعم الأبحاث والابتكار في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، أن المهارات التقنية والخبرة في الفضاء الرقمي تعد أهم المهارات حالياً، وسيواجه القادة تحديات العثور على المهارات. وأشار إلى دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي تقول إن العديد من العاملين سيحتاجون إلى إعادة تدريب لمدة 6 أشهر بحلول 2025. وسلط الضوء على خبرة المملكة العربية السعودية التي وضعت خطة طموحة لتتحول إلى دولة رائدة في التحول الرقمي من خلال تحسين البنية التحتية لشبكات الاتصالات وغيرها من البنى التحتية لتخفيف تداعيات الأزمة الحالية. كما نجحت المملكة في توفير استمرارية التعلم من المنزل والخدمات الصحية عن بعد والخدمات الخاصة والعامة عبر الإنترنت.

ورأى مالك أن أهم المهارات التي ينبغي أن يتمتع بها القادة حالياً هي مهارة إدارة الأزمات في أوقات عدم اليقين، وتطوير مهارات التفكير النقدي، وامتلاك المرونة الكافية للتكيف مع الأوضاع الجديدة، والشجاعة لاتخاذ القرارات خصوصاً في بيئة غامضة مثل تلك التي فرضها كوفيد-19.

وفي جلسة بعنوان "العمل من المنزل أسلوب أثبت نجاحه"، قال جوزيه باريرو، الأستاذ المساعد في كلية الأعمال بمعهد المكسيك المستقل للتكنولوجيا (ITAM)، إن العمل من المنزل ارتفع من نسبة 5% قبل كوفيد-19 في الولايات المتحدة إلى 50% أثناء الوباء. لكن في مرحلة بعد الوباء سيمثل العمل من المنزل بين 20-25% من العمل وفق استطلاع أجراه باريرو وزملاؤه. وقال إن شركات مثل مايكروسوفت وسيتي جروب وأبل تخطط للاعتماد على نموذج عمل هجين ينطوي على العمل في المكتب لبعض الوقت ومن المنزل لبضعة أيام في الأسبوع. وأشار استطلاعهم إلى أن الإنتاجية ارتفعت بنسبة 5% عند العمل عن بعد. كما أن غالبية المستطلعين قالوا إنهم سيواصلون أسلوب العمل من المنزل بعد الوباء.

تعزيز الذكاء

أصبح الذكاء الاصطناعي ذاتي التحكم مفهوماً قديماً، ويبرز اليوم مفهوم "الذكاء المعزز" الذي يعزز قدرات القوى العاملة والمستهلكين على اتخاذ القرارات. وقد تناول هذا المحور كيفية تبلور هذه الرؤية الجديدة للأتمتة والأسس التي ينبغي توفيرها لضمان نجاحها.

رانيا خلف (مستقبل العمل)
رانيا خلف.

وفي جلسة بعنوان "تمكين التحول الرقمي بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية"، تحدثت رانيا خلف، رئيسة قسم هندسة الذكاء الاصطناعي في مركز أبحاث آي بي إم للذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة، عن الأتمتة المدفوعة بالأهداف وأوضحت أن العملية تبدأ باستخراج المعلومات والمعرفة من المستندات بالاعتماد على تقنيات استخراج النصوص من الصور والتعرف على كتابة اليد والتعلم الموحد لحماية الخصوصية وتمكين مشاركة البيانات وتحسين دقة أنظمة الذكاء الاصطناعي، ثم فهم هذه المعلومات ومراقبة الأداء، ثم الانتقال لاتخاذ إجراءات وتحقيق الأتمتة على جميع المستويات. وأكدت خلف على أهمية اعتماد مقاربة متمحورة حول الإنسان وتحدثت عن قوى العمل الهجينة التي تنطوي على تعاون البشر والآلات، وشددت على أهمية أن تركز الأتمتة على تحسين أداء هذه القوى العاملة ذات الطبيعة المزدوجة. وشاركت مع الحضور دراسة أجرتها هارفارد بزنس ريفيو وتوصلت إلى أن الشركات تحقق أفضل التحسينات في الأداء عندما يعمل البشر والآلات بصيغة تعاونية. وأخيراً كشفت عن تعاون فريقها البحثي مع فريق المنتجات في آي بي إم لتطوير منصة تسمى واتسون أوركسترايت (Watson Orchestrate) الهادفة لتسهيل أتمتة تدفق العمل.

