تعرف على المهندس مصريّ الأصل والعالِم في مجال الملاحة الجوية والفضائية يوسف مرزوق

3 دقائق
يوسف مرزوق.

نشأته وشغفه

هاجر والدا مرزوق في سبعينيات القرن الماضي من مصر إلى الولايات المتحدة، واستقرّا في مدينة سانت لويس بولاية ميسوري، حيث عمل والده في هيئة التدريس بكلية طب الأسنان بجامعة واشنطن. وكانت والدته تعمل قبل هجرتهما مترجمة فورية بين اللغتين الفرنسية والعربية للدبلوماسيين في الشرق الأوسط.

وُلد مرزوق وشقيقته وترعرعا في ضواحي مدينة سانت لويس، ويتذكّر بأنه كان يشعر بانجذاب نحو العلوم والرياضيات منذ صغره؛ حيث كان يبقى في الصف الدراسي للقيام بالعمليات الحسابية، بينما كان زملاؤه الطلاب في المدرسة الابتدائية يلعبون في ساحة المدرسة.

ومع ازدياد شغفه بالعلوم، ازداد تعلّقه بالموسيقى أيضاً. فعلى خطى شقيقته، تلقى مرزوق دروساً في العزف على البيانو منذ أن كان عمره 6 سنوات. وعندما أصبح في المدرسة الثانوية، كان يشارك بشكل منتظم في المعارض العلمية، وكذلك في مسابقات العزف على البيانو، ويفوز بها في بعض الأحيان.

خلال فصل الصيف الذي سبق سنته الأولى في المدرسة الثانوية، شارك مرزوق في برنامج لإشراك الطلاب في المختبرات الجامعية للتدريب، وانخرط في مختبر الاحتراق بجامعة واشنطن، الذي يدرس التفاعلات الفيزيائية والكيميائية التي تؤدي إلى الاحتراق. كانت تلك هي تجربته الأولى في التعامل مع الهندسة الميكانيكية، وأحبّ العمل في المختبر كثيراً، لدرجة أنه استمر بالمشاركة في البرنامج لمدة عامين ونصف.

دراسته الأكاديمية

بعد تخرّجه من المدرسة الثانوية، قرّر مرزوق دراسة الهندسة الميكانيكية في جامعة إم آي تي؛ حيث وجد علاقة مباشرة بين شغفه ودراسته، وكان أكثر ما يعجبه وجود الكثير من الناس المتخصّصين بالتكنولوجيا الذين يستمتعون بما يقومون به ويساعدون بعضهم البعض في حل المشاكل العلمية.

خلال دراسته الجامعية للهندسة الميكانيكية، ركّز مرزوق على الفيزياء وشارك في برنامج الفرص البحثية الجامعية وعمل في مختبر الأستاذ دوج هارت، حيث تعلّم لأول مرة تطوير خوارزميات لتتبّع اتجاه الدوّامات في تدفق السوائل.

ساعدت تلك التجربة على توجيه مرزوق نحو الأبحاث الحسابية؛ إذ واصل أعماله في درجتي الماجستير والدكتوراه في جامعة إم آي تي تحت إشراف أستاذ الهندسة الميكانيكية أحمد غنيم، مع التركيز مرة أخرى على مجال ديناميكيات السوائل. وقام خلال أطروحته بتطوير نموذج حسابي لكيفية الجمع بين نفاثة السوائل والتدفق التقاطعي، مما أدى إلى أفكار جديدة مفيدة لتحسين تصميم المحركات النفاثة.

مسيرته المهنية وأعماله البحثية

بعد نيله درجة الدكتوراه، عمل مرزوق لأربع سنوات في مختبرات سانديا الوطنية التابعة لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة؛ حيث طوّر نماذج حسابية لمحاكاة العمليات الفيزيائية. وقام على وجه التحديد بالبحث عن طرق لإجراء نماذج للتدفقات تحت السطحية للنفايات المشعّة وغيرها من المواد الملوّثة الأخرى التي تتسرّب عبر التربة والصخور؛ تعدّ هذه المعلومات مهمة لتحديد مكان وكيفية تنظيف التلوّث ومنع تسرّبه إلى طبقات المياه الجوفية. وسرعان ما وجد أن وضع نماذج لهذه الأنظمة الفيزيائية هو مهمة شاقة تنطوي على عدد لا يحصى من الأمور المجهولة.

اعتقد مرزوق أنه إذا تمكّن الباحثون من تحديد كمية الأمور المجهولة في النماذج ومجموعات البيانات، فسيتمكّنون من البدء بالتقليل منها، مما يؤدي إلى تنبؤات أكثر دقة لحالات الأنظمة الفيزيائية. وللقيام بذلك، بحث مرزوق في الإحصاء البايزي، الذي يعبّر عن الحالة من حيث الاحتمال أو درجة المجهول. 

استمر مرزوق في هذا العمل عندما شغل منصباً في هيئة التدريس في قسم الملاحة الجوية والفضائية بجامعة إم آي تي عام 2009؛ حيث طوّر طرقاً لتحديد كمية الأمور المجهولة في النماذج الحسابية والتقليل منها، وعمل كذلك على إيجاد طرق لتحديد أفضل الكميات التي يمكن قياسها من أجل تحسين تنبؤات النماذج. وطبّق هذه الطرق على العديد من المشاكل، من التدفقات تحت السطحية واحتراق المحركات النفاثة، إلى تقدير تركيز الغازات في الغلاف الجوي للأرض.

جوائزه وتكريماته

حصل مرزوق على جائزة أطروحة الدكتوراه من مؤسسة هيرتز عام 2004، وعلى زمالة ترومان في مختبرات سانديا بين عامي 2004 و2007، وعلى جائزة وزارة الطاقة الأميركية للأبحاث المهنية المبكرة عام 2010، وعلى جائزة جونيور بوز للتميّز في مجال التدريس من كلية الهندسة بجامعة إم آي تي عام 2012. كما أنه زميل مشارك في المعهد الأميركي للملاحة الجوية والفضائية، ويعمل حالياً في مجالس تحرير مجلة جورنال أون ساينتفيك كومبيوتنغ (Journal on Scientific Computing) التابعة لجمعية الرياضيات الصناعية والتطبيقية، ومجلة أدفانسس إن كومبيوتيشنال ماثيماتيكس (Advances in Computational Mathematics)، ومجلة جورنال أون أنسيرتنتي كوانتيفيكيشن (JUQ).

خططه المستقبلية

في السنوات القادمة، يخطط مرزوق لتقليل مصادر الأمور المجهولة والحدّ منها في النماذج المتغيرة باستمرار، مثل أدوات التنبؤ بالطقس، التي يتم تحديثها باستمرار مع تدفق البيانات بكثرة من المستشعرات الأرضية والجوية والفضائية. ويقول في مقال على موقع إم آي تي نيوز: "نحن نعلم من الناحية الحسابية كيفية استنباط تنبؤات دقيقة من الأمور المجهولة. لكن القيام بذلك مع نظام كبير بحجم الطقس لا يزال بعيد المنال. تؤدي خوارزمياتنا إلى نشوء فئة جديدة من التقديرات التقريبية التي قد تجعل من الأسهل تحديد كمية الأمور المجهولة في هذا النوع من المشاكل".

المحتوى محمي