بيل غيتس: يجب على الأمم الثرية الانتقال بشكل كامل إلى لحم البقر الاصطناعي

9 دقائق
بيل جيتس
مصدر الصورة: جون كيتلي

في كتابه الجديد، الذي يحمل عنوان "كيف نتجنب الكارثة المناخية"، وضح بيل غيتس ما سنحتاجه للقضاء على انبعاثات غازات الدفيئة التي تؤدي إلى التغير المناخي.

وبيل غيتس -الذي ساهم في تأسيس مايكروسوفت، وهو حالياً أحد رؤساء مجلس إدارة مؤسسة بيل وميليندا غيتس ورئيس مجلس إدارة الصندوق الاستثماري بريكثرو إينيرجي فينتشرز- يبدو أنه لم يتراجع عن وجهة نظره السابقة، التي تقول إننا في حاجة إلى العديد من الإنجازات والاختراقات الهامة في مجال الطاقة حتى يكون لدينا أي أمل بتنظيف جميع أجزاء الاقتصاد والبلدان الأكثر فقراً في العالم. ويتمحور الكتاب بشكل رئيسي حول مسح شامل للتكنولوجيات المطلوبة للقضاء على الانبعاثات في قطاعات "تمثل مشاكل صعبة الحل"، مثل الزراعة وصناعة الصلب والإسمنت.

ويشدد غيتس على أن الابتكارات ستجعل من عملية منع أو تخفيض الانبعاثات أقل تكلفة وأكثر سهولة من الناحية السياسية بالنسبة إلى جميع الدول. غير أن غيتس رد أيضاً على بعض الانتقادات حول "وصفاته" لعلاج المشاكل المناخية، التي قِيل إنها تركز بشكل مبالغ فيه على "معجزات الطاقة" على حساب السياسات الحكومية الصارمة.

تعدد الفصول الأخيرة من الكتاب قوائم طويلة بالأساليب التي يمكن أن تعتمد عليها الدول لتسريع هذه النقلة، بما فيها رفع أسعار الكربون، والاعتماد على معايير نظيفة للطاقة والوقود، إضافة إلى زيادة كبيرة في تمويل البحث والتطوير. وقد دعا غيتس الحكومات إلى مضاعفة استثماراتها السنوية في التكنولوجيا النظيفة بمقدار خمسة أضعاف، وهو ما يمكن أن يصل إلى 35 مليار دولار في الولايات المتحدة.

يصف بيل غيتس نفسه بأنه متفائل، ولكنه تفاؤل متحفظ؛ فقد كرس فصلاً كاملاً لوصف صعوبة التعامل مع المشكلة المناخية. وعلى الرغم من أنه يقول باستمرار بأننا قادرون على تطوير التكنولوجيا الضرورية وقادرون على تجنب الكارثة، فإنه ليس واضحاً بالضبط حول مدى اعتقاده وأمله بأننا سنقوم بهذا فعلياً.

لقد تحدثت مع غيتس في سبتمبر حول كتابه الجديد، وحدود تفاؤله، وكيف تطور تفكيره حول التغير المناخي.

وقد استثمر غيتس في عدد من الشركات التي ذكرها أدناه، سواء بشكل شخصي أو عبر صندوق بريكثرو إينرجي فينتشرز، بما في ذلك بيوند ميتس، وكربون إنجينيرينج، وإمبوسيبل فودز، وممفيس ميتس، وبيفوت بايو. تم تعديل المقابلة بعض الشيء لتوفير المساحة وزيادة الوضوح.

في الماضي، بدا أنك تنأى بنفسك عن الجانب السياسي لمسألة التغير المناخي، ما أثار بعض الانتقادات التي تقول إنك تركز بشكل مبالغ فيه على الابتكار. فهل تغير تفكيرك أم أنك طرحت الجانب السياسي في كتابك كخيار مقصود؟

كلا، هذا مبرر تماماً. بشكل عام، أفضّل على الدوام التعامل مع الابتكارات دون التورط في المسائل السياسية، إذا كان هذا ممكناً. ومن الطبيعي بالنسبة لي أن أبحث عن عالم رائع وأدعم مقاربات متعددة.

ولكن السبب الذي دعاني إلى الابتسام عندما قلت ذلك هو أنني، وفي إطار العمل الصحي العالمي، اعترفت لمدة عقد كامل بضرورة العمل مع الحكومات المانحة والحكومات المتلقية عن كثب وبعمق للحصول على التأثير المطلوب وبناء هذه الأنظمة الأولية للرعاية الصحية.