وفي جلسة بعنوان "تحول المؤسسات المستقبلية عبر أتمتة القوى العاملة"، رأى بيير ضاهر، رئيس إدارة الحسابات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة جوجل بدبي، أن التكنولوجيا تقدم منصة للعمل لكن البشر يلعبون دوراً محورياً، وأشار إلى إحصائية تقول إن 80% من قوى العمل العالمية هم عاملون على الخطوط الأمامية. وقال إنه حتى قبل كوفيد-19 كان هناك كم هائل من المعلومات التي تنبغي إدارتها. وأشار إلى أن الموظف في مجال المعلومات كان يتعامل مع حوالي 120 برنامجاً وتطبيقاً حتى يتمكن من إنجاز مهامه اليومية، ويمضي حوالي دقيقتين في استخدام كل تطبيق منها قبل أن ينتقل إلى تطبيق آخر؛ ما يؤثر على إنتاجيته وتركيزه. وفي المحصلة، فإن الموظف يمضي 40% من وقته في أداء مهام ثانوية. وعندما تفشى الوباء، لم تكن العديد من الشركات وفرق العمل مستعدة للوضع الجديد. وتساءل ما إذا كانت القوى العاملة ستعود للعمل وفق الأسلوب السابق أم أنها ستواصل الاعتماد على الأساليب التي تبنتها أثناء الوباء. وأخيراً استعرض العديد من الأمثلة التي أثبتت فيها تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة فائدتها في مجالات مثل الزراعة والرعاية الصحية، لكنه أكد على أن الإنسان لا يزال يلعب دوراً جوهرياً في هذه المجالات.

رامي درويش، بيير ضاهر، بابار خان
من الأعلى واليمين: رامي درويش، بيير ضاهر، بابار خان.

رأى رامي درويش، المدير الإداري في آرو لابز (Arrow Labs) بدبي في الإمارات العربية المتحدة، أن الأتمتة والتحول الرقمي سيجري على مراحل وأننا ما زلنا في مرحلة الرقمنة. وأوضح أن الوباء قد أبرز أهمية استخدام الأدوات التكنولوجية لدفع هذه العملية قدماً وإشمال عاملي الخطوط الأمامية فيها. وذكر مثالاً على استخدام أجهزة استشعار تستخدم إنترنت الأشياء لمراقبة خط نفط ومعالجة المعلومات وتقديمها إلى الإدارة. ورأى درويش أن التكنولوجيا ستكون عامل تمكين للقوى العاملة على جميع المستويات وليس بديلاً لها، بل إنها ستخلق الكثير من الوظائف.

وفي جلسة بعنوان "الاعتماد على السحابة لتحقيق الاستفادة الرقمية الكاملة"، تحدثت ميريام ماكليمور، مديرة إستراتيجية الشركة في خدمات أمازون ويب (AWS)، عن رشاقة الأعمال، وهي قدرة الشركات على الاستجابة واتخاذ القرارات والتكيف مع التغيير وسرعة التنفيذ. واستعرضت سمات الشركات التي حققت التحول الرقمي وأهمها التركيز على تجربة العميل وأنها موجهة بالأداء ومقادة بالبيانات وتمتلك أساليب قياسية للعمل وتستخدم تقنيات متقدمة. وأشارت إلى أن الشركات تصب استثماراتها حالياً في مجالات الأتمتة الفائقة وإتاحة استخدام البيانات للجميع والشفافية واستخدام الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني. وأكدت أن جميع الشركات الناجحة تضع الابتكار في صلب أعمالها، وضربت أمثلة على ذلك فورمولا ون وشركة كريم وشركة ألف التي تستخدم جميعها خدمات أمازون ويب السحابية للاستفادة من البيانات في تطوير أعمالها.

جينا لي أثناء حديثه في مؤتمر مستقبل العمل
جينا لي أثناء حديثه في مؤتمر مستقبل العمل.

وفي جلسة بعنوان "الواقع الافتراضي والمعزز ومستقبل العمل عن بعد"، رأى جينا لي، الشريك المؤسس وكبير مسؤولي المنتجات في سباشيال بنيويورك، أن طريقة التفاعل الحالية مع العالم الرقمي عبر مؤشر الفأرة ولوحة المفاتيح ليست متوافقة مع التفاعل البشري تماماً. كما أن طريقة العمل عن بعد وعبر الاتصال الفيديوي اليوم تتسم بمحدوديتها؛ لذا يعمل وفريقه في سباشيال على تطوير تقنيات التفاعل ثلاثية الأبعاد باستخدام الواقع الافتراضي والواقع المعزز، والتي تمكن من حدوث انخراط أكبر لأعضاء فريق العمل وزيادة كفاءته وتعاونه. كما سلط الضوء على آلية الإبداع والخروج بأفكار جديدة، التي رأى أنها تنبع غالباً من التفاعلات العفوية بين أعضاء الفريق، وهذا ما يصعب حدوثه عبر مؤتمرات الفيديو المعتادة التي تكون الأفكار فيها معدة ومحضرة مسبقاً. وهذا ما تسعى سباشيال إلى تلافيه عبر توفير منصة ثلاثية الأبعاد باستخدام الواقع المعزز تتجسد فيها شخصيات أعضاء الفريق وتتفاعل مع بعضها البعض.

وفي جلسة بعنوان "تأثير الآلات الذكية على القوى العاملة"، قال سامر المبيض، الرئيس التنفيذي لشركة فورهات روبوتيكس (Furhat Robotics) بالسويد، إن توقعات الناس عالية من الروبوتات، لكنها عملياً ما زالت في مراحلها الأولى وبعيدة عن الخيال العلمي. وأوضح أن هناك مجالات حقق فيها الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً مثل السيارات ذاتية القيادة، لكن في مجالات أخرى، فإنه ما زال في مراحله الأولى. كما ناقش الجوانب الأخلاقية لهذه التكنولوجيا وشبَّهها في هذا الإطار باكتشاف النار أو ابتكار السكين، وأكد أن إيجابيات وسلبيات أي تكنولوجيا تتوقف على كيفية استخدامها. وقال إنه ينبغي على الشركات استثمار الوقت والموارد في وضع إستراتيجيات أخلاقيات لتحديد التأثيرات السلبية للتكنولوجيا، والتمتع بنظرة شفافة حول السلبيات، وتوفير الأدوات الأساسية التي تعزز الأمان والخصوصية.

سامر المبيض، سيريل كبارة، تقى الهنائي، لبنى بوعرفة
من الأعلى واليمين: سامر المبيض، سيريل كبارة، تقى الهنائي، لبنى بوعرفة.

كما أكدت لبنى بوعرفة، الرئيسة التنفيذية والمؤسسة لشركة أوكرا بالولايات المتحدة، على ضرورة التفكير في المتطلبات الأخلاقية ووضعها في صميم تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي، وشددت على أهمية شحذ مهارات القوى العاملة في المجالات التي يبدع فيه الإنسان وضرورة تسريع الأتمتة في الأماكن التي يمكن أن يقوم فيه الذكاء الاصطناعي والآلات بالمهام نيابة عن البشر. لكنها أكدت على أهمية التركيز على العديد من الجوانب الأخلاقية والقانونية مثل ضمان الامتثال للقوانين عند جمع البيانات والتعامل مع مشاكل التحيز والعمل على تطوير قابلية تفسير خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

واعتبر سيريل كبارة، الشريك المؤسس لشركة شارك روبوتيكس (SHARK Robotics) بفرنسا، أنه ينبغي أن يكون الإنسان دائماً في مركز حلقة اتخاذ القرارات، وأن التعاون بين الآلات والإنسان هو طريق المستقبل. وأورد مثالاً على هذا التعاون باعتماد رجل الإطفاء على نظام ذكاء اصطناعي لإرشاده واستخدام الرؤية الحاسوبية لمساعدته في عمله وحمايته.

وفي جلسة بعنوان "إعادة تصور العمل الخيري: العمل من أجل مستقبل أكثر إشراقاً للاجئين"، قال حسام شاهين، رئيس الشراكات مع القطاع الخاص بالشرق الأوسط في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن المفوضية أصبحت أكثر استعداداً اليوم لنقل الكثير من الخدمات عبر الإنترنت وتوفيرها للاجئين مثل التعليم والتدريب وغيرها. وأوضح أنهم يتعاونون مع القطاع الخاص والحكومات لضمان استمرارية التعليم وخصوصاً أن 40% من اللاجئين تقل أعمارهم عن 18 عاماً. وكشف عن العمل على تطوير برنامج منح دراسية للاجئين لمتابعة تحصيلهم الجامعي.

حسام شاهين وناديا رشدي (مستقبل العمل)
حسام شاهين وناديا رشدي.

وأكد شاهين مواصلة العمل على تقديم المزيد من المبادرات عبر الإنترنت لدعم اللاجئين، خصوصاً مع تعمق فجوة التمويل بسبب كوفيد-19. لذا لا بد من إعادة تصور العمل الخيري لجسر هذه الهوة.، وحشد طاقات المنطقة التي تتسم بكرمها تاريخياً. كما أشار إلى تطبيق "GiveZakat" الذي يتيح للمتبرع تتبع تبرعاته ومعرفة الجهة التي وصلت إليها. وقد حقق التطبيق نتائج جيدة أثناء مرحلته التجريبية في شهر رمضان المبارك.

بناء مؤسسات ذات قدرات أكبر في الفضاء السيبراني

تناول هذا المحور كيفية حماية البيانات والحفاظ على انخراط العاملين والمستخدمين في مستقبل تسوده الأتمتة.

