إذا كنت قد تصفحت الإنترنت بحثاً عن معلومات أكثر حول الوباء الأحدث، لا بد أنك قد صادفت لوحة معلومات أو اثنتين حول فيروس كورونا. ولوحات المعلومات هذه هي عبارة عن صفحات تضم خرائط ومحتوى مرئي تفاعلي يعرض أماكن تفشي الفيروس، بالإضافة إلى أحدث أرقام معدلات الإصابة بالعدوى والوفيات وتفاصيل ما تعانيه البلدان من إصابات جديدة والمناطق التي ربما تشهد تفشياً جديداً للفيروس، وغيرها من المعلومات.
صورة متحركة تظهر لوحة معلومات أبكود أكاديمي حول انتشار فيروس كورونا في سنغافورة.
مصدر الصورة: أبكود أكاديمي UPCODE ACADEMY
لكن لوحات المعلومات ليست كلها متشابهة كما أن بعضها غير متاحٍ للجميع (على سبيل المثال، تمنع العقوبات الأميركية الإيرانيين من الوصول إلى لوحة معلومات جامعة جونز هوبكنز)؛ حيث هناك لوحات معلومات تقدم بيانات لن تجدها في أي لوحة أخرى، وبعضها سهل التصفح مقارنةً بغيرها، وتوجد لوحات معلومات مذهلة أكثر من غيرها في طريقة عرضها.
ولعل أكثر هذه اللوحات شعبية هي تلك التي توفرها جامعة جونز هوبكنز؛ يقول إينشينج دونج، وهو طالب دكتوراة في هذه الجامعة وعمل على تصميم الخريطة: "أردنا مراقبة دورة حياة مرضٍ مُعدٍ منذ نشوئه وحتى انحساره". لم يتوقع الفريق أبداً أن تجتذب لوحة المعلومات هذا القدر الكبير من الاهتمام، لكن منذ إطلاقها، تحولت إلى مصدر رئيسي للمعلومات بالنسبة للأشخاص الحريصين على الاطلاع على مستجدات فورية حول نطاق انتشار الفيروس وتأثيره.
ينطوي تصميم لوحات المعلومات هذه على الكثير من العمل الشاق ولا يقتصر على مجرد إعداد خريطة ورسم دوائر "تفشي" كبيرة في أماكن مختلفة؛ إذ ينبغي ضمان دقة واتساق تمثيلات البيانات، مع الأخذ بعين الاعتبار هواجس الناس ومخاوفهم. ويشير دونج إلى مثال على ذلك، فعند إجلاء المرضى من السفينة السياحية دياموند برينسيس إلى الولايات المتحدة، تم تمثيلهم في بداية الأمر في الخريطة على شكل نقطة في مركز البلاد، التي صادفت أن تقع في ولاية كانساس، مما أثار امتعاض سكان الولاية، ودفع جامعة جونز هوبكنز إلى إعادة تموضع النقطة إلى موقع السفينة السياحية. قد يبدو الأمر نوعاً من المراوغة، لكنه يسلط الضوء على حجم العمل المضني الذي يتطلبه تمثيل المعلومات المناسبة مع توخي تقليل الذعر والتذمر إلى أدنى حدٍّ لدى المجتمعات المتأثرة بالفيروس.
لقد عبر الكثير من الناس عن مخاوفهم حول إمكانية انتهاك لوحات المعلومات هذه لخصوصية الأشخاص المصابين بالعدوى. وعلى سبيل المثال، تقدم لوحة المعلومات الرسمية التي تديرها وزارة الصحة السنغافورية معلوماتٍ محددة حول كل حالة تم إدخالها إلى المستشفى (بما فيها عمر المريض وجنسه ومكان إقامته التقريبي ومكان عمله والأماكن التي زارها). لكن يقول زد بي لي من أبكود أكاديمي، التي تدير لوحة معلومات مستقاة من هذه البيانات، إن هذه الأماكن تتسم بكثافةٍ سكانية كبيرة لدرجةٍ يغدو من شبه المستحيل معها أن يتم التعرف على هوية شخص بدقة "حتى باستخدام جميع البيانات الموجودة على موقع الويب".
