في خضم أخبار جائحة فيروس كورونا، وفي الوقت الذي ارتبط تطويرُ الحواسيب الكمومية بشركاتٍ مثل آي بي إم وجوجل ودي ويف، كشفت شركة هانيويل الأميركية في شهر مارس الماضي عن تمكنها من تطوير حاسوبٍ كموميّ أقوى من أي حاسوبٍ آخر متوفر في السوق، والذي سيتم الكشف عنه وطرحه رسمياً خلال فترةٍ زمنية قدرها عدة أشهر من تاريخ الإعلان.
الآن وفي أواخر شهر يونيو وبعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على إعلان هانيويل، كشفت الشركة بالفعل عن أن حاسوبها الكموميّ قد أصبح متوافراً للخدمة، وقد تم استخدامه بالفعل من قِبل بعض الشركات الكبيرة في الولايات المتحدة الأميركية مثل بنك جي بي مورجان، وبحسب ما نقله موقع زد دي نت فإن الحاسوب الكموميّ الخاص بهانيويل يقوم بالفعل بتنفيذ عملياتٍ حسابية بالغة التعقيد لصالح بنك جي بي مورجان، والتي لا يمكن تنفيذها باستخدام الحواسيب التقليدية.
تقول هانيويل إن حاسوبها الجديد يمتلك سعةً كمومية (Quantum Volume) تبلغ 64، حيث يمكن تحديد هذه السعة عبر اختبارٍ معياري قامت بتطويره شركة آي بي إم، وكلما كانت السعة الكمومية للحاسوب أعلى كانت قدرته على حل المشاكل وإجراء الحسابات بالغة التعقيد أفضل.
يتم حساب السعة الكمومية عبر عدة عوامل: عدد الكيوبتات (أي البتات الكمومية) التي يمتلكها الحاسوب، ومعدل الأخطاء، بالإضافة إلى كيفية ربط الكيوبتات واتصالها ببعضها البعض. وبشكلٍ عام، ومن دون الخوض في التفاصيل، فإن زيادة عدد الكيوبتات بالإضافة لانخفاض معدل الأخطاء مع درجة اتصال وتشابك عالية للكيوبتات تؤدي إلى زيادة السعة الكمومية للحاسوب. وقد تم تصميم هذا الاختبار وعامل "السعة الكمومية" ليكون قابلاً للحساب بغض النظر عن معمارية وبنية الحاسوب الكمومي نفسه، وبالتالي فإنه قابل للاستخدام مع آي آلة تقوم بتشغيل دارات كمومية. وفي حالة هانيويل، ركزت الشركة كثيراً على أهمية انخفاض معدل الأخطاء التي يمتلكها حاسوبها الجديد، وأكدت أن الأولوية كانت التركيز على بناء وتطوير نظامٍ ذي كيوبتات قادرة على إتمام عمليات المعالجة بشكلٍ دقيق وفعال وبمعدل أخطاء منخفض بدلاً من التركيز على بناء حاسوبٍ يمتلك عدداً كبيراً من الكيوبتات. الآن وبعد الإعلان عن الحاسوب الجديد، تقول هانيويل إن التركيز سينصب على زيادة عدد الكيوبتات.
لم يوضح الإعلان الجديد من هانيويل طبيعة التطبيقات التي تم التعاون مع بنك جي بي مورجان (وغيره من الزبائن) من أجل تنفيذها على الحاسوب الكموميّ الخاص بهم، وتم الاكتفاء بالإشارة إلى أن الشركة تتعاون مع عدة جهات من أجل تطوير تطبيقاتٍ في مجالات خوارزميات التحسين والتعلم الآلي والكيمياء وعلوم المواد، ولا يتم استخدام حاسوب هانيويل بشكلٍ مستقل، بل يتم الاعتماد عليه كحاسوبٍ مساعد يستخدم إلى جانب حاسوبٍ تقليديّ لإتمام عمليات المعالجة.
تمتلك هانيويل خططاً طموحة جداً في مجال الحوسبة الكمومية، حيث تنوي الشركة تحقيق تقدم كبير في قدرات المعالجة التي تتيحها حواسيبها بشكلٍ مستمر ومتزايد، بنفس الطريقة التي عمل فيها قانون مور بالنسبة للمعالجات الحاسوبية بدءاً من ستينيات القرن الماضي. يمتلك حاسوب هانيويل ستة كيوبتات فعالة في الوقت الحاليّ، وتعتقد الشركة أنها ستتمكن من إنتاج حاسوبٍ آخر يمتلك 10 كيوبتات فعالة خلال أقل من سنة.
أخيراً، كشفت الشركة أيضاً عن شراكةٍ مع مايكروسوفت عبر خدمة الحوسبة السحابية أزوري (Azure)، حيث سيكون بإمكان الشركات والزبائن الاستفادة من قدرات الحوسبة الكمومية التي تتيحها هانيويل من خلال منصة أزوري.