وقد كانت وجهة نظري الساذجة في البداية تقول بأنه يكفي أن أبتكر لقاحاً -للملاريا على سبيل المثال- وأترك للآخرين مهمة العمل الميداني لتوزيعه. من الواضح أن هذا لم يكن بالرأي السديد، وقد أدركت أنه توجد في الواقع لقاحات للكثير من هذه الأمراض، بما فيها الإسهال والالتهاب الرئوي. أما المشاكل الحقيقية فلم تكن علمية، بل كانت سياسية، مثل وضع أسعار مقبولة وجمع التمويل وزيادة تغطية اللقاحات.

وهنا، لا شك في الحاجة إلى الاعتماد على السياسات الحكومية إلى درجة كبيرة للغاية. لنأخذ الصلب النظيف كمثال على هذه المسألة؛ حيث إنه لا يتمتع بأي فوائد أخرى، ولا يوجد طلب في السوق على الصلب النظيف، بل إن ضرائب الكربون على التكاليف المنخفضة للطن لا تكفي للتحفيز على إنتاج الصلب النظيف. وستحتاج إلى ضريبة كربون تقارب 300 دولار للطن؛ ولهذا، ومن أجل تحفيز هذا القطاع، يتعين عليك إجراء بعض من أعمال البحث والتطوير الأساسية، وتبدأ بتخصيص متطلبات الشراء أو التمويل لدفع التكاليف الأساسية، سواء من الحكومة أو الشركات وحتى الأفراد.

ولكن، وكما تعرف، فنحن في حاجة إلى مشاركة الكثير من البلدان في هذه المسألة، ولا تكفي بضعة بلدان وحسب.

ما رأيك بفرصنا في إحراز تقدم سياسي حقيقي، خصوصاً في الولايات المتحدة، في هذه الأجواء الحالية؟

أنا متفائل. إن انتخاب بايدن أمر جيد. وما يدعو إلى التفاؤل أكثر من ذلك هو أنك إذا استطلعت آراء الناخبين الشباب من مواليد 1981 إلى 1996 تقريباً، سواء الجمهوريين أو الديمقراطيين، لوجدت أن الاهتمام بهذه المسألة كبير للغاية. وهم من سيكونون على قيد الحياة عندما سيتضح مصير الكوكب وإمكانية خلاصه من معاناة هائلة أو وقوعه فيها، حسب ما سيتم فعله. وبالتالي، فإن الإرادة السياسية موجودة.

ولكن هناك الكثير من التشابك بين السياسة والابتكار؛ فإذا حاولت تحقيق هذه النقلة بأسلوب قسري -أي فقط بدفع التكاليف الأولية للتكنولوجيا النظيفة- فستكون التكلفة الاقتصادية هائلة وسيحدث اختلال اقتصادي هائل؛ ولهذا لا أعتقد أن أي بلد، حتى من البلدان الثرية، ستقوم بهذا بالطريقة القسرية.

ولكن، وعلى المدى القريب، يمكن أن تتمكن من جمع عشرات المليارات من الدولارات من أجل الابتكار. يُفضّل الجمهوريون الابتكار في أغلب الأحيان.

وأنا أطلب مقداراً يقارب ميزانية معاهد الصحة الوطنية. وأشعر أن هذا ممكن سياسياً؛ لأنه سيؤدي إلى توفير فرص عمل عالية الرواتب، ولأنه سيجيب عن التساؤل التالي: إذا تخلصت الولايات المتحدة من مساهمتها في الانبعاثات الكربونية العالمية، التي تُقدر بنسبة 14%، فما الذي يمكننا فعله بشأن المساهمة المتزايدة للهند التي تؤمن الاحتياجات الأساسية لمواطنيها؟

تخيل أن نرجو من الهند في 2050، ونكرر الرجاء، بأن تخفف من بناء المساكن إلى النصف بسبب التكاليف الأولية للإسمنت والصلب النظيف. من المؤكد أنهم سيستغربون هذا الطلب، وسيقولون إنهم لم يتسببوا في هذه الانبعاثات.

إن الابتكار هو الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتخفيض هذه التكاليف السعرية الأولية.

