نشأته وتعليمه وخبراته
وُلد الدكتور عبد الله الربيعة في مدينة مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية عام 1954. وعندما كان طفلاً صغيراً، سقط عن درّاجته وتعرّض للإصابة بجروح كانت تستلزم الخياطة، قام الطبيب حينها بخياطة الجرح دون تخدير، ممّا سبب له الكثير من الألم والانزعاج. كانت تلك الحادثة هي التي أثارت اهتمامه بمجال الطب، وبتشجيع من والده، قرّر الدكتور الربيعة دراسة الطب لتخفيف معاناة وآلام الأشخاص المرضى، وحصل على درجة البكالوريوس في الطب والجراحة من جامعة الملك سعود بالرياض في شهر يوليو من عام 1979 بالمرتبة الأولى على دفعته. وفي شهر أغسطس من عام 1980، أكمل الدكتور الربيعة تدريبه بعد التخرّج، ومن ثمّ بدأ زمالته في جراحة الأطفال في مستشفى جامعة ألبرتا في مدينة إدمونتون بكندا. وفي عام 1987، أنهى تخصّصه في الجراحة العامة وجراحة الأطفال في جامعة دالهاوسي في مدينة هاليفاكس بكندا.
بعد تخصّصه، عمل الدكتور الربيعة استشارياً في جراحة الأطفال بين عامي 1988 و1995 في مستشفى جامعة الملك خالد وفي مستشفى الملك فيصل التخصّصي ومركز الأبحاث. وتمّ تعيينه نائباً للمدير التنفيذي في إدارة الشؤون الصحية بالحرس الوطني السعودي من عام 1995 إلى عام 2003، ليشغل بعدها منصب المدير التنفيذي في نفس الإدارة حتى عام 2009. كما كان أيضاً رئيس جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية بين عامي 2005 و2009.
وفي شهر فبراير من عام 2009، تم تعيين الدكتور الربيعة وزيراً للصحة في المملكة العربية السعودية، وتم انتخابه عام 2011 ليكون رئيس المجلس التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب.
إنجازاته المهنية
على مدى الأعوام الثلاثين الماضية، ترأّس الدكتور الربيعة الفريق الجراحي متعدّد التخصصات للبرنامج الوطني لفصل التوائم السيامية في المملكة العربية السعودية؛ حيث أجرى أول عملية فصل توائم في عام 1990. وفي شهر نوفمبر من عام 2019، أكمل الفريق بنجاح العملية الثامنة والأربعين، التي كانت لفصل التوأمين الليبيين أحمد ومحمد، رغم أن التقييم الشامل لحالتهما أكّد أن العملية ستستغرق 14-15 ساعة لإجرائها من قِبل 35 طبيباً وجرّاحاً وممرّضاً، مع نسبة نجاح لا تتجاوز 70% وخطر بنسبة 30% لحدوث مضاعفات شديدة أو وفاة.
هذا البرنامج -الذي يتّخذ من مستشفى الملك عبد الله التخصّصي للأطفال في الرياض مقراً له- يتلقى معظم تمويله من المؤسسات الخيرية الملكية والإسلامية. وتقوم الحكومة السعودية بدفع تكاليف كل عمليات فصل التوائم التي تتم الموافقة عليها. كما يتم دفع تكاليف السفر للمرضى، الذين قدِموا إلى الآن من 21 دولة. ويقول الدكتور الربيعة في حديثه إلى موقع إيه بي سي نيوز ABC News، في شهر ديسمبر من عام 2019: "لا علاقة للأمر بالمكان أو الدين أو السياسة، بل يرتكز على العلم والإنسانية".
يحتلّ هذا البرنامج أقصى أولويات الدكتور الربيعة، ودائماً ما يجد الوقت لإجراء عمليات فصل التوائم، رغم انشغاله بالكثير من الأعمال، وخصوصاً أعمال وزارة الصحة خلال فترة توليه رئاستها.