نقدم لكم تصنيفاً لبعض لوحات المعلومات المفضلة لدينا -والأقل تفضيلاً- على الإنترنت والمتعلقة بفيروس كورونا. لا يمثل هذا التصنيف قائمةً شاملة، كما أن هناك المزيد من لوحات المعلومات التي تظهر يومياً؛ لكن يفترض أن تمنحك هذه القائمة لمحة حول لوحات المعلومات المفيدة لتضيفها إلى مفضلتك مع استمرار تفشي فيروس كورونا في جميع أرجاء العالم.
تبرهن لوحة المعلومات هذه أن البهرجة ليست شرطاً أساسياً للتميز، وهي تجمع البيانات المقدَّمة من لوحة المعلومات الخاصة بوزارة الصحة السنغافورية (التي تتسم بشفافية استثنائية فيما يتعلق ببيانات حالات الإصابة بفيروس كورونا). لكن لوحة معلومات أبكود فائقة الوضوح والتنظيم وأكثر سهولة في التصفح مقارنة بغيرها، كما أنها تقدم نظرة أعمق إلى البيانات. ويتم تحليل معلومات حالات الإصابة وتحويلها إلى مخططات ورسوم بيانية توضيحية أنيقة؛ حيث تستطيع مشاهدة تفاصيل وأنماط تطور تفشي الفيروس تبعاً للجنس والعمر والجنسية والموقع في المدينة. كما يمكنك معرفة متوسط وقت تعافي المصابين بالفيروس. وتمنحك الخريطة مخططاً زمنياً رائعاً لحالات الإصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء سنغافورة منذ يناير. كما تتمتع لوحة معلومات أبكود بجودةٍ كبيرة لدرجة أنها نالت إعجاب المستخدمين من كافة أرجاء العالم الذين يشكلون 80% من عدد الزيارات الكلي لموقع اللوحة.
الإيجابيات: أنيقة وسهلة التصفح، تقدم نظرة معمقة إلى البيانات، توفر تمثيلاً لمواقع العدوى، تتيح تفاصيل معروفة عن كل حالة إصابة بالفيروس.
السلبيات: لا تمثل إلا الحالات في سنغافورة، مخاوف تتعلق بالخصوصية.
على الرغم من أن معظم المستخدمين سيجدون أن البيانات في هذه اللوحة تقنيةٌ إلى حدٍّ بعيد، لكن إن كنت عالماً أو متحمساً وترغب في معرفة كل شيء حول التطور الجينومي لفيروس كورونا، فسوف تجد ضالتك في هذه اللوحة. يسحب نكست سترين جميع البيانات من المخابر حول العالم التي تدرس تسلسل جينوم فيروس كورونا المستجد (الذي يطلق عليه الآن اسم "فيروس كورونا 2 المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة" أو اختصاراً SARS-CoV-2)، وتجمعها في مكانٍ واحد متاح للناس ليطلعوا على التمثيل الجينومي الشجري لهذا الفيروس. وتقول إيما هودكروفت، وهي عالمة الأوبئة الجزيئية في نكست سترين: "في الوقت الحالي، نحن بالتأكيد نسترعي انتباه الجميع، وأنا آمل بالطبع أنه مع استمرار هذا الوباء [...] يمكننا أن نعمل عن كثب أكثر مع وكالات الصحة العامة، لأنني أعتقد أن الأشخاص العاملين فيها قد يكونون أكثر الناس استفادةً من هذا النوع من المعلومات المعمقة".
الإيجابيات: محتوى مرئي ورسوم رائعة، تحتوي بيانات فريدة من نوعها بالنسبة إلى لوحة معلومات.
السلبيات: معلومات تخصصية جداً.
