هل يساهم التغير المناخي في تأجيج الحرائق الهائلة في كاليفورنيا؟

2 دقائق
مصدر الصورة: أسوشييتد برس/ نوح بيرجر

تسببت آلاف الصواعق في اندلاع مئات الحرائق في جميع أنحاء كاليفورنيا في الأيام الأخيرة، ما أدى إلى اشتعال عدة تجمعات رئيسية حول منطقة خليج سان فرانسيسكو.

وسرعان ما اجتاحت الحرائق مساحات واسعة تبلغ مئات آلاف الفدانات، وهو ما أجبر الآلاف من السكان على الإخلاء، وأدى إلى تغطية السماء بالدخان وإمطار معظم أنحاء المنطقة بالرماد.

اندلعت هذه الحرائق في أعقاب فصل شتاء شديد الجفاف في شمال كاليفورنيا، وامتداد موجات الحرارة الصيفية التي سجلت أرقاماً قياسية في جميع أنحاء الولاية. وقد أدت هذه الظروف المناخية إلى تحويل المراعي والغابات إلى مساحات من المواد سريعة الاشتعال. ويأتي هذا الجحيم في أعقاب العديد من مواسم الحرائق الأكثر تدميراً وفتكاً في تاريخ كاليفورنيا.

ومن شأن كل ما سبق أن يثير التساؤل من جديد: هل السبب وراء كل ذلك هو التغير المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية؟ هل زادت هذه الأنشطة من احتمال وقوع الحرائق الأخيرة أو شدتها؟

قاوم علماء المناخ منذ فترة طويلة ربط الاحتباس الحراري بأي حدث شديد معين، لكنهم اليوم يقولون إن تأثيره حتميُّ دون شك.

وقال ديفيد رومبس، مدير مركز بيركلي لعلوم الغلاف الجوي، في رسالة بريد إلكتروني، إننا نعيش في عالم تغير مناخه بشكل جذري. وأشار إلى أن المتوسط اليومي لأعلى درجة حرارة في هذا الوقت من العام يسجل في الوقت الحالي ارتفاعاً بحوالي 3 أو 4 درجات فهرنهايت (1,6 أو 2,2 درجة سيليزيوس) في بيركلي بكاليفورنيا مما كان عليه في بداية القرن العشرين. كما أن رومبس كان المؤلف الرئيسي لورقة بحثية علمية نشرت عام 2014، ووجدت أن كل 1 درجة مئوية إضافية (1.8 درجة فهرنهايت) من الاحترار يمكن أن تزيد من احتمال حدوث الصواعق في الولايات المتحدة بنحو 12%.

ويقول رومبس: "لنتكلم بوضوح: هل تأثرت موجة الحر والصواعق وجفاف الغطاء النباتي بالاحتباس الحراري؟ بكل تأكيد: نعم. هل أصبح الغطاء النباتي أكثر سخونة؟ نعم. هل أصبحت موجات الحر والصواعق أكثر تواتراً؟ على الأرجح نعم. وهل أصبح الغطاء النباتي أكثر جفافاً؟ نعم".

وقال دانييل سوين، عالم المناخ في جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، إنه من النادر حدوث العواصف الرعدية الطويلة التي شهدها المواطنون في الأيام الأخيرة في شمال كاليفورنيا، بحيث يصعب تقييم ما إذا كان تغير المناخ قد لعب دوراً في إشعال الحرائق.

لكن ما يُسمى بدراسات تفسير الظروف المناخية القاسية وجدت بشكل واضح ومتكرر أن تغير المناخ يؤدي إلى تزايد موجات الحرارة، وهو ما يساعد على تهيئة الظروف الملائمة للاشتعال الكثيف والانتشار السريع لحرائق الغابات.

ويقول سوين: "دائماً ما توصلت هذه الدراسات إلى أن تغير المناخ لعب دوراً كبيراً في شدة أو احتمالية حدوث [موجات الحرارة]. لكن يدور التساؤل حول مدى تأثير هذا الدور".

كما أن فريدريك أوتو، المدير بالوكالة لمعهد التغيير البيئي بجامعة أكسفورد والرئيس المشارك لمجموعة دراسات تفسير الطقس العالمي، قد ردّد وجهة النظر هذه في رسالة بالبريد الإلكتروني قائلاً: "ليس هناك شك على الإطلاق في أن درجات الحرارة المرتفعة للغاية تسجل قيماً أعلى مما كانت ستسجله من دون التغير المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية. واليوم، يوضح عدد كبير من أبحاث تفسيرات الطقس أن تغير المناخ يلعب دوراً محورياً بلا شك عندما يتعلق الأمر بموجات الحرارة، وكاليفورنيا ليست استثناءً".

على مدى العقود الأربعة الماضية، أدى تضافر تأثيرات درجات الحرارة المرتفعة والمستويات المنخفضة لهطول الأمطار بالفعل إلى مضاعفة مخاطر نشوب الحرائق الكبرى في الغابات في كاليفورنيا خلال الخريف، وذلك وفقاً لورقة بحثية حديثة منشورة في مجلة رسائل الأبحاث البيئية، وكان سوين أحد مؤلفيها. ووجد الباحثون أنه ما لم يُسارع العالم إلى خفض الانبعاثات بشكل كبير، فقد تتضاعف احتمالات نشوب الحرائق مرة أخرى في العقود القادمة.

المحتوى محمي