بالإضافة إلى ذلك، يعدّ الدكتور الربيعة أحد أكبر قادة الإصلاحات الصحية في المنطقة العربية؛ حيث قدّم الكثير من التحسينات والمبادرات التي تهدف إلى تطوير خدمات الرعاية الصحية وبنيتها التحتية، بما في ذلك التوسّع الكبير في عدد المنشآت الصحية المتاحة لتقديم خدماتها لأكبر عدد من الزوار في العالم خلال موسم الحج السنوي.
يرأس الدكتور الربيعة العديد من المجالس والهيئات، بما فيها المجلس السعودي للخدمات الصحية والهيئة السعودية للتخصصات الصحية ومجلس التأمين الصحي التعاوني، وهو أيضاً رئيس مجلس إدارة مستشفى الملك فيصل التخصّصي ومركز الأبحاث، ويتمتّع كذلك بعضوية العديد من اللجان والهيئات المحلية والدولية، وتمّت دعوته إلى الكثير من المؤتمرات للحديث عن تجربة فصل التوائم السيامية في المملكة العربية السعودية.
كتب الدكتور الربيعة العديد من المقالات العلمية والطبية في المجلات الدولية، وتمّت ترجمة محاضراته إلى لغات مختلفة بما فيها الفرنسية والبولندية والألمانية والصينية. وألّف كتاباً باللغة العربية بعنوان "تجربتي مع التوائم السيامية"، الذي تمّت ترجمة نسخة مختصرة منه إلى اللغة الإنجليزية.
جوائزه وتكريماته
حصل الدكتور الربيعة على العديد من الجوائز المحلية والدولية، بما فيها زمالة التميّز من كلية الصحة العامة في الكلية الملكية للأطباء في المملكة المتحدة، كما حصل أيضاً على وسام الدرجة الأولى من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالإضافة إلى جائزة الاستحقاق من المجلس العام لرابطة الأطباء البولنديين في وارسو عام 2008. وفي شهر أغسطس من عام 2005، حصل على وسام الاستحقاق من رئيس بولندا. وحصل كذلك على وسام الملك عبد العزيز للتميّز في شهر نوفمبر من عام 2003، وعلى وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى في شهر نوفمبر من عام 2002.
وتقديراً لجهوده الثمينة في تطوير خدمات الرعاية الصحية ومساهماته البارزة في النهوض بالتعليم الطبي في العالم العربي، حصل الدكتور الربيعة على جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية عام 2011-2012، التي يتم منحها للشخصيات المتميزة في العالم العربي.
حياته الشخصية
يحافظ الدكتور الربيعة على علاقته الطيّبة مع الناس وعلى تواصله مع العديد من مرضاه السابقين، وتتملّكه مشاعر الفرح عندما يراهم يعيشون حياتهم الطبيعية بعد أن كبروا في السنّ، لدرجة أنه بكى فرحاً خلال زيارته لبولندا عام 2019 عندما رأى الفتاتين التوأمين البولنديتين وهما بعمر 15 عاماً تقريباً، بعد أن قام بفصلهما بعد ولادتهما عام 2005.
ورغم أن الدكتور الربيعة هو أحد أشهر الجرّاحين في مجال فصل التوائم السيامية، إلا أن صعوبة مثل هذه العمليات وحساسيتها العاطفية الكبيرة غالباً ما تمنعه من النوم حتى أوقات متأخرة قبل العملية. ولكن بعد انتهاء العملية بنجاح، يشعر "بسعادة بالغة لأنه تمكّن من رسم الابتسامة على وجه عائلة كانت تعاني من الكثير من التوتّر والصعوبات"، كما يقول في حديثه إلى موقع إيه بي سي.
وعندما بدأت شهرة الدكتور الربيعة في مجال فصل التوائم بالاتّساع، اعتقدت ابنتاه التوأمان أنه قام بفصلهما، رغم أنهما لم تكونا ملتصقتين؛ حيث قال ضاحكاً في حديثه إلى موقع إيه بي سي نيوز: "عندما كانت ابنتاي التوأمان بعمر ثلاث أو أربع سنوات (لا أتذكّر تماماً)، كانتا تشاهدان الأخبار التي تتحدث عن قيامي بفصل التوائم. ومن ثمّ قامتا بسؤال والدتهما: ماما، متى قام أبي بفصلنا؟".