تلقت لوحة معلومات فيروس كورونا هذه أكثر من 200 مليون زيارة من جميع دول العالم تقريبًا. وهي مستوحاة من لوحة معلومات سابقة تم إنشاؤها لتتبع مخاطر الحصبة في الولايات المتحدة الأميركية. إنها أحد أكثر لوحات المعلومات شموليةً لدراسة الانتشار العالمي للمرض؛ حيث تتيح لك استعراض الحالات المؤكدة في أي بلد أو منطقة في العالم، بل حتى معرفة عدد الحالات النشطة التي يجري التعامل معها، وتستطيع الاختيار من بين العديد من الخرائط الأساسية المختلفة. لقد قامت العديد من لوحات المعلومات الأخرى حول العالم بالاحتذاء بهذا التصميم وتقليده، لكن ما زال العمل على هذه اللوحة قيد الإنجاز؛ حيث تمت مراجعتها ثلاث مرات، واستخدم إصدار سابق منها دوائر رديئة التصميم لتوضيح مدى تفشي الفيروس في مواقع محددة. بالإضافة إلى أن حجم النص صغير، ولوحة الألوان ذات اللونين الأسود والأحمر تثير ذعر أي شخص حول الفيروس. كما أنها لا تتيح معرفة المزيد من المعلومات عن حالات محددة أو التطور الزمني لانتشار الفيروس في موقع معين.
الإيجابيات: يقدم نظرة عالمية على المرض، تحديثات فورية تقريباً، نسخة للهواتف المحمولة.
السلبيات: ألوان كآبة وموت، تجربة المستخدم في التصفح رديئة نوعاً ما، لا معلومات عن تاريخ الإصابات لأي موقع.
تقدم لوحة المعلومات هذه، التي طورها مختبر ذا بيس لاب، لمحةً شبه فورية حول فيروس كورونا على نطاق عالمي. ورغم أن اللون الأحمر مثيرٌ للقلق بعض الشيء، لكنه متوازن بطريقة جميلة مع خلفيةٍ بيضاء ناضعة. وتقوم لوحة معلومات فيروس ووهان Wuhan Virus- شأنها شأن لوحة معلومات جامعة جونز هوبكنز- بجدولة إحصائيات الحالات المعروفة من كل دولة تأثرت بالفيروس حتى الآن. كما ينشر مختبر ذا بيس لابس قصصه الخاصة لتوضيح كيفية عمل لوحة المعلومات وعرض مقارنة بين فيروس كورونا وغيره من الأوبئة البارزة.
الإيجابيات: أنيقة، نظام ألوان جيد، تحميل سريع.
السلبيات: طول تخطيط الصفحة من الأعلى إلى الأسفل، وجود قصص إضافية تعطي شعوراً غريباً وتُشتت الانتباه.
تسعى بي بي سي جاهدةً لتقديم لوحة معلومات تمهيدية جيدة حول الطريقة التي انتشر بها فيروس كورونا خلال الأشهر القليلة الماضية وحتى الآن. وتحتوي لوحة معلومات بي بي سي على صور ثابتة وغير جذابة قطعاً، لكنها تتمتع بتغطية عالمية جيدة، حتى إنها تعرض بعض المناطق الرئيسية خارج الصين، التي عانت من أسوأ تأثر بالفيروس، مثل إيران وكوريا الجنوبية وإيطاليا. لذا فإن المعلومات التي توفرها تعوِّض عن افتقارها لتجربة عرض ممتعة.
الإيجابيات: من السهل تصفحها وفهم محتواها، تشرح بالتفصيل المناطق الرئيسية لتفشي المرض.
السلبيات: جامدة، لا تحتوي أية ميزات تفاعلية، أقرب إلى مقالة من لوحة معلومات.
على غرار هيئة الإذاعة البريطانية، تقدم لوحة معلومات "السيدة الرمادية" (وهو لقبٌ تعرف به صحيفة نيويورك تايمز) ما تبرع في أدائه هذه الصحيفة على أكمل وجه؛ فهي تمنح الجمهور تثقيفاً سهل الفهم حول مجريات الأحداث. ورغم عدم وجود أي صور مرئية أو مخططات تفاعلية في لوحة المعلومات هذه، ولكنها تحتوي على تفصيلٍ مفيد حول كيفية تأثر كل قارةٍ رئيسية والأساليب التي يتبعها سكانها لاحتواء الفيروس.
الإيجابيات: أنيقة وسهلة الفهم، نظام ألوان متقن، مقدمة جيدة للأزمة، توفر نصائح للقراء.