لقد أعربت عن تفاؤلك بضع مرات، كما أنك أصبحت معروفاً إلى حد ما بموقفك هذا من مسألة الاحترار العالمي. ولكن التفاؤل مصطلح نسبي بطبيعة الحال. هل تعتقد أننا نستطيع -واقعياً- الحفاظ على الاحترار بمقدار درجتين مئويتين على الأكثر بعد وصولنا إلى هذه المرحلة؟

هذا سيتطلب وضع سياسات صحيحة، ومشاركة الكثير من البلدان، إضافة إلى شيء من الحظ في العديد من التطورات التكنولوجية. وهذا أفضل ما يمكن أن نتأمل حدوثه. وأي شيء أفضل من هذا السيناريو يصبح خارج إطار الواقع، بل إن هذا السيناريو نفسه يبدو تحقيقه مستحيلاً في بعض الأحيان.

إنه ليس بالأمر المستحيل، ولكنه يتطلب تقدماً كبيراً للغاية. وحتى إذا فكرنا في حاجتنا إلى معجزة تسمح لنا بتخزين الطاقة بشكل فعال، فيجب ألا نسمح لأنفسنا بأن نعتمد كلياً على هذا الأمر؛ حيث إن البطاريات الحالية -ولو تضاعفت قدرتها حتى 20 مرة- لا تستطيع تخزين ما يكفي نتيجة التغيرات الموسمية التي نحصل عليها من المصادر المتقلبة مثل الرياح والشمس. ببساطة، ليس لدينا ما يكفي من البطاريات؛ لأنها ستكون مكلفة للغاية. إذن، يجب أن يكون لدينا مصادر موثوقة أخرى -مثل الانشطار أو الاندماج النووي- للحصول على الكهرباء، وسنعتمد عليها أكثر من ذي قبل.

ساندوتش برجر نباتي من إمبوسيبل فودز
مصدر الصورة: إمبوسيبل فودز

لقد غطيت في كتابك مجموعة واسعة من القطاعات التي يصعب حل مشاكلها المناخية. لكنني وجدت أن مسألة الغذاء هي الأصعب من حيث كيفية التعامل معها بشكل كامل. إن نطاقها واسع للغاية، ولم نكد نبدأ حتى بحل مشاكلها. وبشكل أساسي، ليس لدينا بدائل تقضي بشكل كامل على الانبعاثات شديدة التأثير الصادرة عن المواشي والأسمدة. ما مدى تفاؤلك إزاء مسألة الزراعة؟

هناك العديد من الشركات -بما فيها شركة بيفوت بايو ضمن الملف الاستثماري لصندوق بريكثرو إينرجي فينتشرز- التي تعمل على تخفيض مقدار الأسمدة التي نحتاج إليها بشكل كبير. وقد أحرزت هذه الشركات عدة تطورات في مجال البذور، بما فيها بذور تقوم بما تقوم به البقوليات، أي تحويل النيتروجين الموجود في التربة إلى مكونات تستطيع النباتات الاستفادة منها بيولوجياً. ولكن القدرة على تحسين التمثيل الضوئي وتحسين تثبيت النيتروجين هي من أكثر الأمور التي تعاني من ضعف الاستثمار.

وفي مجال المواشي، تُعتبر أمراً بالغ الصعوبة. تقوم هذه الشركات بعمليات مختلفة، مثل إطعام المواشي أغذية مختلفة، ومثل إحدى المركبات التي تؤدي إلى تخفيض انبعاثات الميثان بنسبة 20%. ومن المؤسف أن هذه البكتيريا الموجودة في أمعاء المواشي -التي تنتج الميثان- ضرورية أيضاً لتفكيك العشب. ولهذا، لا أدري إن كنا سنتمكن من حل هذه المشكلة بطريقة طبيعية. وأخشى أن البدائل الاصطناعية البروتينية -مثل البرجر المصنوع من النباتات- ستصبح ضرورية لنا، على الأقل بالنسبة للحم البقر.

والآن، تعمل العديد من الشركات، مثل ممفيس ميتس، على تركيب هذه اللحوم على المستوى الخلوي، ولكنني لا أعرف ما إذا كانت هذه العملية ستصبح ذات جدوى اقتصادية جيدة. أما شركتا إمبوسيبل وبيوند فقد وضعتا خريطتي طريق، خريطة طريق للجودة وخريطة طريق للتكلفة، ولهذا تتمتعان بأفضلية تنافسية جيدة.

أما فيما يتعلق بالحجم الحالي، فهما لا يمثلان 1% من اللحم على مستوى العالم، ولكنهما تتقدمان بشكل متواصل. وتوجد أربعة استثمارات لبريكثرو إينرجي في هذا المجال لتصنيع المكونات بشكل فعال للغاية. وبالتالي، فإنني أشعر بالتفاؤل إزاء هذا المجال، على الرغم من أنني كنت أعده منذ خمس سنوات من أصعب المجالات، إلى جانب الإسمنت والفولاذ.

