أعراض جديدة ومختلفة لفيروس كورونا يصيب الجهاز الهضمي

3 دقائق
مصدر الصورة: إنحين أكيورت عبر أنسبلاش

في 22 أبريل نشرت الطبيبة البريطانية فيرن ريدل مجموعة تغريدات بدأتها هكذا: "مرحباً، لم أكن موجودة على تويتر لأنني مصابة منذ 33 يوماً بفيروس كورونا. منذ 26 عاماً لم أُصِب بمرض بهذا السوء. أشعر أنني محظوظة لأنني لم أعانِ من أي أعراض تنفسية. كنت مصابة بفيروس كورونا الجهاز الهضمي، الأعراض الخفيفة والمتوسطة لهذا المرض مروّعة".

استكملت الطبيبة شرح عوارض إصابتها بتغريدات أخرى، فقالت: "في الأيام العشرة الأولى، كانت أعراض الإصابة شديدة، حيث أُصِبت بنزلة برد، وفي اليوم التاسع فقدت حاسة الشم، وفي يوم العاشر انحدر وضعي الصحي بقوة. كان الأمر كما لو كنت مصابة بتسمم".

في اليوم الرابع عشر فقدت الطبيبة تركيزها العقلي. قالت إن ذاكرتها تقلصت بشدة ولم تتذكر كامل التفاصيل المروعة التي كانت تمر بها، وذلك بعد نوبة غثيان شديدة أصابتها. لقد عانت فيرن من إسهال شديد وجفاف حاد، مما كان يجبرها إلى شرب أكثر من ستة لترات من المياه في اليوم.

تناولت الطبيبة جرعات مكثفة من الباراسيتامول والميتوكلوبراميد لتخفيف الأوجاع والغثيان، غير أن وضع معدتها لم يتحسن أبداً، مما دفعها إلى استبدال الدواءين بإنتيروسجيل.

وعلى عكس فيروس كورونا الذي يصيب الجهاز التنفسي -والذي يؤدي إلى ارتفاع حاد في درجة الحرارة- فقد عانت الطبيبة البريطانية من انخفاض حاد في درجة حرارة جسدها.

بعد ثلاثة أسابيع، استقرت درجة الحرارة لديها، ولكنها ظلت تعاني من ألم مبرح في معدتها. وفي إحدى التغريدات قالت الطبيبة: "يبدو أن التقارير الأولية تشير إلى أن مرضى فيروس كورونا الذي يصيب المعدة تستمر إصابتهم لفترة أطول".

التعريف الخاطئ لكورونا: قاتل

هناك دراسة واحدة فقط يمكن الوصول إليها عبر البحث السريع على جوجل حول فيروس كورونا الذي يصيب الجهاز الهضمي. صدرت الدراسة عن "journal LWW"، وتحدثت عن أن الجميع ركزوا خلال تناولهم لمسألة تفشي فيروس كورونا على الأعراض التي تصيب الجهاز التنفسي، مثل السعال وضيق التنفس، ولكن ثمة مرضى شهدوا على أعراض مثل الغثيان والقيء والإسهال، وألم مبرح في المعدة، وصولاً إلى احتواء برازهم على الدم.

تقول الدراسة إن العلماء يجهلون الكثير من تفاصيل الفيروس، فليس مستبعداً أن تكون سلالة من سلالات الفيروس تحمل مستقبلات يمكنها الاتصال ببروتينات خلايا المعدة.

يستعرض البحث حالة امرأة أميركية بالغة من العمر 71 عاماً، أصيبت بنزيف حاد نتيجة التهاب شديد أصاب القولون. كانت العجوز قد أمضت إجازتها في مصر قبل أن تعود إلى الولايات المتحدة الأميركية.

في بداية الأمر اعتقد الأطباء أنها مصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب، أو بنوع من سرطانات الدم، ولكنهم لم يلحظوا وجود كريات دم بيضاء في دمها، مما دفعهم إلى إسقاط نظريات عدة حول أمراض اشتبهوا أن تكون المرأة مصابة بها نتيجة إقامتها في مصر. 

