تساعد الأداة التجريبية الجديدة الباحثين على فحص الكم الهائل من المؤلفات الخاصة بفيروس كورونا، للتحقق مما إذا كانت الدراسات المستجدة تتبع الإجماع العلمي.
لماذا تشكل هذه الأداة أهمية كبرى؟
منذ اندلاع جائحة كورونا، شهدنا فيضاً من الأبحاث ونُسَخ ما قبل النشر ذات الصلة يالفيروس، التي أعدّها أشخاص تتفاوت درجات خبرتهم، والتي خضعت للتدقيق من خلال درجات متفاوتة من عمليات مراجعة الأقران، وهو ما جعل من العسير على الباحثين -الذين يحاولون تحسين فهمهم للفيروس- فرزَ الحقائق العلمية من الخيالات.
كيفية عملها
تم تصميم أداة ساينس فاكت (SciFact)، التي طورها معهد آلين للذكاء الاصطناعي (AI2) -وهو معهد بحثي غير هادف للربح مقره مدينة سياتل الأميركية- للمساعدة في تنفيذ هذه العملية. كل ما عليك هو أن تكتب ادعاءً علمياً في شريط البحث -لنقل مثلاً "ارتفاع ضغط الدم هو اعتلال مترافق مع كوفيد" (وهو ما يعني أن ارتفاع ضغط الدم يمكن أن يسبب مضاعفات لمرضى كوفيد)- وستقوم الأداة بجمع الأوراق العلمية ذات الصلة، وتصنّفها إلى نوعين: أوراق تدعم الادعاء وأخرى تدحضه. كما تعرض ملخصاً لكل ورقة، وتسلط الضوء على الجمل التي تقدم الأدلة الأكثر صلة بتقييم الادعاء.
كيفية بنائها
بُنِيَ النظام على قمة شبكة عصبية تسمى فيري ساي (VeriSci)، تم تدريبها باستخدام مجموعة من بيانات تدقيق الحقائق المستمدة من ويكيبيديا، وتحسين دقتها باستخدام مجموعة بيانات علمية جديدة للتدقيق في الحقائق تضم 1409 ادعاءات علمية، مقترنة بـ 5183 ملخصاً.
وقام الباحثون في معهد آلين بتنسيق مجموعة البيانات تلك، باستخدام قاعدة الباحث الدلالي (Semantic Scholar)، وهي قاعدة بيانات مخصصة للأوراق العلمية متاحة للجمهور، أطلقها المعهد غير الربحي وتعهدها منذ عام 2015. وانتقى الباحثون عشوائياً عينة من الأوراق المنشورة في عدد من الدوريات العلمية التي تحظى بالاحترام في علوم الحياة والعلوم الطبية، بما في ذلك دوريات سيل ونيتشر وجاما. ثم استخرجوا من هذه الأوراق الجمل التي تتضمن استشهادات، وطلبوا من بعض المُصححين ذوي الخبرة إعادة كتابتها على شكل ادعاءات علمية، يُمكن لهذه المؤلفات أن تدعمها أو تدحضها. وبعد ذلك قرأ المصححون ملخصات الاستشهادات ذات الصلة بكل ادعاء، وحددوا الجمل التي تتضمن أدلة تدعمه أو تدحضه.
تحقيق التفوق
عندما اختبر الباحثون شبكة فيري ساي على الادعاءات العلمية المتعلقة بمرض كوفيد-19، وجدوا أنها استخرجت الأوراق ذات الصلة وصنفتها بدقة في 23 من أصل 36 مرة. وبالرغم من هذا القصور في الأداء، إلا أن هذه النتيجة لا تزال تتفوق على تلك التي حققتها نفس الشبكة العصبية عندما تم تدريبها على بعض قواعد بيانات تدقيق الحقائق الأخرى الموجودة حالياً. كما أنها تُعد بمنزلة أول دليل معروف على إمكانية استخدام نظام قائم على الذكاء الاصطناعي للتدقيق في الحقائق العلمية. ويمكن الحد من بعض أخطاء هذه الأداة جزئياً في المستقبل، عن طريق استخدام المزيد من بيانات التدريب، بينما ستحتاج معالجة أخطاء أخرى إلى تحقيق المزيد من التقدم في فهم اللغة الطبيعية.
متى ينبغي استخدام الأداة؟
تهدف ساينس فاكت إلى مساعدة العلماء الذين يبحثون في موضوعات تتعلق بكوفيد-19 على التحقق سريعاً من فرضياتهم أو ادعاءاتهم الجديدة، عن طريق مقارنتها بالمؤلفات العلمية الحالية. ولا يُقصد منها تفنيد المعلومات المضللة أو نظريات المؤامرة المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (على سبيل المثال: نظرية أن كوفيد-19 عبارة عن سلاح بيولوجي) أو التصريحات القائمة على الرأي (على سبيل المثال: أنه ينبغي على الحكومة أن تطلب من الناس الابتعاد عن بعضهم البعض مسافة ستة أقدام لإبطاء انتشار الفيروس). ونظراً للطبيعة التجريبية للأداة، فإنه لا يزال لزاماً على الخبراء التأكد من قراءة الملخصات بدلاً من الاعتماد فقط على تصنيفي "الدعم" و"الدحض". كما يشير الباحثون أيضاً إلى أن الأداة لا تتحقق من مصداقية الأوراق العلمية التي تظهر في نتائج البحث، لذا يتعين على الخبراء الاعتماد على حسن تقديرهم.