لقد قلت لك إنني بدأت أشعر بوجود طريق واضح ومحدد للتقدم في هذا المجال. ولكنك محق في أننا لا نستطيع أن نقول للناس ببساطة أن يتخلوا عن الأبقار كلياً، إنه خيار سياسي يفتقر تماماً إلى الشعبية.

هل تعتقد أن اللحوم المصنوعة من النباتات والمستزرعة مخبرياً يمكن أن تمثل حلاً كاملاً لمشكلة البروتين العالمية، حتى في البلدان الفقيرة؟ أم أنها ستمثل نسبة جزئية وحسب بسبب بعض الأمور التي تحدثنا عنها، مثل الأهمية الشعبية للهمبرجر، ومركزية المواشي في العديد من الاقتصادات حول العالم؟

بالنسبة لأفريقيا وغيرها من البلدان الفقيرة، يجب أن نعتمد على تعديل جينات الحيوانات لرفع نسبة إنتاج اللحم بالمقارنة مع الانبعاثات الصادرة لديهم. ومن الغريب أن نسبة الانبعاثات إلى إنتاج لحم البقر لدى المواشي الأميركية أقل بكثير من مثيلتها الأفريقية؛ ويعود هذا إلى إنتاجيتها العالية. وفي إطار عمل مؤسسة بيل وميليندا غيتس، فنحن نحاول الاستفادة من إيجابيات المواشي الأفريقية، أي قدرتها على تحمل الحرارة، ودمجها مع الإنتاجية الهائلة للحم والحليب لدى سلالات المواشي الأميركية.

ولهذا، لا أعتقد أن أفقر 80 دولة في العالم ستأكل اللحم الاصطناعي. ولكنني أعتقد أن جميع الدول الثرية يجب أن تنتقل إلى اللحم الاصطناعي بنسبة 100%. سيكون من الممكن الاعتياد على الفرق في المذاق، كما أن الشركات تقول إنها ستتمكن مع مرور الوقت حتى من التفوق على المذاق الأصلي. وفي نهاية المطاف، فإن التكاليف الأولية الخضراء قليلة بما يكفي لتغيير سلوك العامة أو استخدام القوانين لإحداث نقلة كلية في الطلب.

وبالتالي، أعتقد أن تغيير إنتاج اللحم في البلدان متوسطة الدخل والثرية أمر ممكن. ولكنها مسألة تحتاج إلى متابعة مستمرة، كما أنها ليست سهلة على الإطلاق من الناحية السياسية. فهناك الكثير من مشاريع القوانين التي تقول إن هذا اللحم يجب أن يُسمى بنفايات مخبرية تُباع إلى العامة. ويحاول أصحاب هذه المشاريع منع تسميته بلحم البقر.

لقد تحدثت كثيراً في الكتاب حول أهمية تكنولوجيات إزالة الكربون، مثل الالتقاط الهوائي المباشر. كما أعربت عن اعتقادك بأن النظر إلى زراعة الأشجار كحل للمشكلة المناخية ينطوي على الكثير من المبالغة. ما وجهة نظرك إلى أشياء مثل مبادرة التريليون شجرة، والعدد الكبير من الشركات التي تعلن عن خططها لتحقيق انبعاثات سلبية -على الأقل جزئياً- عن طريق الانزياحات الكربونية وإعادة زراعة الغابات؟

حتى أقوم بإزاحة انبعاثاتي الخاصة، اشتريت وقود طيران نظيفاً، ودفعت المال للاستعاضة عن التدفئة بالغاز الطبيعي في مشاريع الإسكان لذوي الدخل المحدود بمضخات حرارية كهربائية، حيث دفعت تكاليف رأس المال الأولي، في حين يستفيد السكان من انخفاض الفواتير الشهرية. كما أرسلت مبلغاً من المال إلى كلايمووركس، وهي شركة سويسرية تزيل ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتخزنه بشكل دائم تحت الأرض.

وبالنسبة للانبعاثات الكربونية التي تخلصت منها -وقد تخلصت من أكثر مما أصدرت- بلغت التكاليف 400 دولار للطن الواحد.

ولكن ماذا عن هذه الشركات التي تزعم بأنها تزيل الكربون مقابل 5 أو 10 أو 15 أو 30 دولار للطن الواحد؟ يجب أن ننظر إلى المسألة بتمعن.