لم يكن خيار إجراء اختبار كورونا قائماً؛ لأن الأعراض التي عانت منها كانت مختلفة تماماً عن تلك المتعارف عليها. في الأيام الأولى لإصابتها، لم تواجه المرأة إسهالاً دموياً، ولكن بعد أسبوع من الإصابة بدأت تعاني من إسهال دموي حاد ومن غثيان وفقدان متكرر للوعي، وزادت الأمور سوءاً حتى وصلت إلى فقدان تام للشهية وانتفاخ حاد في البطن، ومن جهة أخرى سجلت درجة حرارتها انخفاضاً عن المعدل الطبيعي، بينما كان معدل تشبع رئتيها بالأكسجين طبيعياً.

يصعب الوصول إلى أبحاث علمية تتمحور حول فيروس كورونا الذي يهاجم الجهاز الهضمي؛ هذا ما تقوله الطبيبة في واحدة من تغريداتها. لا تتطرق المراكز الطبية إلى هذا النوع من الإصابة، ولا يوجد دراسات تقدم حلولاً طبية أو مضادات حيوية لمعالجة الإصابات التي يهاجم فيها كورونا الجهازَ الهضمي. إن نقص الدراسات حول فيروس كورونا الذي يهاجم الأمعاء يفيد -حسب رأي الطبيبة- بأن هناك ثغرات في فهم الفيروس وطبيعته، مما سيؤدي إلى نتائج سيئة على صعيد اللقاحات والعلاجات التي تبحث عنها مراكز طبية عالمية.

إعادة تعريف فيروس كورونا؟

بات محط إجماع علمي أن فيروس كورونا يشمل عائلة كبيرة من السلالات. ولكن إلى الآن ليس واضحاً أيٌّ من هذه السلالات هي الأكثر فتكاً وخبثاً، وما التغيرات الجينية التي شهدتها السلالات، وكيف تعمل كل سلالة حين تهاجم الجسم.

تشيد المعطيات المتوفرة حالياً نظرة أوليّة عن الأعراض المتشابهة في حال الإصابة بفيروس كورونا الجهاز الهضمي، واختلافها عن الأعراض المصاحبة للإصابة بفيروس كورونا الذي يهاجم الجهاز التنفسي؛ فمن أبرز الأعراض التي يتشاركها المصابين بكورونا الجهاز الهضمي هي معاناتهم من اضطراب حاد في أمعائهم، بينما تنخفض درجة حرارتهم إلى ما دون 37 درجة، ولا يصابون بسعال جاف، بل عانى بعضهم إما من عسر في الهضم أو من إسهال شديد. بينما يجمع علماء آخرون على أن فيروس كورونا الذي يهاجم الجهاز التنفسي تأتي الإصابة به مصحوبة مع ارتفاع حاد في درجة الحرارة وضيق في التنفس وسعال جاف.

وفي شهادة أخرى قدمتها الناجية البريطانية كريستينا وايتهاوس، أفادت أنها اكتشفت إصابتها بالفيروس بعد مواجهتها عسراً في الهضم عانت منه لأيام، وترافق ذلك مع صداعٍ شديد في رأسها، وانخفاض في حرارة جسدها، بينما لم تعانِ من سعال جاف.

على مدار الساعة، تصلنا الأخبار من كل حدب وصوب عن الجائحة المدرجة من بين أسوأ الجائحات التي شهدها التاريخ البشري الحديث، لتزيل المزيد من الضباب حول طبيعة الفيروس وسلالاته وأعراض الإصابة به.

إن توضيح طبيعة الفيروس وتوسيع معجم تعريفاته على ضوء شهادة المرضى والأرشيف الطبي الزاخم في المستشفيات يؤسس لعملية تصحيح مسار تعامل مراكز الأبحاث والأطباء مع طبيعة الفيروس المعقدة، وتأتي شهادة المصابين بفيروس كورونا في الأمعاء لتنقل الإطار البحثي إلى واقع مستجد، يفرض حاجة ملحة على العلماء لإعادة صياغة التعريف الرسمي لفيروس كورونا المستجد، إضافة إلى طرح سؤال أساسي عما إذا كان التعريف الرسمي لفيروس كورونا بأنه يصيب الجهاز التنفسي هو تعريف صحيح ونهائي، أم أنه يحتاج إلى تعديل يأخذ بعيّن الاعتبار ما يعانيه المصابون بفيروس كورونا الذي يهاجم المعدة.

المحتوى محمي