استخدمت جوجل بيانات الموقع الجغرافي لمستخدميها في إعداد تقارير حول مدى تغير أنماط حركة السكان نتيجة إجراءات الحجر الصحي والابتعاد الاجتماعي التي فرضتها الحكومات لمواجهة فيروس كورونا.
وقد حصلت جوجل على هذه البيانات من أجهزة المستخدمين الذين قاموا بتفعيل ميزة "تتبع الموقع"؛ لذا فهي تمثل عينة من السكان وقد تعبِّر أو لا عن السلوك العام لسكان كل بلد.
وإذا ألقينا نظرة على التقارير المتعلقة ببعض البلدان، فإننا نلاحظ تغيراً متنامياً في تحركات السكان خلال الأسابيع الماضية مقارنة بالشهر الأول من هذا العام.
الإمارات العربية المتحدة
اتخذت حكومة دولة الإمارات مجموعة واسعة من التدابير لمواجهة فيروس كورونا مثل إغلاق المدارس والجامعات والمراكز الثقافية وصالات الترفيه وتعليق الصلاة في المساجد ودور العبادة ووقف الأنشطة الرياضية، بالإضافة إلى فرض غرامات كبيرة على مخالفي هذه الإجراءات.
يبدو أن هذه التدابير قد نجحت إلى حدٍّ كبير في تحقيق التباعد الاجتماعي. حيث نلاحظ من تقرير جوجل الخاص بالإمارات أن توجه السكان إلى أماكن الترفيه والاستراحة مثل المطاعم والمقاهي ومراكز التسوق والحدائق العامة والشواطئ قد انخفض بنسبة 53-55% مقارنة بالأسابيع الأولى من هذا العام، بينما انخفض معدل التوجه إلى محطات القطارات والحافلات بنسبة كبيرة بلغت 69%.
ومع تشجيع الحكومة للانتقال إلى العمل من المنزل، انخفض معدل التوجه إلى مكاتب العمل بمقدار 45% وارتفع في المقابل معدل تواجد الأشخاص في المناطق السكنية بمقدار 26%.
ومن الجدير بالذكر أن دولة الإمارات قد بذلت جهوداً مميزة في توعية السكان بالفيروس الجديد، كان آخرها إطلاق طبيب افتراضي للإجابة عن تساؤلات الأشخاص بالإضافة إلى إطلاق لوحة معلومات باللغة العربية لعرض المعلومات الموثوقة عن انتشار الفيروس في كافة أنحاء العالم.
المملكة العربية السعودية
حققت المملكة العربية السعودية نسباً جيدة في الالتزام بسياسات الحجر الصحي التي فرضتها الحكومة؛ حيث انخفض معدل زيارة أماكن الترفيه بمقدار 54%، كما تميزت السعودية بانخفاض كبير قدره 75% في معدل تواجد السكان في محطات القطار والحافلات.
وسجلت أرقاماً متقاربة مع الإمارات فيما يتعلق بنسب التوجه إلى أماكن العمل والالتزام بالمناطق السكنية التي بلغت 45% و23% على التوالي.
وكانت السعودية قد اتخذت عدة إجراءات لمواجهة فيروس كورونا منها تعليق أداء العمرة وإيقاف رحلات القطارات والحافلات وتعليق الحضور إلى مقرات العمل في الجهات الحكومية باستثناء القطاعات الحيوية.
الكويت والبحرين وعُمان
بعد توجيهات حكومات هذه البلدان بإغلاق المدارس وتجنب التجمعات والتزام المنازل وغيره من الإجراءات، شهدت تغيراً في أنماط تحركات السكان فيها؛ حيث انخفض معدل التوجه إلى المطاعم ومراكز التسوق في الكويت بمقدار 56%، فيما بلغت هذه النسبة 52% و45% في كل من البحرين وعُمان على التوالي. كما شهدت الكويت وعُمان انخفاضاً ملحوظاً في نسبة الذهاب إلى محلات البقالة بمقدار 30-35%.
كما سجلت البلدان الثلاثة انخفاضاً في نسبة التوجه إلى أماكن العمل التي بلغت 42% في الكويت و34% في عُمان و25% في البحرين. بينما سجلت هذه البلدان زيادة في معدل تواجد الأشخاص في الأماكن السكنية بمقدار 23% في الكويت و17% في عمان و16% في البحرين.
نظرة على مدى تغير أنماط حركة السكان في مناطق أخرى من العالم
عند النظر إلى الانخفاض في نسبة ارتياد أماكن الترفيه، نلاحظ أن الدول الأكثر تضرراً من تفشي فيروس كورونا خلال الأيام القليلة الماضية، مثل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، قد شهدت انخفاضاً كبيراً في معدل ذهاب سكانها إلى المطاعم والمقاهي.
ينطبق الأمر نفسه على نسبة الخروج إلى المنتزهات العامة. لكننا نلاحظ أن كوريا الجنوبية تنفرد بارتفاع نسبة ذهاب سكانها إلى الحدائق، ويمكننا أن نعزو ذلك إلى نجاح هذا البلد في كبح تفشي فيروس كورونا وتسطيح منحنى الإصابات. كما نرى أن هذا المعدل لم ينخفض بنسبة عالية في سنغافورة بسبب سياستها في التتبع الشامل لحالات الإصابة وإجراء الاختبارات على نطاق واسع.
أما فيما يتعلق بالتواجد في محطات وسائل النقل، فنلاحظ أن الأردن قد حقق انخفاضاً كبيراً في نسبة توجه السكان إلى هذه المحطات، نتيجة الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة في هذا البلد من قبيل حظر التجول ومنع التجمعات وحظر التنقل بين المحافظات.
وتبين تقارير جوجل تراجعاً كبيراً في معدل ذهاب الأشخاص إلى أماكن العمل في الأردن وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا، في المقابل يبدو أن سنغافورة وكوريا الجنوبية قد تميزتا هنا أيضاً بانخفاضٍ طفيف في هذا المعدل مما يعتبر مؤشراً على نجاحهما في السيطرة على الوباء.
وأخيراً، يظهر من تحليل تقارير جوجل أن الأردن والإمارات قد سجلتا أعلى ارتفاع لتواجد السكان في منازلهم خلال الأيام الماضية، فيما كانت ألمانيا وكوريا الجنوبية في آخر القائمة.
في الختام، نستطيع بعد تحليل ودراسة هذه البيانات أن نقسم الدول إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى: تضم البلدان الأكثر تضرراً من الفيروس خلال الأيام الماضية، وفيها نشهد أكبر نسبة التزام بسياسات الحجر الصحي وعدم الذهاب إلى العمل وتجنب استخدام وسائل النقل، مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا.
المجموعة الثانية: تضم البلدان التي لم تشهد تفشياً كبيراً للفيروس وتتخذ إجراءات احترازية تصاعدية لاحتواء الفيروس قبل تفشيه، وفيها نلاحظ التزاماً متوسطاً بسياسات الابتعاد الاجتماعي والحجر، مثل الإمارات والسعودية والكويت.
المجموعة الثالثة: تضم البلدان التي نجحت في كبح الوباء والسيطرة على انتشاره، وفيها نرى التزاماً أقل بسياسات العزل والحجر الصحي، مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة.