نشرة خاصة من بوسطن كونسلتينج جروب
مع ازدياد الطلب على القدرات الرقمية المكتشفة حديثاً وظهور منهجيات ونماذج عمل ما بعد الجائحة، تواجه الشركات وقطاعات الأعمال حول العالم حاجة لا مفر منها تتمثل في أهمية اعتماد التقنيات الناشئة والاستفادة من قدراتها المتعددة في بيئات العمل المتغيرة من أجل ضمان الاستمرارية وتحقيق نجاحات مستدامة على المدى البعيد.
وتُعد تقنية إنترنت الأشياء إحدى هذه التقنيات التي لا تقدر بثمن، والتي تسمح للأجهزة والآلات الحاسوبية بمشاركة البيانات مباشرة دون تدخل الإنسان. ويساهم ذلك في رفع مستوى الإنتاجية من خلال السرعة والدقة وتكامل الأنظمة عبر مجموعة واسعة من التطبيقات، كما أنها تساهم بالفعل في إحداث التحول على مستوى الأنشطة الاستهلاكية والتجارية والصناعية وأنشطة البنية التحتية. وتوفر تقنية إنترنت الاشياء عالماً كاملاً من الإمكانيات، ما يمكنها من إطلاق إمكانات هائلة لشركات الاتصالات في الشرق الأوسط والعالم وتحقيق فوائد وإيجابيات منقطعة النظير.
وبينما نمضي قدماً نحو المستقبل، فإن المجال الأساسي الذي يجب أن تفكر فيه شركات الاتصالات هو الفرص التي تتيحها تقنية الشبكات منخفضة الطاقة واسعة النطاق (LPWAN)، والتي تمثل مجموعة من تقنيات الشبكة التي تربط الأجهزة ذات النطاق الترددي المنخفض والمدعومة ببطاريات بمعدلات بت منخفضة عبر نطاقات طويلة. ويمكن لهذه التقنية أن تدعم حالات استخدام متنوعة على نطاق واسع في جميع القطاعات، وتكون جذابة من حيث النطاق واستهلاك الطاقة والتكلفة.
وتعمل شبكة LPWAN على كل من الترددات المرخصة (الخلوية) أو غير المرخصة (غير الخلوية)، وتتضمن خيارات قياسية مملوكة أو مفتوحة. وبفضل بنيتها التحتية الموجودة مسبقاً والمستندة إلى تقنية LTE، يركز مشغلو الاتصالات على إنترنت الأشياء الخلوي، مع قيام أكثر من 100 مشغل بالفعل باعتماد تقنيتي إنترنت الأشياء ضيق النطاق (NB-IoT) والتطور طويل الأمد للأجهزة ((LTE-M)، ومع ذلك، يجب تنفيذ العمليات الخاصة بتقنيات LPWAN عبر العمليات والممارسات التنظيمية منذ البداية.
ونظراً لأهميتها في تحقيق توازن مناسب للغرض بين عمر البطارية والتكلفة وعرض النطاق الترددي، تُعد تقنيات LPWAN عامل تمكين أساسي لعمليات نشر تقنية إنترنت الأشياء الضخمة مثل المدن الذكية. وتوفر هذه التقنيات مجموعة من المزايا المتزامنة، بما في ذلك وقت الاستجابة المنخفض، والإنتاجية العالية للبيانات، والجودة الممتازة للخدمة، والميزات المتعلقة بالأمن السيبراني.
انتشار تقنيات إنترنت الأشياء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
عند تقييم عمليات تطوير تقنية إنترنت الأشياء واعتمادها على المستوى الإقليمي، فحتى هذه اللحظة هناك عدد قليل فقط من الدول التي عملت على نشر تقنية إنترنت الأشياء الخلوي، وهي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر. فمع نجاحها الكبير في نشر تقنيتي إنترنت الأشياء ضيقة النطاق (NB-IoT) والتطور طويل الأمد للأجهزة ((LTE-M، تقود دولة الإمارات العربية المتحدة حالياً توجّهات المنطقة نحو اعتماد هذه التقنيات الناشئة. وتمتلك المملكة العربية السعودية مشروعاً واحداً حقق تقدماً في نشر تقنية إنترنت الأشياء ضيق النطاق، في حين أطلقت قطر أول مشروع لنشر هذه التقنية في وقت سابق في عام 2019. بالإضافة إلى ذلك، تُعد تونس أول دولة ساهمت في اختبار شبكة NB-IoT في شمال أفريقيا.