السلبيات: معلومات بسيطة، لا يتم تحديثها بشكل فوري، لا تحتوي أية ميزات تفاعلية.
قد يجادل المرء أن لوحة معلومات هيلث مابس بسيطة للغاية بحيث لا يمكن اعتبارها لوحة معلومات حقًا؛ لكنها موجودة في هذه القائمة لأنها تمثل خريطة عالمية مفيدة جدًا حول فيروس كورونا. حيث يمكنك تشغيل رسم متحرك للخريطة حتى تشاهد مخططاً زمنياً لكيفية انتشار المرض في جميع أنحاء العالم. ورغم أنها ليست فخمة التصميم، لكنها تشكل توضيحاً جيداً لتاريخ الفيروس في حالة احتجت إلى معلوماتٍ تمهيدية حوله.
الإيجابيات: من السهل تشغيل الرسوم المتحركة.
السلبيات: معلومات بسيطة، خريطة رمادية داكنة كئيبة.
رغم أن لوحة المعلومات الرسمية لحكومة سنغافورة هي مصدر بيانات لوحة أبكود، لكن عرضها أسوأ بكثير. وتتيح لك هذه اللوحة الاطلاع على كل حالة مؤكدة، واكتشاف متى تم تأكيدها، وعمر المريض، والمستشفى الذي استقبله، ومكان إقامته، ومكان عمله، والأماكن التي ربما زارها، وأكثر من ذلك. وسواءً أكنت تشيد بشفافية الحكومة السنغافورية أم تتوقف عند إمكانية اعتبار ذلك انتهاكًا للخصوصية، فلا شك أن هذه البيانات مفيدة للغاية في فهم كيفية انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء سنغافورة.
ولسوء الحظ، فإن الوزارة لا تتيح التعمق في هذه البيانات بسهولة؛ إذ تقدم فقط الأرقام الأساسية ومسارات اتجاه التفشي، على الرغم من وفرة بيانات حالات الإصابة المتاحة.
الإيجابيات: تقدم تفاصيل معروفة لكل حالة على حدة، تسهل فهم الوضع الحالي لتفشي الفيروس في سنغافورة.
السلبيات: لا توجد خريطة، عرض محدود للبيانات، رديئة الشكل، مخاوف متعلقة بالخصوصية.
تمثل لوحة معلومات سي دي سي مجرد امتداد لموقعها الإلكتروني الأساسي. ورغم أنها لا تحتوي ما يلفت الانتباه فعلاً، لكن إن كنت تبحث فقط عن معلومات وأرقام، فهي لوحة معلومات محكمة قد تود زيارتها. لكنها تساعد الأميركيين بشكل أساسي، لأنها لا تحتوي على معلومات عملية للزائرين من باقي أنحاء العالم.
الإيجابيات: خلاصة بسيطة لانتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة، تقدم معلومات حول الاختبارات الحكومية للإصابة بالفيروس.
السلبيات: باهتة جداً ومملة، لا تحتوي أية معلومات معمقة فريدة أو مثيرة للاهتمام، معلومات محدودة.
تدير حكومة هونج كونج لوحة معلومات تعرض للقراء انتشار فيروس كورونا في المدينة. وتبدو لوحة المعلومات هذه وكأنها قطعة من ماضي الإنترنت، وتذكرنا طريقة تحميلها بصفحات جيوسيتيز GeoCities. لكنها تحمل بعض الفائدة؛ لأن المستخدمين يستطيعون تصفح خريطة لشوارع المدينة لمشاهدة أماكن إقامة حالات الإصابة المؤكدة والبقاء على اطلاع حول عدد الحالات التي تم إدخالها إلى المستشفيات وعدد المتعافين الذين تم إخراجهم منها وعدد الوفيات وغيرها. وتحتوي الأجزاء الأخرى من لوحة المعلومات على نصائح حول كيفية حماية نفسك وروابط تقودك إلى مصادر المعلومات.
الإيجابيات: مفيدة في توفير معلومات خاصة بمدينة هونج كونج.
السلبيات: صعبة الاستخدام، رديئة التصميم.
شاركت أنجيلا تشين في التغطية.