جهاز بسيط محمول باليد قد يكون قادراً على قتل فيروس كورونا

3 دقائق
مصدر الصورة: شاترستوك

تتنوع الجهود المبذولة في مجال مكافحة انتشار فيروس كورونا؛ هنالك من يعمل على مجال تطوير لقاحٍ فعال ضد الفيروس خلال أسرع وقتٍ ممكن، وهنالك من يعمل على تسريع زمن الفحوصات والاختبارات اللازمة للكشف عن الفيروس، وهنالك من يعمل أيضاً على فهم الفيروس نفسه وتأثيراته المختلفة على الأشخاص بحسب عمرهم وحالتهم الصحية والفيزيائية. وحتى انتهاء هذه الجائحة، فإننا مضطرون إلى الالتزام بالعديد من القواعد الصحية بشكلٍ جاد، مثل التباعد الاجتماعي والمحافظة على العقامة.

وبالحديث عن العقامة، ومهما كان المجال المعني، فإن أكثر الطرق شيوعاً من أجل ضمان خلو السطح أو المكان المعني من الجراثيم والبكتيريا والفيروسات هو إما استخدام المواد الكيميائية عالية التأثير (مثل المعقمات الكحولية) التي تساهم في قتل الجراثيم والبكتيريا وتفكيك بنية الفيروسات، أو استخدام الأشعة فوق البنفسجية (UV) بسبب قدرتها أيضاً على قتل الفيروسات وتفكيك بنيتها. الأشعة فوق البنفسجية هي جزء من طيف الأشعة الكهرومغناطيسية، وهي موجودة ضمن طيف الأشعة الذي يصل إلى الأرض يومياً من الشمس. الميزة الأساسية لهذه الأشعة هي انخفاض طول الموجة الخاص بها، وبحسب قوانين انتشار الأمواج، فإن قصر طول الموجة يعني تردداً أعلى، وكلما ارتفع تردد الموجة ارتفعت كمية الطاقة التي تستطيع أن تحملها، وبحالة الأمواج فوق البنفسجية، فإن كمية الطاقة التي تحملها مرتفعة جداً مقياساً بالإشعاعات الأخرى، مثل الضوء المرئي أو الأشعة تحت الحمراء.

تستخدم الأشعة فوق البنفسجية في مجال التعقيم ضمن أماكن متنوعة، ولكن المشكلة المرتبطة بها هي الحاجة لمصدر فعّال يستطيع توليد هذه الأشعة بطاقةٍ كافية تستطيع ضمان قتل الجراثيم والفيروسات، ولهذا السبب، فإن أجهزة التعقيم المعتمدة عليها تتطلب طاقةً مرتفعة وبنية كبيرة نسبياً كونها تعتمد على مصدرٍ هو لمبات الزئبق الغازية، التي تسهم في جعل الجهاز ككل غير مناسب للاستخدام كجهاز محمول، فضلاً عن عمرها القصير الذي يتطلب تبديلها بشكلٍ متكرر. 

على صعيدٍ آخر، وعند الحديث عن مصادر الأشعة، يبرز دوماً اسم الثنائيات الباعثة للضوء (LED) كأحد أبرز التقنيات التي استطاعت توفير حلول إضاءة فعالة وباستهلاكٍ منخفض جداً للطاقة قياساً بالمصادر الضوئية التقليدية، وبالرّغم من وجود ثنائيات قادرة على توليد الأشعة فوق البنفسجية، إلا أن مقدار الطاقة التي تستطيع توليده غير كافٍ للحد المطلوب لقتل الجراثيم والفيروسات، والمشكلة هنا ترتبط بنوعية المادة المستخدمة في صناعة القطب الكهربائي (الإلكترود) الخاص بالثنائيّ نفسه؛ إذ يجب أن تكون شفافة وتسمح بعبور طيف الأشعة فوق البنفسجية بشكلٍ فعال دون أن تمتصها، أي دون تخميد الطاقة التي تمتلكها.

شكلت هذه المعضلة تحدياً لفريقٍ من العلماء في جامعة ولاية بنسلفانيا (Penn State University) بالتعاون مع فريقٍ آخر من العلماء المختصين بعلم المواد من جامعة مينيسوتا. عمل الباحثون على تحليل المشكلة واستعراض الحلول المتوافرة، ووجدوا أن الحل المطلوب لتطوير ثنائيات باعثة للضوء خاصة بالأشعة فوق البنفسجية يكمن في نوعٍ جديد من المواد يمكن استخدامه لبناء الأقطاب الكهربائية الشفافة، وتحديداً، فإن الحديث هو عن مادة نيوبايت السترونتيوم (SrNbO3)، التي تم توصيف خصائصها وسلوكها بشكلٍ نظريّ عبر فريقٍ من العلماء في اليابان.

أظهر الباحثون أنه يمكن استخدام هذه المادة بشكلٍ فعال في بنية الأقطاب الكهربائية الشفافة المطلوبة لتشكيل ثنائيات ضوئية خاصة بالأشعة فوق البنفسجية وضمن المجال الطاقي اللازم، كما أنهم صنعوها بطريقةٍ متوافقة مع الطرق الصناعية المستخدمة لإنتاج الثنائيات الضوئية على نطاقٍ تجاريّ واسع، وهو أمرٌ ممتاز؛ نظراً للفترة الزمنية التي تستغرقها التقنيات الناشئة في مخابر الجامعات لتصل حيز التصنيع التجاري واسع النطاق، وذلك بسبب الاختلافات بين شروط وضرورات البيئة التصنيعية في المعامل والشروط المخبرية الدقيقة التي يتحكم فيها العلماء في مخابر الجامعات.

بهذه الصورة، ومع توافر مادةٍ يمكن عبرها إنتاج ثنائيات ضوئية صغيرة الحجم ومنخفضة استهلاك الطاقة لتوليد أشعة فوق بنفسجية بطاقةٍ كافية، سيكون بالإمكان تطوير أجهزة بسيطة قابلة للحمل باليد تستخدم بشكلٍ فعال في تعقيم الأسطح المختلفة وضمان التخلص من فيروس كورونا، دون الحاجة للاستخدام المفرط للمواد الكيميائية التي قد تسبب مشاكل جلدية أو تثير استجابة تحسسية سلبية لدى الأفراد.

نشر الباحثون نتائج عملهم ضمن ورقةٍ بحثية في دورية فيزياء الاتصالات (Communications Physics) التابعة لمجلة نيتشر، حيث حمل بحثهم عنوان استخدام نيوبايت السترونتيوم كموصلٍ شفاف في طيف الأشعة المرئية وفوق البنفسجية (SrNbO3 as a Transparent Conductor in the visible and Ultraviolet Spectra).

المحتوى محمي