ومع مشاركة محدودة لمشغلي شبكات الهاتف المحمول (MNOs) في نشر الشبكة الخلوية لإنترنت الأشياء، فإن هذه التطوّرات تترك المجال مفتوحاً أمام الكثير من الوافدين الجدد على مستوى المنطقة. وفيما يتعلق بتقنيات LPWAN غير الخلوية، تشهد المنطقة حالياً توزيعاً جغرافياً متنوعاً. وتُعد تقنية الشبكات منخفضة الطاقة واسعة النطاق (LoRa) هي المهيمنة على المشهد، مع وجودها في مصر ولبنان والمغرب وعُمان والمملكة العربية السعودية.
من ناحية أخرى، تم نشر تقنية Sigfox في عُمان والإمارات العربية المتحدة وتونس فقط. ومع ذلك، يتم تنفيذ معظم عمليات نشر التقنيات غير الخلوية بواسطة شركات فاعلة جديدة (مثل الشركات الناشئة، والشركات العالمية الرائدة في مجال تقنية إنترنت الأشياء) مع مشاركة قليلة من شركات تشغيل شبكات الجوال الإقليمية. وتم اعتماد عمليات نشر الشبكات غير الخلوية في المنطقة لتغطية مجموعة واسعة من التطبيقات مثل إدارة النفايات والعدادات الذكية والزراعة الذكية.
وبهدف البقاء على صلة بهذه التطوّرات، ينبغي على مشغلي خدمات الاتصال النظر في خمسة عوامل إستراتيجية رئيسية:
تشهد ساحة إنترنت الأشياء تطوّرات بوتيرة متسارعة، مع تكثيف عمليات نشر تقنيات LPWAN في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى نمو ونضج حالات الاستخدام الجديدة المتطوّرة، وزيادة تجزئة عمليات الشركات الفاعلة في المنظومة. وسيتطلب هذا التطوّر السريع من مشغلي خدمات الاتصال التفكير بشكل إستراتيجي والتكيف باستمرار إذا كانوا يريدون ضمان إحداث تأثير مستدام وإيجابي فيما يتعلق بعمليات نشر شبكات LPWAN على المدى البعيد، والبقاء على صلة بالتطوّرات الحاصلة في مشهد إنترنت الأشياء. وبينما يحاول مشغلو خدمات الاتصالات التكيف مع هذه البيئة المتغيرة، هناك خمسة عوامل إستراتيجية يجب عليهم مراعاتها:
1- بناء شراكات إستراتيجية
بناء شراكات إستراتيجية محلية وإقليمية في مجال شبكات LPWAN، وذلك مع المصنعين ومطوّري الأنظمة والباحثين والمستخدمين النهائيين لدفع اعتماد تقنية إنترنت الأشياء ونجاحها. ومن شأن ذلك أن يشجع على تعزيز التعاون والابتكار على مستوى منظومة إنترنت الأشياء، ويمكن أن تساعد الشراكات الإستراتيجية الشركات الرائدة في مجال إنترنت الأشياء على تطوير خبراتها وبناء الكفاءات الأساسية على طول سلسلة القيمة بأكملها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الشركات تطوير برامج اعتماد إقليمية لأجهزة ومعدات إنترنت الأشياء، ودعم عمليات نشر تقنية إنترنت الأشياء عبر المنطقة وخدمات التجوال الدولي.