هناك تصور شائع يقول بأنه توجد الكثير من الأماكن التي تتمتع بتربة جيدة ومياه جيدة، غير أن الصدفة لم تشأ أن تنبت الأشجار فيها، وإذا زرعت فيها شجرة فسوف تعيش لآلاف السنين. هذا التصور خاطئ تماماً.

إن مكمن الخطأ لدى معظم تلك المبادرات الهادفة إلى زراعة الأشجار يعود إلى عدم اكتساب تلك الحركات للمصداقية الكاملة. لا أعرف كيف يمكن قياس الحقيقة، وهناك الكثير من الأساليب التي تسمح للناس باستخدام ميزانية العلاقات العامة في محاولة لشراء الصورة الحسنة، ولكنها لا تُحدث أثراً يذكر لحل المشكلة الحقيقية. ولا شك في أننا سنصبح بمرور الوقت أكثر ذكاء وقدرة على تمييز المشاريع التي تحدث انزياحات كربونية حقيقية.

النبات والتغير المناخي
مصدر الصورة: أنسبلاش

وبالتالي، فإن معظم هذه المشاريع المتعلقة بالانزياحات الكربونية ليست ذات جدوى. وأعتقد أننا يمكن أن نحدث أثراً فعلياً إذا جمعنا الأموال من الشركات والمستهلكين لتفعيل سوق الفولاذ النظيف والإسمنت النظيف. ونظراً لطبيعة هذه الأسواق وتأثيرها، فإن دعمها بالأموال بدلاً من زراعة الأشجار سيلعب دوراً تحفيزياً ويحدث مساهمة فعلية. نحن في حاجة إلى مزيج من الأموال الحكومية وأموال الشركات وأموال الأفراد لإطلاق هذه الأسواق.

لا بد من أن أوجه إليك هذا السؤال. تعمل مايكروسوفت حالياً على إلغاء جميع انبعاثاتها السابقة، كما نشر موقع بلومبيرج مقالة تضمنت رقماً فاجأني بعض الشيء. وعلى ما يبدو، فإن الشركة تحاول تنفيذ هذا الأمر بتكلفة 20 دولار للطن الواحد. هل تعتقد أنه يمكن تحقيق إزالة موثوقية ودائمة للكربون بتكلفة 20 دولار للطن الواحد في نهاية المطاف؟

هذا مستبعد للغاية.

فلو سألتني منذ عشر سنوات عن توقعاتي لانخفاض تكاليف الألواح الشمسية، لأعطيتك إجابة خاطئة. فقد انخفضت إلى درجة تجاوزت جميع التوقعات.

إن العلم يتصف بالغموض، ومن الغباء محاولة الجزم بقدرته على تحقيق هذا الأمر أو عجزه عن تحقيق ذاك الأمر. ففي العديد من الحالات، تمكن العلم من تجاوز التوقعات وتحقيق أشياء لم يكن أحد ليتخيل إمكانية حدوثها.

ولكن، وحتى بالنسبة لعملية التسييل التي تعتمد عليها شركة كربون إنجينيرينج، فإن تحقيق 100 دولار للطن سيكون أمراً بالغ الصعوبة.

وإضافة إلى كل ما سبق، هناك أيضاً تكاليف رأس المال وتكاليف الطاقة. ولهذا، فإن الوصول إلى قيمة 20 دولاراً للطن الواحد أمر مستبعد. ثمة العديد من برامج الإزاحة التي تزعم بأنها توصلت إلى تحقيق هذا الأمر، وهو ما يستوجب الكثير من التدقيق؛ لأن إزاحة الكربون تعني إزالته من الغلاف الجوي لفترة نصف العمر الكاملة، والبالغة 10,000 سنة. وليس من السهل على الكثيرين حساب التكاليف بشكل مسبق لفترة 10,000 سنة لتحقيق جدوى اقتصادية فعلية. وأنا واثق بأن عشاق الأشجار سيستمرون في العثور على أماكن فارغة من الأشجار لزراعتها حتى لو احترقت لاحقاً.

هذا لا يعني طبعاً عدم وجود أماكن بحاجة إلى الأشجار، أو أن جميع مشاريع الإزاحة فاشلة بالكامل، فهناك بعض الأماكن التي تسرب الميثان بكميات كبيرة، ويمثل القضاء على هذه التسريبات ربحاً واضحاً. علينا اللجوء إلى التشريعات، ويجدر بنا أن نجد التمويل لهذه المشاريع.

المحتوى محمي