وفي جلسة بعنوان "كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في بناء قوى عاملة عن بعد أكثر إخلاصاً وقدرة وانخراطاً؟"، تحدث مارك إسبوزيتو، الأستاذ في كلية الأعمال بمعهد إمبريزا، والشريك المؤسس وكبير مسؤولي التعلم في نيكسوس فرونتييه تيك (Nexus FrontierTech) بالولايات المتحدة، عن هذه الفترة التاريخية التي تشهد تغييرات كبيرة في طبيعة العمل نتيجة التطور التكنولوجي. وأكد على أهمية فهم كيف يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تسريع وتسهيل التحول في مستقبل العمل. واعتبر إنه ينبغي على الشركات ألا تفكر بالذكاء الاصطناعي على أنه سيحل محل الموظفين البشر، بل يجدر بها النظر إليه باعتباره وسيلة لإعادة تصميم مهام العمل. بكلمات أخرى، ينبغي توظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين أداء المهام لتوسيع نطاق العمل.

مارك إسبوزيتو (مستقبل العمل)
مارك إسبوزيتو.

وحول الخوف من سيطرة التكنولوجيا، قال إن 50% من الوظائف التي كانت قائمة في الولايات المتحدة قبل 100 عام ما زالت موجودة اليوم. ودعا إلى التفكير بفعالية حول كيفية تعزيز التكنولوجيا للوظائف والأعمال بدلاً من التفكير في أن الآلات ستحل مكان البشر. وقال إن استبدال البشر بالآلات في وظيفة ما خلال السنوات القادمة يتوقف على طبيعة هذه الوظيفة، وما إذا كانت تنطوي على الإبداع ورسم الإستراتيجيات. وأشار إلى أن عدداً كبيراً من الوظائف في العديد من القطاعات والبلدان ستبقى بين أيدي البشر؛ لأن توظيفهم أقل تكلفة من أن نستبدل بهم الآلات والذكاء الاصطناعي. ورأى أن مستقبل العمل سيتضمن دمج التكنولوجيا مع القوى البشرية لتحسين قدرات البشر وتعزيز إمكاناتهم.

وفي جلسة بعنوان "تخفيف المخاطر على القوى العاملة"، تحدث رامسيس كاليجو، كبير مسؤولي التكنولوجيا في (CyberRes) بإسبانيا، عن الصمود الذي لا يعني القدرة على مواجهة المخاطر فحسب، ولكن أيضاً تقليل المخاطر على القوى العاملة عبر التنبؤ بها من خلال التفاعل مع العاملين وفهم مشاعرهم ومخاوفهم. وأكد أن الصمود ينطوي على فهم القوى العاملة، ثم التحمل، ثم التعافي، وأخيراً التطور والازدهار. ولتلك الغاية، ينبغي وضع برامج وخطط إدارة الأزمات خصوصاً في ظل التغير السريع في العالم. وأكد أن فائدة التكنولوجيا لا تقتصر على التحول الرقمي، بل تساعدنا على مواجهة المخاطر عبر مقاربة الابتكار الجذري. وأكد على أهمية الدور الذي تلعبه ثقافة الشركة وبنيتها وإستراتيجيتها في التخفيف من المخاطر على القوى العاملة.

رامسيس كاليجو (مستقبل العمل)
رامسيس كاليجو.

وفي جلسة بعنوان "توظيف التكنولوجيا في بناء ميزة تنافسية طويلة الأمد"، أكد فيليكس أوبرهولزرجي، الأستاذ في إدارة الأعمال في وحدة الإستراتيجية بكلية هارفارد للأعمال بالولايات المتحدة، على أهمية التفاؤل بشأن إستراتيجيات إعادة تصور قوى العمل ودورها في تحسين الأداء المالي للشركات. ثم شدَّد على أهمية البساطة عند صياغة الإستراتيجيات، وضرورة عدم البدء بالتكنولوجيا وإنما بوضع هدف إنشاء وظائف أفضل. وضرب مثالاً بأن 90% من الشركات الأميركية كانت تمتلك فرقاً تعمل على تكنولوجيا البلوك تشين قبل عشر سنوات، لكن هذه النسبة اليوم تقف عند 10%. كما تحدث عن نوعين من المنافسة هما: "المنافسة على القيمة" والتركيز على حاجات الموظفين، وأورد مثالاً على شركة (GAP) للألبسة التي استخدمت تطبيقاً يتيح للموظفين إيكال نوبات العمل لزملائهم؛ ما رفع من مستوى سعادتهم وإنتاجيتهم. أما النوع الآخر فهو "المنافسة على الانتقاء"، وأوضح بمثال على شركة أوبر التي تمتلك ضعف عدد السائقات النساء مقارنة بأي شركة مماثلة نتيجة توفير ميزات الأمان ومرونة ساعات العمل.

المحتوى محمي