النشأة والدراسة
ولدت شادية رفاعي حبال في مدينة دمشق عاصمة سوريا، وتذكر في إحدى المقابلات أنها ترعرت بين دمشق ولندن؛ حيث عاشت مع عائلتها في العاصمة البريطانية لمدة 5 سنوات بسبب حصول والدها على منحة لدراسة الدكتوراه. عادت حبال مع عائلتها إلى سورية وأنهت مرحلة التعليم الثانوي لتلتحق بعد ذلك بجامعة دمشق وتحصل منها على درجة الإجازة في الرياضيات والفيزياء، وتابعت تعليمها بعد ذلك في الجامعة الأميركية في بيروت، إذ حصلت منها على شهادة الماجستير في الفيزياء، وأخيراً قررت الانتقال إلى الولايات المتحدة الأميركية مع زوجها وابنتها لتحصل على درجة الدكتوراه من جامعة سينسيناتي في أوهايو سنة 1977.
تحدثت حبال عن الدوافع التي ساهمت في حثها على دراسة الفيزياء، وقالت إنها حين كانت بسن الثانية عشرة تلقت كتاباً من أهلها حول قصة حياة عالمة الفيزياء البولندية الفرنسية ماري كوري، التي أثرت فيها كثيراً بفضل ما أنجزته للعلم والبشرية. على صعيدٍ آخر، قالت حبال إن منظر السماء طالما أثار فضولها من أجل أن تعرف ما هو مُخبَّأ وراء منظر النجوم المتلألئة في الليل، وهو ما ترجمته لاحقاً في أبحاثها الرائدة والأصيلة في مجال الفيزياء الفلكية، التي جلبت لها سمعةً عالمية مرموقة كواحدة من أبرز الباحثات في هذا المجال.
المسيرة العلمية والبحثية
التحقت حبال بعد إنهائها درجة الدكتوراه بالمركز الوطني الأميركي للأبحاث الجوية (NCAR) لتعمل هناك مدة عامٍ واحد، وتذكر كيف مثَّل هذا الأمر تحدياً كبيراً بالنسبة لها؛ نظراً لكونها امرأة تدخل مجالاً علمياً مُهيمَناً عليه بالكامل من قِبل الباحثين الذكور، وثانياً بسبب حقيقة كونها من سوريا، وهي الأمور التي فرضت عليها إثباتَ نفسها بجدارة وكفاءة عاليتين ضمن بيئتها العلمية الجديدة، خصوصاً مع إنجازها لبحثٍ فيزيائيّ جديد يتناول طرق تسريع الرياح الشمسية التي تؤثر بشكلٍ كبير على المجال المغناطيسي للأرض.
في عام 1978 انضمت حبال إلى جامعة هارفارد العريقة؛ حيث عملت في مركز هارفارد-سميثونيان للفيزياء الفلكية وأسست مجموعةً بحثية مختصة بدراسة فيزياء محيط الشمس، وبقيت في جامعة هارفارد حتى سنة 2000، وخلال هذه الفترة عملت أيضاً مدرسةً ضمن نفس الجامعة. كما عملت حبال في جامعة ويلز البريطانية بصفتها باحثة في مجال فيزياء محيط الشمس ضمن معهد الرياضيات والعلوم الفيزيائية، وشغلت منصب المحررة في مجلة الأبحاث الجيوفيزيائية، فضلاً عن امتلاكها لعضوية العديد من المؤسسات العلمية المرموقة في مجال الفيزياء الفلكية، مثل الجمعية الأميركية الفلكية، والاتحاد الفلكي العالمي، والجمعية الملكية الفلكية في بريطانيا. تشغل شادية حبال في الوقت الحالي منصب أستاذة الفيزياء الفلكية في معهد علوم الفلك التابع لجامعة هاواي، حيث تدير مجموعة بحثية متخصصة في مجال أبحاث الرياح الشمسية.
ركزت شادية حبال في أعمالها البحثية على دراسة أصل ومنشأ الرياح الشمسية وكيفية تطورها، حيث تمثل الرياح الشمسية إشعاعاتٍ مكونة من جسيماتٍ كهربائية مشحونة (مثل البروتونات والإلكترونات وجسيمات ألفا وشوارد مشحونة ثقيلة أخرى)، كما تمتلك الرياح الشمسية تأثيراتٍ كبيرة على المجال المغناطيسي للكواكب المختلفة في المجموعة الشمسية التي ننتمي إليها، وبالإضافة إلى ذلك، ركزت حبال على دراسة الطبيعة الغامضة للمجال المغناطيسي للشمس، الذي يُعتقد بأنه مسؤولٌ عن الكثير من الظواهر الفيزيائية مثل التوهجات الشمسية (Solar Flares). وقد قادت 14 بعثة علمية لرصد حوادث الكسوف الشمسي خلال سنواتٍ عديدة، من أجل توسيع فهمنا لطبقة الهالة الخاصة بالشمس (Solar Corona)، وحصلت على تمويلٍ من العديد من الهيئات العلمية المرموقة لتنفيذ هذه البعثات والدراسات، مثل وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، والمنظمة الوطنية للعلوم في أميركا. أفضت هذه البعثات والدراسات المكثفة للهالة الشمسية لتكوُّن نظريةٍ جديدة عن منشأ الرياح الشمسية من قِبل شادية حبال، وبدلاً من القبول بالنظرية السائدة التي تنص على أن منشأ الرياح الشمسية هو المناطق القطبية في الشمس، أظهرت حبال أنه يمكن لهذه الدفقات الكبيرة من الجسيمات المشحونة والذرات المؤينة أن تتشكل من كل مناطق الشمس وليس من منطقةٍ واحدة فقط.
الجوائز والتكريمات
حصلت شادية حبال على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرتها الأكاديمية، نظراً لأهمية أبحاثها في فهم العديد من الظواهر المتعلقة بالشمس، ونظراً لحقيقة كونها امرأة من أصولٍ عربية تمكنت من إثبات نفسها في مجالٍ علميّ وأكاديمي في أميركا يغلب عليه الطابع الذكوري. ومن أبرز هذه التكريمات هو حصولها على جائزة الريادة من منظمة الفكر العربي سنة 2004، وجائزة إنجاز الفريق من وكالة ناسا سنة 2001، وجائزة النساء المغامرات من مركز سميثونيان التابع لجامعة هارفارد سنة 1998.