2- إدارة التحديات المعقدة لعمليات التشغيل البيني
يتطلب ذلك إيجاد حلول فعّالة لمعالجة حالة التفكك والتعقيد عبر منظومة أصحاب المصلحة، ونظراً لعدم تجانس المنظومة الحالية لإنترنت الأشياء، فإن حلول إنترنت الأشياء التي يطوّرها مشغلون مختلفون نادراً ما تكون قابلة للتشغيل البيني؛ ما يفرض العمل مع مشغل واحد واعتماد نوع واحد من الحلول. ويجب على مشغلي خدمات الاتصال في مركز عمليات نشر تقنيات إنترنت الأشياء المكثفة تحديد ودمج نهج التشغيل البيني في عروض خدماتهم لكسب ثقة العملاء وكسر الحواجز وتسريع تكامل حالات الاستخدام الجديدة.
3- عقد اتفاقيات التجوال
ينبغي تسريع جدول أعمال اتفاقيات التجوال الوطني لتقنيات إنترنت الأشياء الخلوي والتنسيق مع مشغلي الهاتف المحمول الآخرين لإبرام اتفاقيات تجوال إقليمية. وتساعد مثل هذه الشراكات مشغلي خدمات الاتصال على تسريع تبني تقنيات إنترنت الأشياء واعتمادها، خاصةً في حالات الاستخدام التي تنطوي على التنقل عبر الحدود. على سبيل المثال، في عام 2017، بدأت شركة Deutsche Telekom التجربة الأوروبية لتقنية NB-IoT لاختبار خدمات التجوال الدولي. وبعد نجاحها، بدأت الشركة في إبرام اتفاقيات شراكة مع مشغلي شبكات الجوال الأوروبية لضمان التغطية الكاملة في جميع أنحاء أوروبا. وبحلول أبريل 2020، شملت اتفاقية التجوال هذه 18 دولة أوروبية.
4- تقييم الأهمية الإستراتيجية لبدائل تقنيات LPWAN
على الرغم من أن تقنية إنترنت الأشياء الخلوية تُعد بمنزلة الأولوية القصوى لمشغلي خدمات الاتصالات، إلا أنه يجب عليهم أيضاً تقييم الأهمية الإستراتيجية لبدائل شبكات LPWAN غير الخلوية، بهدف دعم اعتماد تقنيات إنترنت الأشياء على نطاق أوسع. على سبيل المثال، قد تكون تقنيات LoRa حلاً مكملاً ومفيداً للشبكات الخاصة المُدارة. أو ربما يكون هناك قيمة في الحصول على الترخيص لتكون المزود الوحيد لشبكة Sigfox على مستوى الدولة، والاستفادة من قدرتها على مكافحة التشويش وفعالية التكلفة. وقامت شركة الاتصالات الفرنسية، أورانج، بنشر تقنية LoRa منذ عام 2016، وتغطي حالياً أكثر من 30,000 بلدية و95% من سكان متروبوليتان فرنسا.
5- الاستعداد لعصر الجيل الخامس
مع استمرار نمو عمليات نشر شبكات الجيل الخامس بشكل كبير حول العالم، يجب على مشغلي خدمات الاتصال التخطيط لتطوير تقنيات LPWAN الحالية لضمان استمرارية الخدمة للمستخدمين النهائيين وإدارة تكلفة الانتقال إلى عصر الجيل الخامس بكفاءة.
يجب أن تتخذ شركات الاتصالات الإقليمية خطوات استباقية على الفور لضمان نجاح عمليات نشر شبكة LPWAN الخاصة بها ووضع نفسها في مكانة تسمح لها بالازدهار في المشهد الدائم التطوّر. وتتوقف إمكانية مواكبة التطوّرات والتقدّم طويل الأجل على الاستفادة الكاملة من قدرات وإمكانات إنترنت الأشياء، وستؤدي الإجراءات المذكورة أعلاه إلى تحقيق نتائج ملموسة وإيجابية لكل شركة، حيث تُعد تقنية إنترنت الأشياء هي المستقبل لشركات الاتصالات، والآن حان الوقت للتحوّل إلى هذا المجال والاستفادة منه.
انقر هنا لمعرفة المزيد حول إمكانات إنترنت الأشياء وتقنيات LPWAN، ورؤى بوسطن كونسلتينج جروب للتكنولوجيا والوسائط والاتصالات.